عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2014-09-03, 07:48 AM
مناظر سلفي مناظر سلفي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-05-01
المكان: بلد التوحيد سعودي النشأة تونسي الأصل
المشاركات: 607
افتراضي

البيان على بطﻼ‌ن لزوم بيعة البغدادي لﻸ‌عيان

بسم الله وﻻ‌ حول وﻻ‌ قوة إﻻ‌ بالله ...أما بعد فإنه مما يدرك على البديهة ويعد من مسلّمات الديانات والعقول أن اﻻ‌تحاد من لوازم اﻻ‌نتصار والنزاع من لوازم الفشل والبوار ، فوحدة اﻷ‌مة واجتماع الكلمة لﻼ‌ستقرار وحماية بيضة الديار ثم الحكم بالعدل في الرعية حتى بلوغ اﻻ‌زدهار هي الغاية ولصيانتها أشار أمير المومنين ومحدث اﻷ‌مة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله حين بلغه أن أحدهم قال: والله لو قد مات عمر بايعت فﻼ‌نًا إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت...فقال عمر : "فﻼ‌ يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، أﻻ‌ وإنها قد كانت كذلك، ولكن وقى الله شرها، وليس فيكم من تقطع اﻷ‌عناق إليه مثل أبي بكر، فمن بايع رجلًا من غير مشورة من المسلمين فﻼ‌ يبايع هو وﻻ‌ الذي بايعه تغرة أن يقتﻼ‌" .

وقد كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قد نصح عمرا لما همّ أن يخطب في الناس بكلمته هذه في الحج أن يؤخر الكﻼ‌م فيها فقال : " يا أمير المؤمنين ﻻ‌ تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن ﻻ‌ يعوها وأن ﻻ‌ يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنًا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعوها على مواضعها" فوافقه على نظره عمر فأخر خطبته إلى أول جمعة جمعها في المدينة فقال في مطلعها :

" فمن عقلها -أي مقالته- ووعاها فليحدث بها حيث انتهت راحلته، ومن خشي أن ﻻ‌ يعقلها فﻼ‌ أحل ﻷ‌حد أن يكذب علي"....فيا أيها المرء وجماعته (داعش) ﻻ‌ تكونوا من الغوغاء الرعاع وﻻ‌ تكذبوا على عمر واﻹ‌سﻼ‌م واتقوا الله تعالى وتدبروا قول عمر الدقيق الحكيم فعمر قد علم كما علم عبد الرحمن أن جِماع أمر المسلمين ووحدة كلمتهم ليس في قريش فحسب وﻻ‌ في خيارها وأهل السابقة فيها فقد روى البزار أن الرجل المعني بمبايعته فيما لو مات عمر هو طلحة بن عبيد الله وهو أحد العشرة وهو أهل وخليق باﻹ‌مارة ومع ذلك أهدر عمر دم من بايعه بل ودمه إن وافق ورضي لما في ذلك من شبهة تفريق الكلمة وإثارة الفتنة فإن كان طلحة الخير الفياض الشهيد السائر على اﻷ‌رض ﻻ‌ تصح له بيعة إﻻ‌ أن تكون عن مشورة من المسلمين بحيث يأمن بعد هذه المشورة الفرقة والشقاق فما ظنك ببيعة أبي فﻼ‌ن وأبي عﻼ‌ن !!؟

ومن المعلوم العقلي القطعي أن انتخاب الخليفة أو اﻷ‌مير أو الرئيس وإن كان قد نص العلماء على عدم لزوم اجتماع جميع أهل العقد والحل في اختياره فإنه من المقطوع به حكما ﻻ‌ تردد فيه أن يكون أوﻻ‌ئك النفر الممنتخبين له بمكان يقطع النزاع فيه حتى يصير المنازع بعدهم خﻼ‌فه ﻻ‌غ أو ﻻ‌ اعتبار له لضعفه وانفراده بحيث ﻻ‌ تتأثر كلمة المسلمين العامة وﻻ‌ تنخرم وهذا ما أراده عمر وعبد الرحمن فقد روعي هذا حتى في مثل طلحة وهو أحد العشرة وهو قرشي .

ونحن اليوم إن أردنا مثﻼ‌ نصب خليفة ﻷ‌مة اﻹ‌سﻼ‌م على -وجه اﻻ‌فتراض- ماجاز لنا أن ننصب أميرا أو رئيسا وقد أجمع عليه كافة مشايخ وعلماء وقادة وسادة الشرق العربي دون الغربي وﻻ‌ العكس إن كنا فعﻼ‌ أدركنا الحمكة من نصب اﻹ‌مام وهو اﻻ‌جتماع فﻼ‌ بد من قطع كل دواعي الخﻼ‌ف بالشورى بين كافة النقباء من مشارق اﻷ‌رض ومغاربها تغرة الفتنة وإثارتها وهو معنى ظاهر ظهور المهاه في قوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) فهو لكافة المسلمين اليوم أو لنقبائهم في اﻷ‌رض دون تخصيص بفئة تستأثر بهذا الحق وتدعيه دون سائر المسلمين وإنما أجاز العلماء ما أجازوا ﻷ‌ن النادر القليل ﻻ‌ حكم له .

فأن تقوم فئة من المسلمين فتنصب أميرا من غير مشورة من المسلمين ثم تعمل على فرضه باﻹ‌كراه على بقية المسلمين فلعمر الله قد خالفت أهم حكمة في نصب اﻹ‌مام وعكستها فجعلت ما وضع للضم سببا للتفريق ، ناهيك عن أن ما ذكره صاحب الكتاب من استشهاد بقول أسامة بن ﻻ‌دن من عدم لزوم معرفة هوية اﻷ‌مير لضرورة الحرب أمر عجاب وقد قال الله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) أي تعرفونه وتعرفون نسبه فيكم فالمعرفة والمقام من دواعي اﻻ‌جتماع والوئام.
رد مع اقتباس