أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   المعتزلة | الأشعرية | الخوارج (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=39)
-   -   إعلان الخوارج للخلافة عبر العصور+رؤية شرعية (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=50402)

مناظر سلفي 2014-09-10 04:26 PM

إعلان الخوارج للخلافة عبر العصور+رؤية شرعية
 
[COLOR=Indigo][SIZE=6]
إعﻼ‌نُ الخِﻼ‌فةِ اﻹ‌سﻼ‌ميَّةِ - رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ:

عَلَوي بن عبدالقادر السَّقَّاف المشرف العام على مؤسَّسة الدُّرر السَّنية18 شوال 1435هـ.

الحمدُ لله ربِّ العالَمين، والصَّﻼ‌ة والسَّﻼ‌م على رسولِ الله، وعلى آله وصحْبه ومَن واﻻ‌ه.

أمَّا بعدُ:فإنَّ الخِﻼ‌فةَ اﻹ‌سﻼ‌ميَّة وجمْعَ اﻷ‌مَّة تحت سُلطان واحد يَحكمُهم بشِرعة الله على منهاج النُّبوَّة، مطلبٌ عزيزٌ يرنو إليه كلُّ مسلِمٍ في هذه الحياة، وهو من أعظمِ مقاصدِ اﻹ‌سﻼ‌م، وأسْمى صُورِ الوحدةِ واﻻ‌عتصام التي أمَر الله ورسوله بهما، قال الله تعالى: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ} [المؤمنون:51]،وقال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103].

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم:
((إنَّ اللهَ يرضَى لكم ثﻼ‌ثا ويكرهُ لكُم ثﻼ‌ثًا، فيرضَى لكُم أن تعبدوهُ وﻻ‌ تشركوا به شيئًا، وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا وﻻ‌ تفرَّقوا...)) رواه مسلم (1715).

وقد أجمع العلماءُ على وجوب تنصيب إمامٍ واحد للمسلمين، نقل اﻹ‌جماع على ذلك: الماورديُّ في (اﻷ‌حكام السلطانية ص 15)، وأبو المعالي الجويني في (غياثِ اﻷ‌مم ص15)، والقاضي عياض في [إكمال المعلم 6/220]، والنوويُ في [شرح صحيح مسلم 12/205]، وغيرهم كثير، ونصوصُ اﻹ‌جماع كثيرة مبثوثة في مظانِّها ﻻ‌ حاجة ﻹ‌طالة المقال بذِكرها، كما أجمعت اﻷ‌مَّة على أنَّ المقصد اﻷ‌سمى من اﻹ‌مامة أو الخﻼ‌فة هو ما توارد ذِكرُه على ألسنة العلماء وفي كتُبهم، ولخَّصه الماورديُّ رحمه الله؛ إذْ قال:

(اﻹ‌مامةُ موضوعةٌ لخِﻼ‌فة النبوَّة في حراسة الدِّين وسياسة الدنيا، وعَقْدُها لِمَن يقوم بها في اﻷ‌مَّة واجبٌ باﻹ‌جماع).

فعلى هذا يكون مقصدُ الخﻼ‌فة واﻹ‌مامة إقامةَ المصالحِ الدِّينية والدُّنيويَّة، وتحقيقُ هذا المقصد يُمكن أن يُقيمه حاكمٌ مسلِم في قُطر من أقطار المسلمين وليس ثمَّةَ خﻼ‌فة، وله السَّمع والطاعة حينئذ على مَن كان تحت إمرته، أو داخلًا تحت حُكم وﻻ‌يته، وإنْ لم تكن إمامته إمامةً عُظمى؛ يقول العلَّامة الشوكانيُّ في [السيل الجرار] (4/512):

(وأمَّا بعدَ انتشار اﻹ‌سﻼ‌م، واتِّساع رُقعته، وتباعُد أطرافه، فمعلومٌ أنَّه قد صار في كلِّ قطر أو أقطار الوﻻ‌ية إلى إمامٍ أو سلطان، وفي القُطر اﻵ‌خَر أو اﻷ‌قطار كذلك، وﻻ‌ ينفُذ لبعضهم أمرٌ وﻻ‌ نهيٌ في قُطر اﻵ‌خَر وأقطاره التي رجعتْ إلى وﻻ‌يته؛ فﻼ‌ بأس بتعدُّد اﻷ‌ئمَّة والسَّﻼ‌طين، ويجب الطاعةُ لكلِّ واحد منهم بعدَ البَيعة له على أهل القُطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه، وكذلك صاحب القُطر اﻵ‌خَر).

ونقل هذا الكﻼ‌مَ وأيَّده العلَّامةُ صِدِّيق حسن خان في كتابه [إكليل الكرامة في تبيان مقاصد اﻹ‌مامة] (ص 125)؛ وجلُّ أهل العلم من شتَّى المذاهب قد أجازوا تعدُّدَ اﻷ‌ئمَّة إذا تعذَّر على إمامٍ واحدٍ حُكمُ كلِّ بﻼ‌د المسلمين لتباعُدها.

ومهما يكُن من خﻼ‌ف في هذه المسألة، فهو غير مؤثِّر في مسألتنا، وإنَّما أجازوا هذه الحالة؛ ﻷ‌نَّها حالة اضطرارٍ وعجْزٍ، و(العجز مسقطٌ لﻸ‌مر والنهي وإنْ كان واجبًا في اﻷ‌صل) [مجموع الفتاوى] (20/61).

فهناك فرْقٌ بين حالَي اﻻ‌ختيار واﻻ‌ضطرار, ومَن لم يفرِّق بينهما، فقد جهِلَ المعقولَ والمنقول، وهذا ما حصَل لكثيرٍ من الناس، فظنَّ أنَّ الدِّين لن تقوم له قائمةٌ ما لم تقُمِ الخِﻼ‌فة، ولم يفرِّق بين السَّعي إلى إقامة الخِﻼ‌فة الحقيقيَّة، التي أمَر الشارع بها، وبين إعﻼ‌ن خِﻼ‌فة وهميَّة تُرضي العواطف، وﻻ‌ تحقِّق مقاصد الخِﻼ‌فة في الواقِع، وهذه الظنون تُشبِه ظنَّ بعض الجهلة أنَّه لن يَنشُر العدلَ ويَرفع الظلم إلَّا المهديُّ، فأوقع الطرفين في التعلُّقِ بهذين اﻷ‌مرين.

والحديث عن الخﻼ‌فة اﻹ‌سﻼ‌ميَّة، أو (اﻹ‌مامة العظمى) يطول، وقد كَتَب فيه كثيرون قديمًا وحديثًا، وﻻ‌ تفِي بحقِّه مقالةٌ أو بحثٌ وجيز؛ لذلك سيكون الكﻼ‌م هنا مقتصرًا على إعﻼ‌ن الخﻼ‌فة بالطريقة التي تمَّت في حاضرنا اليوم في العراق، وذلك من ناحية الواقع التاريخي والشَّرعي.

أولًا: الواقِع التاريخي .

باستعراض التاريخ اﻹ‌سﻼ‌ميِّ يَظهر جليًّا كثيرٌ من إعﻼ‌نات الخﻼ‌فة الوهميَّة، سواءً عن طريق الدَّعوات المزعومة بالمهديَّة، أو عن طريق فِرَق الخوارج الضالَّة؛ وهم أكثرُ النَّاس تلهفًا للخﻼ‌فة، لكنْ بغير هُدًى وﻻ‌ كتابٍ منيرٍ، ويبدو - والعِلم عند الله - أنَّ هذه سِمةٌ لهم، أمَّا أهلُ السُّنَّة والجماعة فﻼ‌ يُثبتون اسم الخِﻼ‌فة، أو اﻹ‌مامة العظمى إلَّا لِمَن ثبتَتْ له الوﻻ‌ية على جُمهورهم؛ باﻻ‌ختيار أو التغلُّب، في شتَّى بِقاع المسلمين، وأمَّا مَن بُويع من أهل قُطْرٍ واحد، أو تغلَّب عليه، فقد ثبتَتْ وﻻ‌يتُه عليهم، دون وﻻ‌يتِه على مَن لم يبايعْه أو يتغلَّب عليه، وهكذا نشأتْ مسألة تعدُّد اﻷ‌ئمَّة التي سبَق ذكرُها آنفًا، وليستْ هذه المقالة مسوقةً لمناقشتها جوازًا، ومنعًا.

قال وهبُ بن منبِّه رحمه الله: (ما اجتمعتِ اﻷ‌مَّة على رجلٍ قطُّ من الخوارج، ولو أمكن اللهُ الخوارجَ من رأيهم، فسَدتِ اﻷ‌رض... وإذًا لقام أكثرُ من عَشرة أو عشرين رجلًا ليس منهم رجلٌ إلَّا وهو يدْعو إلى نفْسه بالخِﻼ‌فة)

[مختصر تاريخ دمشق] (26/390).
[/SIZE][/COLOR]

مناظر سلفي 2014-09-10 04:27 PM

[COLOR=Indigo][SIZE=6]
ثانيًا: الجانب الشَّرعي:

مِن المقرَّر لدَى العلماء أنَّ من أهمِّ الشروط التي يجب أن تتحقَّق في الخﻼ‌فة اﻹ‌سﻼ‌ميَّة على منهاج النبوَّة -مع اشتراطِ اﻹ‌سﻼ‌مِ، والبلوغِ، والعقلِ، والحريَّةِ، والذُّكوريَّةِ، والعدالةِ، والقرشيَّةِ: شَرْطَي المشورة والتمكين.

أمَّا المشورة:

فهي مشورةُ أهل الحَلِّ والعَقْد والشوكة من العلماء والوجهاء، والقادة وأهل الرأي والمشورة، القادِرين على عَقْد اﻷ‌مور وحَلِّها، الذين يكون الناسُ - من أهل الدِّين والدنيا - تبعًا لهم، وليس أهلُ الحَل والعَقد مجموعةً من الناس تختارهم جماعةٌ من جماعات المسلمين، جهاديَّة كانت أو غير جهاديَّة، ثم يُطلقون عليهم مسمَّى (أهل الحَل والعَقد)

ثم يُقال لهم:

هل تُبايعون فﻼ‌نًا خليفةً على المسلمين؟

فيقولون: نعم!

فليس كلُّ من أُطلق عليهم مسمَّى أهل الحَلِّ والعَقد يكونون فِعلًا أهلَ حَلٍّ وعَقد؛ فاﻷ‌سماء ﻻ‌ تُغيِّر من حقيقة المسمَّيات شيئًا؛ جاء في صحيح البخاريِّ عن عُمرَ رضي الله عنه أنَّه قال: ((مَن بايع رجلًا عن غير مشورةٍ من المسلمين، فﻼ‌ يُبايَع هو وﻻ‌ الذي بايَعَه؛ تغِرَّةَ أن يُقتلَا))، أيْ: حذرًا أن يُقتلَا.

قال الحافظ ابنُ حجر رحمه الله في [الفتح] (12/150): (فيه إشارةٌ إلى التحذير من المسارعة إلى مِثل ذلك، حيث ﻻ‌ يكون هناك مثلُ أبي بكر؛ لِمَا اجتمع فيه من الصِّفات المحمودة، من قِيامه في أمْر الله، ولِينِ جانبه للمسلمين، وحُسنِ خُلُقه، ومعرفتِه بالسِّياسة، وورعِه التامِّ، ممَّن ﻻ‌ يوجد فيه مثلُ صِفاته، ﻻ‌ يُؤمَنُ مِن مبايعته عن غيرِ مشورةٍ اﻻ‌ختﻼ‌فُ الذي يَنشأ عنه الشَّرُّ).

واﻹ‌مامة إنْ كانتْ إمامةً صغرى على بلد، فلكلِّ بلدٍ أهلُ حَلٍّ وعَقد وشوكة من عُلمائه ورؤسائه، وهذا - كما سبَق - يكون في حاﻻ‌ت العجز واﻻ‌ضطرار، ولَأَنْ يَحكُم كلَّ قُطر حاكِمٌ مسلمٌ خيرٌ من أن يُترَك الناسُ فوضى ﻻ‌ سُراةَ لهم، أمَّا إنْ كانت إمامة عُظمى، وخِﻼ‌فة إسﻼ‌ميَّة، فﻼ‌ تنعقد إلَّا بمشورة جمهور أهل الحَلِّ والعقد في جميع أقطار المعمورة.

قال اﻹ‌مام أبو يعلى في [اﻷ‌حكام السلطانية] (1/23): (ﻻ‌ تنعقد إلَّا بجمهور أهل الحَلِّ والعَقْد)، وقرَّر ذلك شيخُ اﻹ‌سﻼ‌م ابن تيميَّة في [منهاج السُّنة] (1/526) -وهو يردُّ على بعضِ أهل الكﻼ‌م الذين يرَوْن انعقاد اﻹ‌مامة باﻷ‌ربعة والثﻼ‌ثة ودون ذلك -؛ إذ قال: (ليس هذا قولَ أئمَّة أهل السُّنة، وإنْ كان بعض أهل الكﻼ‌م يقولون:
إنَّ اﻹ‌مامة تنعقِد ببيعةِ أربعة، كما قال بعضُهم: تنعقد ببيعة اثنين.وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليستْ هذه أقوالَ أئمَّة السُّنة، بل اﻹ‌مامة عندهم تثبُت بموافقة أهل الشَّوكة عليها، وﻻ‌ يَصير الرجلُ إمامًا حتى يوافقَه أهلُ الشوكة عليها، الذين يحصُل بطاعتهم له مقصودُ اﻹ‌مامة؛ فإنَّ المقصودَ من اﻹ‌مامة إنَّما يحصُل بالقُدرة والسُّلطان، فإذا بُويع بيعةً حصلَتْ بها القدرةُ والسُّلطان، صار إمامًا).

بل إنَّ اﻹ‌مام أحمد رحمه الله نُقل عنه - في إحدى رِوايتيه - أنَّها تنعقد باﻹ‌جماع، فقال: (مَن وَلِي الخﻼ‌فة، فأجمع عليه الناسُ ورَضُوا به، ومَن غلبهم بالسَّيف حتى صارَ خليفةً، وسُمِّي أميرَ المؤمنين، فَدَفْعُ الصَّدقاتِ إليه جائزٌ، بَرًّا كان أو فاجرًا).

وقال في رواية إسحاق بن منصور ، وقد سُئِل عن حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن مات وليس له إمامٌ، مات مِيتةً جاهليَّة))
ما معناه؟
فقال: تَدْري ما اﻹ‌مام؟
اﻹ‌مامُ الذي يُجمع عليه المسلمون، كلُّهم يقول: هذا إمام؛ فهذا معناه)
انظر: [منهاج السُّنة النبويَّة] (1/530).

وها هنا لفتةٌ مهمَّة، وهي التفريق بين بَيعة فِئام من الناس لرجُل منهم، وبين انعقاد اﻹ‌مامة له، وجعْله خليفةً على المسلمين أجمْع، واستحقاقه لﻺ‌مامة؛ قال شيخُ اﻹ‌سﻼ‌م ابن تيميَّة في [منهاج السنة النبوية] (1/531):
(لو قُدِّر أنَّ عُمرَ وطائفةً معه بايعوه - يعني: أبا بكر - وامتنع سائرُ الصَّحابة عن البيعة، لم يَصِرْ إمامًا بذلك، وإنما صار إمامًا بمبايعة جمهور الصَّحابة، الذين هم أهلُ القُدرة والشوكة؛ ولهذا لم يَضُرَّ تخلُّفُ سعدِ بن عُبادة؛ ﻷ‌نَّ ذلك ﻻ‌ يَقدَح في مقصودِ الوﻻ‌ية؛ فإنَّ المقصود حصولُ القُدرة والسُّلطان اللَّذين بهما تحصُل مصالحُ اﻹ‌مامة، وذلك قد حصَل بموافقة الجمهور على ذلك.فمَن قال: إنَّه يصير إمامًا بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة، وليسوا هم ذَوي القُدرة والشوكة، فقد غلِط؛ كما أنَّ مَن ظنَّ أنَّ تخلُّفَ الواحد أو اﻻ‌ثنين والعَشرة يضرُّه، فقد غلِط).
[/SIZE][/COLOR]

مناظر سلفي 2014-09-10 04:28 PM

[COLOR=Indigo][SIZE=6]
وأمَّا التمكين:

فﻼ‌ يصحُّ ﻷ‌يِّ جِهة أن تُعلن خِﻼ‌فتَها على كافَّة المسلمين، وتُنصِّب إمامًا من عندها، ثم تطلُب من جميع المسلمين في كلِّ أنحاء اﻷ‌رض أن تُبايعَه خليفةً للمسلمين، وهي لم تتمكَّن بعدُ، وﻻ‌ تستطيع أن تَحميَ القريب منها، فضلًا عن البعيد عنها، فهذا عبثٌ وحماقة؛ فإقامة الخﻼ‌فة ﻻ‌ تكون بمجرَّد اﻻ‌دِّعاءِ واﻹ‌عﻼ‌ن؛ فأيُّ قِيمة ﻹ‌عﻼ‌ن ليس له حقيقةٌ في الوجود؟!

فمن تغلَّب على أحدِ أقطار المسلمين، ثم سمَّى نفسه خليفةً للمسلمين، فكأنَّما زعم أنَّه تغلَّب على جميع أقطار المسلمين، وهذا أمرٌ مخالفٌ للحسِّ والواقع، ومِن ثَمَّ مخالفٌ للشرع، بل إنَّه يدلُّ على خللٍ كبيرٍ في تصوُّرِ أحكام اﻹ‌مامة، وما يلحق بها.روَى البخاريُّ ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي الزِّناد، عن اﻷ‌عرج، عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، أنَّه سمِع رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما اﻹ‌مامُ جُنَّة، يُقاتَل مِن ورائه، ويُتقَّى به)).

قال الحافظ النوويُّ رحمه الله: (قوله صلَّى الله عليه وسلم: ((اﻹ‌مامُ جُنَّة))، أي: كالسِّتر ﻷ‌نَّه يَمنع العدوَّ من أذى المسلمين، ويَمنع الناسَ بعضَهم من بعض، ويَحمي بيضةَ اﻹ‌سﻼ‌م، ويتَّقيه الناسُ، ويَخافون سطوتَه.
ومعنى ((يُقاتَل من ورائه))، أي: يُقاتَل معه الكفَّارُ والبُغاة والخوارج، وسائرُ أهل الفساد والظلم مطلقًا)، وبمثله قال ابنُ حجرٍ في الفتح، وبقيَّة شُرَّاح الحديث.
فكيف يُبايَع رجلٌ من المسلمين إمامًا عليهم وهو ﻻ‌ يستطيع أن يحميهم؟!

فلﻺ‌مامة حقوق وواجبات؛ فمَن كان عاجزًا عن أداء ما أوجبه الله عليه تُجاه رَعيَّته، فﻼ‌ يُطالبهم بأداء حقِّه عليهم.

فﻼ‌ يُعدُّ الرَّجُل خليفةً على المسلمين إلَّا إذا تحقَّق له بالفعل مناطُ هذه الخﻼ‌فة، من حيث القدرةُ والسُّلطان على جمهور المسلمين؛ فمَن لم يكن كذلك، فإمامتُه ليستْ عُظمى، وأحسن أحوالها أنَّها إمارة على البُقعة التي يُسيطر عليها؛ فالعِبرة بالحقائق والمعاني، ﻻ‌ باﻷ‌سماء والمباني.
[/SIZE][/COLOR]

مناظر سلفي 2014-09-10 04:28 PM

[COLOR=Indigo][SIZE=6]
فمِن فَعائل الخوارج:

1- أنَّ شبيبًا الخارجيَّ ادَّعى الخﻼ‌فة في عهد عبد الملك، ولم ينلْها، [وفيات اﻷ‌عيان]
(2 / 455).

2- وفي سَنة 140 للهجرة، دُعي بالخﻼ‌فة لرأس اﻹ‌باضيَّة عبد اﻷ‌على بن السَّمح المعافري، واستمرَّ أربع سنوات، ثم قتله المنصور عام 144هـ [تاريخ ابن خلدون] (4 / 241).

3- وفي طَنْجة دُعي للخِﻼ‌فة ﻷ‌مير الخوارج، وخاطبوه بأمير المؤمنين، ثم قتله خالدُ بن حبيب الفهريُّ. [تاريخ ابن خلدون] (6 / 145).

4- ومِن هؤﻻ‌ء الملك المعز إسماعيل؛ وهو مِن أصلٍ كُردي، ادَّعى أنَّه قُرشي من بني أُميَّة، وخطَب لنفسه بالخﻼ‌فة، وتلقَّب بالهادي، ثم هلَك سنة 598هـ. [مختصر تاريخ دمشق] (26/390).

5- بل ربَّما دَعا أكثرُ من واحدٍ لنفْسه بالخِﻼ‌فة في وقتٍ واحد! وهذا ما حصَل في اﻷ‌ندلس، حتى إنَّه (كان في المائة الخامسة باﻷ‌ندلس وحدها سِتَّةُ أنفُس كلُّهم يتسمَّى بالخﻼ‌فة). [الوافي بالوفيات] (18/5).

أمَّا دعوات المهديَّة، فهي أكثرُ من أن تُحصى، ويَكفي أنْ أُشير هنا إلى نموذجٍ معاصرٍ لها:

فقد مرَّت اﻷ‌مَّة في هذه البِﻼ‌د (بﻼ‌د الحرمين الشَّريفينِ) بشَيءٍ من ذلك عندما ظهرتْ في أواخِر القرن الرابع عشرَ (1385-1399)

مجموعةٌ من طلَّاب العلم الذين تلقَّوُا العِلمَ على أيدي علماء كِبار، كالشَّيخ ابن باز واﻷ‌لباني رحمهما الله، وكان سَمْتُهم السُّنة، ويَظهر عليهم التقشُّفُ والتبذُّل، يَحتقِر اﻹ‌نسانُ عبادتَه مع عبادتهم، وكان فيهم شيءٌ من الغلوِّ مع صِدق وإخﻼ‌ص، كان زعيمُهم جُهيمان العتيبي ﻻ‌ يَفتأ يُسافر إلى دول الخليج، يدْعو إلى التوحيد وإلى مِلَّة إبراهيمَ عليه السﻼ‌م، حتى اجتمَع حولَه كثيرٌ من الشَّباب بعيدًا عن نظر العلماء.

ثم جاءت الفتنةُ العَظيمة - التي أُشبهها بفِتنة إعﻼ‌ن الخِﻼ‌فة اليوم - ألَا وهي إعﻼ‌ن المهديَّة لمحمَّد بن عبد الله القَحطانيِّ صِهر جُهيمان، وكنتُ قد التقيتُ القحطانيَّ عام 1399هـ، وجالستُه، وصليتُ خلْفَه صﻼ‌ةً جهريَّةً تحتقر صﻼ‌تَك معها؛ كان اﻹ‌عﻼ‌ن عن هذه المهديَّة في غُرَّة محرَّم من عام 1400هـ، حيث دخل جُهيمان وجماعتُه المسجد الحرام ﻷ‌داء صﻼ‌ة الفجر، وما إنِ انقضتْ صﻼ‌ة الفجر، حتى قام جهيمان وصِهرُه أمامَ المصلِّين في المسجد الحرام؛ ليعلنَ للناس - عبْر مكبِّر صوت إمام المسجد الحرام، وكانت الصَّﻼ‌ة تُنقل عبْرَ المِذياع - نبأَ ظُهورِ المهديِّ المنتظَر، واعتصامه بالمسجد الحرام!

قدَّم جهيمان صهرَه بأنَّه المهديُّ المنتظَر، ومجدِّد هذا الدِّين، ثم قام جُهيمان وأتباعُه بمبايعة "المهدي المنتظَر" أمامَ جموع المصلِّين، وطلب منهم مبايعتَه، فقام عددٌ منهم وبايع، وتناقَل الناسُ الخبر، وافتتن به كثيرٌ من الشَّباب -كفتنةِ بعضهم اليوم بإعﻼ‌نِ الخﻼ‌فة-؛ فمنهم مَن سافر ليبايعَه، ومنهم مَن بايع وهو في مكانه، ومنهم من تردَّد واحتار!

وكان يُقال لهم:
هذه فتنةٌ دهماء، يُرجَع فيها إلى العلماء الرَّبانيِّين الصادقين؛ فإنَّ الله تعالى ﻻ‌ يَجمع قولهم على ضﻼ‌لة، فتضل بهم أمَّةُ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا رأى كثيرٌ من الشَّباب آنذاك أنَّ علماء المسلمين، وكبار طلَّاب العِلم والدُّعاة الصادقين في كلِّ أنحاء العالم، أنكروا هذه المهديَّةَ؛ ﻷ‌نَّ اﻷ‌حاديثَ الصَّحيحة والحسنةَ في المهديِّ ﻻ‌ تنطبِق على صِهر جهيمان، رجَع كثيرٌ منهم، وبقِي بعضُهم على رأيه، حتى تمَّ القضاء على هذه الفِتنة، وقُتل مهديُّهم، وأُعدم جُهيمان ورِفاقُه، فاستيقظوا من نومِهم، وتَبدَّد حُلْمُهم، فما أشبهَ اليومَ باﻷ‌مس!

منقول.
[/SIZE][/COLOR]

ايوب نصر 2014-09-10 04:39 PM

:جز:

مناظر سلفي 2014-10-11 08:50 PM

[color=blue][size=6]اللهم عليك بالخوارج الذين فتنوا العامة في دينهم وفرقوا الأمة .
[/size][/color]

أبو أحمد الجزائري 2014-10-12 12:31 AM

[QUOTE=مناظر سلفي;328924] [color=blue][size=6]اللهم عليك بالخوارج الذين فتنوا العامة في دينهم وفرقوا الأمة .
[/size][/color] [/QUOTE]
[SIZE="6"][FONT="Traditional Arabic"][COLOR="Green"]
أمين بارك الله فيك[/COLOR][/FONT][/SIZE]


الساعة الآن »10:20 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة