عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2014-08-16, 11:19 PM
313 313 غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-07-13
المشاركات: 207
افتراضي

»الإجابة على الأسئلة العقائدية »مركز الأبحاث العقائدية

السؤال: محاولة اتهام الشيعة بالتجسيم من خلال بعض الروايات

مشكلة القوم أنهم ليسوا دقيقين في فهم كلام علماءنا وما يقولون في بعض المسائل, فتراهم - على الغالب - يقتطعون ما يريدون التهويل به والتهويش عليه بغية الوصول إلى غايات ضيقة هدفها إثارة اللغط لا أكثر, وإلا لا يوجد في نقولاتهم وما يعلّقون به على كلام علماءنا أية مسحة من علم وفهم, والدليل هو ما ذكر في هذه المقالة حول كلام الشيخ نعمة الله الجزائري... فكلامه (رحمه الله) واضح لمن يفهم اللغة العربية والكلام المشروط فيها.. فالعقيدة عند أهل السنة هي أن أبا بكر خليفة شرعي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله), والشيعة لا يقولون بهذا الأمر وينكرون على أهل السنة هذه الدعوى التي لا يوجد لها أي مستند شرعي سوى ما يفهمون من بعض الآيات حول الشورى - وهو فهم خاص له ما يعارضه - أو ما يأتون به من أحاديث, وهي لا تتجاوز أن يكون رواتها من نفس أهل مذهبهم الأمر الذي يستلزم الدور كما لا يخفى.

فالشيعة تؤمن بعقيدة كاملة مترابطة أساسها: التوحيد الحقيقي لله المرتبط بنبوة النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) المرتبط بالخليفة الشرعي المنصوص عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى آخر إمام وهو المهدي (عجل الله فرجه), وهذه العقيدة مغايرة لتلك.. وهذا المعنى الترابطي في العقيدة الحقّة هو الذي يشير إليه الشيخ الجزائري الذي غاب عن هؤلاء فهم كلامه وتشبثوا بفهم سقيم لا يريده (رحمه الله) من كلماته..

فعقيدة الشيعة تقول: الله الذي نؤمن به هو الذي أرسل محمداً (صلى الله عليه وآله) والذي نصّب عليّاً (عليه السلام) خليفة له, اما تلك العقيدة المخترعة التي تضفي المشروعية على خلافة أبي بكر فهي ليست صادرة من الله حقّاً والنبي حقّاً وحالها حال عقيدة اليهود والنصارى في نبيهم وكتابهم الذي يعتقد المسلمون أنهم لا يؤمنون بالنبي الحق الذي أرسله الله عز وجل, ولا بالكتاب الحق الذي أنزله معه..
وأما كون أهل السنة لا يقولون مقابل ما يقول الشيعة بأنهم لا يعبدون إلهاً وليه علي بن أبي طالب على الرغم من رفضهم للولاية..

فهذا أحد المتناقضات في فهمهم العقائدي, فالإله الحق الذي ينبغي عبادته هو الإله الذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) نبيّاً له, وعليّاً (عليه السلام) وليّاً له. وقد ورد في الحديث: (أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).. أي لا يشفع له أنه يعرف الله - كإسم علم - هو الإله, وأنّ محمداً - كإسم علم هو النبي - بل لابد لتمام الإعتقاد بالالوهية الحقة والنبوة الحقّة أن يؤمن بهذه العقيدة المترابطة بعضها ببعض والتي من ضمنها الولاية والحديث المذكور شاهد حق على ما نقول.

إن كلام الجزائري يشبه كلام الإمام الرضا(عليه السلام) عندما قال له نصراني اننا نتفق على بنوة عيسى ونشك في نبوة محمد, فكان جواب الإمام الرضا(عليه السلام) مشروطاً وهو بأنه نحن لا نؤمن بعيسى الذي تؤمنون به بل بعيسى الذي بشر بمحمد (صلى الله عليه وآله).

وأما الحديث الذي ذكره عن أصل زيد النرسي, فيكفيك ان تراجع تعليقة محقق (بحار الأنوار) على هذا الحديث قال في ج96 ص264: ((وهذا الحديث وأضرابه ساقط لا يعتني به ولا يؤبه براويه أيا كان, وقد أمرنا في عدة روايات وفيها الصحاح بعرض كل حديث على كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله) فمنها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله),ان على كل حق حقيقة, وعلى كل صواب نوراً, فما وافق كتاب الله فخذوه, وما خالف كتاب الله فدعوه. وقد روى عين هذا الأثر عن علي(عليه السلام) وقول الباقر(عليه السلام) وابنه الصادق(عليه السلام) لبعض أصحابهما: (لا تصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيّه), وقول الصادق(عليه السلام): (ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.).
إلى غير ذلك من الأحاديث وإضرابه مما يوهم القول بالتجسيم فلا يمكن إقراره ولا الأخذ به لمخالفته كتاب الله وهو شاهد ناطق بأنه جل وعلا: (( لاَّ تُدرِكُهُ الأَبصَارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ )) (الأنعام: 103), وانه تعالى (( لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ )) (الشورى:11) وقوله (( أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ مُّحِيطٌ )) (فصلت:54) وغير ذلك...

فأحاديث النزول وأشباهها لا تؤخذ بنظر الاعتبار لمخالفتها لكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله), بل هي من الأحاديث المدسوسة في كتب أصحابنا القدماء وتلقاها بعض المتأخرين فرواها كما هي وتحمل في تأويلها.
ولو أنا جعلنا حديث يونس بن عبد الرحمن نصب أعيننا وتشدده في الحديث لعلمنا أن الدس كان منذ أيام الصادق(عليه السلام) بل في أيام الباقر(عليه السلام), وهذه الأحاديث كلها مدسوسة, فقد ورد في (الكشي ص195 /طبع النجف): عن محمد بن عيسى بن عبيدة عن يونس بن عبد الرحمن ان بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر فقال له: يا أبا محمد ما أشدّك في الحديث؟ وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا؟ فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟
فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة او تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة, فان المغيرة ابن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فإنا إذا حدثنا قلنا قال الله عز وجل وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين, فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فأنكر منها أحاديث كثيرة ان تكون من أحاديث أبي عبد الله(عليه السلام) فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن, فانا ان تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة, أما عن الله وعن رسوله نحدث, ولا نقول قال فلان وفلان, فيتناقض كلامنا, ان كلام آخرنا مثل كلام أولنا, وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا, وإذا آتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا أنت أعلم وما جئت به, فان مع كل قول منا حقيقة وعليه نور, فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان.

فمن جميع ما تقدم ظهر لنا أن أحاديث التشبيه والتجسيم والحلول وأضرابها لا تقبل ويضرب بها عرض الجدار وإن رويت في أصح كتاب أو رواها أوثق رجل مضافاً,إلى ذلك أن هذا الحديث - حديث زيد النرسي - فيه مناقشة خاصة من حيث سنده, فهو:
1- لم يصرح بتوثيق زيد في كتب القدماء, وما استدل به بعض المتأخرين على وثاقته مردود, فإنه اجتهاد منه وشهادته عن حدس لا عن حس فهي لا تكفي في المقام.
ولو سلمنا وثاقته لا لما ذكره بل لوقوعه في إسناد (كامل الزيارات).
2- فإن كتاب زيد كما ذكره النجاشي, أو أصله كما ذكره الشيخ الطوسي, وإن رواه ابن أبي عمير وجماعة عنه إلا أن ذلك لا يدل على توثيق الكتاب جميعه وان اشتمل على ما يخالف الكتاب والسنة, مع أن محمد بن الحسن بن الوليد وتلميذه الشيخ الصدوق طعنا فيه وقالا: هو من وضع محمد بن موسى السمان, وهو - أي السمان - وإن كان من رجال نوادر الحكمة إلا ان ابن الوليد وابن بابوية وأبا العباس بن نوح استثنوا جماعة كان منهم السمان, وقد قال فيه ابن الغضائري: ضعيف يروي عن الضعفاء, كما حكى عن جماعة من القميين الطعن عليه بالغلو والارتفاع. (انظر المصدر المتقدم).
وأرجع إلى صفحتنا تحت عنوان (الأسئلة العقائدية/ التجسيم والتشبيه/ لا نلتزم بما روي من طريق زيد النرسي).

وأما الرواية التي جاء فيها (المتحابون في الله يوم القيامة.. إلخ), فلا ندري كيف تتوجه التهمة للشيعة بالتجسيم من خلال هذه الرواية, فهل لوجود عبارة كلتا يديه يمين مع أن كلمة (اليد) المنسوبة له تعالى واردة في القرآن الكريم وقاطبة الشيعة يؤولون ذلك ولا يأخذون بظاهره الدال على التجسيم. فهل يرانا نخالف هذه العقيدة المتسالمة بعدم التجسيم خلفاً عن سلف ونقول بالتجسيم هنا.. ان هذا إلا تخبط واضح في فهم العقيدة عن أهل الطوائف والملل..

وعلى أية حال, قال الشيخ المازندراني في شرحه على أصول الكافي: ظاهره إلى له عرشاً وإن أشرف طرفيه يمين والآخر يسار يستقر في الأول أفضل الخلائق وفي الآخر أدونهم فضلاً, وكلا الطرفين يمين مبارك يأمن من استقر فيها ولا بعد فيه كما أن له بيتاً والإضافة للتشريف والتعظيم. (شرح أصول الكافي 8: 367).
بالإضافة إلى وجود قرينة صارفة عن التشبيه في الرواية وهي نفس قوله (كلتا يديه يمين) لأن اليد لو كانت هي اليد الحسية فلابد أن تكون احداها يمين والأخرى شمال, فلاحظ.

وأما الرواية الواردة عن الوسائل عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين (عليهما السلام) قاعداً... إلخ.
فهذه الرواية على المدّعي لا له. لأن الإمام (عليه السلام) قد نقض دعوة الناس بأنّها جلسة الرب, أنها جلسة الملالة والرب لا يمل. فهي اذن ليست جلسة الرب, فالرب لا يجلس ولا يتمثل في حقه تجسيم .. فأين التجسيم المدّعى على الشيعة في هذه الرواية؟!
ولعل المدّعي يقول ان الناس يقولون أنها جلسة الرب, هم الشيعة لأن الناقل وهو أبو حمزة الثمالي - شيعي.
نقول: هذا خلاف الظاهر فلفظ الناس أعم من الشيعة وغيرهم, فهذا القول لا يمكن الاستناد عليه بأنه قول للشيعة, بل هو قول لليهود أو الأعم منهم ومن العامة كما فسره المازندراني في شرحه على أصول الكافي(انظر المصدر السابق 11: 139).

وأما الرواية التي رواها عن أصول الكافي عن إبراهيم بن محمد الخزار ومحمد بن الحسن قالا... الخ. التي قطعها الناقل تدليساً, لا له فهي أيضاً عليه, فالإمام (عليه السلام) قد رد ما نقل له من كلام في التجسيم فعلاً وقولاً بسجوده (عليه السلام) وبيانه في التوحيد.. والشيعة تأخذ عقيدتها من الأئمة عليهم السلام, وليس من أحد آخر..
هذا اضافه. إلى أن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي قد نقل عنهم ما لم يثبت أنهم قالوه. وعلى أيّة حال الرواية واضحة في نفي التجسيم عند الشيعة تبعاً لما قاله إمامهم الإمام الرضا (عليه السلام).. فأين دعوى التجسيم عند الشيعة في هذه الرواية.

وأما ما ورد من تعابير مثل: ((أعين الله الناظرة) و( مسح بيمينه )) فهذه التعابير ورد فيها تأويل واضح عند الشيعة تزفر به كتبهم .. فلا ندري أين دعوى التجسيم للشيعة الذي جاء به هذا المدّعي؟! نعوذ بالله من عمى البصيرة.

وأما ما ذكره من أن الشيعة تقول ان لله يدين واحدة يمين والأخرى شمال, فقد فضح الله سبحانه هذا المدّلس بقوله حين نقل لنا رأس الحديث ولم يكمله, وعند العودة إلى المصدر لم نجد لما قاله هذا المتنطع من أثر.. والضمائر في الحديث لكلمة (يمينه) كلها تعود إلى جبرائيل (عليه السلام) .. وهذا واضح ظاهر لمن يقرأ الرواية... فانظر المصدر (الأصول من الكافي ج2 ص5 كتاب الإيمان والكفر), وهكذا يخزي الله الظالمين بأيديهم.
ودمتم في رعاية الله

http://www.aqaed.com/faq/5361/
رد مع اقتباس