أنصار السنة - لمن الأسراء ؟ وهل المعراج حقيقة

مقتبس من كتاب [COLOR=red]#####[/COLOR]
[COLOR=red][ لا يسمح بوضع أسماء كتب لأهل البدع - شكراً لتفهمكم ... المراقب العام][/COLOR]

<META content=Word.Document name=ProgId><META content="Microsoft Word 12" name=Generator><META content="Microsoft Word 12" name=Originator><LINK href="file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CAymen%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtmlclip1%5C01%5Cclip_filelist.xml" rel=File-List><LINK href="file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CAymen%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtmlclip1%5C01%5Cclip_themedata.thmx" rel=themeData><LINK href="file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CAymen%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtmlclip1%5C01%5Cclip_colorschememapping.xml" rel=colorSchemeMapping><STYLE>  </STYLE>[RIGHT][FONT=&quot]المثال الثالث: الإسراء والمعراج[/FONT][/RIGHT]

[RIGHT][FONT=&quot]السورة السابعة عشر[/FONT][FONT=&quot]في المصحف تبدأ بقوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ[/FONT][FONT=&quot]الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ[/FONT][FONT=&quot]لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه الآية تحدث[/FONT][FONT=&quot]عنها المفسرون أكثر مما تحدثوا عن أي آية من آيات السورة الأخرى والبالغ عددها (111[/FONT][FONT=&quot]آية). ويقولون أنها تخبر عن رحلة ليلية لمحمد صلوات الله وسلامه عليه من مكة إلى[/FONT][FONT=&quot]القدس على ظهر حيوان إسمه البراق "وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره[/FONT][FONT=&quot]عند منتهى طرفه " وقد ركبه الرسول حتى أتى بيت المقدس، حيث ربطه في حلقة هناك مخصصة[/FONT][FONT=&quot]لربط دواب الأنبياء، ثم دخل المسجد الأقصى وصلى بالملائكة ركعتين ثم عرج به إلى[/FONT][FONT=&quot]السماء، دون إيضاح للوسيلة التي أقلته إلى هناك، وقد تجول في السماوات السبع، بدءً[/FONT][FONT=&quot]من السماء الأولى، والتقى برسل وأنبياء ذكروا في القرآن. ودخل الجنة ورأى بعضاً من[/FONT][FONT=&quot]نعيمها المعد للمؤمنين " ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها من[/FONT][FONT=&quot]المسك "، كما دخل النار ورأى كيف يعذب بعض الناس عن ذنوب مختلفة، قبل أن يستكمل[/FONT][FONT=&quot]رحلته إلى شجرة سدر تقع تحت العرش، حيث خاطبه الله "دنا الجبار ربّ العزّة فتدلى[/FONT][FONT=&quot]حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كلّ[/FONT][FONT=&quot]يوم وليلة " ولكن موسى إعترض وأقنع محمداً بالرجوع لربه طلباً للتخفيض، فخفضت إلى[/FONT][FONT=&quot]خمس وأربعين، فاعترض موسى مرة أخرى، وعاد محمد لربه يطلب مزيداً من التخفيض، وتكرر[/FONT][FONT=&quot]المشهد عشر مرات قبل أن يستقر عدد مرات الصلاة إلى خمس فقط، لأن محمد استحى أن يعود[/FONT][FONT=&quot]إلى ربه بعد ذلك[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد أنكر بعض المفسرين أن يكون الرسول قد رأى ربه في تلك[/FONT][FONT=&quot]الرحلة، بينما أكد الرؤية البعض، ومنهم الجلال السيوطي الذي ذكر في تفسير الجلالين[/FONT][FONT=&quot]أن الحاكم روى في المستدرك عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم « رأيت ربي عزّ[/FONT][FONT=&quot]وجلّ[/FONT][FONT=&quot]». [/FONT]
[FONT=&quot]وخبر الإسراء والمعراج يحوي تفاصيل كثيرة وغريبة غير ما ذكر، موجودة في[/FONT][FONT=&quot]كتب التفسير وكتب الحديث المشهورة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد تحولت قصة الإسراء بالرسول والعروج به[/FONT][FONT=&quot]للسماء من المسلمات الثابتة لغالبية المسلمين، عامتهم ورجال دينهم، التي لا تقبل[/FONT][FONT=&quot]الجدل أو النقد. وسنتطرق لبعض ما ورد في الخبر، ونمتحن مصداقيته، ثم نتعرف على[/FONT][FONT=&quot]تاريخ المسجد الأقصى وهل كان هناك مسجد أيام محمد صلوات الله عليه، أو مكان لعبادة[/FONT][FONT=&quot]الله في القدس لإبراهيم الخليل أو لموسى عليهما الصلاة والسلام. ثم نتدبر الآية وما[/FONT][FONT=&quot]تتحدث عنه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]مناقشة الخبر[/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]يقول المفسرون أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد[/FONT][FONT=&quot]ركب " وسيلة نقل " أوصلته من مكة إلى القدس في لحظات، وإذا عرفنا أن المسافة بين[/FONT][FONT=&quot]البلدين، وبخط مستقيم، تزيد عن (1500) كيلو متر، فإن وسيلة النقل كانت غير اعتيادية[/FONT][FONT=&quot]حتى في لغة العصر الحاضر، ويكون البراق يسير بسرعة تزيد عن سرعة الصوت، وقد أوحى[/FONT][FONT=&quot]المفسرون بذلك عندما وصفوا سير البراق بأنه " يضع حافره عند منتهى طرفه". وهذا لا[/FONT][FONT=&quot]اعتراض عليه، ولكن لم تذكر الأخبار أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد لبس ملابس[/FONT][FONT=&quot]خاصة لهذه الرحلة على ظهر ذلك الحيوان الذي يسير بهذه السرعة العالية، لأن جسد[/FONT][FONT=&quot]الإنسان سيتمزق بسبب قوة إحتكاكه بالهواء. ويكون الخبر أغفل هذه الحقيقة لأنها غير[/FONT][FONT=&quot]معروفة للناس ومنهم رواة القصة، في ذلك الوقت[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وتكون الرحلة إما أنها لم تحدث،[/FONT][FONT=&quot]أو أن الرسول لم يتحدث عما لبسه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وتقول قصة الإسراء أن الرسول عليه الصلاة[/FONT][FONT=&quot]والسلام وصل مباشرة للمسجد في بيت المقدس ولم تذكر كيف دخل المدينة، وكل ما تذكره[/FONT][FONT=&quot]أنه ربط البراق في حلقة مخصصة للأنبياء لربط دوابهم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فلماذا تربط وسيلة النقل[/FONT][FONT=&quot]التي أرسلت بعلم الله جل وعلى لهذه المهمة الخاصة؟[/FONT]
[FONT=&quot]والبراق ليس حيواناً كالخيل[/FONT][FONT=&quot]أو البغال أو الحمير أو الجمال التي اعتاد الناس ركوبها في ذلك الزمن والتي تحتاج[/FONT][FONT=&quot]لحلقة تربط فيها حتى لا تتجول بحرية قد تنتهي بها إلى الضياع[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولماذا هناك حلقة[/FONT][FONT=&quot]مخصصة للأنبياء لربط دوابهم في ذلك المكان؟[/FONT]
[FONT=&quot]فإن كان المقصود بدوابهم الدواب[/FONT][FONT=&quot]العادية من خيل وجمال، وأن لها حلقة خاصة لا يجوز للإنسان العادي أن يربط فيها[/FONT][FONT=&quot]دابته، ففي هذا تعال وكبر وتميز ينهى عنه الدين[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو كان هناك حلقة خاصة[/FONT][FONT=&quot]بالأنبياء لحافظ عليها الناس وعظموها حتى الوقت الحاضر، ولذكرها المؤرخون من كل[/FONT][FONT=&quot]دين. أما إن كان المقصود هو أن الأنبياء قبل محمد أسري بهم إلى ذلك المكان ومنه عرج[/FONT][FONT=&quot]بهم للسماء، مستخدمين ذلك البراق أو دواب من جنسه، فهذا ما لم يقل به أحد من[/FONT][FONT=&quot]المفسرين ورجال الدين، الذين يؤكدون أن الإسراء والمعراج خاص بمحمد[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]والأقرب أن[/FONT][FONT=&quot]الراوي الذي فلتت منه عبارة ربط البراق في حلقة، أراد أن يجعل تلك العبارة مقبولة،[/FONT][FONT=&quot]فأشار إلى أن تلك الحلقة التي ربط إليها البراق ليست أي حلقة من الحلقات التي تربط[/FONT][FONT=&quot]إليها دواب العامة، بل هي حلقة لها منزلة خاصة، حيث لا يستخدمها إلا الأنبياء، ولم[/FONT][FONT=&quot]يفطن لما قد تثيره عباراته من تساؤلات[/FONT][FONT=&quot]! [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]ويقول الخبر " ثم عرج به إلى السماء[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]دون بيان للوسيلة التي استخدمت لتقل رسول الله وجبريل، وكأن الرحلة من مكة للقدس[/FONT][FONT=&quot]أصعب من الرحلة من الأرض للسماء، ولذلك حرص على أن يذكر أن الرسول ركب البراق إلى[/FONT][FONT=&quot]القدس، ولم يذكر الوسيلة التي أقلته إلى السماء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]أو أن الراوي اعتاد ركوب[/FONT][FONT=&quot]الدواب على الأرض فذكر البراق، ولكنه لا يتصور على الإطلاق أن هناك وسيلة نقل[/FONT][FONT=&quot]يمكنها الطيران في الجو، فترك ذكر الوسيلة التي أقلت الرسول للسماء لعجزه عن تصور[/FONT][FONT=&quot]وصف لها[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وقصة الإسراء وإن كانت لا تُظهر كيف وصل رسول الله للسماء، إلا أنها[/FONT][FONT=&quot]تؤكد أنه وصل بمعية جبريل[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فهل احتضنه جبريل وطار به؟ أم أنه ركب وسيلة نقل[/FONT][FONT=&quot]أخرى؟[/FONT]
[FONT=&quot]بطبيعة الحال هذه تفاصيل لم تساعد الراوة مخيلتهم لتصورها، ولم يفطن لها[/FONT][FONT=&quot]أحد منهم، لأن تركيزهم لم يكن منصباً على حبك القصة، بل على توصيل خبر الرحلة من[/FONT][FONT=&quot]مكة للقدس ومن القدس إلى السماء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وعندما وصل الرسول مع جبريل إلى السماء[/FONT][FONT=&quot]الدنيا، يقول الخبر بأن جبريل طرق أحد أبوابها، " قيل: مَن هذا؟ قال: جِبريل. قيلَ[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]ومَن معك؟ قال: محمد. قيلَ: وقد أرسِلَ إِليه؟ قال: نعم. قيل: مَرحباً به، فنِعمَ[/FONT][FONT=&quot]المجيءُ جاء. ففَتَح[/FONT][FONT=&quot]". [/FONT]
[FONT=&quot]فهل السماء عبارة عن بناء له أسوار، كما القلاع والحصون[/FONT][FONT=&quot]التي قد يكون رآها الرواة، وقاسوا عليها هيئة السماء، فتصوروا أن لها عدة أبواب،[/FONT][FONT=&quot]وأن على كل باب حرس، وأنه لا يمكن الدخول قبل أن يتأكد الحرس من شخصية الطارق،[/FONT][FONT=&quot]تماماً كما الحصون والقلاع الأرضية في ذلك[/FONT][FONT=&quot]الزمن[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]والرواة اضطروا أن يتناسوا[/FONT][FONT=&quot]حقيقة جبريل، وأنه من الملائكة، ومخلوق نوراني مثلهم، وأنه لا يحتاج إلى طرق باب[/FONT][FONT=&quot]مقفل، ولا استئذان، للتأكيد على أن محمداً قد دخل مع جبريل للسماء، ولذلك فقد تكرر[/FONT][FONT=&quot]في الرواية أن جبريل كان يطرق الباب عند كل سماء، ليأتيه الجواب: من الطارق؟ ليجيب[/FONT][FONT=&quot]جبريل، ليقال له: من معك؟ فيقول: محمد[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولم يفطن أحد من الرواة أنه حتى لو كان[/FONT][FONT=&quot]على جبريل أن يستأذن، فلم يكن من المتوقع أن يسأله حرس الباب: ومن معك، إلا بعد فتح[/FONT][FONT=&quot]الباب ورؤية المخلوق الغريب مع جبريل، وليس أثناء طرق الباب حيث أن السور الذي[/FONT][FONT=&quot]تخيله الراوي لابد أنه كان يحجب الرؤية بين الحرس وجبريل، وإلا لما سألوا: " من[/FONT][FONT=&quot]الطارق؟[/FONT][FONT=&quot] ". [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]ثم إنه كان من المفروض على حرس السماء أن يكون لديهم علم مسبق[/FONT][FONT=&quot]بحضور الرسول عليه الصلاة والسلام في زيارته الخاصة لرب السماوات والأرض، وهذا[/FONT][FONT=&quot]التنسيق يجيده البشر، فما بالك بعالم الملائكة المثالي، ولو أخفق ملائكة التنسيق[/FONT][FONT=&quot]والإعلام بإخبار حرس الباب بوقت الزيارة والباب الذي سيدخل معه لكانت معصية يعاقبون[/FONT][FONT=&quot]عليها كما عوقب ابليس، لأنها معصية لأمر الله ومشيئته مماثلة لمعصية إبليس[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون من المفترض أن يتهيأ أهل السماء لمجيئ محمد صلوات الله وسلامه عليه،[/FONT][FONT=&quot]الضيف الخاص المدعو من قبل رب العالمين، في تلك الزيارة الفريدة من نوعها لبشر،[/FONT][FONT=&quot]يدعى للتجول في السماوات السبع والإطلاع على أحوال أهل النار وأهل الجنة قبل أن يصل[/FONT][FONT=&quot]لسدرة المنتهى والعرش والتحدث مع الله جل وعلى. وبالتالي فبرنامج زيارة من هذا[/FONT][FONT=&quot]النوع يجب أن يكون معلوماً مسبقاً من قبل ملائكة السماوات بما في ذلك حرس الأبواب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولكن يبدوا من عرض الخبر أن هذا لم يحدث، لأن حرس الباب لم يكن لديهم علم بأن[/FONT][FONT=&quot]محمداً قد بعث، عندما كانوا يسألون جبريل: " قيلَ: وقد أرسِلَ إِليه؟ قال: نعم[/FONT][FONT=&quot] ". [/FONT][FONT=&quot]ولم يكن لديهم علم بزيارته للسماء، وهذا التخبط في التنسيق غير موجود في عالم[/FONT][FONT=&quot]الملائكة المثالي، ولكنه موجود في عالم من قال بقصة الإسراء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وثقافة من روى[/FONT][FONT=&quot]القصة متأثرة بثقافات ومعتقدات غير إسلامية، والتي تؤمن بأن الإنسان إذا مات وكان[/FONT][FONT=&quot]صالحاً فإن روحه تنتقل إلى السماء ويعيش هناك، وهو ما يتضح جلياً في حديثه عن[/FONT][FONT=&quot]مقابلة الرسول للأنبياء في السماوات بأشكالهم الدنيوية. ولم يتوقف المفسرون ورجال[/FONT][FONT=&quot]الدين الآخرون عند هذه النقطة ولم يلتفتوا لما تحمله من ثقافة منافية للثقافة[/FONT][FONT=&quot]الإسلامية التي تؤكد أن الإنسان يموت، ويفنى جسده: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ[/FONT][FONT=&quot]لَمَيِّتُونَ.(المؤمنون:15) أما روحه فتحفظ بعلم الله فيما سماه القرآن " البرزخ[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]ولا يشعر الإنسان بشيئ طوال فترة موته لأن ذاكرته توقفت عن التسجيل بمجرد موته،[/FONT][FONT=&quot]وستعود الذاكرة عند بعثه يوم القيامة: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[/FONT][FONT=&quot]تُبْعَثُونَ.(المؤمنون:16)، وكأنه مات للتو، بقول تعالى: وَلِلّهِ غَيْبُ[/FONT][FONT=&quot]السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ[/FONT][FONT=&quot]هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.(النحل:77) وقد تحدثنا عن[/FONT][FONT=&quot]ذلك في فصل عذاب القبر[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون كل الأنبياء والرسل السابقين أموات الآن، مثلما[/FONT][FONT=&quot]أن محمداً نفسه ميت الآن: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ[/FONT][FONT=&quot]يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.(الزمر:30-31[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]والأنبياء[/FONT][FONT=&quot]عبيد لله يجري عليهم الموت بنفس الطريقة التي تجري على كل خلق الله من البشر: كُلُّ[/FONT][FONT=&quot]نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ[/FONT][FONT=&quot]الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ[/FONT][FONT=&quot]وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ.(آل عمرآن: 185[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وقد[/FONT][FONT=&quot]استمرأ القاص جرأته أكثر، فأورد أن الرسول قد تحدث مع الله كما يتحدث أي شخص مع شخص[/FONT][FONT=&quot]آخر، وذلك عندما تردد عليه طلباً لتخفيض عدد الصلوات. ولم يكترث أحد من رجال الدين[/FONT][FONT=&quot]أن يقول بأن هذا يتعارض مع قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ[/FONT][FONT=&quot]اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ[/FONT][FONT=&quot]بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ.(الشورى:51[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وأن الرسول محمد[/FONT][FONT=&quot]وبشهادة القرآن وفي الآية التالية المباشرة من سورة الشورى يؤكد أنه لم يكلمه الله[/FONT][FONT=&quot]من وراء حجاب أبداً ولكنه كان يتلقى الوحي بواسطة (روح من الملائكة) الذي يلقى[/FONT][FONT=&quot]الوحي في ذاكرة الرسول دون الحاجة للتحدث معه ، يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا[/FONT][FONT=&quot]إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا[/FONT][FONT=&quot]الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ[/FONT][FONT=&quot]عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.(الشورى:52[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]• [/FONT][FONT=&quot]وكل[/FONT][FONT=&quot]ما جدف به القاص لا يساوي شيئاً بالنسبة لما زعمه حول الطريقة التي فرضت فيها[/FONT][FONT=&quot]الصلاة. ومن ذلك ما جاء في كتاب البخاري بهذا النص: ....... حتى جاء سِدْرَةَ[/FONT][FONT=&quot]المنتهى ودنا الجبَّارُ ربُّ العزَّةِ فتدلَّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى[/FONT][FONT=&quot]فأوحَى اللَّه فيما أوحَى خمسين صلاةً على أمَّتِكَ كُلَّ يومٍ وليلةٍ ثم هبطَ حتى[/FONT][FONT=&quot]بلغ موسى فاحتبسَهُ موسى فقال يا مُحمد: ماذا عَهد إليكَ ربُّك قال: عَهِد إليَّ[/FONT][FONT=&quot]خمسين صلاةً كلَّ يومٍ وليلةٍ، قال: إن أمَّتَكَ لا تستطيعُ ذلك فارجع فليخفف عنك[/FONT][FONT=&quot]ربك وعنهمْ فالتفت النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيرُه في ذلك[/FONT][FONT=&quot]فأشار إليه جبريلُ أن نعم إن شئت فعلا به إلى الجبَّار، فقال وهو مكانُه: يا رب[/FONT][FONT=&quot]خَفِّف عنَّا فإِنَّ أمتي لا تستطيعُ هذا فوضع عنه عشر صلواتٍ ثمَّ رجع إلى موسى[/FONT][FONT=&quot]فاحتبَسه فلم يَزَل يُرددهُ موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صَلواتٍ ثم احتبسهُ موسى[/FONT][FONT=&quot]عند الخمسِ فقال: يا محمد واللَّهِ لقد راوَدْتُ بَنِي إسرائيل قوْمي على أدْنى من[/FONT][FONT=&quot]هذا فضعُفُوا فتركوه، فَأُمَّتُكَ أضعفُ أجساداً وقُلوباً وأبداناً وأَبصاراً[/FONT][FONT=&quot]وأسماعاً، فارجع فلْيُخفِّف عنكَ ربكَ، كلّ ذلك يلْتَفِتُ النبيُّ صلى الله عليه[/FONT][FONT=&quot]وسلم إلى جبريلَ لِيُشير عليه ولا يَكرَهُ ذلك جبريلُ، فرفعَهُ عند الخامسة فقال[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]يا رب إنَّ أمَّتي ضُعفاء أجسادُهُم وقُلُوبهم وأسماعُهم وأبدانهم فخَفف عنَّا،[/FONT][FONT=&quot]فقال الجبَّار: يا مُحمد، قال: لبيَّك وسعدَيك، قال: إنه لا يُبَدَّلُ القولُ لدَيّ[/FONT][FONT=&quot]كما فرضتُ عليكَ في أم الكتاب قال: فكلُّ حسنةٍ بعشْر أمثالِها فهي خمسونَ في أم[/FONT][FONT=&quot]الكتاب وهي خمسٌ عليكَ، فرَجع إلى موسى فقال: كيف فَعَلْتَ؟ فقال: خفَّفَ عنا،[/FONT][FONT=&quot]أعطانا بكُل حسنةٍ عشرَ أمثالِها. قال موسى: قد واللَّه راوَدْتُ بني إسرائيلَ على[/FONT][FONT=&quot]أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فلْيُخفِّف عنكَ أيضاً، قال رسولُ اللَّهِ صلى[/FONT][FONT=&quot]الله عليه وسلم: يا موسى قد واللَّهِ استَحْيَيْتُ من ربي مما اختلَفْتُ إليه[/FONT][FONT=&quot]..... [/FONT][FONT=&quot]أهـ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهو جزء من حديث طويل أورده البخاري برقم (7351) والذي أوله: حدَّثَنا[/FONT][FONT=&quot]عبدُ العزيز بن عبداللَّهِ حدثني سليمانُ عن شريكِ بن عبداللَّه أنه قال: سمعتُ أنس[/FONT][FONT=&quot]بنَ مالكٍ يقول: «ليلةَ أُسْرِيَ برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبةِ[/FONT][FONT=&quot]إِنه جاءه ثلاثةُ نفرٍ قبل أن يوحى إليه وهو نائمٌ في المسجد الحرام .....الخ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الخبر فيه تسفيه للمسلمين، في ما نسب لموسى أنه قال لمحمد " فَأُمَّتُكَ[/FONT][FONT=&quot]أضعفُ أجساداً وقُلوباً وأبداناً وأَبصاراً وأسماعاً ". وفيه تسفيه لمحمد الذي ليست[/FONT][FONT=&quot]لديه القدرة الذهنية لتقرير ماذا يفعل " فارجع فليخفف عنك ربك وعنهمْ فالتفت[/FONT][FONT=&quot]النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيرُه في ذلك فأشار إليه جبريلُ أن[/FONT][FONT=&quot]نعم[/FONT][FONT=&quot] ". [/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الخبر يصور الله - تعالى عن ذلك علواً كبيراً - وكأنه قرر فرض[/FONT][FONT=&quot]الصلاة بطريقة إرتجالية، ولم يكن متأكداً من صواب قراره، لأنه غير رأيه مراراً[/FONT][FONT=&quot]وتكراراً. بل إنه (سبحانه عما يصفون) لا يعلم إذا كان الناس يستطيعون القيام[/FONT][FONT=&quot]بالصلاة كما قرر في البداية أم لا، حتى إهتدى بخبرة وحنكة موسى نبي اليهود في هذا[/FONT][FONT=&quot]المجال، وكأن موسى مستشاراً إلهياً يستشيره الله فيما لا يستطيع تقريره (تَعَالَى[/FONT][FONT=&quot]اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ[/FONT][FONT=&quot]). [/FONT]
[FONT=&quot]وفوق هذا فالخبر فيه تسفيه أكبر من ذلك لذات[/FONT][FONT=&quot]الله، لأنه يصوره وكأنه لا يعرف ما لذي يستطيع الناس تحمله، ولولا موسى لأجبر الناس[/FONT][FONT=&quot]على أداء خمسين صلاة في اليوم، كل صلاة لها آذان ووقت للإنتظار بين الأذان[/FONT][FONT=&quot]والإقامة، بما يعني أن كل صلاة ستستهلك نصف ساعة، وبمجموع قدره خمس وعشرون ساعة في[/FONT][FONT=&quot]اليوم يقضيها الناس في الصلاة، أي أكثر من عدد ساعات اليوم الواحد، وهو ما استطعت[/FONT][FONT=&quot]أنا العبد الفقير أن أحسبه بكل سهولة، ولكن الله لم يستطع – حسب ما رواه البخاري[/FONT][FONT=&quot]والمفسرون[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم إن الله بعد أن وصلت الصلوات إلى خمس رفض التخفيض قائلاً: " إنه[/FONT][FONT=&quot]لا يُبَدَّلُ القولُ لدَيّ ". وهو اقتباس للآية التاسعة والعشرون من سورة ق: مَا[/FONT][FONT=&quot]يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ. مع أن الله[/FONT][FONT=&quot] - [/FONT][FONT=&quot]حسب ما ورد في الخبر – بدّل قوله مرات عديدة، وكان سيظلم عباده بتحميلهم مالا طاقة[/FONT][FONT=&quot]لهم به. وهذه صورة تظهر الله وكأنه أحد المتغطرسين من الزعماء البشر الذي يصدر[/FONT][FONT=&quot]قراراً الآن ثم ينقضه بعد لحظة بقرار آخر، ويقول بكل وقاحة أن أمره لا يمكن نقضه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وبقدر ما أبرأ شخصياً من كل هذه الأخبار وأشهد بأن الله سبحانه منزه عنها،[/FONT][FONT=&quot]تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فإنني أيضاً أجزم بأن مختلق القصة متأثر[/FONT][FONT=&quot]بالتراث اليهودي الذي يرى أن من المعتاد أن يتكلم الله (جل وعلى) مع موسى وجهاً[/FONT][FONT=&quot]لوجه، كما ورد في كتابهم المقدس في عدة مواضع، ومنها ما جاء في كتاب الخروج وهذا[/FONT][FONT=&quot]نصه: ويكلم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم الرجل صاحبه. واذا رجع موسى الى المحلّة[/FONT][FONT=&quot]كان خادمه يشوع بن نون الغلام لا يبرح من داخل الخيمة.(الخروج:33 : 11[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويستمر[/FONT][FONT=&quot]السفر واصفاً اللقاءات التي كانت تتم بين الله وبين موسى بقوله: وقال موسى للرب[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]أنظر أنت قائل لي أصعد هذا الشعب.... فقال الرب لموسى: هذا الأمر أيضاً الذي تكلمت[/FONT][FONT=&quot]عنه أفعله.... (الخروج:33 : 12 – 17[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وقد نقل مختلق قصة الإسراء هذه الثقافة[/FONT][FONT=&quot]للتراث الإسلامي عندما صور موقفاً مماثلاً بين الله (جل جلاله) وبين محمد[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وتظهر الثقافة اليهودية مرة أخرى لدى راوي القصة في زعمه أن موسى كان يشير على[/FONT][FONT=&quot]الله بالرأي الأصوب، لأن اليهود يؤمنون أن الحاخام الذي على الأرض وهو أقل من موسى[/FONT][FONT=&quot]مرتبة يستشيره الله (جل وعلى) إذا واجه مشكلة مستعصية، وهذا نص ما ورد في التلمود[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إن الله يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في[/FONT][FONT=&quot]السماء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]قلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ[/FONT][FONT=&quot]فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. (يونس:18[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وإلا[/FONT][FONT=&quot]فالصلاة مثلها مثل بقية التشريعات الإسلامية والعبادات قد فرضها الله عن طريق الملك[/FONT][FONT=&quot]المكلف بالوحي دون أن يحتاج الرسول للصعود إلى لقاء الله تبارك وتعالى[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وفوق[/FONT][FONT=&quot]هذا فإنه يستحيل أن يرى البشر الله سبحانه وتعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ[/FONT][FONT=&quot]وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. (الأنعام:103[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]أو[/FONT][FONT=&quot]يكلمهم الله مباشرة: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا[/FONT][FONT=&quot]أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء[/FONT][FONT=&quot]إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ.(الشورى:51[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]والتكليم من وراء حجاب لا يعني أنه مثلما[/FONT][FONT=&quot]يتحدث شخص مع آخر، ولكن يعني تكليما بطريقة لا نفهمها يتم بموجبها توصيل المعلومة[/FONT][FONT=&quot]لعقل البشر دون محادثة معتادة، كما حدث مع موسى: وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ[/FONT][FONT=&quot]عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ[/FONT][FONT=&quot]مُوسَى تَكْلِيماً.(النساء: 164[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ومما سبق يتضح أن قصة الإسراء والمعراج بالسرد[/FONT][FONT=&quot]الوارد في كتب التفسير والحديث لا يمكن أن تصمد للنقد، وبالتالي فلا يمكن أن تكون[/FONT][FONT=&quot]حدثت، ولكن لو قال قائل إن تركيب القصة ضعيف ولكن هذا لا يلغي أن يكون الإسراء[/FONT][FONT=&quot]والمعراج قد حدث بوصف آخر. أي أن الرسول قد أسري به من مكة للقدس، ولو لم يركب[/FONT][FONT=&quot]البراق، وفي نفس الليلة عرج به إلى السماوات، ولو لم يلتق بالرسل ولم يرى الجنة[/FONT][FONT=&quot]والنار اللتان لم تخلقا بعد، ولم يصل لعرش الرحمن، ولم يكلمه سبحانه وتعالى، ولم[/FONT][FONT=&quot]تفرض الصلاة بتلك الطريقة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]عندها نقول بأن هذا يعني أن الرسول عليه الصلاة[/FONT][FONT=&quot]والسلام قد استخدم وسيلة نقل تسير بأسرع من الصوت لقطع الطريق بين مكة والقدس وهذا[/FONT][FONT=&quot]ممكن جداً، لأن بعض الطائرات الحربية تسير بمثل هذه السرعات العالية هذه الأيام[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]لكن كيف عُرج بمحمد عليه الصلاة والسلام إلى السماء؟[/FONT]
[FONT=&quot]وليس مهماً معرفة وصف[/FONT][FONT=&quot]المركبة بل المهم هو هل يمكن لبشر أن يصل إلى السماء، بموجب القوانين الفيزيائية[/FONT][FONT=&quot]والطبيعية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الكون، والمسافات الهائلة التي تفصل[/FONT][FONT=&quot]بين أجزائه؟[/FONT]
[FONT=&quot]وما نعرفه كبشر حتى اللحظة عن الكون الذي نعيش فيه والذي نشاهد[/FONT][FONT=&quot]نجومه (شموسه) تسطع في سماء أرضنا، أن سعته أكبر من أن نتخيلها، وأن مجرتنا المسماة[/FONT][FONT=&quot]درب اللبانة والتي تقع فيها مجموعتنا الشمسية ومليارات المجموعات الشمسية الأخرى،[/FONT][FONT=&quot]واحدة من مليارات المجرات التي يحويها هذا الكون، وأن الضوء يحتاج لقطع مسافة[/FONT][FONT=&quot] (100،000) [/FONT][FONT=&quot]سنة ليصل من أحد أطراف مجرتنا للطرف المقابل، وقطع مسافة تقدر بمليوني[/FONT][FONT=&quot]سنة ضوئية للوصول إلى أقرب مجرة لمجرتنا ، برغم أن الضوء يقطع مسافة (000،300) كلم[/FONT][FONT=&quot]في الثانية الواحدة، أو (9.460.800.000.000) كلم في السنة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولا ندري كم هو[/FONT][FONT=&quot]الوقت اللازم للخروج من محيط هذا الكون، كما لا ندري إن كان المقصود بالسماوات[/FONT][FONT=&quot]السبع هو أكوان سبعة كل واحد له محيطه وعوالمه. ولكننا ندري أن أي جسم مادي، سواءً[/FONT][FONT=&quot]كان إنساناً أو جماداً، إذا تحرك بسرعة الضوء تحوَّل إلى طاقة وتلاشى، وبالتالي فلا[/FONT][FONT=&quot]يمكن لبشر أن يسير بسرعة الضوء، وهذه حقيقة وضعها الله سبحانه وتعالى وعرفها البشر[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك كانت الملائكة نورانية، أي مخلوقة من نور(طاقة) أو ضوء خاص لكي تستطيع[/FONT][FONT=&quot]التجول في الكون بسرعات فلكية، قد يكون الضوء أقلها سرعة: قَالَ مَا مَنَعَكَ[/FONT][FONT=&quot]أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن[/FONT][FONT=&quot]نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ.(الأعراف: 12[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ومرة أخرى يكون الرسول صلوات الله[/FONT][FONT=&quot]وسلامه عليه لم يصعد للسماوات، ولم يكن هناك معراج، لأنه لكي يعرج بالرسول خارج[/FONT][FONT=&quot]مجرتنا فلابد أن تتغير جميع القوانين الطبيعية والفيزيائية التي خلقها الله سبحانه[/FONT][FONT=&quot]ليسير عليها الكون، وهذا لم يحدث ولن يحدث، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الكون وتلك[/FONT][FONT=&quot]القوانين لحكمة أكبر من خلق الإنسان ووجوده، ولو إختلت تلك القوانين لاختل الكون[/FONT][FONT=&quot]بأكمله[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو أصر بعض الناس على أن المعراج قد حدث بطريقة لا نعلمها، فسنقول: ما[/FONT][FONT=&quot]هي الحكمة من المعراج؟[/FONT]
[FONT=&quot]وماذا يحدث لو أن الرسول قد عرج به لخارج حدود مجرتنا[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]درب اللبانة" وليس لخارج الكون المعروف لدينا؟[/FONT]
[FONT=&quot]ولو استعرضنا القصص لمعرفة ما[/FONT][FONT=&quot]حدث للرسول في السماء فلن نستنتج منها أي حكمة على الإطلاق. فالرسول مؤمن بأنه مرسل[/FONT][FONT=&quot]ولا يحتاج لأن يتحدث مع الله سبحانه وتعالى لكي يؤمن. وطلب التحدث مع الله جل[/FONT][FONT=&quot]جلاله، منطق الكفار على مر العصور: وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ[/FONT][FONT=&quot]يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم[/FONT][FONT=&quot]مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ[/FONT][FONT=&quot]يُوقِنُونَ.(البقرة:118[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]أما طلب رؤية الله جل وعلى فهو ثقافة يهودية[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ[/FONT][FONT=&quot]فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً[/FONT][FONT=&quot]فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ[/FONT][FONT=&quot]مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً[/FONT][FONT=&quot]مُّبِيناً.(النساء:153[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ولو أن الرسول أخبر قريش بأنه عرج به للمساء فلن يصدقوه[/FONT][FONT=&quot]لأنهم لم يشهدوا ذلك، وإن كان الهدف من الإسراء هو تمكن الرسول من وصف الطريق بين[/FONT][FONT=&quot]مكة والقدس مما يعني إثبات الإسراء، فلماذ عرج به للسماء؟ ولم يكتفى بالإسراء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]والإنسان خلقه الله بقدرات جسدية وعقلية محدودة جداً لا تمكنه من رؤية الله[/FONT][FONT=&quot]سبحانه وتعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ[/FONT][FONT=&quot]اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.(الأنعام:103[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]كما أن الجنة والنار لم تخلقا بعد لأن[/FONT][FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى يقول بأن الجنة ستكون بعرض الكون الحالي: وَسَارِعُواْ إِلَى[/FONT][FONT=&quot]مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ[/FONT][FONT=&quot]أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.(آل عمرآن:133[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ولأن عالم الآخرة مختلف عن هذا[/FONT][FONT=&quot]العالم، وسوف يفنى هذا الكون ثم ينشأ كون الآخرة المختلف: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ[/FONT][FONT=&quot]جَمِيعاً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ[/FONT][FONT=&quot]لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ[/FONT][FONT=&quot]كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ[/FONT][FONT=&quot]يَكْفُرُونَ [يونس : 4[/FONT][FONT=&quot]] [/FONT]
[FONT=&quot]ويتم ذلك بالنفخ في الصور مرتين، مرة لنهاية الكون[/FONT][FONT=&quot]الحالي، ومرة لقيام كون آخر ليتوائم مع حياة يوم القيامة: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ[/FONT][FONT=&quot]فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ[/FONT][FONT=&quot]نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ.(الزمر:68[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]والنفخ بالصور[/FONT][FONT=&quot]يعني انهيار الكون وكأنه قد نفخت كواكبه فتطايرت بدون ضوابط: فَإِذَا نُفِخَ فِي[/FONT][FONT=&quot]الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَة. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً[/FONT][FONT=&quot]وَاحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ.(الحاقة:13-15[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويصور القرآن[/FONT][FONT=&quot]ذلك في مواضع كثيرة، منها: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْراً. وَتَسِيرُ الْجِبَالُ[/FONT][FONT=&quot]سَيْراً.(الطور:9-10[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون الصور هو الكون وليس كما تصوره كتب الأخبار التي[/FONT][FONT=&quot]تأثرت بالثقافة اليهودية وما جاء في كتبهم المقدسة، والتي تقول بأن إعلان القيامة[/FONT][FONT=&quot]يتم عبر النفخ في بوق يشبه البوق (القرن) الذي يستخدمه اليهود في مناسباتهم[/FONT][FONT=&quot]الدينية. ولم يكلف الراوي نفسه عناء إيضاح لمن ينفخ هذا القرن إذا كانت القيامة لا[/FONT][FONT=&quot]تقوم إلا بعد فناء الخلق كلهم ولا يبقى إلا الله. فإن كانت الخلائق ميتة فلن يسمعه[/FONT][FONT=&quot]أحد، وإن كان النفخ موجه لله فلن يكون سبحانه وتعالى بحاجته[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون النفخ في[/FONT][FONT=&quot]الصور مماثل لما حدث عند بداية الخلق والمسمى بالإنفجار العظيم وهو نفخ لا يمكن[/FONT][FONT=&quot]تصور أعظم نفخ منه. والنفخة الأولى نفخة تؤدي لانهيار نظام الكون (الصور) الذي يسير[/FONT][FONT=&quot]عليه وتداخل مسار الكواكب والشموس، أما النفخ في الصور (الكون) مرة ثانية فلخلق[/FONT][FONT=&quot]الكون الجديد: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ[/FONT][FONT=&quot]وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.(ابراهيم:48[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون المعراج للسماء[/FONT][FONT=&quot]مستحيلاً على البشر ولا حكمة لحصوله لمحمد عليه الصلاة والسلام. وتأكيداً لأن[/FONT][FONT=&quot]الرسول لا يمكن أن يكون قد صعد إلى السماوات بل ولا يمكن أن يكون خرج من محيط[/FONT][FONT=&quot]مجرتنا "درب اللبانة" أو حتى محيط مجموعتنا الشمسية، من وجهة نظر علمية، نقول بأن[/FONT][FONT=&quot]كل من قرأ عن النظرية النسبية لآنشتاين على علم بما يعرف بالتأخر الزمني، والذي[/FONT][FONT=&quot]يعني أن الوقت يتباطئ بالنسبة للمسافر بسرعة الضوء عن الوقت على الأرض، بحيث لو أن[/FONT][FONT=&quot]إنساناً، على سبيل الإفتراض، قد استقل مركبة تسير بسرعة الضوء في رحلة إلى أقرب[/FONT][FONT=&quot]مجموعة شمسية لمجموعتنا، والتي تبعد عنا أربع سنوات ضوئية ذهاباً ومثلها إياباً[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وكان عمره أربعون عاماً، ولديه ولد عمره عشرة أعوام. فإنه عندما يعود بعد ثمان[/FONT][FONT=&quot]سنوات سيكون عمره ثمانية وأربعون عاماً، بينما سيكون عمر ولده ستة وستون عاماً، لأن[/FONT][FONT=&quot]الوقت على الأرض مر بأسرع مما مر عليه الوقت في المركبة التي تسير بسرعة الضوء، حسب[/FONT][FONT=&quot]قانون التأخر الزمني[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وتكون رحلة الإسراء والمعراج لم تحدث لأنها لا يمكن أن[/FONT][FONT=&quot]تحدث بحسب قوانين طبيعية وضعها الله في الكون، ولأنه لا حكمة من حدوثها. ولكن بحكم[/FONT][FONT=&quot]أن المسلمين قد مسخت عقولهم واعتادوا سماع وتبني ما يقوله لهم رجال الدين دون[/FONT][FONT=&quot]تفكير، فسيأتي منهم من يقول بأن كل ما سبق من نقاش غير مقبول، وأنه يؤمن بأن هناك[/FONT][FONT=&quot]إسراء ومعراج، فنقول لمثل هؤلاء تعالوا لنرى هل كان هناك مسجد أقصى زمن الرسول[/FONT][FONT=&quot]صلوات الله وسلامه عليه في فلسطين، وهل كان هناك مصلى لإبراهيم وموسى عليهما الصلاة[/FONT][FONT=&quot]والسلام في فلسطين؟ بل هل كان هناك تواجد لإبراهيم وموسى في فلسطين أصلاً؟[/FONT]
[FONT=&quot]التاريخ المختصر للمسجد الأقصى[/FONT]
[FONT=&quot]في العام (16 للهجرة) استولى المسلمون على[/FONT][FONT=&quot]إيليا التي سميت فيما بعد ببيت المقدس ، وقد قدم الخليفة عمر ابن الخطاب من المدينة[/FONT][FONT=&quot]ودخل إيليا بعدما كتب لأهلها معاهدة تحفظ حقوقهم وأملاكهم وحرياتهم. ولم يكن فيها[/FONT][FONT=&quot]مسجد، بل كنائس مسيحية ومعابد يهودية، مما جعله يصلي في إحدى تلك الكنائس وفي موضع[/FONT][FONT=&quot]يسميه الناس وقتها " محراب داوود "، حسبما أورده الطبري في سرده لأحداث سنة ست عشرة[/FONT][FONT=&quot]للهجرة، كما يلي: ثم قصد المحراب محراب داود عليه السلام وذلك ليلاً فصلى فيه ولم[/FONT][FONT=&quot]يلبث أن طلع الفجر فأمر المؤذن باٌقامة فتقدم فصلى بالناس وقرأ بهم ((ص)) وسجد فيها[/FONT][FONT=&quot]ثم قام وقرأ بهم في الثانية صدر ((بني إسرائيل)) ثم ركع ثم انصرف فقال: على بكعب[/FONT][FONT=&quot]فأتى به فقال: أين ترى أن نجعل المصلى فقال: إلى الصخرة فقال: ضاهيت والله اليهودية[/FONT][FONT=&quot]يا كعب وقد رأيتك وخلعك نعليك فقال: أحببت أن أباشره بقدمي فقال: قد رأيتك. بل نجعل[/FONT][FONT=&quot]قبلته صدره كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مساجدنا صدورها اذهب غليك[/FONT][FONT=&quot]فإنا لم نؤمر بالصخرة ولكنا أمرنا بالكعبة. أهـ[/FONT]
[FONT=&quot]وفي المكان الذي اختاره عمر بني[/FONT][FONT=&quot]بعد ذلك المسجد العمري الذي يعتبر أول مسجد في إيليا التي أصبحت تسمى " بيت[/FONT][FONT=&quot]المقدس[/FONT][FONT=&quot]". [/FONT]
[FONT=&quot]وفي سنة خمس وستين للهجرة ابتدأ عبد الملك بن مروان ببناء القبة على[/FONT][FONT=&quot]صخرة في إيليا، يظن الناس أن لها قدسية خاصة. ثم ابتدأ بعمارة مسجد أطلق عليه[/FONT][FONT=&quot]الجامع الأقصى الذي أكمل بناؤه الوليد ابن عبد الملك. كما ورد في الطبري والبداية[/FONT][FONT=&quot]والنهاية، وبذلك سمع الناس بالمسجد الأقصى لأول مرة في التاريخ، والذي لم يكن[/FONT][FONT=&quot]معروفاً زمن عمر ابن الخطاب لما فتح إيليا، وبالتالي فلم يكن هناك مسجد أقصى في عصر[/FONT][FONT=&quot]رسول الله عليه الصلاة والسلام[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فهل كان هناك مسجداً (مكاناً لعبادة الله) في[/FONT][FONT=&quot]بيت المقدس " إيليا" كان يصلي فيه موسى ابن عمران، ومن قبله ابراهيم عليهما الصلاة[/FONT][FONT=&quot]والسلام؟[/FONT]
[FONT=&quot]وهل كان هناك تواجد لابراهيم أو موسى في فلسطين؟[/FONT]
[FONT=&quot]ابراهيم وموسى و[/FONT][FONT=&quot]فلسطين[/FONT]
[FONT=&quot]إلى عهد قريب كان الإعتقاد بأن تواجد اليهود في فلسطين إبان عهد موسى من[/FONT][FONT=&quot]المسلمات التي لا تقبل الجدل، ولكن هذه المسلمات إهتزت بشدة زلزلت أركانها، بعدما[/FONT][FONT=&quot]أثبتت الدراسات والبحوث والحفريات الأثرية أنه لا وجود لليهود في فلسطين في تلك[/FONT][FONT=&quot]الأزمنة، وهذا يؤيده خلو الكتابات المصرية والبابلية والسورية من ذكر لليهود لا في[/FONT][FONT=&quot]فلسطين ولا في بلاد النيل في تلك الفترة. كما تخلوا الكتابات التاريخية في بلاد[/FONT][FONT=&quot]الشام والعراق من ذكر لمملكة سليمان وداوود في فلسطين. وقد حرثت إسرائيل كل شبر من[/FONT][FONT=&quot]شبه جزيرة سيناء، إبان إحتلالها ولكنها لم تجد ما يشير إلى أي وجود يهودي فيها، مما[/FONT][FONT=&quot]جعلها تعيد جميع الآثار التي وجدتها هناك إلى مصر[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وتهاوت جميع التفسيرات التي[/FONT][FONT=&quot]كانت تقول بأن كتاب اليهود المقدس كان يتحدث عن أماكن في فلسطين، وألف في ذلك كتب[/FONT][FONT=&quot]وبحوث ودراسات عالمية كثيرة، ومن أشهر الكتابات باللغة العربية في هذا المجال ما[/FONT][FONT=&quot]سطره كمال الصليبي، دكتور التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت، والذي أصدر كتابه[/FONT][FONT=&quot]الأول حول تاريخ اليهود و فلسطين بعنوان " التوراة جاءت من جزيرة العرب" ثم ظهرت له[/FONT][FONT=&quot]كتب أخرى تعالج نفس الموضوع، وهي: خفايا التوراة، أسرار شعب بني إسرائيل، حروب[/FONT][FONT=&quot]داوود، والبحث عن يسوع. إضافة إلى كتاب آخر باللغة الإنجليزية بعنوان[/FONT][FONT=&quot]: The Historicity of Biblical Israel [/FONT]
[FONT=&quot]وقد فند الدكتور الصليبي في كتبه المستندات[/FONT][FONT=&quot]الأثرية التي اعتمد عليها دعاة مدرسة علم الآثار التوراتي في إثبات علاقتها[/FONT][FONT=&quot]بفلسطين، معتمداً على الدراسة اللغوية لأسماء الأماكن التي وردت في الكتاب المقدس،[/FONT][FONT=&quot]وأنها أماكن موجودة في جنوب غرب الجزيرة العربية، وأن موطن ابراهيم وذريته بما فيهم[/FONT][FONT=&quot]موسى كان هناك وليس في فلسطين التي لم يكن لليهود فيها تواجد يذكر إلا بعد القرن[/FONT][FONT=&quot]الخامس قبل الميلاد، لأن المؤرخ اليوناني هيرودتس لما زار فلسطين في أواسط القرن[/FONT][FONT=&quot]الخامس قبل الميلاد لم يكن لهم أي تواجد يذكر هناك. وهذا ما تؤيده آيات القرآن[/FONT][FONT=&quot]الكريم التي تتحدث عن ابراهيم وسليمان والتي سنتطرق لها في أسطر قادمة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولن[/FONT][FONT=&quot]نذكر ما كتبه علماء غربيون كثر والمتوافق مع ما ذهب إليه الصليبي، ولكننا سنكتفي[/FONT][FONT=&quot]بإيراد فقرات مما جاء في مقال نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تشرين أول عام[/FONT][FONT=&quot] 1999[/FONT][FONT=&quot]، بقلم البروفيسور زئيف هيرتسوغ ، المدرس في قسم آثار وحضارة الشرق القديم في[/FONT][FONT=&quot]جامعة تل ابيب، تحت عنوان: الحقائق تكذب التوراة، والذي يقول في مقدمته: من المعتقد[/FONT][FONT=&quot]ان سكان العالم كله وليس مواطنو “اسرائيل” وابناء الشعب اليهودي وحدهم سيذهلون[/FONT][FONT=&quot]لسماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار الذين يتولون الحفريات في ارض[/FONT][FONT=&quot] “ [/FONT][FONT=&quot]اسرائيل” منذ مدة من الزمن[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويتابع قائلاً: من الواضح للعلماء والباحثين اليوم[/FONT][FONT=&quot]ان شعب “اسرائيل” لم يقم في مصر ولم يتيه في الصحراء ولم يحتل الارض من خلال حملة[/FONT][FONT=&quot]عسكرية ولم يستوطنها من خلال اسباطه الاثنا عشر. والاصعب من ذلك ايضا هو هضم[/FONT][FONT=&quot]الحقيقة التي تتضح رويدا رويدا بان مملكة داوود وسليمان الموحدة التي وصفتها[/FONT][FONT=&quot]التوراة على انها دولة عظمى اقليمية كانت في اقصى الاحوال مملكة قبلية صغيرة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويقول: وكتلميذ للمدرسة التوراتية ادرك عظم الاحباط الناجم عن الفجوة بين[/FONT][FONT=&quot]التوقعات للبرهنة عن العهد القديم كمصدر تاريخي وبين الحقائق التي تتكشف على الارض،[/FONT][FONT=&quot]انا اعيش هذا الوعي "على لحمي" وافحص وانتقد التحليلات والاستنتاجات السابقة قبل كل[/FONT][FONT=&quot]شيء الى جانب انتقادي للتأويلات الحديثة لأعمال زملائي[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويضيف: الوثائق المصرية[/FONT][FONT=&quot]الكثيرة المعروفة لنا لا تتطرق بالمرة الى مكوث شعب “اسرائيل” في مصر او لخروجهم[/FONT][FONT=&quot]منها، برغم أنه في وثائق ومستندات كثيرة تطرقوا الى عادة وتقاليد الرعاة ـ الرحل[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]الذين يسمون شاسو) في الدخول الى مصر ابان القحط والجوع والاستيطان في اطراف[/FONT][FONT=&quot]الدلتا[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويقول: المكتشفات الاثرية في القدس العاصمة (المفترضة) للمملكة[/FONT][FONT=&quot]الموحدة، اجزاء واسعة من المدينة حفرت خلال 150 سنة الاخيرة وخلال ذلك اكتشفت بقايا[/FONT][FONT=&quot]مثيرة من العهد البرونزي الاوسط والعهد الحديدي "ب" (ايام مملكة يهودا)، ولم تكتشف[/FONT][FONT=&quot]من عهد المملكة الموحدة (حتى حسب التوثيق الذي يحظى بالاجماع) اثار بناء ولم تكتشف[/FONT][FONT=&quot]فقط الا مجموعة من الاواني الفخارية. إنتهى كلام البروفيسور زئيف هيرتسوغ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]يضاف[/FONT][FONT=&quot]إلى ذلك أن مصر الحالية سماها العرب بهذا الإسم في عصور تالية لعصور الفراعنة. و[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]مصر" لفظ يدل في اللغات السامية علي الحد أو الحاجز أو السور، وعلى معني الحصانة[/FONT][FONT=&quot]والحماية والتمدن. (أي المدينة المحاطة بسور وحصون منيعة) وهو بهذا المعنى يصلح لأن[/FONT][FONT=&quot]يتسمى به مملكة قديمة مكونة من مدينة واحدة محاطة بسور وحصون منيعة، كممالك جنوب[/FONT][FONT=&quot]غرب جزيرة العرب القديمة، ولا يمكن أن توصف به بلاد النيل، تلك المملكة الممتدة على[/FONT][FONT=&quot]ضفاف النيل من بلاد النوبة جنوباً إلى سواحل البحر المتوسط شمالاً، والتي كانت تضم[/FONT][FONT=&quot]مدناً وقرى كثيرة مفتوحة على النيل وليست محاطة بأسوار ولا حصون[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]أما إسم بلاد[/FONT][FONT=&quot]النيل زمن الفراعنة فقد كان " كيمي " وإن كان الإغريق في فترة زمنية قديمة يطلقون[/FONT][FONT=&quot]عليها (حا ـ كا ـ بتاح) أي مكان الإله بتاح. وكان سكان بلاد الفراعنة يطلقون علي[/FONT][FONT=&quot]أنفسهم اسم " رمث " بمعني الناس، و" رمثن كيمة " و" كيمتيو" بمعني أهل كيمي و" رمثن[/FONT][FONT=&quot]باتا " بمعني ناس الأرض[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن أقدم أسماء مصر اسم تاوي أو طاوي بمعني الأرضين[/FONT][FONT=&quot]مثني أرض، إشارة إلي الصعيد تاشمعو , والدلتا تامحو. وذكروها مرة باسم تامري وسموها[/FONT][FONT=&quot]إيرة رع أي عين الشمس, وجاة أي السليمة , وإثرتي أي ذات المحرابين وباقة أي[/FONT][FONT=&quot]الزيتونة كناية عن خضرتها الدائمة. ولكن لم يطلق عليها أهلها ولا غيرهم أيام[/FONT][FONT=&quot]الممالك الفرعونية إسم مصر على الإطلاق[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولم يرد في الكتابات الفرعونية أي ذكر[/FONT][FONT=&quot]لمصر، وإن جاء ذكر مصر وفرعون مصر في عدد من اللوحات الأثرية في العراق، ومن ذلك[/FONT][FONT=&quot]تلك اللوحة التي وجدت مكتوباً عليها رسائل من أمير كنعاني موجهة إلي فرعون مصر[/FONT][FONT=&quot]والتي يعود تاريخا إلى الربع الثاني من القرن الرابع عشر قبل الميلاد‏. وعدة رسائل[/FONT][FONT=&quot]أخري ترجع إلي الربع الثاني من القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ورد فيها أسماء قريبة[/FONT][FONT=&quot]من اسم مصر كمشري ومصري في لوحة ميتانية وجدت في شمال غرب العراق وجهت إلي فرعون[/FONT][FONT=&quot]مصر وفي لوحة أشورية ونص من رأس الشمرة في شمال سوريا، كما وردت كلمة مصرم في نص[/FONT][FONT=&quot]فينيقي يعود إلي أوائل الألفية الأولي ق.م. وجاء ذكر مصر عند البابليون، كما ذكرها[/FONT][FONT=&quot]المعينيون في اليمن[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولكن مصر المذكورة هنا ليست بالضرورة هي مصر الحالية، لأن[/FONT][FONT=&quot]بلاد النيل في الفترة التي كتبت فيها تلك الرسائل لم تسمى مصر بعد. وتكون مصر[/FONT][FONT=&quot]الوارد ذكرها هي مصر فرعون موسى التي في جنوب غرب جزيرة العرب، والتي قد تكون قد[/FONT][FONT=&quot]توارث حكمها سلسلة من الفراعنة على مدى قرون من الزمن، كان هناك الكثير من التواصل[/FONT][FONT=&quot]بين العراق وفارس وبين اليمن[/FONT][FONT=&quot] . [/FONT][/RIGHT]

[RIGHT][FONT=&quot]فإذا كان العالم اليهودي الإسرائيلي يقر بأن[/FONT][FONT=&quot]الواقع والحقيقة والآثار والدراسات أثبتت بأنه لم يكن هناك وجود لليهود في فلسطين[/FONT][FONT=&quot]زمن موسى، ولا حتى زمن سليمان، فإن إبراهيم لم يكن موجوداً هناك أيضاً، وبالتالي[/FONT][FONT=&quot]فليس هناك مصلى ولا مسجداً لله كان ابراهيم وموسى يصليان فيه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهنا علينا أن[/FONT][FONT=&quot]نرجع إلى ما يقوله القرآن الكريم وكتاب اليهود المقدس عن موطن ابراهيم عليه الصلاة[/FONT][FONT=&quot]والسلام الأصلي وأين ارتحل بعد أن هدده قومه بإحراقه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ابراهيم في القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]يذكر القرآن في عدد من السور، كيف اهتدى ابراهيم لوجود الخالق وآمن به، قبل أن[/FONT][FONT=&quot]يأتيه الوحي ويطلب من قومه هجر عبادة الأصنام التي قام بتكسيرها في محاولة لإثبات[/FONT][FONT=&quot]أنها جماد لا تستطيع دفع الضر عن نفسها فكيف يرجى أن تنفع غيرها: وَتَاللَّهِ[/FONT][FONT=&quot]لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ. فَجَعَلَهُمْ[/FONT][FONT=&quot]جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ[/FONT][FONT=&quot]يَرْجِعُونَ.(الأنبياء:57-58[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فعقدوا العزم على حرقه بالنار: َقالُوا[/FONT][FONT=&quot]حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ. قُلْنَا يَا نَارُ[/FONT][FONT=&quot]كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيم. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا[/FONT][FONT=&quot]فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ.(الأنبياء:68-70[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وقبل أن ينفذ القوم حرق[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم، طلب منه والده الرحيل وترك العشيرة وشأنها، وهو ما يتضمنه معنى[/FONT][FONT=&quot] " [/FONT][FONT=&quot]وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا " في قوله تعالى: قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا[/FONT][FONT=&quot]إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا.(مريم:46[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فقام ابراهيم بتنفيذ رغبة والده ونجا من مكائد قومه: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ[/FONT][FONT=&quot]سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا. وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا[/FONT][FONT=&quot]تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء[/FONT][FONT=&quot]رَبِّي شَقِيًّا,(مريم:47-48[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وخرج ابراهيم ومن آمن معه ومن بينهم لوط من أرض[/FONT][FONT=&quot]عشيرتهم: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ[/FONT][FONT=&quot]الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.(العنكبوت:26[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وذهاب ابراهيم إلى ربه لا يعني أنه سيصعد[/FONT][FONT=&quot]للسماء، ولكنه يعني الذهاب لمكان يعتبر بيتاً للرب جل وعلا، وهو ما ذهب إليه[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم ولوط ومن خرج معهم: وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي[/FONT][FONT=&quot]بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ.(الأنبياء:71[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]والآرض التي بارك الله فيها[/FONT][FONT=&quot]للعالمين المذكورة في القرآن هي التي فيها بيته الحرام: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ[/FONT][FONT=&quot]وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ.(آل[/FONT][FONT=&quot]عمرآن:96[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فإذا كانت أورشليم لم تظهر إلى الوجود في فلسطين بعد، إضافة إلى أن[/FONT][FONT=&quot]أول بيت وضع للناس وباركه الله للعالمين هو في مكة، أفلا يعني أن الأرض التي بارك[/FONT][FONT=&quot]الله فيها لكل الناس والتي قصدها ابراهيم وبرفقته لوط ومن آمن معهم، هي مكة، والتي[/FONT][FONT=&quot]لابد أنها قريبة ومعروفة لموطن ابراهيم الأصلي؟[/FONT]
[FONT=&quot]ويكون ابراهيم خرج من قومه[/FONT][FONT=&quot]القاطنين أصلاً في شبه الجزيرة العربية وفي غربها تحديداً، إلى مكة التي تقع قريبة[/FONT][FONT=&quot]من تلك المنطقة والمعروفة لديهم، لسبب وجيه هو الهرب بدينهم خوف الفتنة وخوف[/FONT][FONT=&quot]الإضطهاد والحرق بالنار الذي توعدهم به قومهم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو كان ابراهيم في العراق كما[/FONT][FONT=&quot]يقول التراث اليهودي الذي سنأتي عليه لاحقاً، فبإمكانه الهرب من عشيرته إلى مكان[/FONT][FONT=&quot]آخر في العراق الخصيب، ولن يحتاج لقطع مئات الكيلومترات عبر الصحاري القاحلة من[/FONT][FONT=&quot]العراق إلى فلسطين، التي لم يكن فيها بيت لله ولا مكان مقدس في ذلك الوقت[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وعندما وصل إبراهيم لمكة، إهتدى لمكان البيت العتيق، يقول تعالى: وَإِذْ[/FONT][FONT=&quot]بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا[/FONT][FONT=&quot]وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ[/FONT][FONT=&quot]السُّجُودِ.(الحج:26[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]الذي يبدوا أنه قد استخدم لعبادة الأوثان، وهو ما تشير[/FONT][FONT=&quot]إليه الآية بالقول " وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ[/FONT][FONT=&quot]وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ". كما قد يكون لحقه الخراب ولذلك قام ابراهيم بعد سنوات[/FONT][FONT=&quot]وبعد أن ولد ابنه اسماعيل وأصبح في سن تمكنه من معاونة والده بترميمه وإعادة بنائه[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا[/FONT][FONT=&quot]تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.(البقرة:127[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وقد أصبح[/FONT][FONT=&quot]لإبراهيم مقام يصلي فيه عرف باسمه من كثرة تواجده: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ[/FONT][FONT=&quot]مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ[/FONT][FONT=&quot]الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ[/FONT][FONT=&quot]عَنِ الْعَالَمِينَ.(آل عمرآن: 97[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وهو ما يعني أن إبراهيم كان يقطن قريباً من[/FONT][FONT=&quot]مكة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وفي إحدى المرات التي تواجد فيها ابراهيم في الحرم مع ابنه اسماعيل، حدث[/FONT][FONT=&quot]ما عرف بالرؤيا وكبش الفداء: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ[/FONT][FONT=&quot]إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا[/FONT][FONT=&quot]أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا[/FONT][FONT=&quot]لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنَا[/FONT][FONT=&quot]عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ.(الصافات:102-108[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويبدوا أن الحادثة وقعت في موسم[/FONT][FONT=&quot]الحج فأصبحت الأضحية عيداً متبعاً كما تقول الآية " وتركنا عليه في الآخرين". أي[/FONT][FONT=&quot]ذكرى متبعة في الأجيال اللاحقة، والتي لازال المسلمون يحيون ذكراها بذبح الكبش كما[/FONT][FONT=&quot]فعل ابراهيم عليه الصلاة والسلام. ولولا أن اليهود الذين يعملون بالتاريخ القمري،[/FONT][FONT=&quot]مثل المسلمين، يزيدون شهراً كل ثلاث سنوات، لتوافق عيد الفصح مع عيد الأضحى لدى[/FONT][FONT=&quot]المسلمين الذي هو نفس اليوم الذي حدث فيه فداء إسماعيل[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]والقرآن لم يأت على ذكر[/FONT][FONT=&quot]هاجر ولا بئر زمزم ولا قصة تسكين هاجر وإسماعيل بعيداً عن سارة. وكل ما جاء في تراث[/FONT][FONT=&quot]المسلمين حول هذه المواضيع مبني على أقوال المؤرخين الذين استمدوا معلوماتهم من كتب[/FONT][FONT=&quot]اليهود. قارن ما جاء في كتاب الكامل في التاريخ أو سيرة ابن هشام تحت عنوان ولادة[/FONT][FONT=&quot]اسماعيل عليه السلام مع الإصحاح الحادي والعشرون من سفر التكوين لملاحظة الإقتباس[/FONT][FONT=&quot]الحرفي. وقد جاء في ذلك الإصحاح أن سارة، التي كانت قد طلبت من ابراهيم التسري[/FONT][FONT=&quot]بهاجر جاريتها عله يرزق بطفل، قد عادت بعد أن رزقت هي بولدها اسحاق وطلبت من[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم أن يطرد هاجر وولدها إسماعيل: فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها، لأن[/FONT][FONT=&quot]ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني اسحاق . فبكر ابراهيم صباحاً وأخذ خبزاً وقربة ماء[/FONT][FONT=&quot]وأعطاهما لهاجر واضعاً إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر[/FONT][FONT=&quot]سبع.(التكوين:الإصحاح الحادي والعشرون:10) فإبراهيم لم يصحبها لمكان يبعد مسيرة[/FONT][FONT=&quot]شهر، ولم يؤمنها بمؤنة تكفي لسفر طويل، وكل ما أعطاها هو قليل من الزاد وقربة ماء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]ويكمل النص اليهودي القصة بأن هاجر قد اهتدت لبئر ماء في الصحراء وأنها سكنت في تلك[/FONT][FONT=&quot]البرية التي تسمى فاران مع ابنها حتى كبر وتزوج بفتاة ممن كان يعرف بمصرايم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد اختار المؤرخون المسلمون أن يحوروا في القصة قليلاً، وهذا النص الذي[/FONT][FONT=&quot]أوردوه: وإنما أخرجتها (أي هاجر) سارة غيرة منها، وهو الصحيح. وقالت سارة: لا[/FONT][FONT=&quot]تساكنني في بلد. فأوحى الله إلى ابراهيم أن يأتي مكة وليس بها يومئذ نبت، فجاء[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم بإسماعيل وأمه هاجر فوضعهما بمكة بموضع زمزم، فلما مضى نادته هاجر: يا[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها زرع ولا ضرع ولا ماء ولا زاد و لا أنيس؟[/FONT][FONT=&quot]قال: ربي أمرني . قالت: فإنه لن يضيعنا. فلما ولى قال: " ربنا إني أسكنت من ذريتي[/FONT][FONT=&quot]بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي[/FONT][FONT=&quot]إليهم[/FONT][FONT=&quot]". [/FONT]
[FONT=&quot]وبطبيعة الحال لا يمكن أن يأمر الله بترك طفل رضيع وأمه المسكينة[/FONT][FONT=&quot]وحيدين في أرض غريبة وبعيدة وموحشة فقط لكي يرضي رغبات إنسان آخر (سارة). وحتى لو[/FONT][FONT=&quot]أصابت الغيرة سارة وأراد ابراهيم أن يطاوعها في إبعاد إبنه من جاريته، فلماذا[/FONT][FONT=&quot]أبعدها آلاف الكيلومترات في زمن يستغرق السفر إلى ذلك المكان أسابيع طويلة عبر[/FONT][FONT=&quot]صحراء مهلكة يصفها ابن بطوطة بأن داخلها مفقود وخارجها مولود ، بدل أن يسكنها في[/FONT][FONT=&quot]طرف البلدة التي يعيش فيها أو في بلدة أخرى في المنطقة التي يتحدث أهلها نفس اللغة[/FONT][FONT=&quot]ولديهم نفس التقاليد والطعام. ولذلك أقحم مؤرخو المسلمين في القصة أن الله قد اختار[/FONT][FONT=&quot]المكان لإبراهيم، حتى تنتفي تساؤلاتنا السابقة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فابراهيم لم يكن في فلسطين ولم[/FONT][FONT=&quot]يرحل هاجر وابنه اسماعيل بعيداً، ولم تحفر زمزم بأجنحة ملائكة لإطفاء ظمأ رضيع تركه[/FONT][FONT=&quot]والده في فلاة قاحلة لكسب رضى زوجته الغيور، وإلا لإتهم ابراهيم بالقسوة والظلم[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]كما أن السعي ركن من أركان الحج فرضه الله كما الطواف وركعات الصلاة وسجودها، وليس[/FONT][FONT=&quot]تقليداً لهرولة أم تبحث عن ماء لإطفاء ظمأ رضيعها، كما تقول كتب المسلمين[/FONT][FONT=&quot]الإخبارية، وإلا لأتخذ السعي مساراً متعرجاً وفي كل الإتجاهات بدلاً من مسار واحد،[/FONT][FONT=&quot]لأن البحث عن الماء في أكثر من اتجاه يضاعف الفرصة في العثور عليه، بدل تكرار[/FONT][FONT=&quot]الهرولة سبع مرات بين مكانين سبق التأكد من خلوهما من الماء: إِنَّ الصَّفَا[/FONT][FONT=&quot]وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ[/FONT][FONT=&quot]جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ[/FONT][FONT=&quot]شَاكِرٌ عَلِيمٌ.(البقرة:158[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فالسعي بين الصفا والمروة ذهاباً باتجاه ومسار،[/FONT][FONT=&quot]وإياباً باتجاه معاكس ومسار محاذ للمسار الأول، من شعائر الله التي فرضها على الناس[/FONT][FONT=&quot]مثل الطواف والوقوف بعرفات والمبيت بمنى منذ بني البيت وفرض الحج قبل زمن هاجر[/FONT][FONT=&quot]وسارة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولا ينفي هذا أن تكون سارة قد طلبت من ابراهيم تغييب هاجر (إن كان هذا[/FONT][FONT=&quot]فعلاً إسمها) وابنها اسماعيل عن ناظريها، لأنها تصرفت كإمرأة أحست بالغيرة مثل[/FONT][FONT=&quot]غيرها من النساء، وأن ابراهيم نقل الجارية وابنها إلى مكان يبعد عن سكن العائلة[/FONT][FONT=&quot]ولكنه في نفس المنطقة كما روته الكتب اليهودية التي أخذ منها المسلمون أصل القصة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]المهم أن ابراهيم قد استقر به المقام في مكان قريب من مكة بعد ترحاله الذي تلى[/FONT][FONT=&quot]خروجه من بلده الأصلي هرباً من عشيرته الكافرة، وبعد سنوات رزق بأولاد، والبداية[/FONT][FONT=&quot]كانت بإسماعيل، الذي يعني إسمه، سمع الله، لأن الله قد استجاب لدعاء ابراهيم بأن[/FONT][FONT=&quot]يرزق بذرية، وهو الذبيح، والذي فداه الله بكبش، ثم رزق الله ابراهيم بولد آخر[/FONT][FONT=&quot]كمكافأة له على عزمه على التضحية بابنه الوحيد، وهذا ما تظهره الآيات التالية[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا[/FONT][FONT=&quot]بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى[/FONT][FONT=&quot]قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ[/FONT][FONT=&quot]الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا[/FONT][FONT=&quot]إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. كَذَلِكَ[/FONT][FONT=&quot]نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ. وَبَشَّرْنَاهُ[/FONT][FONT=&quot]بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ.(الصافات:101-112[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وإسحاق، أو يتسحق[/FONT][FONT=&quot]بالعبرية، من الضحك، لأن سارة عندما سمعت رسل الله الذين استضافهم ابراهيم يبشرونه[/FONT][FONT=&quot]بأنها ستلد له ولداً ضحكت لكونها عجوز متقدمة في السن ولا تصدق بأنها ستحبل[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء[/FONT][FONT=&quot]إِسْحَقَ يَعْقُوبَ.(هود:71[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وبعدما طال بابراهيم المقام في ذلك المكان القريب[/FONT][FONT=&quot]من مكة وأصبح موطناً له، دعا ربه قائلا: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن[/FONT][FONT=&quot]ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا[/FONT][FONT=&quot]لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ[/FONT][FONT=&quot]وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.(ابراهيم:37[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وليست[/FONT][FONT=&quot]الآية تتحدث عن ابراهيم عندما ترك اسماعيل وأمه هاجر في مكة وعاد لفلسطين، كما أورد[/FONT][FONT=&quot]المفسرون، لأن الآية تقول " أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي" وتقول " لِيُقِيمُواْ[/FONT][FONT=&quot]الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم[/FONT][FONT=&quot]مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " فهم من ذرية ابراهيم أي جمع من[/FONT][FONT=&quot]الأولاد، وهو ما تؤكده الآية بترديد الضمير العائد على الجمع (ليقيموا... تهوي[/FONT][FONT=&quot]إليهم... وأرزقهم.... يشكرون)، ولو كان المعني اسماعيل وامه لقال ابراهيم بأنه ترك[/FONT][FONT=&quot]ابنه وامه، ولجاء الحديث بضمير المثنى[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وعندما قال ابراهبم دعاءه السابق كان قد[/FONT][FONT=&quot]تقدمت به السن ورزق بولديه اسماعيل ثم اسحاق، وهو ما تؤكده الآيات التي تلت الآية[/FONT][FONT=&quot]السابقة: رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى[/FONT][FONT=&quot]عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء. الْحَمْدُ لِلّهِ[/FONT][FONT=&quot]الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي[/FONT][FONT=&quot]لَسَمِيعُ الدُّعَاء. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي[/FONT][FONT=&quot]رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء.(ابراهيم:38-40[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]أما لماذا سكن ابراهيم بقرب مكة[/FONT][FONT=&quot]ولم يسكن في مكة نفسها وبجوار بيت الله، فقد نجد الإجابة فيما فعله محمد (صلى الله[/FONT][FONT=&quot]عليه وسلم). فقد أبعدته قريش عن مكة فهاجر للمدينة وبقي فيها ثمان سنوات قبل أن[/FONT][FONT=&quot]يتمكن من فتح مكة. وبعد الفتح لم يعد محمد للعيش في مكة برغم أنها موطنه الأصلي[/FONT][FONT=&quot]ومسقط رأسه، إضافة إلى أن فيها بيت الله الحرام، وقفل راجعاً للمدينة وبقي فيها[/FONT][FONT=&quot]لثلاث سنوات أخرى قبل أن يتوفاه الله[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فإذا كان خليل الله لم يسكن في مكة بل في[/FONT][FONT=&quot]منطقة قريبة منها، برغم أن الله كلفه بإعادة بناء وترميم البيت وتطهيره، وبرغم أنه[/FONT][FONT=&quot]كان متواجداً فيه بصورة شبه دائمة للتعبد. ولم يسكن محمد في مكة، برغم أنه كان[/FONT][FONT=&quot]يستطيع ذلك بعد الفتح، لأنها بلده الأصلي، ولمجاورة بيت الله! أفلا يعني هذا أن مكة[/FONT][FONT=&quot]ليست مكاناً للسكن، ولكن مكاناً للعبادة والحج والعمرة، لأنها لو سكنت فستزحف[/FONT][FONT=&quot]المباني على المشاعر وستحيط بالحرم الذي يجب أن يتسع حسب حاجة المسلمين. وحتى لا[/FONT][FONT=&quot]تتحول مدينة بيت الله إلى سوق تنافس عقاري كما هو الآن حيث تقف أسعار الأراضي[/FONT][FONT=&quot]والعقارات في المستوى الأول عالمياً: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ[/FONT][FONT=&quot]الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ[/FONT][FONT=&quot]وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ[/FONT][FONT=&quot]يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ[/FONT][FONT=&quot]مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا[/FONT][FONT=&quot]وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا[/FONT][FONT=&quot]نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.(الحج:26-29[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ولهذا وجدت[/FONT][FONT=&quot]مكة ولهذا يجب أن تبقى[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]هذا ما يقوله القرآن عن ابراهيم، والمتدبر للآيات التي[/FONT][FONT=&quot]جاء فيها ذكر سليمان والهدهد، سيجد أن مملكة سليمان لابد أنها كانت مجاورة لمملكة[/FONT][FONT=&quot]سبأ، التي لا يختلف إثنان أنها كانت في جنوب غرب جزيرة العرب، ولذلك استطاع الهدهد[/FONT][FONT=&quot]أن يطير إليها ويغدو في نفس اليوم. ولو كان سليمان في فلسطين لما استطاع الهدهد أن[/FONT][FONT=&quot]يطير كل تلك المسافة التي تزيد عن (1500) كلم ويعود في نفس اليوم، لأن سرعة طيران[/FONT][FONT=&quot]الهدهد، والمسافة التي يستطيع ان يطيرها في يوم واحد لا تؤهله للقيام بذلك[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وفيما يلي نتفاً مما قاله كتاب اليهود المقدس عن رحلة ابراهيم من موطنه وأين[/FONT][FONT=&quot]ذهب، مع الوضع في الحسبان أن كتاب اليهود المقدس هو كتاب تاريخي أكثر منه ديني[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][/RIGHT]

[RIGHT][FONT=&quot]ابراهيم في كتاب اليهود المقدس[/FONT]
[FONT=&quot]في كتاب التكوين هناك رواياتان مختلفتان[/FONT][FONT=&quot]لقصة نزوح ابراهيم، الرواية الأولى تبدأ عندما: " أخذ تارح (الإسم المزعوم لوالد[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم) ابنه ولوطاً ابن هاران ابن ابنه (أي لوط ابن هاران ابن تارح) وساراي (التي[/FONT][FONT=&quot]سميت سارة فيما بعد) كنته إمرأة ابرام إبنه. فخرجوا معاً من أور الكلدانيين ( والتي[/FONT][FONT=&quot]يصر اليهود على أنها في العراق بينما يقول الصليبي أنها جنوب المدينة ) إلى أرض[/FONT][FONT=&quot]الكنعانيين (التي يصرون على أنها فلسطين). فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك. وكانت[/FONT][FONT=&quot]أيام تارح مئتين وخمس سنين. ومات تارح في حاران.(التكوين:الإصحاح الحادي عشر:27[/FONT][FONT=&quot] – 32). [/FONT]
[FONT=&quot]ولم يذكر الكتاب لماذا أرادوا الهجرة من أرض العراق الخصيبة إلى بلاد[/FONT][FONT=&quot]غريبة عليهم ولا يعرفون ما فيها، ويفصلهم عنها صحار قاحلة، وبعكس ما جرت عليه[/FONT][FONT=&quot]العادة، فليس من المعتاد حدوث هجرات من بلاد الرافدين إلى فلسطين[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم إن والد[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم لم يذهب إلى أرض الكنعانيين (اي فلسطين)، برغم أن الذهاب إليها كان السبب[/FONT][FONT=&quot]في خروجه من بلاده الأصلية، بل ذهب إلى حاران، التي يصر اليهود على أنها حوران، تلك[/FONT][FONT=&quot]الأرض الصحراوية شرق دمشق، كما يظن كتبة الكتاب المقدس. وهذا تصرف آخر غير إعتيادي،[/FONT][FONT=&quot]إذ جرت العادة أن يرتحل البدو من البادية ويستقرون في المناطق الزراعية والقروية،[/FONT][FONT=&quot]أما أن يقرر أناس من الحاضرة يعيشون في مناطق زراعية غنية كبلاد الرافدين، ولم[/FONT][FONT=&quot]يتعرضوا للإضطهاد أو أي سبب آخر يضطرهم لتركها والعيش في بادية جرداء تحتاج لوقت[/FONT][FONT=&quot]طويل للتأقلم والتكيف مع حياتها الصعبة وأسلوب معيشتها الضنك، فهذا ما لم يستطع[/FONT][FONT=&quot]كاتب الرواية اليهودي شرح دوافعه[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويبدوا أن كل هذه الرحلة لم تحدث، والدليل[/FONT][FONT=&quot]جاء من نص الإصحاح التالي الذي يروي قصة نزوح ابراهيم بقلم كاتب آخر، والذي يقول[/FONT][FONT=&quot]بأن ابراهيم خرج هارباً من أبيه وقومه " وقال الرب لإبرام إذهب من أرضك ومن عشيرتك[/FONT][FONT=&quot]ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك.(التكوين: أول الإصحاح الثاني عشر[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فكان[/FONT][FONT=&quot]المفترض به أن يتجه للأرض التي سيهديه الله إليها، أو بعبارة أخرى، الأرض المباركة[/FONT][FONT=&quot]التي هداه الله إليها، كما يقول النص القرآني: " وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ[/FONT][FONT=&quot]مَكَانَ الْبَيْتِ[/FONT][FONT=&quot] ". [/FONT]
[FONT=&quot]ويقول الكاتب: وأجتاز ابرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى[/FONT][FONT=&quot]بلوطة مورة . وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض. وظهر الرب لإبرام وقال: لنسلك أعطي[/FONT][FONT=&quot]هذه الأرض. فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له. ثم انتقل من هناك إلى الجبل شرقي[/FONT][FONT=&quot]بيت إيل ونصب خيمته. وله بيت إيل من المغرب وعاي من المشرق. فبنى هناك مذبحاً للرب[/FONT][FONT=&quot]ودعا باسم الرب. ثم ارتحل ابرام ارتحالاً متوالياً نحو الجنوب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]إذاً، ابراهيم[/FONT][FONT=&quot]انتقل من بلده الذي لم يكن في العراق، بل جنوب المدينة (يثرب) ، إلى بلاد معروفة[/FONT][FONT=&quot]وليست غريبة عليه مجتازاً بلاد شكيم ليصل إلى غابة مشهورة تسمى غابة مورة. وكان[/FONT][FONT=&quot]يقيم قرب تلك المنطقة الشجرية أناس من كنعان لأن الأرض المحيطة كلها ضمن بلاد قبيلة[/FONT][FONT=&quot]كنعان التي كانت تنتشر في جنوب غرب جزيرة العرب ومنها انطلقت هجرات الكنعانيين إلى[/FONT][FONT=&quot]العراق والشام . وفي هذه الأثناء ظهر له (ملاك) الرب (اي أوحي له) أن هذه الأرض[/FONT][FONT=&quot]ستكون لنسلك في المستقبل، وهناك بنى ابراهيم مذبحاً لله. ثم انتقل ابراهيم ونصب[/FONT][FONT=&quot]خيمته على الجبل الواقع شرقي بيت الله وغربي جبل كان يسمى في ذلك الحين[/FONT][FONT=&quot]جبل عاي[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وفلسطين لم يكن فيها بيت لله قبل مجيء ابراهيم المزعوم، كما أن إبراهيم بدوي متنقل[/FONT][FONT=&quot]يحمل خيمته معه وليس من مزارعي بلاد الرافدين الذين عرفوا الإستقرار والحياة[/FONT][FONT=&quot]المدنية[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فإذا لم يكن هناك أي بيت لله في فلسطين في ذلك الوقت، وإذا كان[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم توجه لمكان آخر غير فلسطين كما يؤكده نص الإصحاح السابق من كتب اليهود[/FONT][FONT=&quot]أنفسهم، ونصب خيمته قرب بيت الله (إيل)، وإذا كانت مكة فيها أول بيت لله وضع للناس،[/FONT][FONT=&quot]ألا يعني هذا أن ابراهيم استقر قرب مكة الواقعة غرب جزيرة العرب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن بنى[/FONT][FONT=&quot]مذبحاً للرب ودعا (صلى) للرب، ارتحل ابراهيم نحو الجنوب حسب الرواية اليهودية[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وبعد تجوال وترحال في مناطق جنوب الجزيرة قرر ابراهيم ومن معه العودة للسكن قرب[/FONT][FONT=&quot]بيت الله الذي يقع ضمن الأراضي التي تسيطر عليها القبائل الكنعانية: وسار في رحلاته[/FONT][FONT=&quot]من الجنوب إلى بيت إيل. إلى المكان الذي كانت فيه خيمته في البدء بين بيت إيل[/FONT][FONT=&quot]وعاي.(التكوين: الإصحاح الثالث عشر:3[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ولكي لا تقع مشاحنات بين رعاته ورعاة لوط[/FONT][FONT=&quot]ابن أخيه اتفقا على أن يرحل لوط لأرض أخرى فاختار لوط الرحيل إلى حيث بلدة سدوم،[/FONT][FONT=&quot]بينما نقل ابراهيم خيامه إلى مكان قريب من غابة مورة أو ممرا، والتي يقول الصليبي[/FONT][FONT=&quot]في الصفحة 96 من كتابه خفايا التوراة أنها قرية النمرة الحالية الواقعة إلى الشرق[/FONT][FONT=&quot]من القنفذة وإحداثياتها: (19:44:15[/FONT][FONT=&quot] & 41:21:25) [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون ابراهيم قد استقر في[/FONT][FONT=&quot]رحلته إلى الجنوب لبعض الوقت في الجبل الذي لايزال يسمى جبل ابراهيم ويقع إلى يمين[/FONT][FONT=&quot]المسافر إلى الطائف، على الطريق المعبد الذي يربط الباحة بالطائف، والمسمى محلياً[/FONT][FONT=&quot]بطريق بني سعد. وإحداثيات الجبل هي: (20:25:20[/FONT][FONT=&quot] & 41:10:00) [/FONT][FONT=&quot]كما يوجد وفي نفس[/FONT][FONT=&quot]ذلك الجبل كهف يسمى مصلى إبراهيم، وفيه ما يسمى بالمذبح، وهو ما يعرفه كبار السن من[/FONT][FONT=&quot]أهل المنطقة، الذين لا يشكّون أنه مصلى ابراهيم الخليل[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وعندما ماتت زوجته سارة[/FONT][FONT=&quot]اشترى مغارة المقفلة القريبة ودفنها فيها.(التكوين:الإصحاح الثالث والعشرون:2[/FONT][FONT=&quot]). [/FONT][FONT=&quot]والمقفلة هي قرية مقفلة الحالية الواقعة إلى الشرق من القنفذة، كما يقول الصليبي ،[/FONT][FONT=&quot]وإحداثياتها (19:11:00[/FONT][FONT=&quot] & 41:32:00) [/FONT]
[FONT=&quot]كما أن ابراهيم نفسه عندما مات، دفن في[/FONT][FONT=&quot]نفس المغارة التي أصبحت مدفناً لعائلته. فإسحاق دفن فيها حسبما جاء في الإصحاح[/FONT][FONT=&quot]الخامس والثلاثون من سفر التكوين، كما نقل جثمان يعقوب ابن اسحاق من المكان الذي[/FONT][FONT=&quot]مات فيه وهو ما كان يدعى مصرايم في ذلك الوقت، ودفن في نفس المغارة. مما يؤكد أن[/FONT][FONT=&quot]المسافة بين مصرايم وبين مغارة المقفلة غير بعيدة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو كان يوسف عند فراعنة أرض[/FONT][FONT=&quot]الكنانة ومغارة ابراهيم في فلسطين الحالية، لاستحال نقل جثة رجل ميت على عربة تجرها[/FONT][FONT=&quot]الحيوانات في رحلة تمتد لعدة أيام وأسابيع عبر أراضي مصر الحالية ثم شبة جزيرة[/FONT][FONT=&quot]سيناء وصحراء النقب لتصل إلى مغارة في جبال القدس[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهكذا يتضح أن قراءة متأنية[/FONT][FONT=&quot]للقرآن الكريم ولكتاب التكوين المقدس لدى اليهود، يظهر أن ابراهيم يستحيل أن يكون[/FONT][FONT=&quot]في العراق ومنها ذهب إلى فلسطين، ولكنه كان قرب المدينة وخرج منها للنجاة بنفسه ومن[/FONT][FONT=&quot]معه من الحرق بالنار، متوجهاً "إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا[/FONT][FONT=&quot]لِلْعَالَمِينَ.(الأنبياء:71)" وأنه عاش بالقرب منها ومات وعاش أبناؤه من بعده[/FONT][FONT=&quot]فيها، وحتى يعقوب الذي انتقل إلى مصارئيم، المستعمرة المصرية، للعيش مع ابنه يوسف،[/FONT][FONT=&quot]كان غير بعيد عن المكان الذي عاش فيه والده اسحاق وجده ابراهيم، ولذلك أوصى بأن[/FONT][FONT=&quot]يدفن في نفس المغارة التي دفنا فيها[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولا يفواتنا أن نذكر أن كتب اليهود[/FONT][FONT=&quot]المقدسة تذكر أن إسماعيل ابن ابراهيم قد سكن فاران: وسكن في برية فاران.وأخذت له[/FONT][FONT=&quot]امه زوجة من ارض مصر.( التكوين: 21:21[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وأن موسى وبني إسرائيل كانوا فيها[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]فارتحل بنو اسرائيل في رحلاتهم من برية سيناء فحلت السحابة في برية فاران[/FONT][FONT=&quot]. ([/FONT][FONT=&quot]العدد:10:12[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ومثله: وبعد ذلك ارتحل الشعب من حضيروت ونزلوا في برية[/FONT][FONT=&quot]فاران.(العدد:16:12[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ومثله: فارسلهم موسى من برية فاران حسب قول الرب.كلهم رجال[/FONT][FONT=&quot]هم رؤساء بني اسرائيل.(العدد:3:13[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وفاران كما يقول ياقوت الحموي في معجم[/FONT][FONT=&quot]البلدان هي: كلمة عبرانية معربة: وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة، قيل: هو اسم[/FONT][FONT=&quot]لجبال مكة، قال ابن ماكولا: أبو بكر نصر بن القاسم بن قُضاعة القضاعي الفاراني[/FONT][FONT=&quot]الإسكندراني سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز. أهـ[/FONT]
[FONT=&quot]والآن[/FONT][FONT=&quot]سنعود إلى كتاب الله ونتدبر الآية التي يزعم المفسرون أنها دليل على الإسراء[/FONT][FONT=&quot]والمعراج، لتكون كلمة الفصل في الموضوع، فإن كانت تتحدث فعلاً عن الإسراء والمعراج[/FONT][FONT=&quot]فهما حق والإيمان بهما واجب، برغم كل تحليلاتنا السابقة، وإن كانت بخلاف ذلك فعلينا[/FONT][FONT=&quot]تنزيه كتاب الله من أساطير المفسرين[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]............................................................................. [/FONT]
[FONT=&quot]ماذا يقول القرآن الكريم عن الإسراء[/FONT]
[FONT=&quot]السورة إسمها في عهد الصحابة كان سورة[/FONT][FONT=&quot]بني إسرائيل، ولازال هذا اسمها في تفسير سفيان الثوري وابن عباس، ولكن عندما جاء[/FONT][FONT=&quot]مفسروا القرون اللاحقة مثل القرطبي والطبري وابن كثير سموها سورة الإسراء، لأن قصة[/FONT][FONT=&quot]الإسراء كانت قد انتشرت بين الناس. وقد أورد البخاري حديثاً برقم (4874) يؤكد إسمها[/FONT][FONT=&quot]الأول، وهذا نصه: حدّثنا آدمُ حدثنا شُعبةُ عنْ أبي إسحاقَ قال: سمعتُ عبدَ الرحمن[/FONT][FONT=&quot]بن يَزيدَ سمعت ابنَ مسعود يقول في بني إسرائيلَ والكَهْفِ ومريم وطه والأنبياء[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]إنهنُ من العِتاق الأول، وهُن مِن تِلادِي[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]والسورة سميت ببني إسرائيل لأن[/FONT][FONT=&quot]الآيات الأولى منها تستعرض تاريخ بني إسرائيل بصورة إجمالية وسريعة[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT]
[FONT=&quot]بسم الله[/FONT][FONT=&quot]الرحمن الرحيم. سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ[/FONT][FONT=&quot]الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ[/FONT][FONT=&quot]مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ. وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ[/FONT][FONT=&quot]وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي[/FONT][FONT=&quot]وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ[/FONT][FONT=&quot]مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً. فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا[/FONT][FONT=&quot]بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ[/FONT][FONT=&quot]الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ[/FONT][FONT=&quot]عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ[/FONT][FONT=&quot]نَفِيراً. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا[/FONT][FONT=&quot]فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ[/FONT][FONT=&quot]الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ[/FONT][FONT=&quot]تَتْبِيراً. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا[/FONT][FONT=&quot]جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً. (بني إسرائيل:1-8[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويقول بعض المفسرين أنها[/FONT][FONT=&quot]سورة مكية، بينما يستثني القرطبي والشوكاني وغيرهم، الآيات: 60، 76، 80، 107 على[/FONT][FONT=&quot]أنها نزلت في المدينة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وبطبيعة الحال هناك سور نزلت بالكامل في مكة وأخرى نزلت[/FONT][FONT=&quot]بالكامل في المدينة، وهناك آيات من سورة نزلت في مكة وآيات أخرى من نفس السورة نزلت[/FONT][FONT=&quot]في المدينة، ولكن لا يوجد ضوابط محددة اتفق عليها المفسرون والمحدثون والفقهاء يركن[/FONT][FONT=&quot]لها لتحديد الآيات التي نزلت في مكة والآيات التي نزلت في المدينة. وليس هناك سجل[/FONT][FONT=&quot]مكتوب في عهد الرسول، يسجل متى وأين نزلت الآيات، وكل ما يقوله رجال الدين عن مكان[/FONT][FONT=&quot]نزول الآيات هو إجتهادات شخصية محضة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وبعيداً عن إجتهادات المفسرين، يمكن[/FONT][FONT=&quot]ملاحظة بعض الخصائص الملازمة للآيات المكية وأخرى ملازمة للآيات المدنية، ومن ذلك[/FONT][FONT=&quot]أن السور المكية تذكر الأمم السابقة وما حل بها، وتدعوا لوحدانية الله والتفكر في[/FONT][FONT=&quot]مخلوقاته الدالة على تلك الوحدانية، وعلى قدرته سبحانه على إعادة الخلق وإمكانية[/FONT][FONT=&quot]البعث[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]كما أن الآيات المكية تؤكد على الصبر على الشدائد، وتدعوا الرسول للصبر[/FONT][FONT=&quot]والإكثار من تسبيح الله والصلاة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وكل آية فيها وعيد لشخص من قريش ولو لم يذكر[/FONT][FONT=&quot]بالإسم فهي مكية[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وكل الآيات التي ذكر فيها الحور العين والتي تصور ملذات الجنة[/FONT][FONT=&quot]بصور مماثلة لما في الدنيا كالخمر فهي مكية. إضافة لخصائص أخرى[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]أما الآيات[/FONT][FONT=&quot]المدنية فمن خصائصها أنها تتحدث عن بني إسرائيل وتخاطبهم، كما تخاطب من قالوا بأنهم[/FONT][FONT=&quot]نصارى. وكل الآيات التي تتحدث عن عيسى ابن مريم وأمه فهي مدنية[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وكل الآيات[/FONT][FONT=&quot]التي تتحدث عن المنافقين، ومثلها آيات الحدود، والآيات التي فيها تشريع أو ذكر فيها[/FONT][FONT=&quot]الصيام والحج والجهاد[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهناك مواضيع ذكرت في آيات مكية، ومن ذلك الصلاة والزكاة[/FONT][FONT=&quot] ([/FONT][FONT=&quot]الإنفاق[/FONT][FONT=&quot]). [/FONT]
[FONT=&quot]والآيات الثمان الآولى من سورة بني إسرائيل تتحدث عن بني إسرائيل[/FONT][FONT=&quot]ولذلك فهذه الآيات مدنية، كما أن السورة تعود في آخرها للحديث عن بني إسرائيل كما[/FONT][FONT=&quot]بدأت، وذلك في الآيات (101-104) فتكون تلك الآيات مدنية آيضاً[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ولكن هل الآية[/FONT][FONT=&quot]الآولى مدنية؟ أم أن السورة بدأت بآية واحدة نزلت في مكة ثم نزلت الآيات السبع[/FONT][FONT=&quot]التالية في المدينة؟[/FONT]
[FONT=&quot]والمتدبر لآيات القرآن الكريم يلاحظ أنه لا يوجد في كتاب[/FONT][FONT=&quot]الله سورة واحدة من سوره المائة والأربعة عشر تبدأ بالحديث عن موضوع في الآية[/FONT][FONT=&quot]الأولى ثم تنتقل في الآية رقم إثنين لموضوع آخر، على الإطلاق، إلا ما يكون من أمر[/FONT][FONT=&quot]الحروف الإنفرادية التي تبدأ بها بعض السور، مثل: ألم، طسم: الر...ونحوها، أو تلك[/FONT][FONT=&quot]السور التي تبدأ بقسم، وكل هذه البدايات لا تتحدث عن موضوع بل هي إفتتاح للسورة،[/FONT][FONT=&quot]ومن ذلك إفتتاح سورة الحجر والتي تبدأ بقوله تعالى: الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ[/FONT][FONT=&quot]وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ.(الحجر:1) قبل أن تتبع بالآيات التالية: رُّبَمَا يَوَدُّ[/FONT][FONT=&quot]الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ. ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ[/FONT][FONT=&quot]وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.(الحجر:2-3[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فهل[/FONT][FONT=&quot]سورة بني إسرائيل هي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تبدأ بالحديث عن موضوع[/FONT][FONT=&quot]هام جداً وغير إعتيادي، كالإسراء، وبشكل مقتضب جداً، ثم تنتقل الآية الثانية وما[/FONT][FONT=&quot]بعدها لموضوع آخر ولا تعود للحديث عن الموضوع الذي بدأته في الآية الأولى أبداً، بل[/FONT][FONT=&quot]إن جميع آيات القرآن الكريم والبالغ عددها (6236 آية) لا تتحدث عنه أبداً، في الوقت[/FONT][FONT=&quot]الذي نزلت فيه الآيات القرآنية للحديث بالتفصيل عن مواضيع أقل شأنناً من الإسراء[/FONT][FONT=&quot]بكثير، وفي مواضع متعددة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]هذا لو افترضنا أن الآية الأولى منفصلة عن الآيات[/FONT][FONT=&quot]السبع التي تليها، كما يزعم المفسرون، وهذا ما تعارض مع كل الشواهد التي أوردناها[/FONT][FONT=&quot]في نقاشاتنا السابقة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويتبقى إحتمال أن تكون الآية الآولى في السورة تتحدث عن[/FONT][FONT=&quot]نفس الموضوع الذي تتحدث عنه الآيات التي تليها مثلها في ذلك مثل بقية سور القرآن[/FONT][FONT=&quot]العظيم بلا استثناء. وهذا ما يعطينا الحق بمناقشة هذا الإحتمال؟[/FONT]
[FONT=&quot]ولو فعلنا[/FONT][FONT=&quot]فسنجد أن الآية تنص على أنه كان هناك إسراء لعبد من عبيد الله، وتم الإسراء من[/FONT][FONT=&quot]المسجد الحرام الذي لا يوجد مسجد حرام غيره والذي هو في مكة، وأن الإسراء، وهو[/FONT][FONT=&quot]السير في جنح ظلام الليل، قد تم إلى المسجد الأقصى الذي بورك حوله، وكان الهدف من[/FONT][FONT=&quot]الإسراء هو أن يري الله سبحانه ذلك العبد بعضاً من الآيات، أو المعجزات الحسية،[/FONT][FONT=&quot]يقول تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم. سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً[/FONT][FONT=&quot]مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا[/FONT][FONT=&quot]حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.(بني[/FONT][FONT=&quot]إسرائيل:1[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]بينما تتحدث الآيات السبع التالية عن موسى ورسالته ثم عن بني[/FONT][FONT=&quot]إسرائيل وما تعرضوا له خلال تاريخهم باختصار شديد، وكأنه إجمال لكل ما ذكر بالتفصيل[/FONT][FONT=&quot]عنهم في العديد من سور القرآن، والذي ذكرنا جانباً منه في باب موقف بني إسرائيل من[/FONT][FONT=&quot]الدين. يقول تعالى: وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي[/FONT][FONT=&quot]إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا[/FONT][FONT=&quot]مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ[/FONT][FONT=&quot]فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً[/FONT][FONT=&quot]كَبِيراً. فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا[/FONT][FONT=&quot]أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً[/FONT][FONT=&quot]مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم[/FONT][FONT=&quot]بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً. إِنْ أَحْسَنتُمْ[/FONT][FONT=&quot]أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ[/FONT][FONT=&quot]الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ[/FONT][FONT=&quot]أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً. عَسَى رَبُّكُمْ أَن[/FONT][FONT=&quot]يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ[/FONT][FONT=&quot]حَصِيراً.(بني إسرائيل:2-8[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وموسى عليه الصلاة والسلام ولد في بلد يحكمها[/FONT][FONT=&quot]فرعون، واسمها مصر. فإذا لم تكن مصر إسماً لبلاد النيل أو جزء من تلك البلاد، في[/FONT][FONT=&quot]عصر الفراعنة، وإذا كان الفراعنة لم يذكروا في كتاباتهم ذلك الفرعون الذي غرق ولا[/FONT][FONT=&quot]بني إسرائيل الذين هربوا مع موسى من البلاد، وهذ حقيقة ثابتة، أفلا تكون مصر التي[/FONT][FONT=&quot]وردت في القرآن الكريم " مصراييم " كما وردت في كتب اليهود، مستعمرة لبلاد النيل،[/FONT][FONT=&quot]ويحكمها فرعون، أو حاكم من قبل حكام مصر الفراعنة، كما يؤكد ذلك العديد من علماء[/FONT][FONT=&quot]الأثار، ومنهم كمال الصليبي في كتبه التي سبق ذكرها، والتي يقول فيها بأن تلك[/FONT][FONT=&quot]المستعمرة تقع في جنوب عرب جزيرة العرب. ويكون يوسف قد وجد في بئر في البلاد التي[/FONT][FONT=&quot]سكنها ابراهيم والتي سبق وقلنا بأنها تقع إلى الشرق من القنفذة، وقد باعه من وجده[/FONT][FONT=&quot]في المستعمرة الفرعونية " مصر " وهناك نشأ والتحق به والده وإخوانه، وتناسلوا، ومن[/FONT][FONT=&quot]أحفادهم ولد موسى عليه الصلاة والسلام[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الشواهد القرآنية أن يوسف كان في[/FONT][FONT=&quot]جنوب غرب جزيرة العرب وليس في بلاد النيل، قصة تفسير يوسف للحلم الذي رآه الملك،[/FONT][FONT=&quot]ومنه قوله تعالى: قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ[/FONT][FONT=&quot]فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن[/FONT][FONT=&quot]بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً[/FONT][FONT=&quot]مِّمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ[/FONT][FONT=&quot]النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ.(يوسف:47-49[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فأرض مصر لا تعتمد على المطر،[/FONT][FONT=&quot]ولكنها تعتمد على جريان نهر النيل في زراعتها، ولذلك فلا ينتظر الناس الغيث لكي[/FONT][FONT=&quot]يزرعون وليس لديهم ما يعرف بالزراعة البعلية المشهورة حتى اليوم في جنوب غرب جزيرة[/FONT][FONT=&quot]العرب والتي تعتمد على مياه المطر، فإن أغيث الناس بالمطر زرعوا وعصروا زيوتهم، وإن[/FONT][FONT=&quot]احتبس المطر فلا زراعة ولا عصر[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الشواهد أيضاً أن الآرض التي عاش فيها يوسف[/FONT][FONT=&quot]كانت تعتمد على الرعي وليس على الزراعة، وبلاد النيل تعتمد على الزراعة وتربية[/FONT][FONT=&quot]الحيوانات تتم فيها إعتماداً على زراعة الأعلاف. ويوسف ألقي في بئر، أي مورد ماء[/FONT][FONT=&quot]يرده المسافرون، وأرض مصر تعتمد على النيل للتزود بالماء وليس هناك أبار، كموارد[/FONT][FONT=&quot]للمياه، يردها المسافرون، ولو كان يوسف وإخوته يعيشون في بلاد النيل لتم التخلص منه[/FONT][FONT=&quot]بطريقة تتوائم مع بيئة بلاد النيل وليس مع ما يتوائم وبيئة بدوية تناسب تهامة عسير[/FONT][FONT=&quot]أو شرق جبال عسير[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الشواهد أيضاً قوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ[/FONT][FONT=&quot]مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا[/FONT][FONT=&quot]تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ[/FONT][FONT=&quot]الْمُرْسَلِينَ.(القصص:7[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]واليم يعني البحر، وأهل مصر إلى اليوم يسمون النيل[/FONT][FONT=&quot]بحراً، لأنه متسع، وكذلك يسمي العراقيون نهر دجلة والفرات بالبحر. لأنه يمكن إطلاق[/FONT][FONT=&quot]اليم تجاوزاً على وادي المياه المتسع، وهذا ينطبق على بعض أودية حنوب غرب جزيرة[/FONT][FONT=&quot]العرب والتي تنحدر باتجاه الشرق، ومنها وادي بيشة الذي يزيد إتساعه عن إتساع نهر[/FONT][FONT=&quot]النيل في بعض أجزائه، والذي كانت مصراييم تقع على جانبه، كما يؤكد الدكتور كمال[/FONT][FONT=&quot]الصليبي في كتابيه: التوراة جاءت من جزيرة العرب[/FONT][FONT=&quot] & [/FONT][FONT=&quot]خفايا التوراة. ووادي بيشة[/FONT][FONT=&quot]كانت المياه تجري فيه طوال العام، بل لازالت بعض المجاري الصغيرة تجري فيه اليوم،[/FONT][FONT=&quot]والتي تسمى محلياً (غيل، وعيول[/FONT][FONT=&quot]). [/FONT]
[FONT=&quot]وعندما هرب موسى من فرعون لقتله رجل من عدوه،[/FONT][FONT=&quot]لجأ إلى مدين القريبة. ولو كان قد هرب من قرب الأهرامات إلى إتجاه شبه جزيرة سيناء،[/FONT][FONT=&quot]فسيكون خياره، بعد إجتيازها، الذهاب إلى فلسطين حيث وفرة المياه والزراعة والحياة[/FONT][FONT=&quot]المستقرة المشابهة للحياة التي اعتادها في بلاد النيل، ولن يتجه إلى داخل فيافي[/FONT][FONT=&quot]جزيرة العرب الموحشة والمقفرة والمعدومة المياه، حيث مدين، الإسم الحديث الذي يطلق[/FONT][FONT=&quot]على منطقة غرب تبوك الحالية، والتي كانت مقفرة حتى على أيام موسى، ومرتعاً للسلب[/FONT][FONT=&quot]والنهب الذي يمارسه البدو على من يعبر تلك المناطق، ولم تكن مدين التي ذكرت في[/FONT][FONT=&quot]القرآن على أنها بلد قوم شعيب، لأن القرآن الكريم يؤكد أن قوم شعيب كانوا مستقرين[/FONT][FONT=&quot]في قرية: قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ[/FONT][FONT=&quot]يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي[/FONT][FONT=&quot]مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ.(الأعراف:88[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]بينما لا يوجد أي[/FONT][FONT=&quot]شواهد أثرية لحياة مستقرة في المنطقة التي تسمى الآن بمدين، والواقعة شمال غرب[/FONT][FONT=&quot]جزيرة العرب[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون موسى قد خرج من مصراييم، تلك البلدة التي يحكمها فرعون في[/FONT][FONT=&quot]وادي بيشة، خائفاً، ولم يكن يحمل متاعاً وزاداً لسفر طويل: فَخَرَجَ مِنْهَا[/FONT][FONT=&quot]خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ[/FONT][FONT=&quot]الظَّالِمِينَ.(القصص:21[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وسلك درباً يوصل إلى بئر في بلاد مدين القريبة[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء[/FONT][FONT=&quot]السَّبِيلِ.(القصص: 22[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وقد وصلها موسى دون إبطاء، ووجد أن الرعاة يسقون[/FONT][FONT=&quot]دوابهم، حيث سقى لفتاتين لم تستطيعا مزاحمة الرجال، ثم استظل بظل شجرة قريبة من[/FONT][FONT=&quot]البئر ليستريح ويفكر في مستقبله وأين يذهب: وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ[/FONT][FONT=&quot]عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ[/FONT][FONT=&quot]تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء[/FONT][FONT=&quot]وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ[/FONT][FONT=&quot]رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.(القصص: 23-24[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]عندما عادت إليه إحدى الفتاتين تطلب منه أن يلحق بها إلى بيتها لأن والدها وافق[/FONT][FONT=&quot]على استضافته، وعادة أن تستضيف المرأة رجلاً عابراً، معروفة إلى عهد قريب في جنوب[/FONT][FONT=&quot]غرب جزيرة العرب ولا زالت في بلاد اليمن: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى[/FONT][FONT=&quot]اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا[/FONT][FONT=&quot]فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ[/FONT][FONT=&quot]الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.(القصص:25[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وقد وافق موسى للعمل لدى الشيخ الطاعن في[/FONT][FONT=&quot]السن لعدد من السنين مقابل أن يتزوج بإحدى بناته: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ[/FONT][FONT=&quot]اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ. قَالَ[/FONT][FONT=&quot]إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي[/FONT][FONT=&quot]ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ[/FONT][FONT=&quot]أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ.(القصص:26-27[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وبعد إنقضاء المدة غادر تلك الأرض ومعه زوجته، ولم تكن وجهته موطنه الأصلي الذي[/FONT][FONT=&quot]هرب منه، لأنه لا يستطيع الذهاب إلى هناك خوفاً من العقاب الذي ينتظره، فاتجه إلى[/FONT][FONT=&quot]مكان آخر[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]أفلا يكون موسى عندما غادر بئر مدين مع زوجه، قد ذهب لأداء الحج في[/FONT][FONT=&quot]مكة وزيارة بيت الله الحرام، ومن ثم خرج من هناك باتجاه موطن جده إبراهيم وخاصة[/FONT][FONT=&quot]مسجده، الذي اتخذه ليصلي فيه، والذي يمكن أن يكون هو مصلى ابراهيم الذي في جبل[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم الذي اشرنا إليه. ولابد أن مسيره من مكة كان عبر تهامة، وهو ما سيتضح في[/FONT][FONT=&quot]الأسطر القادمة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وفي إحدى الليالي قرر مواصلة المسير في الليل، بإلهام خفي من[/FONT][FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى، عندما شاهد ناراً فترك زوجته وذهب باتجاه النار: فَلَمَّا[/FONT][FONT=&quot]قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً[/FONT][FONT=&quot]قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا[/FONT][FONT=&quot]بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.(القصص:29[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]وكانت النار أسفل الطور، أو الجبل المشجر، كما يقول صاحب لسان العرب. وهو وصف[/FONT][FONT=&quot]لجبال جنوب غرب جزيرة العرب، خاصة في جهتها الغربية من ناحية تهامة، أكثر منه[/FONT][FONT=&quot]للجبال الجرداء في شمال غرب الجزيرة حيث مدين الحالية[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]فَلَمَّا أَتَاهَا[/FONT][FONT=&quot]نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ[/FONT][FONT=&quot]الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.(القصص:30[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]فمناداة الله جل وعلى لموسى حدثت بالقرب من شجرة على حافة أحد الأودية المنحدرة[/FONT][FONT=&quot]من الطور، وقد يكون ذلك الوادي تجري فيه المياه، مثل الكثير من أودية عسير، والتي[/FONT][FONT=&quot]تجري فيها المياه لشهور عدة في السنة حتى في هذا العصر الأقل مطراً، مما كان عليه[/FONT][FONT=&quot]قبل أربعة آلاف سنة[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهناك تلقى موسى آيات (معجزات) ربه: وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ[/FONT][FONT=&quot]فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ[/FONT][FONT=&quot]يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ. اسْلُكْ يَدَكَ فِي[/FONT][FONT=&quot]جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ[/FONT][FONT=&quot]الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ[/FONT][FONT=&quot]إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ.(القصص:31-32[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون موسى قادم من تهامة[/FONT][FONT=&quot]باتجاه جبال السروات (الطور) التي تقف بانحدار شديد، في طريقه لمصلى ابراهيم الواقع[/FONT][FONT=&quot]في الجبال التي أمامه، عندما شاهد النار. وتهامة قليلة السكان وأهلها رحل، ولذلك[/FONT][FONT=&quot]كانت رؤية النار شيئ ملفت للإنتباه، كما أنه إستطاع رؤيتها من بعيد، لأن الأرض ليست[/FONT][FONT=&quot]معقدة التضاريس. ولو كان موسى قد قدم من مكة إلى مصلى ابراهيم عبر الطرق الجبلية،[/FONT][FONT=&quot]لكان الطريق يمر بمجمعات المزارعين، لأن المنطقة زراعية وأهلها مستقرون ولن يلفت[/FONT][FONT=&quot]نظره رؤية نيرانهم الواحدة تلو الأخرى[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]ويكون الله سبحانه وتعالى قد أسرى بموسى[/FONT][FONT=&quot]في ليلة من الليالي عندما كان في طريقه من المسجد الحرام إلى المسجد الذي اتخذه[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم في حياته مصلى له في جبل ابراهيم الحالي، وهو مسجد قصي بالنسبة لمكة، لأن[/FONT][FONT=&quot]الوصول إليه يحتاج لعدة أيام. وفي تلك الليلة قرر موسى السير ليلاً (يقال أَسْرَيْت[/FONT][FONT=&quot]وسَرَيْت إِذا سِرْت لـيلاً ) عندما رأى النار بالقرب من سفح الجبل الكثير الشجر[/FONT][FONT=&quot]حيث كلمه الله سبحانه وتعالى وأراه من آياته[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وتكون سورة بني إسرائيل بدأت[/FONT][FONT=&quot]بالحديث عن موسى وما حدث له في ليلة من الليالي وهو في طريقه من مكة إلى موطن جده[/FONT][FONT=&quot]ابراهيم: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ[/FONT][FONT=&quot]الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ[/FONT][FONT=&quot]مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.(بني إسرائيل:1[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تكمل[/FONT][FONT=&quot]الآيات التالية الحديث عن موسى وبني إسرائيل: وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ[/FONT][FONT=&quot]وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي[/FONT][FONT=&quot]وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT][FONT=&quot]وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ[/FONT][FONT=&quot]مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً. فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا[/FONT][FONT=&quot]بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ[/FONT][FONT=&quot]الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ[/FONT][FONT=&quot]عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ[/FONT][FONT=&quot]نَفِيراً. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا[/FONT][FONT=&quot]فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ[/FONT][FONT=&quot]الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ[/FONT][FONT=&quot]تَتْبِيراً. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا[/FONT][FONT=&quot]جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً.(بني إسرائيل: 2-8[/FONT][FONT=&quot])[/FONT][FONT=&quot]<?xml:namespace prefix = o /><o:p></o:p>[/FONT]

[FONT=&quot]<o:p></o:p>[/FONT][/RIGHT]

[FONT=&quot]وختاماً نشير إلى أن الرواة اعتمدوا على الآية الأولى في سورة بني إسرائيل للحديث[/FONT][FONT=&quot] ليس فقط عن الإسراء ولكن أيضاً عن المعراج، برغم أن الآية لم يأت فيها ذكر للمعراج، الذي استرسل المفسرون في الحديث عنه أكثر مما تحدثوا عن الإسراء[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
[FONT=&quot]وهناك موضعان في القرآن يستدل بهما، بتردد، على المعراج، لأن معناهما الحقيقي لا يدل على ذلك، وهما: [/FONT]
[FONT=&quot]الآية الستين من سورة بني إسرائيل: وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً. [/FONT]
[FONT=&quot]ووجه الإستدلال يحدثنا به القرطبي في تفسيره للآية فيقول: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، سُئِل عن قوله وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التي أرَيْناكَ إلاَّ فتْنَةً للنَّاسِ قال: هي رؤيا عين رآها النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به. أي أن الآية تشير إلى ما رآه الرسول في السماوات. [/FONT]
[FONT=&quot]والإستدلال الثاني هو في الواقع بثلاث آيات من سورة النجم، وهي قوله تعالى: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى.(النجم:8-10) [/FONT]
[FONT=&quot]ووجه الإستدلال يحدثنا به القرطبي أيضاً فيقول: حدثنا يحيى بن الأمويّ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن ابن عباس ثُمَّ دَنا فَتَدَلَى قال: دنا ربه فتدلىّ. [/FONT]
[FONT=&quot]حدثنا الربيع، قال: ثنا ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج جبرائيل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة، ثم علا به بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار ربّ العزّة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله إليه ما شاء، فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كلّ يوم وليلة، وذكر الحديث. إنتهى [/FONT]
[FONT=&quot]ولو سلمنا بهذا التجديف على الله تبارك وتعالى فسنتصور كيف أن الله جل جلاله قد تدلى بشكل بهلواني ليقترب من محمد ويتحدث معه ( تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً). والآية الستين من سورة بني إسرائيل لا يمكن الإستدلال بها على تلك القصص الخيالية عن رحلة مزعومة لمحمد، لم يعلم بها في حياته ولم يحدّث بها. [/FONT]
[FONT=&quot]ويبقى الخيار بين أن نصدق أن الله ليس كمثله شيئ وأنه أعظم من أن يراه بشر أو يحادثه أو يصل إلى مكانه، وأن الوحي وصل لمحمد بنفس الطريقة التي وصل بها إلى كل الرسل قبله، وبواسطة أحد الملائكة الذي لديه القدرة على نسخ الوحي في ذاكرة الرسول على شكل نصوص بلغة الرسول، دون أن يكون هناك حاجة أن ننظر للرسول على أن لديه قدرات فوق بشرية على الإطلاق، لأن الله يؤكد أن الرسول ما هو إلا بشر عادي تماماً، لا يستطيع الرقي للسماء: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً.(بني إسرائيل: 93) [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه الآية التي تنفي أن يكون الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه قد عرج به للسماء نزلت بعد الآية الأولى في السورة والتي يزعم المفسرون أنها تفيد الإسراء والمعراج بمحمد، ولم يكلف أحد من المفسرين أو الفقهاء أو المحدثين نفسه عناء التوقف والتفكير في أنه لو كان الرسول قد أسري وعرج به للسماء فكيف تأتي هذه الآية لتنفي ذلك نفياً قاطعاً لا مرية فيه. [/FONT]
[FONT=&quot]أما الخيار الثاني فهو أن نتعامى عن كل ما سبق ونصدق ما نسجته مخيلة الرواة الذين نقل عنهم المفسرون والمحدثون وظن الناس أنه من عند الله " وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.(آل عمران:78) [/FONT]

[FONT=&quot]وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين [/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]