وهذا عرض لمعنى النقد الموضوعى البناء:
أـ البدل والمقايضة والعوض: ـ
وذلك كقولهم " بعنى هذا الثوب انقدك ثمنه " وكما ورد ان ابا لهب نقد رجلا فى قافلته كل ثمنها وزاده فيها لكى لا يصل للنبى منها شىء ـ حيث كان النبى حبيس شعب ابى طالب ـ وهذا يقودنا الى امر فى غاية من الدقة وهو ان الناقد يجب ان يكون عنده البدائل لما ينقده لا ان ينقد لمجرد النقد وهو قليل البضاعة فى
هذا الفن او ان يلتزم الناقد فى اصل كلامه عدم التنقيص مما ينقده بل يزيد فيه .
ب ـ التمييز بين الجيد والردىء:ـ
وذلك اذا نظرنا الى قولهم ." النَّقْدُ : تَمْيِيزُ الدَّراهِمِ وإِخراجُ الزَّيْفِ منها" وحينئذ يجب على الباحث ان يكون على دراية تامة بجيد الكلام ـاى اصول اللغة ودقائقها ـورديئه لان اخراج الزيف يحتاج دقة فى معرفة اصول التراكيب ولا يتناسى حديث ابى الدرداء [ إن نَقَدْتَ الناسَ نَقَدُوك" ولذلك كان اهل العلم يتحرون هذا الاصل ونضرب لذلك امثلة :
1ـــ قول النبى ـصلى الله عليه وسلم ـ لحسان بن ثابت :" عليك بابى بكر فانه ادرى الناس بالفاظ العرب " الطبرى وفى رواية ابن الاثير " انساب العرب " وفى كل كان ابو بكر على دراية تامة بلغات ولهجات العرب رضى الله عنهم جميعا .
2ــتفضيل النبى للبيد العامرى فى قوله:" الا كل شىء ما خلا الله باطلا "وقال : اصدق بيت قاله لبيد .
3ــثناء النبى ـصلى الله عليه وسلم ـ على النابغة الجعدى وقوله له :" لافض الله فاك " فعاش ما عاش ولم تسقط له ثنية .
4ــ تفضيل عمر للبيد على غيره فقال :" لانه لا يقول الا صدقا " .
5ــ تفضيل النابغة الذبيانى للخنساء على حسان لانها اجادت فى اختيار الالفاظ فغضب حسان فقال للنابغة :" انا اشعر منك ومنها ". فقال له : حيث تقول ماذا؟ قال : اقول :
لنا الجفنات الغر يلمعن فى الضحى واسيافنا يقطرن من نجدة دما
بلغنا بنى العنقاء وابنى محر ق فاكرم بنا خالا واكرم بنا ابنما
فاخرج له النابغة من قوله عشر عيوب كلها فى عدم اجادته لاختيار الالفاظ .
على اننا لا نعنى بالاجادة الوجهة النحوية ـ والا كان مدخلا لكل ساقط ان يتصيد لاكابر اهل العلم سقطاتهم والتى قالوها متعمدين اما لكثرة اوجهها عند اهل العربية او على سبيل الهذل او لغيرها ـولكن نعنى بها حسن اختيار اللفظ مناسبا للمعنى بحسن التركيب موافقا لاصول وروح اللغة والامثلة على ذلك اكثر من ان تحصى من امثال صنيع "الامام احمد , ابن تيمية , ابن القيم ,ابن حجر العسقلانى , النووى وغيرهم بل كلهم .
|