عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-10-27, 05:05 PM
محمود5 محمود5 غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-10-17
المكان: مصر
المشاركات: 1,238
جديد قصة اباضى يعود الى اهل السنة !!!!!!!منقول

قصة تحولي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فهذه قصة رجوعي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق ، وطريقة أهل الاستقامة ،
وقد سبق لي أن ذكرت شيئا من هذا في السبلة الإباضية ، ولكن تعجل بعض من هناك بالتكذيب ، وكأنهم لا يعلمون أن كثيرا من الإباضية في عمان وخارجها قد تركوا مذهب آبائهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة ،
وهذا أمر معلوم لكل من يعيش في عمان تقريبا ، بل لا أظن أحدا من أهل عمان إلا ويعرف واحدا أو أكثر ممن ترك المذهب الإباضي ورجع إلى مذهب الحق ،
ثم إن الله – عز وجل – أراد أن يكشف تسرع أولئك المكذبين ، فدخل السبلة بعض من يعرفني شخصيا ، وهو من الإباضية ، فصرح بأني كنت إباضيا ، ثم رجعت إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحمد لله أن جعل لي من يصدقني .

على أية حال ، فليس المراد من سياق هذه القصة أن يصدق الناس أني كنت إباضيا أولا ،
ولكن المراد أن يطلع المنصف على السبب الذي جعلني أترك مذهب الآباء والأجداد ، لعله إن سلك طريقي أن يصل إلى نفس القناعة التي وصلت إليها .

وأول ذلك أني كنت يوما من الأيام أصلي في مسجد حينا على الهيئة الإباضية ، فجاءني رجل من أهل المسجد وقال : " يا أخي لم لا تكبر تكبيرة الإحرام ، فالصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام " ،
طبعا أنا كنت أكبر تكبيرة الإحرام ، لكني لم أكن أرفع يدي مع التكبير لأن هذا هو المذهب الإباضي ، مع أن أحاديث الرفع كثيرة وكثيرة جدا ، منها في الصحيحين وغيرها ، بل هي متواترة ،
على أية حال قلت له : " بل أنا أكبر تكبيرة الإحرام ، ولكن سرا " ،
فقال لي : " إذن لا أراك ترفع يديك ! " ،
قلت له : " نحن الإباضية لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام " ، وظننت أن هذا الجواب كاف له ليتركني وشأني ،
ولكنه قال : " أنت إباضي ! " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " لا يمكن أن أتركك على هذا المذهب ، هذا من المذاهب الضالة " ،
فكبرت هذه الكلمة عليَ ، واستعظمتها جدا ، ولذلك ينبغي الرفق في الدعوة ، خاصة مع الذين لا يعلمون شيئا
فذكر لي كلاما يستدل به على ذلك ، لكني لا أذكر منه شيئا الآن ، لأني لم أكن أفهم ما يقول ،
على أية حال ، أحدث هذا عندي شكا ، فلما ذهبت إلى عمان جئت أحد أخوالي فقصصت له ما سبق ، فأعطاني كتاب الحق الدامغ ، ولكني أيضا لم أفهم منه شيئا ، لأنه كان فوق المستوى ،

ولكن رأى أحد طلبة العلم عندي الكتاب ، فأخذه وقرأه ، ثم أعطاني محاضرة حوله ، لكني أيضا لم أفهم شيئا ، لأن ذلك كله كان فوق المستوى ، وفي هذا فائدة مهمة للداعية ، وهي أن يحدث الناس على قدر عقولهم ، لأن المراد هداية الناس ، فلو كلم الناس بما لا يفهمونه لم يستفد الناس من فعله شيئا .
ثم إني في أحد سفراتي إلى عمان جلست مع خال لي فسألته عن الخلاف بين أهل السنة والإباضية ، حيث كنت أظن سابقا أن الخلاف إنما هو في الصلاة فقط ، الإباضية يسدلون أيديهم وأهل السنة يكفتونها ، يضعونها على صدورهم ،
فأعلمني أن الخلاف أوسع من ذلك ، وأن أهل السنة مشبهة ،
فقلت له : " وما معنى مشبهة ؟ " ،
قال : " أي أنهم يشبهون الله بعباده ، فيقولون : الله له يد كيد البشر " ،
فاستعظمت هذا ورأيت أن مذهب أهل السنة من أبطل ما يكون ، وطبعا فرحت بهذا من قرارة نفسي ،
لأني كنت أريد أن يكون الإباضية هم على الحق ، لأنه المذهب الذي ولدت عليه ، والذي رأيت كل أهلي عليه ، بل كنت إذا جاءنا ضيف فصلى على مذهب أهل السنة استنكرت فعله جدا ،
فذهبت إلى أهل السنة ، وعرضت على أحد طلبة العلم ما علمته من خالي ،
وقلت له : " أنتم مشبهة ، لأنكم تقولون : إن لله يدا كأيدي الناس " ،
فقال لي : " أعوذ بالله ، بل نحن نقول : الله له يد تليق به ، كما أن للمخلوق يدا تليق به " ،
ثم طرح علي هذا السؤال : " هل الله يسمع ؟ " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " يسمع كسمعنا ؟ "
قلت له : " لا "
قال : " كذلك الله له يد لا كأيدنا " ،
وأعطاني الدليل على ذلك وهو قوله تعالى : " بل يداه مبسوطتان " ، وقوله تعالى لإبليس : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " .
فاطمأنت نفسي لذلك جدا ، ووقع كلامه في قلبي موقعا عظيما ، ورأيت أنه كلام سلس مفهوم واضح موافق للفطرة ،
فقنعت به ، وصرت من يومها أصلي على مذهب أهل السنة ،

ثم إني ذهبت إلى عمان مرة أخرى ، فقلت لخالي : " أهل السنة ليسوا مشبهة ، بل يقولون : الله له صفات تليق به ، كما أن للمخلوق صفات تليق به ، وصفة الله لا تشبه صفة المخلوق " ،
فلم يعرف ما يقول ، لأنه كان مبتدئا في العلم ،
ولكنه حول مجرى الكلام فقال : " هل تعلم أن ابن تيمية يقول : إن الله يستوي على جناح بعوضة ؟ " ،
فقلت : له : " وما معنى يستوي ؟ " ،
قال : " يجلس " ،
قلت : " ومن ابن تيمية هذا ؟ " ،
قال : " عالم من علماء السنة " ،
فانقدح في نفسي أن هذا الرجل يتبرأ منه أهل السنة ، لأنه لا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذه المقولة ،
فرجعت إلى طلاب العلم من أهل السنة فسألتهم عن ذلك ،
فقال لي أحدهم : " ليس بصحيح ، ابن تيمية لا يقول ذلك ، ومن زعم أن ابن تيمية يقوله فليأت بكلامه " ،
وفهمني أن ابن تيمية إمام عظيم ، وأن العلماء اتفقوا على توثيقه [ طبعا إلا من شذ ] ،

ثم إني بعد أن قرأت كتب ابن تيمية عرفت أصل المسألة ، وهو أن ابن تيمية نقل عن عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي أنه – أي المريسي – أنكر أن يكون الله فوق العرش ،
فقال الدارمي : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته " [ انظر نقض تأسيس الجهمية (1/568) ] ،
وهذا أولا : ليس من كلام ابن تيمية ، بل نقله عن الدارمي ،
وثانيا : هذا من باب فرض ما لم يكن ، كقوله تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ، وكقوله : " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " ، وكقوله : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " ، ونحوها من الآيات ،
فكل هذا من باب التنزل وفرض المستحيل ، فهذا كما ترى ليس فيه غضاضة على الإطلاق ، والله قد استوى على العرش وهو مخلوق من مخلوقاته جل وعلا ، فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

على أية حال هذه كان بداية سلسة كذبات سمعتها على هذا الإمام العظيم ، ليس من خالي ، إنما من غيره فيما بعد ، وكثير منها تولى كبرها بعض من يكتب في السبلة العمانية ،

وفي النية إن يسر الله أن أجمع بعض ذلك وأرد عليه ، ذبا عن عرض هذا الإمام العظيم ، فيعلم الله كم له من فضل علي خاصة ، وعلى المسلمين عامة ، اللهم اجزه عنا خير الجزاء ، اللهم اجمعنا به في دار كرامتك .
بعد ذلك ما زلت أتردد بين الفريقين ، فأسمع حجة هؤلاء ، وحجة هؤلاء ، ثم أقارن ،

وأذكر أن من الأمور التي استوقفتني مسألة نزول الرب – عز وجل – إلى السماء الدنيا ،
فإن خالي قال لي مرة : " إن أهل السنة يثبتون أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا " ،
وكنت قد حضرت محاضرة لأحد أهل السنة تكلم فيها عن هذه المسألة ، ووضح أنهم يؤمنون بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ، وأن هذا هو نص كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – كما ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له " .
فقلت لخالي : " نعم أهل السنة يثبتون ذلك على ما جاء به الحديث " ،
فقال لي : " ولكن قال الشيخ أحمد الخليلي : إن ثلث الليل يدور حول العالم ، فحين ينتهي ثلث من منطقة يذهب إلى التي تليها من جهة الغرب ، وهكذا ، فثلث الليل لا يزال حول العالم يدور ، فهل معنى هذا أن الله يبقى نازلا إلى الأبد ؟ "
فرأيت أن هذا الدليل قوي جدا ، ولم أستطع الانفكاك عنه ،
فغيرت مذهبي على الفور إلى مذهب الإباضية ،
وصرت أصلي مسبلا يدي ، وصرت على يقين أن هذا الدليل لا مدفع له ، وشعرت حينها أني قوي ، كالجندي الذي معه سلاح يجزم أن عدوه لا يمكنه أن يمتلك سلاحا يقاومه ، فصرت كلما لقيت أحدا شرحت له هذا الدليل الذي وصلني من قبل الخليلي ، من شدة فرحي بما سمعت .

حتى قابلت مرة أحد أهل السنة العوام فأخبرته بما قاله الخليلي ، فقال : " أنا لا أعرف الجواب ، ولكن سآخذك إلى من هو أعلم مني " ،
فقلت : " نعم " ،
وكنت على يقين أنه سيفاجأ بهذا الجواب ، وكنت أظن أن هذه الحجة من عند الخليلي لم يسبقه إليها أحد ، فلما ذهبنا عند الرجل ، وكان من طلبة العلم الحريصين ، شرح له صاحبي المسألة ، وسمع الرجل الدليل مني ،
إلا أنه فاجأني بأن قال : " هذه شبهة قديمة معروفة ، وقد أجاب عليها الشيخ ابن عثيمين في فتاواه ، وسأهديك منها نسخة " ،
وواعدني أن آتيه بالغد ،
وفي اليوم التالي حضر إلى المسجد فعلا ، وأعطاني نسخة من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ، وكتبا أخرى ،
ويعلم الله ، كم كانت فرحتي بتلك الهدية ،
وهذه لفتة مهمة إلى الدعاة ، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " تهادوا تحابوا " ،
فكم أثرت هديته في نفسي ، ولما شعرت أنها تخصني زاد اهتمامي بالكتاب ، وكنت أول مرة أسمع فيها بالشيخ ابن عثيمين ، فأراني الرجل مكان الفتوى المطلوبة ،
ثم قال لي : " اقرأ الكتاب فسيفيدك جدا " ،
وفعلا قرأت الكتاب من أوله إلى آخره ، واستفدت منه أمورا عظيمة ،
منها : تعريف أهل السنة والجماعة ،
ومنها : تقسيم التوحيد ومعاني كل قسم ،
ومنها : طريقة أهل السنة في الإثبات ، والأدلة على ذلك ، وأنهم غير مشبهة ، بل ينكرون على المشبهة ،
ومنها : تحريم التصوير ، وأنه وسيلة إلى الشرك ،
ومنها : تحريم البناء على القبور ، والغلو فيها ،
إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة ،
ومما كان يزيدني اهتماما بالكتاب تمكن صاحبه ، وسهولة عبارته ، وقوة أدلته ، ولم أكن أتصور حينها أن يقدر الله لي التتلمذ علي يدي هذا الرجل العظيم ، وأني سأكون ممن يجلس في حلقاته ، ويسمع منه مباشرة ،
ولكن لله على عباده ألطاف كثيرة ،
ويعلم الله أني من يومها لم أحب عالما من العلماء الذين التقيت بهم كما أحببت ذلك الشيخ العظيم ، الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة - .

وهنا لفتة مهمة أيضا إلى الدعاة : وهي أن نشر كتب أمثال هؤلاء العلماء فيه من الخير الشيء الكثير ، وخاصة كتب الفتاوى ، لأنها تتناول أسئلة الناس التي تدور بينهم ، والتي يكثر السؤال عنها ، ولأنها تراعي مستوى العوام ، أو المبتدئين ، وفيها تعليق الناس بأهل العلم الكبار ، فيعلم الله كم لذلك الرجل الذي أعطاني كتاب الشيخ ابن عثيمين من فضل علي بما أهداني .
والمقصود ، أني قرأت فتوى الشيخ حول الشبهة المذكورة ، وإليكم نص السؤال ، وجوابه :
جاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (1/102) سؤال رقم (102) ما نصه :
" سئل الشيخ – أعلى الله درجته في الهديين - : من المعلوم أن الليل يدور على الكرة الأرضية ، والله – عز وجل – يزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فمقتضى ضلك أن يكون كل الليل في السماء الدنيا ، فما الجواب عن ذلك ؟
فأجاب بقوله : الواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحرف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ،
فالتحريف في النصوص ،
والتعطيل في المعتقد ،
والتكييف في الصفة ،
والتمثيل أيضا في الصفة ، إلا أنه أخص من التكييف ؛ لأنه تكييف مقيد بمماثلة ،
فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة ،
ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ ( لم ) ؟ وكيف ؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته ، وكذا يمنع نفسه عن التفكير في الكيفية ،
وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرا ، وهذه حال السلف – رحمهم الله - ، ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس – رحمه الله – قال : يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " ، كيف استوى ؟ ، فأطرق برأسه وعلته الرحضاء ، وقال : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا " ،
وهذا الذي يقول : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ، فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدينا ؛ لأن الليل يدور على جميع الأرض ، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى هذا المكان الآخر ؟ .
جوابنا عليه أن نقول : هذا سؤال لم يسأله الصحابة – رضوان الله عليهم - ، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن المستسلم لبينه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ،
ونقول : ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقيا فالنزول فيها محقق ، ومتى انتهى الليل انتفى النزول ، ونحن لا ندرك كيفية نزول الله ، ولا نحيط به علما ، ونعلم أنه سبحانه ليس كمثله شيء ، وعلينا أن نستسلم ، وأن نقول : سمعنا ، وآمنا ، واتبعنا ، وأطعنا ، هذه وظيفتنا " اهـ .

وهذا الجواب كاف شاف كما ترى ، فالله – عز وجل – أخبرنا على لسان نبيه ، أنه ينزل في الثلث الأخير من الليل ، فنحن نؤمن بهذا ،
فأينما كان الثلث الأخير فهنالك النزول ،
ثم إنه من المتفق عليه بيننا وبين الإباضية أنه لا ينبغي للإنسان أن يخوض في صفات الله – عز وجل – بالتفكير ، والتكييف ،
بل ينبغي عليه أن يكف عن هذا ، فما بال علماء الإباضية يعرضون مثل هذه الشبه ، مع أننا جميعا متفقون أنه ينبغي عدم الخوض فيها ؟!!
على أية حال عرفت حينها أن أهل السنة يقولون إزاء النصوص : سمعنا وأطعنا ،
فإذا لم تتقبل عقولهم شيء اتهموها ، وآمنوا بالنص ، ولم يردوا النص لأجل شيء يقوم في عقولهم ،
وأن هذه الطريقة أسلم ، وأحكم ، وأعلم ، وهي طريقة الصحابة ، ومن بعدهم من علماء الأمة ، ومن سلكها نجا ، ومن تنكبها هلك ،
فلو عرضنا نصوص الكتاب والسنة على عقولنا لرددنا الكثير مما لا يقبله عقل كثير من الناس ، والواجب عدم معارضة النصوص إذا ثبتت .

ومن يومها استفدت درسا عظيما ، وهو التسليم لكتاب الله ، وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - ، وعدم الاعتراض عليهما ، فصار عندي قناعة تامة بمذهب أهل السنة في صفات الله – عز و جل - ، وذلك بفضل قراءتي لفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى - .

ورجعت بعدها أصلي صلاة أهل السنة ، أكفت يدي ، كما يكفتون .
بعدها تزايد حضوري لحلقات طلاب العلم من أهل السنة والجماعة عندنا في الإمارات ، وصرت أواظب على الدروس في أيام معينة من الأسبوع ، فدرست كتاب الأصول الثلاثة ، وبعض كتاب التوحيد ، كلاهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله - ،
وحضرت بعض حلقات العقيدة ، وأظن أنها كانت حول كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فعرفت الكثير من مبادئ أهل السنة والجماعة في الصفات ،
ومن القواعد المفيدة التي درستها : ( أن القول في الصفات كالقول في الذات ) ، فالصفات تابعة للذات ، فمن أثبت لله ذاتا لا تشبه الذوات فليثبت له صفات لا تشبه الصفات ،
فلله – عز وجل – يد لا كيدنا ، وله وجه لا كوجهنا ، وله سمع لا كسمعنا ، وله بصر لا كبصرنا ، وله علم لا كعلمنا ، وله عزة لا كعزتنا ، كما أن له ذاتا ليست كذواتنا ، كل ذلك سواء .
ومن القواعد المفيدة التي درستها : ( أن كل معطل مشبه ) ، فكل من عطل صفة من صفات الله إنما عطلها لأنه فهم منها التشبيه ، ولو أنه ما فهم التشبيه من تلك الصفة لأثبتها ،
فهو حين يقرأ قوله تعالى : " ما منعك أن تسجد لما خلقت يدي " ، يفهم أن هاتين اليدين كيدي المخلوق ، فلأجل هذا يضطر إلى أن يؤول ، ويقول : ليست اليد هنا على معناها الحقيقي ، بل هي بمعنى المباشرة ، أو بمعنى القوة ، أو غير ذلك من المعاني ، والذي جعله يتؤل الآية أنه فهم منها التشبيه ، وليس كذلك ، فليس الأمر على ما ذكر ، بل القرآن ليس ظاهره تشبها ، حاشا وكلا ،
قال نعيم بن حماد الخزاعى شيخ البخارى : " من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها " .
على أية حال : كانت هذه المرحلة مرحلة تعلم لمبادئ أهل السنة والجماعة عموما ، ولعقيدتهم في الصفات خصوصا .
فكنت إذا ذهبت إلى عمان عند أخوالي أناقشهم في بعض ما تعلمته يعجزون عن مجاراتي ، لأنهم لم يكونوا بدرجة عالية من الدراية بمذهبهم ، وهذا زادني تثبيتا على ما أنا عليه .
ثم إنني ذهبت مرة لزيارة أحد طلاب العلم من أهل السنة والجماعة ، فذكرت له قصتي ، وبعض ما كان يجري بيني وبين أخوالي وغيرهم من أهلي ،
وقلت له : " أريد أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي " ، لعلي أجد عنده شيئا زائدا ،
فنصحني ألا أذهب إليه ، ولكني لم أقنع بكلامه ، لأني كنت أرى أنه من تمام الإنصاف أن أسمع حججهم كاملة ،
ثم في نهاية المجلس أعارني كتابا نفيسا بعنوان : " إثبات علو الرحمن ، من قول فرعون لهامان " ، لأسامة القصاص ، وهو كتاب نفيس في بابه ، فزدت قناعة بما توصلت إليه من الحق ، والحمد لله .
ثم إنه لم يتيسر لي أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي – مفتي عمان - ، ولكني كنت أقرأ بعض كتب الإباضية كلما ذهبت إلى عمان ، وأذكر أني كنت إذا أمسكت بكتاب من كتبهم أقول قبل أن أفتحه : " اللهم إن كان الحق في هذا الكتاب فأرني إياه " ، ولكني لم أكن أرى إلا ما يزيد ثقتي بصدق مذهب أهل السنة والجماعة .

كل ذلك كان وأنا في مرحلة الثانوية العامة ، وما بعدها بقليل ، وبعد مرحلة الثانوية العامة صرت على مفترق الطرق ، إما أن أذهب إلى إحدى شركات الطيران لأدرس وأتخرج طيارا ، وإما أن أذهب إلى الجامعة الإسلامية ، ولله الحمد قبلت في الجامعة الإسلامية قبل استدعائي إلى معهد الطيران للدراسة ، فلما بدأت بالجامعة ودخل حبها قلبي استدعيت للطيران ، ولكن هيهات وقد تعلق القلب بالمدينة النبوية ، ومسجدها ، وجامعتها ، فلم أبغ بذلك بدلا ، ولله الحمد .

مع أن قلبي كان أميل إلى الذهاب للطيران قبل ذلك ، بل كنت أعد ذهابي للجامعة الإسلامية لما ذهبت استغلال وقت فراغ قبل أن أحزم حقائبي وأتوجه إلى الطيران ، ولكن أعان الله بكرمه ، ولطف رحمته بأن نشبت بالجامعة ، فلم أبغ بها بدلا ، ولله الحمد والمنة .

وفي الجامعة الإسلامية حصل لي تحول كبير في حياتي ،
فهنالك عاشرت علماء أهل السنة ، وتعلمت منهم ، ونهلت من آدابهم ، وكان أخي في الإمارات إذا أشكل عليه شيء كلمني في الهاتف،
وسألت له العلماء عن إشكاله فكشفوه لي ،
وأذكر أن من أول الإشكالات التي عرضت علي هناك مسألة الحد وإثباتها لله – عز وجل - ، فسألت عنها العلماء ، فكان أول من سألت من أهل العلم الشيخ : ( محمد أمان الجامي – رحمه الله - ) وكان متخصصا في العقيدة ،
وكنا قد انتهينا لتونا من صلاة الفجر في المسجد النبوي الشريف ، وكانت للشيخ حلقة في العقيدة بعد صلاة الفجر ، فسألته قبل أن يجلس على كرسيه ،
قلت : " يا شيخ هل أهل السنة يثبتون الحد لله – عز وجل - ؟ " ،
فقال : " وما الذي تعنيه بالحد ؟ " ،
فارتبكت ، فلما رأى مني الارتباك قال لي : " يا ولدي ! اذهب وادرس العقيدة " ،
وأمرني أن أركز على الأصول وأن لا أهتم بالمسائل العارضة الآن ،
فانصرفت من عنده مهموما ؛ لأني كنت أريد الجواب حالا ، ولكني عرفت أن تلك الكلمة من الشيخ أراد بها أن يربيني ، وخاصة لما رأى عدم فقهي للسؤال الذي سألت عنه ، فما فائدة جواب لإنسان لا يدري معنى السؤال الذي يسأله ؟ ،
ولكني لم أدرك ذلك في حينه ، فما زلت أفتش حتى علمت قاعدة أهل السنة في مثل هذا ، وهو ما ذكره ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية (ص218، ط . المكتب الإسلامي ، تخريج الألباني )
قال – عند شرحه لقول الطحاوي : " وتعالى عن الحدود والغايات " -
: " أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال :
فطائفة تنفيها ، وطائفة تثبتها ،
وطائفة تفصل ، وهم المتبعون للسلف ، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها فهو ثابت ، وما نفي بها فهو منفي ؛
لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إحمال وإبهام ، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية ، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي ،
ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا ، ويذكرون عن مثبتيها مالا يقولون به ،
وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلا مخالفا لقول السلف ، ولما دل عليه الكتاب والميزان ،
رد مع اقتباس