أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   الإعجاز فى القرآن والسنة (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=55)
-   -   الوعد بالنصر / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=115650)

Nabil 2023-05-25 03:32 PM

الوعد بالنصر / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
 
[B][FONT="Arial"][SIZE="6"][CENTER][COLOR="Navy"]الوعد بالنصر

إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي [/COLOR][/CENTER]


[RIGHT][COLOR="DarkSlateBlue"]قال اللَّه تعالى في سورة الروم:

{ [COLOR="green"]الم[/COLOR] (1) [COLOR="green"]غُلِبَتِ الرُّومُ[/COLOR] (2) [COLOR="green"]فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ[/COLOR] (3) [COLOR="green"]فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ[/COLOR] (4) [COLOR="green"]بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ[/COLOR] (5)}

جاءت هذه الآيات موضوع هذا المقال في سورة مكيّة تمثل العقيدة محورها الرئيس‏،‏ كما هو الحال مع كل سور القرآن المكي‏، وقد نزلت هذه الآيات عندما هُزمت الرومُ في حربها ضد الفرس وكان ذلك في أوائل عصر النبوّة، وفي الآيات دلائل إعجاز غيبية باهرة، حيث أخبر القرآن الكريم بأمور تقع في المستقبل، فجاءت كما أخبر، لم تتخلف أو تتغير، وهذا ما لا سبيل للبشر إليه بحال.
في هذه الآيات يتحدّث القرآن عن أمر غيبي مستقبلي لم يستطع أحد في ذلك الزمان أن يمنع حدوثه أو يكذّبه أحد من أعداء القرآن، بل لم يكن أحد يتوقع حدوثه؛ فقد خسرت الروم في هذه المعركة خسائر فادحة جعلت مُعاصريهم يتوقعون دمارًا كاملًا لإمبراطوريتهم، بيد أن ما حدث لاحقًا لم يكن متوقعًا؛ إذ إنه وفي أقل من عشر سنوات وقعت معارك حاسمة بين الفرس والروم، وانقلبت موازين القوى بشكل مفاجئ لمصلحة الروم وغلبوا الفرسَ واستردوا أراضيهم التي استولى عليها الفرس، كما أخبر القرآن الكريم بذلك من قبل، وكان ذلك سببًا في إسلام كثير من غير المسلمين الذين عاصروا تلك الأحداث وكانوا يترقبون تحقق هذه النبوءة القرآنية التي تعد من الآيات والدلائل الواضحة على صدق مُحمَّد -صلى الله عليه وسلم-، وأنه رسول الله حقًا.
ونقل ابن كثير‏ -رحمه اللَّه- في تفسيره ‏‏ قول ابن عباس‏‏ -رضي اللَّه عنهما‏‏- حيث قال‏:‏ كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أصحابُ أوثانٍ‏،‏ وكان المسلمون يحبون أن تظهر الرومُ على فارس‏؛ لأنهم كانوا من أهل الكتاب‏،‏ فذُكر ذلك لأبي بكرٍ ‏الصديق -رضي اللَّه عنه-،‏ فذكره أبو بكر لرسول اللَّه‏‏ -صلى اللَّه عليه وسلّم-‏،‏ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلّم-:‏ ([COLOR="magenta"]أما إنهم سيغلبون[/COLOR])‏،‏ فذكره أبو بكر للمشركين‏،‏ فقالوا‏:‏ اجعل بيننا وبينك أجلًا‏،‏ فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا‏،‏ وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا‏،‏ فجعل أجل خمس سنين‏،‏ فلم يظهروا‏،‏ فذكر ذلك أبو بكر لرسول اللَّه‏‏ -صلى اللَّه عليه وسلّم- ذلك‏‏ فقال‏:‏ ([COLOR="Magenta"]ألا جعلتَها إلى دون العشر[/COLOR]؟‏)،‏ ثم ظهرت الرومُ بعد { [COLOR="Green"]فِي بِضْعِ سِنِينَ[/COLOR] }.

ولم يقف إعجاز القرآن الكريم عند الإخبار بانتصار مستقبلي للروم لم يكن متوقعًا بأي حال من الأحوال، بل أصبح التحدي أكثرَ صعوبةً عندما حددت الآيات زمن حدوث هذا الانتصار، حيث قال عالم الغيب سبحانه وتعالى: { [COLOR="Green"]فِي بِضْعِ سِنِينَ[/COLOR] }، والبضع في اللّغة العدد من الثلاثة إلى ما دون العشرة، فجاءت الغَلَبة للروم بعد سبع سنوات من الهزيمة، وحقق اللَّه عزّ وجلّ وعده فانتصر الروم على فارس في الأجل الذي سماه‏،‏ وفرح المسلمون بذلك النصر العزيز الذي لم يكن يتوقعه أحد من معاصري ذلك الزمان، فكان ذلك آيةً بينةً على صدق مُحمَّد‏ -صلى اللَّه عليه وسلّم- في دعواه وصحة ما جاء به.
أما فيما يتعلّق بأرض المعركة التي تمت فيها هزيمة الروم أمام جحافل جيش الفرس، فقد ذكر أهل التأويل أنها أقرب أرض الروم إلى فارس، أو إلى بلاد العرب، أو إلى مكّة المكرّمة، ولكنهم لم يتّفقوا على بقعة جغرافية بعينها. والأمر نفسه بالنسبة إلى كُتَّاب التاريخ الذين تأرجحوا في أقوالهم حول مكان المعركة الحاسمة التي شهدت هزيمة الروم؛ فمنهم من قال إنها على أرض أنطاكية في تركيا‏، ومنهم من قال على أرض القسطنطينية‏، ومنهم من‏ قال ما بين مدينتي أذرعات وبصرى في الشام‏، ومنهم من قال على أرض دمشق‏، أو أرض بيت المقدس‏،‏ ومنهم من قال على أرض مصر (الإسكندرية)، ومنهم من قال الأرض الواقعة بين شرقي الأردن وفلسطين، أي في أغوار وادي عربة، أو منطقة حوض البحر الميت، وهي أكثر أجزاء اليابسة انخفاضًا على سطح الكرة الأرضية. ونقل الزمخشري في الكشاف، وكذلك الألوسي في روح المعاني، قول ابن عباس والسدي ومقاتل إن مكان المعركة هو الأردن وفلسطين. وهذا التباين الكبير في أقوال المؤرخين سببه أن الفرس لم تهزم الروم في معركة واحدة، وإنما هزمتها في سلسلة معارك وفي مناطق جغرافية مختلفة انتهت في عام 619 باحتلال مصر.
في الآيات التي تصدّرت هذا المقال إعجاز مركّب، فهي تتضمّن جملة من أخبار الغيب الذي لا يعلمه إلا اللَّه عزّ وجلّ، وتتحدّث عن حدث مستقبلي سوف يقع على خلاف ما كان يعتقد الناس في ذلك الزمان، حيث كانت الأوضاع السياسية والعسكرية وقتها تشير إلى انكسار الروم وقرب انهيار إمبراطوريتهم تمامًا، وفي الوقت نفسه يأتي نظم هذه الآيات عجيبًا ومُعجزًا!

--------------------------------------------------------------------------
المصادر:
أوّلًا: القرآن الكريم.
ثانيًا: المصادر الأخرى:
• ابن كثير، أبي الفداء إسماعيل بن عمر (2012)، تفسير القرآن العظيم؛ بيروت: دار الكتب العلمية.
• الألوسي، شهاب الدين (1994)؛ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني؛ بيروت: دار إحياء التراث العربي.
• الزمخشري، جاد اللَّه محمود بن عمر (1983)؛ الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل؛ بيروت: دار الفكر.
• الصعيدي، عادل (22 يناير 2013)؛ بحث بعنوان: "أدنى الأرض"، أُسترجع في تاريخ 22 ديسمبر، 2015 من موقع جامعة الإيمان ([url]http://www.jameataleman.org[/url]).
• المنّاوي، أحمد مُحمَّد زين (2015)؛ قطوف الإيمان من عجائب إحصاء القرآن؛ طريق القرآن للنشر.
• النجار، زغلول راغب مُحمَّد (2010)؛ مختارات من تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم، الجزء الثاني، الطبعة الأولى؛ القاهرة: مكتبة الشروق الدولية.

بتصرف وتلخيص عن موقع طريق القرآن[/COLOR][/RIGHT][/SIZE][/FONT][/B]


الساعة الآن »09:10 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة