عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2018-07-23, 07:30 AM
سراج منير سراج منير سراج منير سراج منير غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2018-05-22
المكان: القاهرة
المشاركات: 99
افتراضي رد: -قصة موسى الكليم





يحذرهم ولي الله إن كذبوا برسول الله موسى أن يحل بهم ما حل بالامم من قبلهم من النقمات والمثلات مما تواتر عندهم وعند غيرهم ما حل بقوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم إلى زمانهم ذلك مما أقام به الحجج على أهل الارض قاطبة في صدق ما جاءت به الانبياء لما أنزل من النقمة بمكذبيهم من الاعداء وما أنجى الله من اتبعهم من الاولياء وخوفهم يوم القيمة وهو يوم التناد أي حين ينادي الناس بعضهم بعضا حين يولون [ مدبرين ] إن قدروا على ذلك ولا إلى ذلك سبيل


(يقول الانسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر - إلى ربك يومئذ المستقر) [ القيامة: 10 - 12 ] وقال تعالى (يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان.فبأي آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان) [ الرحمن: 33 - 36 ] وقرأ بعضهم (يوم التناد) بتشديد الدال، أي يوم الفرار.
ويحتمل أن يكون يوم القيامة، ويحتمل أن يكون يوم يحل الله بهم البأس، فيودون الفرار ولات حين مناص.(فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون، لا تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون) [ الانبياء: 12 - 13 ]

ثم أخبرهم عن نبوة يوسف في بلاد مصر ما كان منه من الاحسان إلى الخلق في دنياهم وأخراهم وهذا من سلالته وذريته ويدعو الناس إلى توحيد الله وعبادته وأن لا يشركوا به أحدا من بريته وأخبر عن أهل الديار المصرية في ذلك الزمان أي من سجيتهم التكذيب بالحق ومخالفة الرسل ولهذا قال


(فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا) [ غافر: 34 ] أي وكذبتم في هذا ولهذا قال (كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب.الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم) [ غافر: 34 - 35 ]


أي يريدون حجج الله وبراهينه ودلائل توحيده بلا حجة ولا دليل عندهم من الله فإن هذا أمر يمقته الله غاية المقت أي يبغض من تلبس به من الناس ومن اتصف به من الخلق (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) [ غافر: 35 ] قرئ بالاضافة وبالنعت وكلاهما متلازم أي هكذا إذا خالفت القلوب الحق - ولا تخالفه إلا بلا برهان - فإن الله يطبع عليها، أي يختم عليها [ بما فيها ]



53-(وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الاسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى وإني لاظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب) [ غافر: 36 - 37 ]

كذب فرعون موسى عليه السلام في دعواه أن الله أرسله وزعم فرعون لقومه ما كذبه وافتراه في قوله لهم (ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لاظنه كاذبا) [ القصص: 33 ] وقال ههنا (لعلي أبلغ الاسباب أسباب السموات) أي طرقها ومسألكها (فاطلع إلى إله موسى وإني لاظنه كاذبا) ويحتمل هذا معنيين أحدهما وإني لاظنه كاذبا في قوله إن للعالم ربا غيري والثاني في دعواه أن الله أرسله.



والاول أشبه بظاهر حال فرعون فإنه كان ينكر ظاهر إثبات الصانع والثاني أقرب إلى اللفظ حيث قال (فاطلع إلى إله موسى) أي فاسأله هل أرسله أم لا (وإني لاظنه كاذبا) أي في دعواه ذلك.
45--وإنما كان مقصود فرعون أن يصد الناس عن تصديق موسى عليه السلام أن يحثهم على تكذيبه قال الله تعالى (وكذلك زين لفرعون سوء علمه وصد عن السبيل) [ غافر: 37 ]


قال ابن عباس ومجاهد يقول إلا في خسار إي باطل لا يحصل له شئ من مقصوده الذي رامه فإنه لا سبيل للبشر أن يتوصلوا بقواهم إلى نيل السماء أبدا.أعني السماء الدنيا فكيف بما بعدها من السموات العلى، وما فوق ذلك من الارتفاع، الذي لا يعلمه إلا الله عزوجل.وذكر غير واحد من المفسرين أن هذا الصرح، وهو القصر الذي بناه وزيره هامان له، لم ير بناء أعلى منه وإن كان مبنيا من الآجر المشوي بالنار ولهذا قال (فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحا) [ القصص: 38 ]


وعند أهل الكتاب أن بني إسرائيل كانوا يسخرون في ضرب اللبن وكان مما حملوا من التكاليف الفرعونية أنهم لا يساعدون على شئ مما يحتاجون إليه فيه بل كانوا هم الذين يجمعون ترابه وتبنه وماءه، ويطلب منهم كل يوم قسط معين، إن لم يفعلوه وإلا ضربوا وأهينوا غاية الاهانة وأوذوا غاية الاذية.-ولهذا قالوا لموسى (أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون) فوعدهم بأن العاقبة لهم على القبط وكذلك وقع وهذا من دلائل النبوة.




46-ولنرجع إلى نصيحة المؤمن وموعظته واحتجاجه، قال الله تعالى (وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) [ غافر: 38 - 40 ]



يدعوهم رضي الله عنه إلى طريق الرشاد والحق وهي متابعة نبي الله موسى وتصديق فيما جاء به من ربه، ثم زهدهم في الدنيا الدنية الفانية المنقضية لا محالة، ورغبهم في طلب الثواب عند الله الذي لا يضيع عمل عامل لديه.القدير الذي ملكوت كل شئ بيديه، الذي يعطي على القليل كثيرا، ومن عدله لا يجازي على السيئة إلا مثلها.وأخبرهم أن الآخرة هي دار القرار التي من وافاها - مؤمنا قد عمل الصالحات - فلهم الجنات العاليات، والغرف الآمنات، والخيرات الكثيرة الفائقات، والارزاق الدائمة التي لا تبيد.والخير الذي كل ما لهم منه في مزيد.



47-ثم شرع في إبطال ما هم عليه وتخويفهم مما يصيرون إليه فقال

(ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لاكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار.لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب.النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) [ غافر: 41 - 46 ]


كان يدعوهم إلى عبادة رب السموات والارض الذي يقول لشئ كن فيكون وهم يدعونه إلى عبادة فرعون الجاهل الضال الملعون، ولهذا قال لهم على سبيل الانكار (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لاكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار) ثم بين لهم بطلان ما هم عليه من عبادة ما سوى الله من الانداد والاوثان وأنها لا تملك من نفع ولا إضرار فقال (لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار) أي لا تملك تصرفا ولا حكما في هذه الدار فكيف تملكه يوم القرار * وأما الله عزوجل فإنه الخالق الرازق للابرار والفجار وهو الذي أحيا العباد ويميتهم ويبعثهم فيدخل طائعهم الجنة وعاصيهم إلى النار.ثم توعدهم إن هم استمروا على العناد بقوله


(فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) قال الله (فوقاه الله سيئات ما مكروا) أي بإنكاره سلم مما أصابهم من العقوبة على كفرهم بالله ومكرهم في صدهم عن سبيل الله مما أظهروا للعامة من الخيالات والمحالات التي لبسوا بها على عوامهم وطغامهم ولهذا قال (وحاق) أي أحاط (بآل فرعون سوء العذاب.النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) أي تعرض أرواحهم في برزخهم صباحا ومساء على النار (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) [ غافر: 45 - 46 ]


والمقصود أن الله تعالى لم يهلكهم إلا بعد إقامة الحجج عليهم وإرسال الرسول إليهم وازاحة الشبه عنهم، وأخذ الحجة عليهم منهم، بالترهيب تارة والترغيب أخرى


48-كما قال تعالى.(ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون.فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون.وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين.فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) [ الاعراف: 130 - 133 ].


يخبر تعالى أنه ابتلى آل فرعون وهم قومه من القبط بالسنين وهي أعوام الجدب التي لا يستغل فيها زرع ولا ينتفع بضرع وقوله (ونقص من الثمرات) وهي قلة الثمار من الاشجار (لعلهم يذكرون) أي فلم ينتفعوا ولم يرعوا بل تمردوا واستمروا على كفرهم وعنادهم (فإذا جاءتهم الحسنة) والخصب ونحوه (قالوا لنا هذه) أي هذا الذي نستحقه وهذا الذي يليق بنا (وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) أي يقولون هذا بشؤمهم أصابنا هذا، ولا يقولون في الاول أنه ببركتهم وحسن مجاورتهم [ لهم ] ولكن قلوبهم منكرة مستكبرة نافرة عن الحق إذا جاء الشر أسندوه إليه، وإن رأوا خيرا ادعوه لانفسهم.



قال الله تعالى (ألا إنما طائرهم عند الله) أي الله يجزيهم على هذا أوفر الجزاء (ولكن أكثرهم لا يعلمون) [ الاعراف: 132 ] (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بهما فما نحن لك بمؤمنين) [ الاعراف: 133 ] أي مهما جئتنا به من الآيات - وهي الخوارق للعادات فلسنا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نطيعك ولو جئتنا لكل اية (قال القرطبي في تفسيره: بقي موسى في القبط بعد إلقاء السحرة سجدا عشرين سنة يرميهم الآيات إلى أن أغرق الله فرعون: وعن نوف قال: أربعين سنة.) وهكذا أخبر الله عنهم في قوله (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الاليم) [ يونس: 96 - 97 ]


49- قال الله تعالى (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) [ الاعراف: 133 ] أما الطوفان فعن ابن عباس هو كثرة الامطار المتلفة للزروع والثماروهو أمر طاف بهم *

وأما الجراد فمعروف * وقد روى أبو داود عن سلمان الفارسي قال سئل رسول الله عن الجراد فقال:


" أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه "


وترك النبي صلى الله عليه وسلم أكله إنما هو على وجه التقذر له، كما ترك أكل الضب، وتنزه عن أكل البصل والثوم والكراث، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد (مسلم).والمقصود أنه استاق خضراءهم فلم يترك لهم زرعا ولا ثمارا ولا سبدا ولا لبدا (أي لا قليلا ولا كثيرا.).وأما القمل فعن ابن عباس: هو السوس الذي يخرج من الحنطة وعنه: أنه الجراد الصغار الذي لا أجنحة له. هو دواب سود صغار هي البراغيث (وهو يتخلق من عرق البعير ومن الوسخ والتلطخ بالثلوط والابوال)


- فدخل معهم البيوت والفرش فلم يقر لهم قرار ولم يمكنهم معه الغمض ولا العيش.
وفسره عطاء بن السائب بهذا القمل المعروف


50-.وأما الضفادع فمعروفة لبستهم حتى كانت تسقط في أطعماتهم وأوانيهم حتى إن أحدهم إذا فتح فمه لطعام أو شراب سقطت في فيه ضفدعة من تلك الضفادع.وأما الدم فكان قد مزج ماؤهم كله به فلا يستقون من النيل شيئا إلا وجدوه دما عبيطا ولا من نهر ولا بئر ولا شئ إلا كان دما في الساعة الراهنة.هذا كله لم ينل بني إسرائيل من ذلك شئ بالكلية.


وهذا من تمام المعجزة الباهرة والحجة القاطعة أن هذا كله يحصل لهم من فعل موسى عليه السلام فينالهم عن آخرهم، ولا يحصل هذا لاحد من بني إسرائيل وفي هذا أدل دليل.
قال محمد بن اسحق فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوبا مفلولا ثم أبي إلا الاقامة على الكفر والتمادي في الشر وتابع الله عليه بالآيات: فأخذه بالسنين فأرسل عليه الطوفان، ثم الجراد، ثم القمل، ثم الضفادع، ثم الدم، آيات مفصلات


قال القرطبي: قال مفصلات لانه كان بين الآية والآية ثمانية أيام، وقيل: أربعون يوما.وقيل: شهر) فأرسل الطوفان وهو الماء ففاض على وجه الارض ثم ركد. لا يقدرون على أن يخرجوا ولا أن يعملوا شيئا حتى جهدوا جوعا فلما بلغهم ذلك


(قالوا يا موسى أدع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل) [ الاعراف: 134 ] فدعا موسى ربه فكشفه عنهم فلما لم يفوا له بشئ فأرسل الله عليهم الجراد فأكل الشجر فيما بلغني حتى أن كان ليأكل مسامير الابواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساكنهم،


فقالوا مثل ما قالوا فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشئ مما قالوا فأرسل الله عليهم القمل.فذكر لي أن موسى عليه السلام أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه فمشى إلى كثيب أهيل عظيم فضربه بها فانثال عليهم قملا حتى غلب على البيوت والاطعمة ومنعهم النوم والقرار فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له فدعا ربه فكشف عنهم فلما لم يفوا له بشئ مما قالوا أرسل الله عليهم الضفادع فملات البيوت والاطعمة والآنية فلم يكشف أحد ثوبا ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع قد غلب عليه فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا بشئ مما قالوا فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياه آل فرعون دما لا يستقون من بئر ولا نهر يغترفون من إناء إلا عاد دما عبيطا


51-قال الله تعلى (ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى أدع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل.فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون.فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين) [ الاعراف: 134 - 136 ].
يخبر تعالى عن كفرهم وعتوهم واستمرارهم على الضلال والجهل والاستكبار عن إتباع آيات الله وتصديق رسوله مع ما أيد به من الآيات العظيمة الباهرة والحجج البليغة القاهرة التي أراهم الله إياها عيانا وجعلها عليهم دليلا وبرهانا *


وكلما شاهدوا آية وعاينوها وجهدهم وأضنكهم حلفوا وعاهدوا موسى لئن كشف عنهم هذه ليؤمنن به وليرسلن معه من هو من حزبه فكلما رفعت عنهم تلك الآية عادوا إلى شر مما كانوا عليه وأعرضوا عما جاءهم به من الحق ولم يلتفتوا إليه فيرسل الله عليهم آية أخرى هي أشد مما كانت قبلها وأقوى فيقولون فيكذبون.ويعدون ولا يفون لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك، ولنرسلن معك بني إسرائيل فيكشف عنهم ذلك العذاب الوبيل.ثم يعودون إلى جهلهم العريض الطويل هذا والعظيم الحليم القدير ينظرهم، ولا يعجل عليهم، ويؤخرهم ويتقدم بالوعيد إليهم *


ثم أخذهم بعد إقامة الحجة عليهم والانذار إليهم أخذ عزيز مقتدر فجعلهم عبرة ونكالا وسلفا لمن أشبههم من الكافرين ومثلا لمن اتعظ بهم من عباده المؤمنين، كما قال تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين في سورة حم والكتاب المبين


52-(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فقال إني رسول رب العالمين.فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون.وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون.وقالوا يا أيها الساحر أدع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون.فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون.ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون.أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين.فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين.فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين.فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) [ الزخرف: 46 - 56 ].


يذكر تعالى إرساله عبده الكليم الكريم، إلى فرعون الخسيس اللئيم وأنه تعالى أيد رسوله بآيات بينات واضحات، تستحق أن تقابل بالتعظيم والتصديق، وأن يرتدعوا عما هم فيه من الكفر، ويرجعوا إلى الحق والصراط المستقيم، فإذا هو منها يضحكون، وبها يستهزئون وعن سبيل الله يصدون، وعن الحق، [ ينصرفون ] فأرسل الله عليهم الآيات تترى يتبع بعضها بعضا، وكل آية أكبر من التي تتلوها، لان التوكيد أبلغ مما قبله (وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون.وقالوا يا أيها الساحر أدع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون) لم يكن لفظ الساحر في زمنهم نقصا ولا عيبا لان علماءهم في ذلك الوقت هم السحرة ولهذا خاطبوه به في حال احتياجهم إليه وضراعتهم لديه قال الله تعالى.(فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون)


ثم أخبر تعالى عن تبجح فرعون بملكه وعظمة بلده وحسنها وتخرق الانهار فيها * وهي الخلجانات التي يكسرونها أمام زيادة النيل ثم تبجح بنفسه وحليته وأخذ يتنقص رسول الله موسى عليه السلام ويزدريه بكونه


(لا يكاد يبين) يعني كلامه بسبب ما كان في لسانه من بقية تلك اللثغة التي هي شرف له وكمال وجمال.ولم تكن مانعة له أن كلمه الله تعالى وأوحى إليه، وأنزل بعد ذلك التوراة عليه، وتنقصه فرعون لعنه الله بكونه لا أساور في بدنه ولا زينة عليه، وإنما ذلك من حلية النساء، لا يليق بشهامة الرجال، فكيف بالرسل الذين هم أكمل عقلا وأتم معرفة وأعلى همة وأزهد في الدنيا وأعلم بما أعد الله لاوليائه في الاخرى


53- وقوله (أو جاء معه الملائكة مقترنين) لا يحتاج الامر إلى ذلك إن كان المراد أن تعظمه الملائكة فالملائكة يعظمون ويتواضعون لمن هو دون موسى عليه السلام بكثير كما جاء في الحديث: " إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يصنع " فكيف يكون تواضعهم وتعظيمهم لموسى الكليم عليه الصلاة والتسليم والتكريم * وإن كان المراد شهادتهم له بالرسالة فقد أيد من المعجزات بما يدل قطعا لذوي الالباب ولمن قصد إلى الحق والصواب ويعمى عما جاء به من البينات والحجج الواضحات من نظر إلى القشور وترك لب اللباب وطبع على قلبه رب الارباب وختم عليه بما فيه من الشك والارتياب كما هو حال فرعون القبطي العمى الكذاب قال الله تعالى (فاستخف قومه فأطاعوه) أي استخف عقولهم ودرجهم من حال إلى حال إلى أن صدقوه في دعواه الربوبية، لعنه الله وقبحهم

(إنهم كانوا قوما فاسقين فلما أسفونا) أي أغضبونا (انتقمنا منهم) أي بالغرق والاهانة وسلب العز والتبدل بالذل وبالعذاب بعد النعمة والهوان بعد الرفاهية والنار بعد طيب العيش عياذا بالله العظيم وسلطانه القديم من ذلك (فجعلناهم سلفا) أي لمن اتبعهم في الصفات (ومثلا) أي لمن اتعظ بهم وخاف من وبيل مصرعهم ممن بلغه جلية خبرهم وما كان من أمرهم


54-كما قال الله تعالى.(فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في أبائنا الاولين.وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون.وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلى أطلع إلى آله موسى وإني لاظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين.وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة هم من المقبوحين) [ القصص: 36 - 42 ]


يخبر تعالى أنهم لما استكبروا عن اتباع الحق وادعى ملكهم الباطل، ووافقوه عليه، وأطاعوه فيه، اشتد غضب الرب القدير العزيز الذي لا يغالب، ولا يمانع عليهم، فانتقم منهم أشد الانتقام، واغرقه هو وجنوده في صبيحة واحدة، فلم يفلت منهم أحد، ولم يبق منهم ديار، بل كل قد غرق فدخل النار وأتبعوا في هذه الدار لعنة بين العالمين ويوم القيامة بئس الرفد المرفود ويوم القيامة هم من المقبوحين.


ان اعجبتك القصة فاكتب تعليق لكى نكملها ان شاء الله تعالى



والى لقاء قريب ان شاء الله تعالى فى هلاك فرعون وجنودة



رد مع اقتباس