عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2014-10-07, 06:00 PM
مهجة الكون مهجة الكون غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-07-22
المشاركات: 20
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته

سيد قطب هذا تطاول على الحبيب المصطفى سيدنا موسى عليه السلام كليم الرحمن وصفيه كما كان له كثير من الأفكار والمعتقدات التي تخالف معتقدات أهل السنة والجماعة

أما تطاوله على سيدنا موسى عليه السلام هذا الدليل عليه

قال سيد قطب في كتابه المسمى بالتصوير الفني في القرآن ، و كان ذلك تحت عنوان (رسم الشّخصيات في القصّة) - ما يلي نصه :-
" لنأخذ موسى ؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج .فها هو ذا قد رُبي في قصر فرعون ، وتحت سمعه وبصره، وأصبح فتى قويا ".
﴿ ودَخَلَ المَدينَةَ على حين غَفْلَةٍ مِنْ أهْلِها فَوَجَدَ فيها رَجُلَيْنِ يقْتَتِلانِ هذا مِنْ شيعَتِهِ وهذا مِنْ عَدُوِّهِ فاسْتغاثَهُ الّذي مِنْ شِيعَتِهِ على الّذي مِنْ عَدُوِّهِ فوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عليهِ (15) ﴾
وهنا يبدو التعصب القومي ، كما يبدو الانفعال العصبي .
وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية ، فيثوب إلى نفسه ؛ شأن العصبيين:

﴿ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبينٌ (15) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسي فاغْفِرْ لي فَغَفَرَلهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ (16) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فلنْ أَكونَ ظَهيراً للمُجْرِمينَ (17)﴾

﴿فَأَصْبَحَ في المَدينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ (18) ﴾ سورة القصص
وهو تعبير مصوِّر لهيئة معروفة : هيئة المتفزع المتلفت المتوقع للشر في كل حركة، وتلك سمة العصبيين أيضاً .
ومع هذا ، ومع أنه قد وعد بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين ؛ فلننظر ما يصنع .... إنه ينظر :
﴿ فإذا الذي استَنْصَرَهُ بالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ (18) ﴾ مرة أخرى على رجل آخر
﴿ قالَ لهُ موسى إِنَّكَ لَغَوِيٌ مُبينٌ (18) ﴾

ولكنه يهم بالرجل الآخر كما همَّ بالأمس ، وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه وخوفه وترقُّبه ، لولا أن يذكره من يهم به بفعلته فيتذكر ويخشى.
﴿فَلَمَّا أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالذي هو عَدُوٌّ لهُما قالَ يا موسى أَتريدُ أَنْ تَقْتُلَني كما قَتَلْتَ نَفْساً بالأمْسِ إِنْ تُريدُ إِلَّا أَنْ تَكونَ جَبَّاراً في الأرْضِ وما تُريدُ أَنْ تَكونَ مِنَ المُصْلِحيِن (19) ﴾ وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة يسعى فيرحل عنها كما علمنا .

فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات ؛ فلعله قد هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع حليم النفس .

كلا ! فها هو ذا ينادي من جانب الطور الأيمن : أن ألق عصاك . فألقاها ؛ فإذا هي حية تسعى، وما يكاد يراها حتى يثب جرياً لا يعقِّبُ ولا يُلوي ... إنه الفتى العصبي نفسه ، ولو أنه قد صار رجلاً ؛ فغيره كان يخاف نعم، ولكن لعله كان يبتعد منها، ويقف ليتأمل هذه العجيبة الكبرى .

ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه .
لقد انتصر على السحرة، وقد استخلص بني إسرائيل، وعَبَرَ بهم البحر، ثم ذهب إلى ميعاد ربه على الطور، وإنه لنبي، ولكن ها هو ذا يسأل ربه سؤالاً عجيباً : ﴿قالَ رَبِّ أَرِني أَنْظُرْ إِليكَ قالَ لَنْ تَراني ولكِنِ انْظُرْ إِلى الجَبَلِ فإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَراني (143) ﴾

ثم حدث ما لا تحتمله أيَّة أعصاب إنسانية، بله أعصاب موسى: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ للجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وخَرَّ موسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِليكَ وأَنا أَوَّلُ المُؤْمِنينَ (143) ﴾ عودة العصبي في سرعة واندفاع .
ثم ها هو ذا يعود، فيجد قومه قد اتخذوا لهم عجلاً إلـهاً، وفي يديه الألواح التي أوحاها الله إليه، فما يتريَّث وما يني، ﴿ وأَلْقى الألْواحَ وأَخَذَ بِرَأْسِ أَخيهِ يَجُرُّهُ إِليهِ (150)﴾
وإنه ليمضي منفعلاً يشد رأس أخيه ولحيته ولا يسمع له قولاً : ﴿ قالَ يا ابنَ أُمِّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتي ولا بِرَأْسي إِنِّي خَشيتُ أَنْ تَقولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَني إِسْرائيلَ ولمْ تَرْقَبْ قَوْلي (94) ﴾

وحين يعلم أن السامريَّ هو الذي فعل الفعلة ؛ يلتفت إليه مغضباً ويسأله مستنكراً حتى إذا علم سر العجل :
﴿قالَ فاذْهَبْ فإِنَّ لكَ في الحَياةِ أَنْ تقولَ لا مِساسَ وإِنَّ لكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الذي ظَلْتَ عليهِ عاكِفاً لَنُحرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ في اليَمِّ نَسْفاً (97) ﴾
هكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة.

فلندعه سنوات أخرى .
لقد ذهب قومه في التيه، ونحسبه قد صار كهلاً حينما افترق عنهم،ولقي الرجل الذي طلب إليه أن يصحبه ليعلمه مما آتاه الله علماً، ونحن نعلم أنه لم يستطع أن يصبر حتى ينبئه بسرِّ ما يصنع مرة ومرة ومرة، فافترقا ......
تلك شخصية موحدة بارزة، ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة من مراحل القصة جميعاً .

تقابل شخصية موسى شخصية إبراهيم ... إنه نموذج الهدوء والتسامح والحلم : ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَليمٌ أَوَّاهٌ مُنيبٌ (75) ﴾
فها هو ذا في صباه يخلو إلى تأملاته، يبحث عن إلهه .
﴿ فَلَمَّا جَنَّ عليهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبَّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلينَ (76) فلمَّا رَأَى القَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبَّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِني رَبَّي لأكونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبَّي فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَريءٌ مِمَّا تُشْرِكونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فَطَرَ السَّماواتِ والأرْضَ حَنيفاً وما أَنا مِنَ المُشْرِكينَ (79) وحاجَّهُ قَوْمَهُ قالَ أَتُحاجُّوني في اللهِ وقدْ هَدانِ ولا أَخافُ ما تُشْرِكونَ بهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبَّي شَيْئاً وَسِعَ رَبَّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمَاً أَفَلا تَتَذَكَّرونَ (80) ﴾

وما يكاد يصل إلى هذا اليقين حتى يحاول في بِرٍّ وودٍّ أن يهدي إليه أباه في أحب لفظ وأحياه :
﴿ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لايَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ ولا يُغْني عنكَ شَيْئاً (42) يا أَبْتِ إِنِّي قدْ جاءَني مِنَ العِلْمِ مالمْ يَأتِكَ فاتَّبِعْني أَهْدِكَ ِصراطاً سَوِيّاً (43) يا أَبَتِ لاتَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ للرَّحْمنِ عَصِيّاً (44) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتكونَ للشَّيْطانِ وَلِياً (45)﴾ .

ولكن أباه ينكر قوله ويغلظ له في القول ويهدده تهديداً :﴿ قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عنْ آلِهَتِي يا إبْراهيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ واهْجُرْني مَلِيّاً (46) ﴾

فلا يخرجه هذا العنف عن أدبه الجمِّ، ولاعن طبيعته الودود، ولا يجعله ينفض يديه من أبيه :
﴿ قالَ سَلامٌ عليكَ سَأَسْتَغْفِرُ لكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيّاً (47) وأَعْتَزِلُكُمْ وما تَدْعونَ مِنْ دونِ اللهِ وأَدْعو رَبِّي عسى أَلَّا أَكونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِياً (48)﴾

ثم ها هو ذا يحطم أصنامهم، ولعله العمل الوحيد العنيف الذي يقوم به، ولكنه إنما تدفعه إلى هذا رحمة أكبر، عسى أن يؤمن قومه إذا رأوا آلتهم جُذاذاً، وعلموا أنها لا تدفع عن نفسها الأذى، ولقد كادوا يؤمنون فعلاً، وحينئذ ﴿ فَرَجَعوا إلى أَنْفُسِهِمْ فَقالوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمونَ (64) ﴾
ولكنهم عادوا فهمُّوا بإحراقه، وحينئذ ﴿ قُلْنا يا نارُ كُوني بَرْداً وسَلاماً على إِبْرَاهيمَ (69) ﴾
ولقد اعتزلهم عهداً طويلاً مع النفر الذي ىمن معه، ومنهم ابن أخيه لوط ..."

رد مع اقتباس