[ideal]

سيدي الفاضل انا لم اتحدث عن المهور و المتطلبات الغير معقولة، انا في حديثي كنت اقصد حتى الناس المتدينين و المثقفين، لا يمكن لاحد ان يزوج ابنته لطالب في الثانوية، الا ما ندر. لان الزواج قضية فيها مسئولية و ليست مجرد وسيلة لتفريغ الرغبة الجنسية.

على كل حال، انا معك، من منظور اسلامي، الزواج المبكر هو الحل الوحيد، و هو في الحقيقة امر كان عادي جدا منذ مئة سنة، ليس بذلك الزمن البعيد.

المشكلة اليوم ليست في غلاء المهور او الشبكة، المشكلة هي في طبيعة الحياة الاجتماعية، و مدة الدراسة. يعني، الحياة اصبحت معقدة اكثر من السابق، بحيث ان الانسان يحتاج ان يظل تحت "التدريب" حتى يصبح عمره 25 سنة، قبل ان يبدأ في العمل و تكوين نفسه. و لهذا اغلب الشباب لا يستطيع الزواج قبل هذه السن، حتى لو كان من بيئة متدينة.

على كل حال انا طرحت هذه فقط كاحدى المشاكل الاجتماعية الموجودة عندنا، و اللتي تقريبا تعتبر غير موجودة في الغرب.

الحل برأيي، و هذا قول كنت اعتبره "كبيرة من الكبائر" حين كنت مسلما و سمعته من احد اللادينيين، و لكني اراه الان معقولا .. هذا الحل هو فسح المجال اما الشباب و البنات للقاء فيما بينهم بشكل طبيعي كما تفعل جميع المجتمعات اليوم في العالم. طبعا، لا بد من وجود توعية بمخاطر الامراض مثل الايدز، الخ، و كيفية الوقاية منها. و طبعا الاهل يوعون بناتهم حتى لا يصدقوا اي شاب يريد اللعب بهم، و الاهل يربون الشباب حتى لا يعملوا من بنات الناس لعبة بين يديهم. و لكن في النهاية، من وجهة نظري، من الافضل فتح باب الحرية في هذه النقطة. قد تتصور انني اريد ان يقوم الشباب بممارسة الجنس (او الزنا!) مع كل من يحلو لهم من الفتيات بحيث تصبح المسألة مجرد لعبة. ليس هذا ما اؤيده ولا ما ادعو اليه. و لكن، اذا وقع شاب و فتاة في الحب، فمالمشكلة ان نترك العلاقة بينهما تتطور بشكل طبيعي؟ حتى لو وصلت الى مرحلة الاحضان و القبلات، و ما بعدها، و من دون ان يكون هناك عقد زواج رسمي. لا ارى مشكلة في ذلك، من ناحية المبدأ. ما دام انهما: لا يؤذيان احدا، و جادين في العلاقة. هذا كما يبدو لي هو الحل الامثل - و الطبيعي - لمشاكل الشباب.

بالمناسبة، هناك مسألة اخرى في مشكلة العزوبية: المشكلة الرئيسية هي الكبت الجنسي اللذي يولده هذا الامر. حين يكون الشاب وصل سن الـ 25 و هو لم يتزوج بعد، بل غير قادر على الزواج في المستقبل المنظور، فإن الشباب في الحقيقة يتعذب نفسيا بسبب هذا (خصوصا اذا كان ملتزما)، و السبب بسيط جدا: كما ان الشخص يجوع اذا لم يأكل الطعام، و الجوع نوع من الالم، و الطعام حاجة ضرورية له، اذا لم يحصل عليها يشعر بالتعب و الارهاق، و يصبح غير قادر على التفكير بشكل سليم، و غير قادر على الانتاج و الابداع. فكذلك الكبت الجنسي، له تأثير مشابه نوعا ما، فالانسان في الحقيقة يصاب باكتئاب ان لم يفرغ هذه الشحنة من حين لاخر. ما يسمى بالعادة السرية قد يؤدي الغرض مؤقتا .. (و لكن تخيل ان البعض يحرم حتى هذه!! من اجل احكام الكبت) لكنه ليس حلا طويل الامد.

التعب و الارهاق النفسي ليس بسبب الكبت الجنسي فقط، بل العاطفي ايضا. اذا احب فتاة، و هو و هي ملتزمين، لن يستطيع التواصل معها بشكل طبيعي، ولا مثلا الخروج معها، و لا تجاذب اطراف الحديث، الخ. و هناك حاجة عاطفية حقيقية، مثلها مثل الحاجة الجنسية، اذا لم تلبى هذه الحاجة فستسبب تعب و ارهاق و اكتئاب.

اضف الى ذلك، ان هذه الحاجات تبدأ في الظهور عند سن الـ 15، و قس: من سن 15 الى سن 25 (على الاقل)، يعاني الشاب من كل هذا التعب و الحرمان.

تخيل امة اكثر من نصف شبابها يعانون من هذا، اي، نصف شبابها يعاني من مشاكل نفسية. كيف ستنهض هذه الامة؟ الشباب هو محور النهضة. كيف سينهض هذا الشباب اذا كانت رغباته العاطفية و الغريزية مكبوتة كل هذه السنين؟

للاسف قد تؤخذ صرحتي هذه بسوء ظن (و كأني فقط اطعن في الاسلام!)، و لكن انا فعلا اتألم لحال شبابنا (و انا منهم بطبيعة الحال)، و هذا كلام لا نسمعه كثيرا، لانك لا يمكن ان تتخيل شابا مثلا يقول مثل هذا الكلام لوالديه (يا امي و يا ابي، بصراحة اريد الجنس و الا سانفجر!!)، لا احد يستطيع ان يقول مثل هذا الكلام، لاسباب عديدة، و لهذا فإن الكثير من الناس لا يشعر بحجم المأساة.

فهذه مشكلة اجتماعية عويصة، و ليس لها حل الى حد الان.