أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   الفتاوى الشرعية (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   التشهير بالمعاصي و تتبع عورات الناس: تذكرة و موعظة! (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=57478)

فارووق 2015-07-31 10:28 AM

التشهير بالمعاصي و تتبع عورات الناس: تذكرة و موعظة!
 
التشهير بالمعاصي و تتبع عورات الناس: تذكرة و موعظة!


إن من أهم واجبات المسلم التفقه في الاسلام، فَكُلّ مسلم مُلْزَمٌ شرعا بِتَعَلُّمِ من يكفيه من الأحكام الشرعية من حلالٍ و حرامٍ ليستطيع تسيير شؤون حياته حسب ما يرضي ربه، فلا يجوز لمسلمٍ أن يغفل و لو لِلَحظةٍ أنه في هذه الحياة الدنيا عابر سبيل فقط الى دار البقاء و الخلود، خلود في جنة النعيم أو في نار الجحيم! و دار العبور هاته تحتاج الى زَادٍ من علمٍ و تقوى ليفلح فيها المسلم فيلقى ربه و هو راضٍ عنه فيدخله جنات الخلود! ... فمن لا يعرف حلال الله و حرامه لا يستطيع بداهة إقامة الاسلام!

و من الطوام العظام التي ابتلي بها بعض المسلمين اليوم و الناتجة عن الجهل بأحكام الاسلام هو فضح المسلم لنفسه بالجهر بما ارتكب من معاصي، و فضح المسلم لأخيه المسلم بتتبع عوراته و إفشاءها، ... فمثلاً ترى المسلم يجاهر و يتباهى أمام أصدقائه أنه زنى بفلانة أو قام معها بالفحش، .... و تجد مثلا المسلم يجهاهر بقضاء بعض مصالحه بدفع الرشوة، .... و تجد مثلا الزوج يسأل زوجته هل و مع من كانت لها قصص غرامية قبل زواجه بها، و هي لسذاجتها و جهلها تخبره إذا كان لها شيئ من ذلك، و تسأل الزوجة زوجها نفس الشيء و هو لجهله و سذاجته يخبرها بقصصه الغرامية إن كانت له قصص، و الأصل شرعا ألا يسأل أحدهم أسئلة من هذا النوع و ألا يجيب أحدٌ على أسئلة من هذا النوع، و أن يُزجر السائل و يُذَكَّر بأحكام الاسلام بخصوص أسئلة من هذا النوع! .....
بل و الأخطر من هذا كله هو انتشار آفة و طامة عظمى في السنوات الأخيرة، اقتبسها المسلمون من عند الغرب و قلدوه فيها، و هي الجهر بالمعاصي أمام ملايين الناس عبر برامج تلفزية، فتكاثرت البرامج التي يستضيف فيها جهلةٌ انتهازيون من الإعلاميين الناسَ ليسألوهم أمام ملايين المشاهدين و يناقشوهم عن أمور شخصية و معاصي ارتكبوها، فنجد الضيف يحكي مثلا عن قصصه الغرامية و عن أبناء زنا فيُشَهِّر بنفسه و بأطفالٍ لا ذنب لهم فيما اقترف أبويه، و يظن أنه يفعل خيرا بهذا التشهير و أنه بهذه الوسيلة يريد تعريف الأبناء بأبيهم أو أمهم البيولوجين، .... فيرتكب الى جانب معصية الزنا معصية التشهير بفعلته و معصية التشهير و فضح أبنائه امام العالمين! ...

فالمجاهرة بالمعاصي ليست صدقا و لا صراحة، بل هي رِجْزٌ من الشيطان يغوي به الجهلة بأحكام الاسلام فَيُزين لهم ذلك {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ (48)}(الأنفال)، و المُجاهِرين بالمعاصي و القائمين على البرامج التلفزية التي تستضيف المسلمين ليجهروا بمعاصيهم أمام الملأ، كلهم يرتكبون إثماً عظيما، فهم يساهمون في إشاعة الفاحشة و في تهوينِ ارتكاب المعاصي لذى الناس و جعلِ المجتمع يَأْلَف المعصية و يقبل بفعلها و فاعليها: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}(سورة النور)، ....

فنذكر المسلمين هنا بحرمة المجاهرة بالمعصية، إذ يقول نبيكم محمد عليه أزكى الصلوات و السلام: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"(صحيح البخاري)

و نُذَكِّر المسلمين أيضاً بأحكام شرعية هامة متعلقة بوجوب ستر المسلم عن أخيه المسلم و حرمة فضحه و تتبع عوراته، فهناك من يتلقف و يتتبع زلات المسلمين الغير متعلقة بحقوق العباد لِيُشَهِّرْ بها بين الناس، ... فنذكر بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم بخصوص ذلك: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"(صحيح مسلم)؛ و قال صلى الله عليه و سلم:*"يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"(جامع الترمدي)؛ .... و في رواية للإمام أحمد، قال رسول الله: "لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللَّهِ ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، طَلَبَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ"(مسند الامام أحمد)؛


و ننصح المسلمين الذين يسعون فعلا للصلح مع أقاربهم أو أصدقائهم ألا يلجؤوا الى البرامج التلفزية، فهذه ليست بالوسائل الصحيحة، فهي تعمد للفضح و الإثارة بقصد جلب أكبر عدد من المشاهدين و أكبر ربح تجاري ممكن، و بالتالي هذه الوسيلة الإعلامية من أجل "الاصلاح بين الناس" ليس مبتغاها رضوان الله، بل الربح المادي و جلب أنظار الناس و نيل إعجابهم، فلا بارك الله في إصلاحٍ ليس مبتغاه وجه الله!

فمن أراد الصلح نذكره بقول الله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}(النساء)؛ ...... {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)}(النساء)، فالإصلاح لا يكون بفضح المتخاصمين بعضهم لبعض، و لا بذكر المساوئ، و لا بتحكيم إعلاميين جهلة بينهم يفتونهم بغير ما أنزل الله ....، و لكن الإصلاح يكون في أجواء خاصة مغلقة ليس أمام الملأ و بوساطة بعض أهل الفضل و العلم بدين الله ليبينوا لطرفي الخصومة حدود الله و الحقوق الشرعية التي يجب أن تؤدى للتمكين من قلع اسباب الخصام، و ليبينوا لهم أجر و عظمة العفو عند الله، و ليذكروا طرفي الخصام بتواب الله و بعذابه! .....

فما أعظم و أحكم أن تُذَكِّر مثلا شخصا لا يريد العفو عمن أخطأ بحقه، تذكره بما قال الله سبحانه و تعالى ذكره للصديق ابي بكر رضي الله عنه حين حلف ألا ينفع ابن خالته الفقير مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بنافعة و أن يقطع عنه النفقة التي كان ينفق عليه بعدما قال مِسْطَح في عائشة ابنة ابي بكر و زوجة الرسول ما قال في حادثة الإفك، فقال الله لأبي بكر: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22)}(النور)؛ فقال الصديق ابو بكر رضي الله عنه: بلى، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا. ثم رجع إلى مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ما كان يصله من النفقة، وقال رضي الله عنه: و الله لا أنزعها منه أبدا، قالها في مقابلة ما حلف من قبل: والله لا أنفعه بنافعة أبدا! ... فالذي يصلح بين الناس و يُأَلِّف بين قلوبهم هو الله وحده و ليس أي أحدٍ غيره سبحانه، كائنا من كان، و لا أي شيئ مهما كانت قيمته: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}(آل عمران)!
...

ايوب نصر 2015-08-02 02:43 PM

:جز:


الساعة الآن »07:11 PM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة