عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2014-09-18, 04:19 PM
نبيل الجزائري نبيل الجزائري غير متواجد حالياً
منكر للسنة
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-10
المشاركات: 51
افتراضي

الموضوع كما حددته الأخت آملة البغدادية محدد في مسألتين: الأولى مسألة الطاعة والثانية مسألة العصمة.
مسألة الطاعة: عامة القرآنيين - الذي يصر الأخ أبو جهاد على أنهم لا يكادون يتفقون على شيء - متفقون على أن واجب الطاعة لمقام الرسالة دون مقام النبوة، وذلك لأن الكتاب الكريم قرن بين الأمر أو الإخبار بالطاعة وبين مقام الرسالة في أكثر من 35 موضع، ولم يقرن بين الطاعة وبين مقام النبوة - لا أمرا ولا إخبارا - ولا مرة واحدة. أهذه صدفة؟ وإن كان الإخوة سينكرون ذلك، فليأتوا بمثال واحد ورد في الكتاب اقترنت فيه كلمة "طاعة" بأي من مشتقاتها بكلمة "نبوة" بأي من مشتقاتها، مثال واحد، آية واحدة، جملة واحدة، سياق واحد.
مثال عن اقتران الطاعة بالرسالة أمراً: [قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ] (آل عمران/32) وغيرها كثير.
امثلة عن اقتران الطاعة بالرسالة إخباراً: مثال أول: [يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا] (الأحزاب/66) يخبرنا المولى عز وجل ببعض مما سيقوله الكافرون في النار.
مثال ثان: [مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا] (النساء/80) يخبرنا المولى أن من يطع الرسول فقد اطاع الله.
مثال ثالث: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (النساء/64) يخبرنا المولى عز وعلا أن الرسول أُرسل ليطاع بإذنه. وغيرها كثير
فهذا قليل من كثير اقترنت فيه الطاعة بمقام الرسالة دون لبس، أمراً وإخباراً، فليأتنا الإخوة الكرام بمثال واحد، وأكرر: واحد من بين أكثر من (6000) ستة آلاف آية، مثال واحد اقترنت فيها الطاعة بمقام النبوة أمرا أو إخبارا. مثال واحد لا أكثر. وإن لم يأتوا به فليخبرونا لماذا؟ لماذا نجد اقترانا بين الطاعة ومقام الرسالة في آيات كثيرة ولا نجد اقترانا بينها وبين مقام النبوة ولا في آية واحدة؟
هذا هو السبب المؤسس لاتفاق عامة القرآنيين على أن الأمر بالطاعة قاصر على مقام الرسالة دون مقام النبوة، وعلى الرسول دون النبي، وأن السنة الواجب طاعتها حسب فهمهم لها هي سنة الرسول لا سنة النبي.

مسألة العصمة: المسلمون جميعا بمن فيهم القرآنيين واهل السنة متفقون على أن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - معصوم في ما "بلّغه" عن ربه، ثم بعد ذلك يختلفون في هذا الذي "بلّغه" عن ربه: أهو الكتاب والسنة كما يقول بها أهل السنة، أم هو الكتاب وحده كما يقول القرآنيون؟ هذا هو الاختلاف.
القرآنيون يقولون أن الحاجة للعصمة في التبليغ ضرورية، لأنه لو ترك التبليغ للقدرة البشرية، فمهما صدقت النية ومهما بذل من جهد فالخطأ في التبليغ وارد: تُنسى كلمة هنا أو حرف هناك، هذا وارد على كل البشر إلا من عصم الله، وقد عصم الله رسوله في ما يبلغه عنه ولم يكله إلى قدرته البشرية. لهذا فالمرة الوحيدة التي ورد فيها التصريح بالعصمة دون لبس في كتاب الله ورد بخطاب لمقام الرسالة لا النبوة، وفي سياق الأمر بتبليغ من أنزل إلى الرسول من ربه، وهو الكتاب حصرا: [يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ] (المائدة/67)
اما في ما عدا ذلك فليس بمعصوم، بل يخطئ ويصيب، فما معنى هذا؟ هل يعني أن القرآنيين يقولون بأنه يجوز على النبي ارتكاب الكبائر وما يسقط المروءة؟ لا، بل يقولون أن تجنب الكبائر وما يسقط المروءة أمر في إمكان أي إنسان صادق النية قوي الإيمان صلب في دين الله، وليس الأمر بحاجة لعصمة خاصة كالحاجة الخاصة للعصمة في التبليغ. وكم من أعلام هذه الأمة مشهود لهم بتجنب ما يخدش الحياء ويحط من المروءة فضلا عن الكبائر وليسوا بمعصومين, والنبي - عليه الصلاة والسلام - أولى بهذا دون الحاجة لعصمة خاصة. فأهل السنة يقولون أنه لا يجوز عليه ارتكاب الكبائر لأنه معصوم، والقرآنيون يقولون لا يجوز نعم لكن لا لأنه معصوم بل لأنه قوي الإيمان كامل المروءة وعلى خلق عظيم.
ثم إننا نجد الكتاب الكريم صرح بعتاب النبي في مقام نبوته على امر أخطأ فيه، وهو ما لا نجده أبدا في مقام رسالته، وقوله تعالى: [يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (التحريم/1) هو المثال الأوضح على ذلك. لهذا كله يقول القرآنيون بعصمة الرسول دون النبي.
رد مع اقتباس