أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   رد الشبهات وكشف الشخصيات (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   الرد على مزاعم م / شحرور بشأن ( الحج ) ( 2 ) (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=115771)

ناصرالشيبي 2023-06-20 03:07 AM

الرد على مزاعم م / شحرور بشأن ( الحج ) ( 2 )
 
أولاً : إن الحج فريضة على المسلمين . وليس مجرد ( شعيرة ،غير إلزامية ) كما وصفه م/ شحرور . بل هو ركن أصيل من أركان الإسلام .
ولكن لسابق علم الله تعالى بأن أداءه يحتاج إلى استطاعة بدنية ، ومادية . ويلزمه السفر . والسفر يستغرق وقتاً، و جهداً ، ومالاً ، لذا فقد قيد سبحانه ( أي قرن) فرضيته بالاستطاعة . وهي توفر هذه الإمكانات لدى المسلم . رحمة منه بعباده . قال تعالى ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) 97 ، آل عمران . وفي السنة المشرفة مزيد من الإيضاح لمكانة الحج .
ولكن م/ شحرور ينكر أحاديث السنة المشرفة . بل هو منكر لحجيتها في التشريع أصلاً جملة وتفصيلاً ، بحكم قراءته الباطلة المشوهة للقرآن الكريم .
وقد أورد الطبري كل الروايات المتعلقة بالحج ، بسنده إلى أصحابها في تفسيره لقوله تعالى ( وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) بعد قوله سبحانه ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) ثم عقب عليها بترجيحه إحدى تلك الروايات فقال ( وأولى التأويلات بالصواب في ذلك قول من قال : معنى ( ومن كفر) ومن جحد فرض ذلك وأنكر وجوبه ، فإن الله غني عنه وعن حجه وعن العالمين جميعا . وإنما قلنا ذلك أولى به ، لأن قوله ( ومن كفر) بعقب قوله ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) بأن يكون خبرا عن الكافر بالحج ، أحق منه بأن يكون خبراً عن غيره . مع أن الكافر بفرض الحج على من فرضه الله عليه بالله كافر . وإن الكفر أصله الجحود. ومن كان له جاحدا ، ولفرضه منكرا ، فلا شك إن حج لم يرج بحجه برا . وإن تركه فلم يحج لم يره مأثما . فهذه التأويلات وإن اختلفت العبارات بها فمتقاربات المعاني) أ . هـ (أنظر : جامع البيان 28 / 37) .
أما م/ شحرور فقد أظهر ركن ( فريضة) الحج وكأنها عبادة اختيارية . إن فعلها المسلم كانت منه تقرباً لله تعالى . وإن لم يؤدها فلا شيء عليه . متذرعاً بقيد (الاستطاعة) الذي لا يدل على ما زعمه . وإنما يدل على إسقاط وجوب أداء الحج عن غير المستطيع فقط . ليلبس على المسلمين دينهم . حيث قال ( والحج شعيرة يتقرب من خلالها الإنسان إلى الله وهي ليست إلزامية) .
ثانياً : وأما قوله ( والشعائر علاقة شخصية بين الله والإنسان ، أرى أنها لا تتم بالنيابة ، فلا يمكن أن أرسل أحدا ً ليحل محلي ، وأطلب الأجر والثواب) . فهو زعم كاذب ، و رأي فاسد باطل .
والذي سبب سقوط شحرور في أوحال هذا الكذب المكشوف . هي قرآنيته المشوهة ( المزعومة) . إذ لا تصح نسبة الذي يجحد حجية السنة المشرفة إلى القرآن الكريم البتة .
وقد بينت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مشروعية وصحة حج المسلم عن غيره . فقد صح (أ َنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ ِإلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأحُجَّ عَنْهَا ؟ . قَالَ " نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا . أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ ؟ ." قَالَتْ نَعَمْ . فَقَالَ " اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ . فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ ") . رواه البخاري في صحيحه . وغيره من أصحاب السنن .
وقد وردت أحاديث أخرى صحيحة ، تنص كذلك على جواز حج المسلم عن غيره بسبب كبر السن ، والمرض ، ونذر المتوفى أو وصيته بالحج عنه .
ثالثاً : إن وراء إصرار م/ شحرورعلى تسمية العبادات في الإسلام بـ ( الشعائر) هدفاً يسعى جاهداً للوصول إليه . وقد أفصح عنه بقوله ( الشعائر علاقة شخصية بين الله والإنسان ) . وهو وصف مجتزأ ، ناقص لها ، يخل بمعنى العبادات . و يؤكد شحرور عليه دائماً بهدف المغالطة لتلبيس مفهوم العبادات في عقول ونفوس المسلمين . لأن ضرب وحدة المسلمين ، وتفكيك كل ما من شأنه أن يوحد صفهم ، هو أهم أهداف الساعين المحاربين للإسلام والمسلمين .
وقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة للتأكيد على وحدة المسلمين . حتى أن الله تعالى أخبر بأنه يحب أن يقاتل عباده المؤمنين أعداء دينهم - في سبيله - صفاً متماسكا بقوله سبحانه ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) 4 ، الصف .
أما م/ شحرور فيعمل جاهداً ( وفقاً لما تمليه عليه أجندته) لإقناع المسلمين بأن عباداتهم لربهم إنما هي علاقة فردية . يمارسها كل واحد منهم بمفرده .
فقد أكدت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة على صلاة الجمعة ، والجماعة ، والأعياد، والاستسقاء ، والكسوف ، والخسوف ، والصلاة على الأموات . بل وحتى صلاة الخوف في الحروب ، وتدل عليه وحدت القبلة لجميع المسلمين ، و وحدت الشريعة للمسلمين الشهر الذي يصومونه - وركن الحج الذي نحن بصدده - هو أكبر تجمع للعبادة في الإسلام . فكل هذه عبادات جماعية بامتياز .
ومع ذلك فإن ( شحرور) وأمثاله يسعون لضرب تجمع المسلمين لأدائهم العبادات عموماً، والحج خصوصاً . باقتراحه تقسيم أدائهم له إلى دفعات . هذا علاوة على إنكاره أنه ركن من أركان الإسلام أصلاً ، و زعمه الكاذب بأن أداءه اختياري .
رابعاً : وأما استنكار م/ شحرور ، ومهاجمته لمبدأ قيام المسلمين بإعانة الفقير منهم مالياً ، ليتمكن من أداء فريضة الحج . وتعمده الربط بين هذه الإعانة ، وبين معاناة بعض مجتمعات المسلمين من (الفقر و الجوع والتشرد والمرض ، والأمية والجهل ، و وجود أطفال شوارع) .
فإن أصل هجومه على هذه الإعانة ، ودافعه لانتقادها - بأسلوب الربط الذي انتهجه - ينتمي إلى ما أشير إليه في الفقرة السابقة من طرق مقاومته لأي سبب يمكن أن يساهم في دعم تعاون المسلمين لأداء أعمال البر والتقوى ، وتماسكهم ، بتقوية ترابط صفوفهم ، ووحدتهم .
هذا إضافة إلى أنه ليس ثمة وجه صحيح لانتقاده لأحد أوجه الإنفاق الخيري . لأن القاعدة التي تحكم الإنفاق الخيري أصلاً - أي النفقة غير المفروضة في الإسلام - يلخصها قوله تعالى ( مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ) 91 ، التوبة .
أما عن معالجة كل السلبيات التي ذكرها فهي مسؤولية ولاة الأمر في تلك المجتمعات . فهي في ذمتهم لتقصيرهم في إزالتها عن كاهل المجتمعات التي تولوا سدة المسؤولية عنها في بلدانهم . فهم أصحاب النظر في أمور البلاد، ولهم التصرفات النافذة في المال العام بها .
خامساً : أما ادعاء م/ شحرور بأن للتقوى نوعان . هما تقوى الإسلام ، وتقوى الإيمان . فهو ادعاء باطل . وقد بناه على استدلاله لما سماها تقوى الإسلام بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) 102، آل عمران ، واستدلاله لما سماها تقوى الإيمان بقوله تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) 16، التغابن . وهما استدلالان خاطئان منه بهاتين الآيتين .
والصواب بشأن معناهما ، وصحيح دلالتهما مجتمعتين هو ما يلخصه قول القرطبي بعد أن أورد الرواية القائلة بنسخ قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) بقوله تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) . ولم يقر بالنسخ . بل بين عدم صحته . وبين أن النسخ إنما يكون عند تعذر الجمع . وأن الجمع بينهما ممكن . فهو أولى من القول بالنسخ .
فبين أن وجه الجمع بينهما أن آية التغابن إنما هي بيان لآية آل عمران . بحيث يكون معناهما معاً هو:" فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم". وذكر أن هذا أصوب .( أنظر الجامع لأحكام القرآن ، 4/ 157) .
وقال السعدي عن الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) 102، آل عمران : ( وهذه الآية بيان لما يستحقه تعالى من التقوى . وأما ما يجب على العبد من التقوى فكما قال تعالى في الآية 16، التغابن ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم) .
وتفاصيل التقوى المتعلقة بالقلب والجوارح كثيرة جدا . يجمعها فعل ما أمر الله به ، وترك كل ما نهى الله عنه . (أنظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/ 141) .
وقال ابن عطية الأندلسي ( وقالت جماعة من أهل العلم لا نسخ في شيء من هذا. وهذه الآيات متفقات . فمعنى هذه ( اتقوا الله حق تقاته فيما استطعتم) أ. هـ ( أنظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز،1/ 505) .
فكل ما تقدم يبين و يثبت بطلان قول م/ شحرور المزاجي ( لا تحتمل تقوى الإسلام ، أي التقوى في العمل الصالح ، أي تقصير) . بل ويثبت قبل ذلك بطلان زعمه بأن هناك نوعان للتقوى أصلاً . فالحقيقة هي أن تقوى الله تعالى واحدة ، لا تتعدد .
وأما ما ذكره م/ شحرورعدا مزاعمه التي تقدم بيان أوجه بطلانها والرد عليها هنا . فما هو إلا من (سوابقه ولواحقه الشحرورية) التي يتوهم دائماً بأنها ستسهل له تمرير مزاعمه الباطلة . مع أنها أتفه من أن تقدم ، أو تؤخر شيئاً في صلب الموضوع .


الساعة الآن »02:08 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة