الموضوع: الكتاب والحكمه
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2011-07-01, 01:01 AM
نبيل الجزائري نبيل الجزائري غير متواجد حالياً
منكر للسنة
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-10
المشاركات: 51
افتراضي

بسم الله
أولا - يوحي كلام الأخ بأن تفاسير العلماء من أهل السنة تجمع على أن الحكمة هي السنة بالمعنى الذي يفهمه اهل السنة منها . لكن لو عدنا لهذه التفاسير لوجدنا أنهم لا يجمعون على ما أوحى به كلام الأخ من أن الحكمة هي السنة . نجد مثلا في تفسير البغوي عن مجاهد أن الحكمة هي فهم القرآن ونجد فيه عن ابن قتيبة هي العلم والعمل هكذا بالتعميم دون تحديد ، ونجد فيه أنها الفقه ، وفيه أنها الأحكام والقضاء ، ونجد فيه "وقيل أنها السنة " . وهنا يتضح أن الحكمة هي السنة إنما هو رأي من جملة آراء لدى اهل السنة أنفسهم وليس حولها إجماع ، وفي تفسير الآلوسي نجد جمعا لعدد اكبر من هذه الآراء . يقول الآلوسي : " والحكمة أي وضع الأشياء مواضعها ، أو ما يزيل من القلوب وهج حب الدنيا ، أو الفقه في الدين ، أو السنة المبينة للكتاب أو الكتاب نفسه ، وكرر للتأكيد اعتناء بشأنه ، وقد يقال : المراد بها حقائق الكتاب ودقائقه وسائر ما أودع فيه ، ويكون تعليم الكتاب عبارة عن تفهيم ألفاظه ، وبيان كيفية أدائه ، وتعليم الحكمة الإيقاف على ما أودع فيه ، وفسرها بعضهم بما تكمل به النفوس من المعارف والأحكام؛ فتشمل الحكمة النظرية والعملية " . انتهى كلام الألوسي . إذن فلو أن أحد اهل السنة لم ير في الحكمة هي السنة لما كان في رأيه هذا ما يستغرب أو ينكر ، لأنه وارد في كتب القوم . فكون الحكمة هي السنة لا تقوم حجة على اهل السنة ممن يخالفون هذا التفسير فما بالك بمن هو خارج عنهم كالقرآنيين . القصد أن علماء أهل السنة لم يتفقوا على أن الحكمة هي السنة . بل هو رأي من بين آراء وتفسير من جملة تفاسير . وعليه فمن يزعم بأن الحكمة هي السنة إنما هو يحاجج لا بالكتاب الكريم بل بتفسيره للكتاب الكريم .

ثانيا : إن كانت الحكمة هي السنة اعتمادا على أحد التفسيرات ، وإن كان الكتاب شيء والحكمة شيء مختلف ومغاير حسب عبارة الأخ . إن كان هذا هكذا . فماذا يقول في قوله تعالى :

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - البقرة 231 . لو كان الكتاب والحكمة شيئان متغايران لكنا وجدناه تعالى يقول : يعظكم بهما . لكنه قال يَعِظُكُم بِهِ فهذا القول يتنافى مع ما يزعمه الأخ من أنهما شيئان متغايران .

ثالثا : والدليل على أن الكتاب والحكمة ليسا متغايران كما هو تغاير الكتاب والسنة - كما يفهمها أهل السنة - قوله تعالى في سورة الإسراء: لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)
إذن فهذه الآيات هي من الحكمة . فإن كانت الحكمة هي السنة وأنها والكتاب متغايران فكيف نفسر وجود آيات من الحكمة هي جزء من الكتاب ؟ فزعم الأخ أن الكتاب والحكمة شيئان متغايران بما يعني أننا لن نجد الحكمة في الكتاب ، تنفيه هذه الآيات التي وصل تعدادها سبع عشرة آية .

إذن لدى الأخ - من القرآنيين - ردود ثلاثة على زعمه : الرد الأول أن اهل السنة أنفسهم لا يجمعون على أن الحكمة هي السنة في تفاسيرهم . والثاني: ما قوله في جمعه تعالى بين الكتاب والحكمة في قوله : وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ . والثالث : ما قوله في الآيات السبع عشرة التي وردت في سورة الإسراء وانتهت بقوله تعالى : ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ . إن كانت الحكمة تغاير الكتاب فكيف يفسر الأخ وجودها في الكتاب ؟ . فليجب عليها بما يقوم حجة ودليلا عليهم .

والحمد لله
رد مع اقتباس