عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 2015-09-24, 02:59 AM
فارووق فارووق غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2015-04-08
المشاركات: 116
افتراضي

الأخت الكريمة سليلة الغرباء آل براهمي، بارك الله فيك على جهدك و تفاعلك الإيجابي، و اتمنى لك عيد مبارك و كل عام و انت بخير

و شكرًا للأستاذ حسين ليشوري و السيد عبد الله بنعلي على التفاعل مع التعليقات.

إلا أنني أرى أن مشاكل الامة الاسلامية، و بين بينها اللغة العربية، الى جانب التطرق اليها على مستوى البلد الذي يعيش فيه المسلم، إلا أنه من الضروري أن يُتطرق اليها كذلك على مستوى الامة!
فمشكلة اللغة العربية في بلاد المسلمين سببها واحد و حلها واحد، و بالتالي فما كتبه الاستاذ ليشوري أو غيره من الغيورين على اللغة العربية ينطبق مائة بالمائة على باقي البلدان الاسلامية و خصوصا تلك التي استُعمرت من قِبَلِ فرنسا، فمضمون مواضيع الاستاذ يحتاج فقط لوضع عنوان أوسع و اشمل لها، و توجيه الخطاب بدلا من "الى شعب الجزائر" الى "شعوب المغرب العربي و الى شعوب الامة الاسلامية"، .... الخ، .... فلا أظن أنه يحتاج لمجهود أكبر مما قام و يقوم به!

و الجانب الآخر الذي لا يقل اهمية هو أن التطرق لمشاكل المسلمين على أنها مشاكل الامة الاسلامية و ليست مشاكل شعب داخل حدود جغرافية رسمها غيرنا، هو أنه بهذا الموقف و التصرف يساهم المسلم، مأجورا، في كسر الوطنية الوثنية التي زرعها المستعمر (المستخرب) و يعمل على إعادة إحياء الإحساس الواحد للامة الواحدة و اهتمام المسلم بإخوانه المسلمين و مشاكلهم على اساس كونه تربطه بهم رابطة الدين و ليست رابطة الوطن!
فالذي أدخل اللغة الفرنسية الى بلاد المسلمين و فرضها عليهم و حارب لغتهم العربية هو نفسه الذي وضع الحدود الوطنية بين أبناء الامة الواحدة، .... فمحاربة المشكلة الاولى (تغريب اللغة العربية) لا تتحقق و لا تتم إلا بمحاربة المشكلة الثانية (تفريق أبناء الامة الاسلامية الواحدة)! ... فالأمران مرتبطان مع بعض، فبتفريق الامة الاسلامية الى دويلات و وطنيات مستقلة، اصبحت تتحرك بداهة الرغبة و الحاجة في إقرار تلك الهوية و الوطنية الجديدة باكتساب و استعمال لغة مستقلة عن باقي الدويلات و الوطنيات التي زٌرِعت في العالم الاسلامي! ... و من جهة اخرى، تغريب اللغة العربية و خلق لهجة جديدة يقوي بداهة رابطة الكتلة البشرية التي اجتمعت على تلك اللهجة و تفصلهم عن باقي الامة و تقوي عندهم الانتماء الوطني على حساب الانتماء "الأممي" للامة الاسلامية ! .... فالنعرات "اللغوية" و التعصب للهجات غير اللغة العربية نشأ في العالم الاسلامي تزامنا و يدا بيد مع تحرك النعرات القومية و الوطنية! و كلاهما حركهما و شجعهما المستعمر (المستخرب)! فلا يمكن فصل هذا عن ذاك، و بالتالي لا يمكن التطرق لهذا دون ذاك، و من ثم لا يجوز استعمال أدوات هذا لمحاربة ذاك! ... فلا يمكن محاربة الوطنية باستعمال لهجات غريبة عن الامة الاسلامية و مفرقة لها ... كما لا يمكن محاربة "تغريب اللغة العربية" انطلاقا من أسس وطنية، اي استعمال ادوات الوطنية التي زرعها المستعمر لمحاربة تغريب اللغة العربية التي أذكاها نفس المستعمر أيضاً!

فكما يجب علينا كمسلمين أن نعيد إحياء اللغة العربية لأن بدونها لا يمكن إعادة إحياء الاسلام، فكذلك يجب علينا إعادة إحياء الاخوة الاسلامية و الرابطة الاسلامية! ... فالذي يربطنا ببعضنا هو الاسلام و ليس الوطن و لا حدود سايكس و بيكو! و إعادة إحياء روح الاخوة الاسلامية لا يتأتى إلا بأفعال و أقوال و مواقف نقوم بها كمسلمين و نحفز الآخرين على الايمان بها و نكون لهم قدوة لكسر صنم الوطنية، كما نكون لهم قدوة لكسر صنم "اللغة الفرنسية أو الانجليزية"، ..... فكما مطلوب منا تغيير لسان حالنا فنقلع الكلمات الفرنسية و الاجنبية و الكلمات المدرجة من حديثنا، فكذلك مطلوب منا أن نقلع النظرة الوطنية و نجعل تفاعلنا مع مشاكل المسلمين يكون على مستوى الامة و ليس على اساس الوطن فحسب، فالرسول صلى الله عليه و سلم يقول: "تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"(صحيح البخاري)، ... و يقول الله سبحانه و تعالى ذكره: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}(سورة المؤمنون)، ... {وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}(سورة الروم)، ... {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ مقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(سورة ال عمران)، .... فمثلا حتى لو كنتُ كمسلم أعيش في بلد يتحدث أهله جلهم اللغة العربية الفصحى إلا انه واجب علي كمسلم أن أتحرك ضد "فَرْنَسَة" اللغة العربية في بلد اسلامي آخر و أن أهتم بالأمر و أحس بالمسؤولية اتجاهه!

فلنجعل شعارنا و منهجنا: لا لتغريب الامة الاسلامية عن لغتها العربية و لا عن انتمائها للامة الاسلامية الواحدة! لا للفرنسية و لا للوطنية، كلاهما وجهان لنفس العملة!
...
رد مع اقتباس