عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 2012-05-13, 02:08 PM
حقيقة الحق حقيقة الحق غير متواجد حالياً
عضو إباضي
 
تاريخ التسجيل: 2012-05-03
المشاركات: 23
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
هل تريد أن نناقشها واحدة تلو الأخرى، وآتيك بالبرهان من كلامك أنت أنكم مشبهة؟
أريد أن ألقى الله سبحانه وتعالى وأنا أقول أن الخليلي شيخ زندقة ما لم يتب عما هو عليه، فادع الله أن يميتني وفي قلبي هذه الأمنية.
أما ما قلته عن ابن تيمية فاذكر المصدر.
والله لم أتهرب، وكنت بدأت بكتابة الرد، لكن لأن الويندوز عندي كان مهترئاً، ولأن مشاركتك طويلة وبحاجة إلى رد طويل، ولأني الآن في فترة امتحانات، وامتحاناتي لا تتم إلا عن طريق النت، فآثرت أن أصلح الويندوز بأسرع ما يمكن على أن أعود إليك بعد ذلك، فما إن أنهيت إصلاحه حتى دخلت في الامتحانات، وأنا الآن لا أدخل إلى المنتدى إلا قليلاً، على أن أعود إليكم إن شاء الله في منتصف الأسبوع القادم ريثما أنهي ما علي.
وللتذكير فقط، ليس موضوعك فقط الذي تركته، بل هنالك موضوع آخر، تجده على الرابط التالي:
http://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=31034
فانتظرني حتى أنهي امتحاناتي.
حدَّثنا عبد الرحمن بن عياش السَّمَعى الأنصارى، عن دَلْهم بن الأسود بن عبد الله ابن حاجب بن عامر بن المنتَفِق العقيل، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، قال دَلهم: وحدَّثنيه أيضاً، أبى الأسود بن عبد الله، عن عاصم بن لقيط: أنَّ لقيط بن عامر، خرج وافِداً إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ومعه صَاحِبٌ له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المُنْتَفِق، قال لقيط: فخرجتُ أنا وصاحبى حتَّى قَدِمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوافيناه حينَ انصرفَ من صلاة الغداة، فقامَ فى النَّاسِ خطيباً، فقال: ((أيُّها النَّاسُ؛ ألا إنِّى قَدْ خَبَّأْتُ لَكُم صَـوْتِى مُنْذُ أرْبَعَة أيَّام، ألا لِتَسْمَعوا اليَوْمَ، ألاَ فَهَلْ مِنْ امْرِىءٍ بَعَثَهُ قَوْمُه فقالوا له: اعْلَمْ لَنَا ما يَقُولُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ألاَ ثَمَّ رَجُلٌ لَعَلَّهُ يُلْهيه حَدِيثُ نَفْسِهِ أوْ حَدِيثُ صَاحِبِه أوْ يُلْهِيهِ ضَالٌ، أَلاَ إنِّى مَسْؤُولٌ هَلْ بَلَّغْتُ، ألاَ اسْمَعُوا تَعِيشوا، ألاَ اجْلِسُوا)).
فجلس الناسُ، وقمت أنا وصاحبى حتى إذا فرغ لنا فؤادُه ونظره، قلت: يا رسول الله؛ ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لَعَمْرُ اللهِ، عَلِمَ أنى أبْتَغى السَّقْطَةَ، فقال: ((ضَنَّ رَبُّكَ بِمَفَاتِيح خَمْسٍ مِنَ الغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلاَّ الله))، وأشار بيده.
فقلت: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: ((عِلْمُ المَنِيَّة، قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنيَّةُ أحَدِكُم ولا تَعْلَمُونَه، وعِلْمُ المَنِىِّ حِينَ يَكُونُ فى الرَّحِم قَدْ عَلِمَهُ ومَا تَعْلَمُونَهُ، وعِلْمُ ما فى غَدٍ قَدْ عَلِمَ مَا أَنْتَ طَاعِمٌ ولا تَعْلَمُه، وعِلْمُ يَوْمِ الغَيْثِ يُشرف عَليْكُم أزِلِين مُشْفِقيْن فَيَظَلُّ يَضْحَكُ قَدْ عَلِمَ أنَّ غَوْثكُم إلى قَرِيبٍ)).
قال لقيطٌ: فقلتُ: لن نَعْدَمَ مِن ربٍّ يضحكُ خيراً يا رَسُولَ اللهِ. قال: ((وعِلْمُ يَوْمِ السَّاعَةِ)).
قلنا: يا رَسولَ الله؛ علِّمنا مما تُعلِّم الناسَ وتعلم، فإنَّا مِن قبيل لا يُصدِّقون تصديقنا أحداً مِن مِذحج التى تربو علينا، وخثعم التى تُوالينا وعشيرتنا التى نحن منها.
قال: ((تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ، ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيُّكُم، ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ، ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّائِحةُ، فَلَعَمْرُ إلهِكَ ما تَدَعُ عَلى ظَهّرِها شَيْئاً إلا مَاتَ، والمَلائِكَةُ الَّذِينَ مَعَ رَبِّكَ، فأَصْبَحَ رَبُّكَ عَزَّ وجَلَّ يَطُوفُ فى الأرْضِ، وخَلَتْ عَلَيْهِ البِلادُ، فأَرْسَلَ رَبُّكَ السَّمَاءَ تَهْضِبُ مِنْ عِنْد العَرْش، فَلَعَمْرُ إلهِكَ ما تَدَعُ عَلى ظَهْرِهَا مِنْ مَصْرَعِ قَتِيلٍ، ولا مَدْفَنِ مَيِّتٍ إلا شَقَّت القَبْر عَنْهُ حَتَّى تَخْلُفَهُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِه فَيَسْتَوِى جالِساً، فيَقُولُ رَبُّك: مَهْيَم، لما كان فيه يقول: يَا رَبِّ، أمْسِ، اليوم، لعهده بالحياة، يحسبه حديثاً بأهله)).
فقلتُ: يا رسولَ الله؛ فكيف يجمعُنا بعد ما تمزِّقنا الرياحُ والبِلَى والسِّباعَ؟
قال: ((أُنْبئُكَ بِمثل ذلِكَ فى آلاءِ الله: الأرْضُ أشْرَفْتَ عليها وهىَ فى مَدَرة بَالِيةِ)) فقلتَ: لا تحيى أبداً، ثم أرْسَلَ اللهُ عَلَيْهَا السَّمَاء، فلَمْ تَلْبثْ عَلَيك إلاَّ أيًَّاماً حَتَّى أشْرَفْتَ عَلَيْهَا وهى شَرْبَةٌ واحِدَةٌ، ولَعَمْرُ إلهِكَ لَهُوَ أقْدَرُ على أن يَجْمَعَكُم مِنَ المَاءِ عَلى أَنْ يَجْمَعَ نَباتَ الأرْضِ فتَخْرُجونَ مِنَ الأصْواءِ، ومِنْ مَصارِعِكُم، فتنظُرُونَ إلَيْهِ ويَنْظُرُ إليكُم)).
قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه؟
قال: ((أُنْبئُك بمثل هذا فى آلاءِ الله: الشَّمْسُ والقَمَرُ آيةٌ منه صَغِيرَةٌ تَرَونَهُما وَيَرَيَانِكُمْ سَاعَةً واحِدَةً ولا تُضارُّون فى رُؤْيَتهما، ولَعَمْرُ إلهكَ لهوَ أقدرُ على أن يراكم وترونه من أن تروا نورهما ويريانكم لا تضارُّون فى رؤيتهما)).
قلت: يا رسولَ اللهِ؛ فما يفعل بنا ربُّنا إذا لقيناه؟ قال: ((تُعْرَضُونَ عليه بادِيَةً له صَفَحَاتُكم لا يخْفى عليه منكم خَافِيةٌ، فيأْخُذُ رَبُّكَ عَزَّ وجَلَّ بيدِهِ غُرْفَةً من ماءٍ، فيَنْضَحُ بها قِبلَكُم، فَلَعَمْرُ إلهكَ ما يُخْطئ وَجْه أحَدٍ منكم منها قَطْرَة، فأمَّا المُسْلِمُ فَتَدَعُ وَجْهَهُ مِثْلَ الرَّيْطَةِ البَيْضَاءِ، وأَمَّا الكَافِرُ فَتَنْضَحُه أو قال: فتخطَمُه بمثل الحُمَم الأسْود، ألا ثم يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ ويَفْتَرِقُ على أثَرِهِ الصَّالِحُونَ فَيَسْلُكون جِسْراً مِنَ النَّارِ يَطَأُ أَحَدُكُم الجَمْرَة يقول: حِسِّ، يقول رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ: أو أَنه، ألا فَتَطلعون على حَوْضِ نَبيِّكُم عَلى أَظْمَأِ واللهِ نَاهِلَة قَطُّ ما رَأَيتُها، فَلَعَمْرُ إلهكَ مَا يَبْسُطُ أَحَدٌ مِنْكُم يَدَهُ إلاَّ وقَعَ عليها قَدَحٌ يُطَهِّرُه مِنَ الطَّوْفِ، والبَوْلِ، والأذى، وتُخنس الشَّمْسُ والقَمَرُ فلا تَرَوْنَ منهما واحداً)).
قال: قلتُ: يا رسول الله؛ فبمَ نبصر؟ قال: ((بِمِثْلِ بَصَرِكَ سَاعَتك هذِهِ، وذَلِكَ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ فى يَوْمٍ أَشْرَقَت الأَرْضُ وواجَهَتْ بِه الجِبالَ)).
قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ فبم نُجزَى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((الحَسَنَةُ بَعَشْرِ أَمْثَالِها، والسَّيِّئَةُ بِمِثْلِها إلاَّ أَنْ يَعْفُوَ)).
قال: قلتُ: يا رسول الله؛ ما الجنَّةُ وما النارُ؟ قال: ((لَعَمْرُ إلهكَ إنَّ النَّارَ لها سَبْعَة أَبْوابٍ مَا مِنْها بَابَانِ إلاَّ يًسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ عَاماً، وإنَّ الجَنَّة لها ثَمَانِيَةُ أبوابٍ ما منها بَابَانِ إلاَّ يَسِيرُ الرَّاكِبُ بينهما سَبْعِينَ عَاماً)).
قلتُ: يا رسول الله؛ فعلام نطلع من الجنَّة؟ قال: ((على أَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وأَنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ ما بِهَا صُداعٌ ولا نَدَامَةٌ، وأَنْهارٍ مِنْ لَبَنٍ ما يَتَغَيَّرُ طَعْمُه، ومَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وفاكِهةٍ، ولَعَمْرُ إلهكَ مَا تَعْلَمُونَ وَخَيْرٌ مِنْ مِثلِهِ مَعَهُ وأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ)).
قلت: يا رسول الله؛ أوَ لنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟ قال: ((المُصْلِحاتُ لِلصَّالِحِين)) وفى لفظ: ((الصالِحاتُ لِلصَّالِحِينَ)) تَلَذُّونَهُنَّ ويَلَذُّوَنكُم مثلَ لذَّاتكم فى الدُّنْيا غَيْرَ أنْ لا تَوَالُد)).
قال لقيط: فقلت: يا رسول الله؛ أقصى ما نحنُ بالغون ومنتهون إليه؟ فلم يُجبه النبىُّ صلى الله عليه وسلم.
قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ علام أبايُعك؟ فبسط النبىُّ صلى الله عليه وسلم يده، وقال: ((عَلى إقام الصَّلاةِ وإيتَاءِ الزَّكاةِ، وزِيالِ المُشْرِكِ، وَأنْ لا تُشْرِكَ باللهِ إلهاً غَيْرَهُ)).
قال: قلت: يا رسولَ الله؛ وإنَّ لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، وظنَّ أنى مشترط ما لا يُعطينيه، قال: قلتُ: نحلُّ منها حيث شئنا، ولا يجنى امرؤٌ إلا على نفسه، فبسط يده، وقال: ((لك ذلك تَحِلُّ حَيْثُ شِئْتَ، ولا يَجْنِى عَلَيْكَ إلاَّ نَفْسُكَ))، قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: ((ها إنَّ ذَيْن، ها إنَّ ذَيْن مَرَّتين لَعَمْرُ إلهك مِن أتقى الناسِ فى الأُولى والآخِرَة))، فقال له كعب بن الخدرية أحدُ بنى بكر بن كلاب: مَنْ هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال: ((بنو المنتفِق، بنو المنتفِق، بنو المنتفِق، أهل ذلك منهم)).
قال: فانصرفنا، وأقبلتُ عليه، فقلتُ: يا رسولَ الله؛ هل لأحد ممن مضى من خير فى جاهليتهم؟ فقال رجل مِن عُرْضِ قريش: واللهِ إنَّ أباكَ المنتفِق لفى النار، قال: فكأنه وقع حرٌ بينَ جِلد وجهى ولحمه مما قال لأبى على رؤوس الناس، فهممتُ أن أقول: وأبوك يا رسولَ الله؟ ثم إذا الأخرى أجمل، فقلتُ: يا رسولَ الله؛ وأهلك؟ قال: ((وأَهْلى لَعَمْرُ اللهِ، حَيْثُ ما أَتَيْتَ على قَبْرِ عامِرىٍّ، أو قُرَشى من مشرك قُلْ: أرسلنى إليك مُحَمَّدٌ، فأُبَشِّرُكَ بما يَسُوؤُكَ، تُجَرُّ عَلى وجْهِكَ وبَطْنِكَ فى النَّارِ)).
قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ وما فعل بهم ذلك، وقد كانوا على عمل لا يُحسنون إلا إياه، وكانوا يَحسِبُون أنهم مصلحون؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ بَعَثَ فى آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيّاً، فمَن عَصى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ، ومَنْ أطاع نَبِيَّهُ كان مِنَ المُهْتَدِين)).
هذا حديث كبير جليل، تُنادى جلالتُه وفخامتُه وعظمتُه على أنه قد خرج مِن مِشكاة النُّبوة، لا يُعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدنى، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزُّبَيْرى، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتجٌ بهما فى الصحيح، احتجَّ بهما إمامُ أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخارى، ورواه أئمةُ أهل السُّـنَّة فى كتبهم، وتلقَّوْه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحدٌ منهم فيه، ولا فى أحد من رُواته.
فممن رواه: الإمام ابن الإمام، أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل فى مسند أبيه، وفى كتاب ((السُّـنَّة)) وقال: كتب إلىَّ إيراهيمُ بن حمزة ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزُّبَيْر الزُّبَيْرى: كتبتُ إليك بهذا الحديث، وقد عرضتُه، وسمعتُه على ما كتبتُ به إليك، فحدِّث به عنى.
ومنهم: الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عَمْرو بن أبى عاصم النبيل فى كتاب ((السُّـنَّة)) له.
(يتبع...)
@ ومنهم: الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسَّال فى كتاب ((المعرفة)).
ومنهم: حافظُ زمانه، ومحدِّثُ أوانه، أبو القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب الطبرانى فى كثير من كتبه.
ومنهم: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حَيَّان أبو الشيخ الأصبهانى فى كتاب ((السُّـنَّة)).
ومنهم: الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده، حافظ أصبهان.
ومنهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
ومنهم: حافظُ عصره، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهانى، وجماعة من الحُفَّاظ سواهم يطول ذكرهم.
وقال ابن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعانى، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهلِ الدين جماعة مِن الأئمة منهم أبو زرعة الرازى، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم يُنكِره أحد، ولم يتكلم فى إسناده، بل رَوَوْه على سبيل القبول والتسليم، ولا يُنْكِر هذا الحديثَ إلا جاحِدٌ، أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسُّـنَّة، هذا كلام أبى عبد الله بن منده.
وقوله: ((تَهْضِبُ)): أى تُمطر، و((الأَصْواءِ)): القبور. و((الشَّربة)) بفتح الراء الحوضُ الذى يجتمع فيه الماء، وبالسكون والياء: الحنظلة، يُريد أنَّ الماء قد كثر، فمن حيث شئت تشرب، وعلى رواية السكون والياء: يكون قد شبَّه الأرض بخُضرتها بالنبات بخضرة الحنظلة واستوائها.
وقوله: ((حسِّ)): كلمة يقولُها الإنسانُ إذا أصابه على غفلة ما يحرِقُه أو يُؤلمه. قال الأصمعى: وهى مِثل أوه.
وقوله: ((يقولُ ربُّك عَزَّ وجَلَّ: أو أنه)). قال ابنُ قتيبة: فيه قولان؛ أحدهما: أن يكون ((أنه)) بمعنى ((نعم)). والآخر: أن يكون الخبر محذوفاً كأنه قال: أنتم كذلك، أو أنه على ما يقول. و((الطوف)): الغائط. وفى الحديث: لا ((يُصَلِّ أَحَدُكم، وهو يُدافِعُ الطَّوْفَ والبَوْلَ)) و((الجسر)): الضِّراط. وقوله: ((فيقول ربك: مَهيم)): أى: ما شأنُك وما أمرُك، وفيم كنتَ.
وقوله: ((يُشرف عَليْكُم أزلين)): الأزل بسكون الزاى الشدة، والأزل على وزن كَتِف: هو الذى قد أَصَابه الأزل، واشتد به حتى كاد يقنَطُ.
وقوله: ((فَيَظَلُّ يَضْحَكُ)) هو من صفات أفعَاله سبحانه وتعالى التى لا يُشبهه فيها شىءٌ مِن مخلوقاته، كصفات ذاته، وقد وردت هذه الصفة فى أحاديث كثيرة لا سبيلَ إلى ردها، كما لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها، وكذلك: ((فأصبح ربك يطوفُ فى الأرضِ))، هو من صفات فعله، كقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ} ، {هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ}، و((ينْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيا))، و ((يَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَيُبَاهِى بِأَهْلِ المَوْقِفِ المَلائِكَةَ))، والكلام فى الجميع صراط واحد مستقيم، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل.
وقوله: ((والملائكة الذين عند ربك)): لا أعلم موت الملائكة جاء فى حديث صريح إلا هذا، وحديث إسماعيل بن رافع الطويل، وهو حديث الصُّور، وقد يُستدل عليه بقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَوَاتِ وَمَن فِى الأَرْضِ إلاَّ مَن شَاءَ اللهُ}[الزمر: 68]
وقوله: ((فلَعَمْر إلهك)). هو قَسم بحياة الرب جَلَّ جلالُه، وفيه دليل على جوازِ الإقسام بصفاته، وانعقادِ اليمين بها، وأنها قديمة، وأنه يُطلق عليه منها أسماء المصادر، ويُوصف بها، وذلك قدر زائد على مجرد الأسماء، وأن الأسماء الحُسْنَى مشتقة مِن هذه المصادر دالة عليها.
وقوله: ((ثم تجىء الصائحة)): هى صيحة البعث ونفخته.
وقوله: ((حتى يخلفه مِن عند رأسه)): هو من أخلف الزرعُ: إذا نبت بعد حصاده، شبَّه النشأة الآخرة بعد الموت بإخلاف الزرع بعد ما حُصِد، وتلك الخلفة مِن عند رأسه كما ينبت الزرع.
وقوله: ((فيستوى جالساً)): هذا عند تمام خِلقته وكمال حياته، ثم يقومُ بعد جلوسه قائماً، ثم يُساق إلى موقف القيامة إما راكباً وإما ماشياً.
وقوله: ((يقول: يارب أمس، اليوم))، استقلال لمدة لبثه فى الأرض، كأنه لبث فيها يوماً، فقال: أمس، أو بعضَ يوم، فقال: اليوم، يحسب أنه حديثُ عهد بأهله، وأنه إنما فارقهم أمسِ أو اليوم.
وقوله: ((كيف يجمعُنا بعد ما تمزِّقنا الرياحُ والبِلَى والسِّباع))؟ وإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم له على هذا السؤال، رد على مَن زعم أنَّ القوم لم يكونوا يخوضُون فى دقائق المسائل، ولم يكونوا يفهمون حقائقَ الإيمان، بل كانوا مشغولين بالعمليات، وأن أفراخ الصابئة، والمجوس مِن الجهمية والمعتزلة والقَدَرية أعرفُ منهم بالعلميات.
وفيه دليل على أنهم كانوا يُورِدُون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُشْكِلُ عليهم من الأسئلة والشبهات، فيُجيبهم عنها بما يُثْلِجُ صدورهم، وقد أورد عليه صلى الله عليه وسلم الأسئلة أعداؤه وأصحابه، أعداؤه: للتعنت والمغالبة، وأصحابه: للفهم والبيان وزيادة الإيمان، وهو يُجيب كُلاً عن سؤاله إلا ما لا جواب عنه، كسؤاله عن وقت الساعة، وفى هذا السؤال دليل على أنه سبحانه يجمع أجزاء العبد بعد ما فرَّقها، وينشئها نشأة أُخرى، ويخلقه خلقاً جديداً كما سمَّاه فى كتابه، كذلك فى موضعين منه. وقوله: ((أنبئك بمثل ذلك فى آلاء الله))، آلاؤه: نِعمه وآياتُه التى تعرَّف بها إلى عباده.
وفيه: إثبات القياس فى أدلة التوحيد والمعاد، والقرآن مملوء منه.
وفيه: أنَّ حكمَ الشئ حكمُ نظيره، وأنَّه سبحانه إذا كان قادراً على شىء، فكيف تعجِزُ قدرتُه عن نظيره ومثله؟ فقد قرر اللهُ سبحانه أدلة المعاد فى كتابه أحسنَ تقرير وأبينَه وأبلغَه، وأَوصلَه إلى العقول والفِطر، فأبى أعداؤه الجاحدون إلا تكذيباً له، وتعجيزاً له، وطعناً فى حِكمته، تعالى عما يقولون عُلواً كبيراً.


[align=center]ثبتت حجتك الناقصة من كتابكم زاد المعاد الجزء الثالث [/align]
__________________
توقيع مخالف الادرة
رد مع اقتباس