أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   المعتزلة | الأشعرية | الخوارج (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=39)
-   -   الافتراء على أبي هريرة بقلم: د. جابر قميحة (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=11226)

أبو دجانة السيوطي 2010-07-13 06:58 PM

الافتراء على أبي هريرة بقلم: د. جابر قميحة
 
الافتراء على أبي هريرة
[12/07/2010][17:43 مكة المكرمة]

د. جابر قميحة

بقلم: د. جابر قميحة



كمدخلٍ لهذا الموضوع أُسجِّل السطور الآتية:

- أشكر من أعماقي أستاذنا الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، فقد سبقني إلى الدفاع عن الصحابي الجليل أبي هريرة.



- إن بعض مَن كتبوا عن "محمود أبو رية" خلطوا بين "المجاهد الجليل الشيخ محمود أبو رية" ابن قرية ميت خميس القريبة من المنصورة، وبين الدعي المفتري "محمود أبو رية" كما نجد في النص التالي: "أصبتُ بالدهشة العميقة والألم الشديد لمَّا رأيت الإخوان يُثنون على محمود أبي رية عدو أبي هريرة اللدود، بل يصفونه بأنه ثمرة يانعة من ثمار دعوة الإخوان المسلمين، بل وبالداعية المجاهد، ووصلتُ إلى قناعةٍ واضحةٍ أن الإخوان لا يبالون أن يكون المنتمي إليهم طعانًا في دين الله، رافضيًّا أو جهميًّا.. المهم أن يكون صاحب أجندة إخوانية وبعدها سلامٌ على القرآن والسنة وعلى الصحابة، وأنا أذكر صراخ الإخوان في تحذير الناس من الغزو الفكري، ولكني أوقن اليوم أن غزوًا فكريًّا خطيرًا يبدو ضد مَن يحذر منه، وهو الغزو الجهمي والصوفي والاعتزالي الذي اخترق حزبهم وصار أئمة الضالين ودعاة الجهمية والاعتزال من أعلام الإخوان المسلمين".



*****

أما المشهد الذي رأيته بعينيَّ فكان أول الخمسينيات أمام مكتبة عبد الله الخطيب بميدان المحطة بالمنصورة، وكنت من زبائنه الدائمين، فأمام المكتبة كان يقف شيخ نحيل شاحب الوجه يرتدي "قفطانًا وجبة"، وأخذني العجب والاستغراب حين قدَّم لي نفسه بالعبارة الآتية التي (ما زلتُ أذكرها حرفيًّا):



- أنا الأديب محمود أبو رية، لي صلات دائمة بأديب العربية مصطفى صادق الرافعي.



*****

ومحمود أبو رية هذا شيخ مصري لم يُكمل تعليمه الأزهري، وأخفق في الحصول على الثانوية الأزهرية، بدأ نشاطه التأليفي بكتابٍ تافه جدًّا سماه (أضواء على السنة المحمدية)، والكتاب مشحون بالأكاذيب والأغاليط، وقد احتضنه بعض الأدعياء، ولكن الكِتَاب لم يحقق لأبي رية الشهرة التي ينشدها، فأراد أن يتقدم خطوات غير مشروعة؛ لتحقيق مزيدٍ من الشهرة، وقد رأى كيف سلطت الأضواء على "علي عبد الرازق"- القاضي الذي كان مجهولاً مغمورًا- إلى أن خرج على المسلمين بكتابه الحقير الذي أنكر فيه الحاكمية في الإسلام، وكثيرًا من القيم الإسلامية، وسمَّى كتابه (الإسلام وأصول الحكم).. ورأى كيف استقطب "طه حسين" أضواء الشهرة بكتابه عن الشعر الجاهلي الذي أنكر فيه وجود إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام؟



رأى "أبو رية" ذلك فأراد أن يُحقق من الشهرة أقصى درجاتها، فكتب كتابه (شيخ المضيرة: أبو هريرة).. وفي الكتاب- بل كل الكتاب- طعن في الصحابي الجليل، بل الإسلام ورسوله، كما سنرى.



ولسنا في مقام الردِّ الشامل على هذا الكتاب أو الكتاب الذي أصدره قبله، فهناك كتب كثيرة تصدت لتفنيد كل ما جاء في الكتاب الأخير بصفةٍ خاصة، ومن أهم هذه الكتب كتاب الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي"، وكتاب الأستاذ عبد الرحمن عبد الله الزرعي "أبو هريرة وأقلام الحاقدين".



ولكننا في هذه العجالة سنكتفي بنقل بعض العبارات من كتاب "أبي رية" (في طبعته الثالثة)؛ لنتبين منهجه في رسم صورة مشوهة للصحابي الجليل أبي هريرة، لنرى هل كان أبو رية هذا عالمًا مجتهدًا- كما ذهب بعضهم أو أحدهم: عنوان الكتاب يبين ابتداءً عن سوء قصد المؤلف؛ فالمضيرة لون من الطعام كان أبو هريرة يحبه- ولا عيبَ ولا حرمةَ في ذلك- فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يُحب من الطعام "الدباء ولحم الطير"، وتعاف نفسه أكل الضب، ووصف أبي هريرة- في عنوان الكتاب- بأنه شيخ المضيرة يعطي انطباعًا صارخًا بأنه عاش كأشعب الطفيلي، لا همَّ له إلا الطعام, فتشويه شخصية الصحابي الجليل هدف واضح من عنوان الكتاب.



ومن عبارات أبي رية في الكتاب- ونحن ننقلها بالنص:

"عاش (أبو هريرة) مجردًا من القيم والمبادئ، فعندما نشب القتال بين علي ومعاوية في صفين كان أبو هريرة يأكل على مائدة معاوية الفاخرة، ويصلي وراء علي، وإذا احتدم القتال لزم الجبل".

*****

عجبًا يا "أبا رية"!! وكأني بصفين التي طارت فيها الرءوس معركة تدور في أحد البيوت، لا في ميدان واسع الأرجاء، مترامي الأطراف!! وكيف كان أبو هريرة يجد من الوقت ما يمكنه من مشاركة معاوية في وجباته اليومية الخمس أو السبع- كما أحصاهن أبو رية (في كتابه ص 208)- ثم يستطيع أن يُدرك "عليًّا" ليصلي وراءه خمس صلوات؟



وهل كان علي- كرم الله وجهه- يعلم بذلك أم لا؟



وما قيمة الصلاة وراء علي، وقد نقل أبو رية حديثًا عن أبي هريرة نصه "الأمناء ثلاثة: بريل وأنا ومعاوية" (ص230). ألم يقتنع راوي الحديث بأن الصلاة وراء معاوية- وهو أحد الأمناء الثلاثة- أجدر وأحق من الصلاة وراء علي، أو- على الأقل- لا يقل فضلها عن الصلاة وراء علي؟؟.

*****



"وأبو هريرة لا يصلح لخوض غمرات الحروب وحمل السيوف بل كان جبانًا رعديدًا" (ص 72).



"وهو كذاب يحلف باليمين الغموس" (ص72).



"وهو مصاب بمركب النقص، فهو من أجل ذلك يسعى ليستكمل هذا النقص ويخلع عن نفسه إزار الخمول والضعة، ليستبدل به لبدة الأسد"!! (ص227).



"وهو مهين، استخفه أشره، ونم عليه أصله وطبعه، فخرج على حدود الأدب والوقار"!! (ص 241- 242).



*****

وأبو رية الذي يقطع بكذب كل مرويات "أبي هريرة" يسلم تسليمًا مطلقًا بما يحكي في كتب القصص والمجالس والمسامرات إذا كانت تخدم غرضه، وعلى سبيل التمثيل يذكر أن معاوية كان يأكل كلَّ يوم خمس أكلات، وآخرهن أغلظهن، ثم يقول "يا غلام: ارفع، والله ما شبعت، ولكن مللت"، وأنه أكل مرة عجلاً مشويًّا مع دشت من الخبز السميذ، وأربع خراف، وجديًا حارًّا، وآخر باردًا سوي الألوان!! (ص 208).



وهذا يعني أن معاوية كان يلتهم في الوجبة الواحدة، أو في اليوم الواحد، من اللحم فقط- ما لا يقل عن مائة كيلو جرام، أي ما يكفي لإشباع ثلاثمائة من البشر، أو خمسين أسدًا (في الوجبة الواحدة)!! ولو صدقنا "أبا رية" لكان معاوية من أشهر أصحاب "المعجزات"، والخوارق في التاريخ! نعم فمثل ذلك أكبر من أن يكون من قبيل الشراهة والنهم.



إن هذا الخبر الأخير- ومثله كثير- يكشف عن طبيعة "منهج الحياد والإنصاف" الذي ادعاه أبو رية، وكأنه لا إنصاف ولا حياد إلا بتجريح الصحابة والتهجم على قيم الإسلام.



ولنعد إلى "أبي هريرة" ونسأل "العالم المجتهد" أبا رية: أين كانت عبقرية رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو الحصيف البصير القدير على سبر أغوار النفوس- حتى يقرب إليه رجلاً "ممسوخ النفس والعقل والعقيدة" مثل أبي هريرة (كما صوره أبو رية)؟



وأعتقد أن أبا رية لو خلع على رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول أو أبي جهل ما خلعه على أبي هريرة من صفات لكان في ذلك غلو، وشطط، وإسراف.



*****

ولنترك ما خلعه "أبو رية" على من نقدره من أمثال الدكتور مصطفى السباعي، فقد سبَّه بقوله: "إنه عيير وحده في فنِّ الهجاء" (ص 30)، ووصفه لمحب الدين الخطيب بأنه "ناصبي جاهلي" (ص 30، 208). بل يرى في كل شيخ أزهري "مفتقرًا للنزاهة والعدل"! (ص 11).



لنترك كل أولئك لنرى "أدبه" مع رسول الله صلى الله عليه وسلم!! إنه لا يذكر اسمه مشفوعًا بالصلاة والسلام عليه إلا قليلاً جدًّا. ولكن دعك أيضًا من هذا؛ فقد يحتج للرجل بالنسيان "أو إغفال المطبعة، لننظر إلى بعض ما سجَّله في كتابه بالنص.



"... ولو أن النبي قد عهد إلى أبي هريرة وحده أن يكون راوية الإسلام للناس كافة لكنت أول كافر به، ولا أبالي" (ص 7).



والضمير في (به) يحتمل الرجوع إلى أبي هريرة، ويحتمل كذلك الرجوع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وفي كلتا الحالتين يكون الكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام- واردًا؛ وذلك رفض صريح لأمر الله الذي جاء في آيات كثيرة منها قوله تعالي: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7)﴾ (الحشر).



وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: من الآية 59).



وقوله تعالى ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)﴾ (النساء).



فالكفر بمن عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الكفر نفسه برسول الله بلا تفريق في الحالين، والكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامره، إنما هو كفر بالله سبحانه وتعالى وأوامره.



ومثل هذا الكتاب وغيره من إفرازات "محمود أبو رية" الذي يختلف تمامًا عن الشيخ أبي رية الإخواني إنما هو واحد من سلسلة كتب العلمانيين والمارقين الذين لا يرعون الله في أقوالهم أو أفعالهم.



﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)﴾ (الأنعام).

-----------

* [email]gkomeha@gmail.com[/email]


الساعة الآن »11:37 PM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة