عرض مشاركة واحدة
  #168  
قديم 2011-04-23, 11:12 PM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 431
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء التاسع و العشرون
(6)
وبعض آيات من سورة الحاقة

مصارع الأمم
المكذبة برسالات الله تعالى.


الْحَاقَّةُ – 1 مَا الْحَاقَّةُ – 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ – 3
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ – 4 فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ – 5 وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ – 6 سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ – 7 فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ – 8

وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ – 9 فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً – 10

إن رسالات الله تعالى أتت لرحمة الإنسان من التخبط ولحمايته من الظلم والفساد ولحمايته من تسلط الطغاة , حيث الحرية والكرامة هي أساس شريعة الله تعالى.

إن أمر الدين والعقيدة , جد خالص حازم جازم . جد كله لا هزل فيه . ولا مجال فيه للهزل . جد في الدنيا وجد في الآخرة , وجد في ميزان الله وحسابه . جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا . وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم , وأخذه الحاسم ..
إنه الحق . حق اليقين . من رب العالمين...

وإن المتأمل في الحضارات التي أبيدت وانتهى مصيرها بالعقاب الإلهي يجد أنها بلغت حدا كبيرا من الحضارة المادية , ولكي ندرك هذا الأمر ننظر إلى الأهرامت العملاقة والتي تعتبر معجزة في البناء تحير مهندسي العالم حتى الأن..هذه الأهرامات ما هي إلا مدافن لفراعنة مصر, فكيف كانت القصور ؟؟ وأين علوم التحنيط التي تعتبر سرا من أسرار تلك الحضارة ؟ كل هذه الحضارة إنهارت وأبيدت بسبب التكذيب والعناد لرسالة الله تعالى..
وكذلك حضارة عاد وثمود أبيدت بسبب تعنتهم واستكبارهم على رسالة ربهم..

وهكذا كل من تكبر ورفض الحق ورسالة الحق أخذ أخذة مروعة داهمة قاصمة , تتناسب مع الجد الصارم الحاسم في هذا الأمر العظيم الهائل , الذي لا يحتمل هزلا , ولا يحتمل لعبا , ولا يحتمل تلفتا عنه من هنا أو هناك....
ويبرز ذلك في مشهد القيامة المروع , وفي نهاية الكون الرهيبة , وفي جلال التجلي كذلك وهو أروع وأهول: ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة , فيومئذ وقعت الواقعة ,وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )

******

وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . .( بالطاغية ). . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا , وتغمرهم غمرا , وتعصف بهم عصفا , وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا ...

وأما عاد فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما . على حين كانت وقعة ثمود خاطفة . . صيحة واحدة . طاغية . .( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ).
والريح الصرصر:الشديدة الباردة . واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح . وزاد شدتها بوصفها ( عاتية ). . لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن , وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت . وكانوا أشداء بطاشين جبارين . هذه الريح الصرصر العاتية: ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ). . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: ( سبع ليال وثمانية أيام ). ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا: ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ). . فترى . . فالمنظر معروض تراه , والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه ...( صرعى ). . ( كأنهم أعجاز نخل ) بأصولها وجذوعها ( خاوية ) فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة . .( فهل ترى لهم من باقية ? ). . لا - فليس لهم من باقية
ذلك شأن عاد وثمود . . وهو شأن المكذبين .

وجاء فرعون ومن قبله والمؤتكفات بالخاطئة . فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ...
وفرعون كان في مصر - وهو فرعون موسى - ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل . والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت , فاللفظ يعني هذا وهذا . ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعا , فيقول عنهم انهم جاءوا ( بالخاطئة ) أي بالفعلة الخاطئة - من الخطيئة - ( فعصوا رسول ربهم ). . وهم عصوا رسلا متعددين ; ولكن حقيقتهم واحدة , ورسالتهم في صميمها واحدة . فهم إذن رسول واحد , يمثل حقيقة واحدة
وهي بلاغ رسالة الله للعالمين التي هي الرحمة لهم في الدنيا والأخرة...

*******

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس