عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2018-09-13, 02:02 AM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,830
افتراضي السبيل الى الدراسات الادبية

لي زمن وانا احاول ان انشئ هذه المقالة، ولكن لليراعة احاولها و احكامها ، فتراها تلين وتوافق زمنا، و تحرن و تمتنع طورا .
عشت زمنا من حياتي ، اناظر و اجادل ، و قد تمخض عن هذه الرحلة راي ، و لست اقصد بالراي هنا ما تعارف عليه الناس من التعبير عن خواطرهم و مواقفهم ، حسب ما يستجد من احداث و ما يعرض من عوارض ، بقولهم : " هذا رايي " ، و انما اقصد بالراي ما لا تغيره صروف الزمن و احداث الدهر ، اقصد ذلك الذي يعقد عليه القلب من ايمان ، مفاده ان السبيل لصد العدوان و رد البهتان ، على من يهاجمون ديننا و تراثنا و علومنا ، هو علم من اشرف العلوم الباقية و اكثرها شمولية ، ثم رايت ان اهل زماننا ، و خاصة الجامعيين و المثقفين و من لهم اتصال بعوالم الراي و الفكر و النظر ، عن سبيله معرضين و لطلبته محتقرين ، ثم رايت ان السواد الاعظم من طلبته لا يمرون عليه الا مرور الكرام ، ليس لهم منه حظ الا القراءة و اخذ المعلومة المباشرة ، دون ما اي اطالة للنظر او اعمال الفكر فيه و في اساليب جهابذته و فحوله .
كنت يوما اذاكر صديقا ، فقلت له ما معناه : " لو كان الامر بيدي لجعلت علم مصطلح الحديث فرض عين على كل طالب ، و في جميع الشعب و التخصصات ، من الاداب و العلوم الانسانية الى العلوم البحثة " ، و ذلك انه مذ استغنينا عن هذا المنهج النقدي بمناهج غربية، قاصرة مستحدثة لا اصل لها ، ونحن غارقون في الشبهات و الاشاعات و الفتن ، و لا نهتم الا بالشكل و المظهر ، مع الاغراق في التقلييد و التقييد ، فلم نقدم جديدا و لم نطمح لمزيد ، و العلوم ذات طبيعة تراكمية لا تقبل التقييد و التقليد ، و لما فهم اسلافنا هذا الامر و وعوه نتج عنه اكبر ارث ثقافي و حضاري في تاريخ الامم ، و هنا يحضرني كلام للعلامة الاديب عبد الله كنون _ رحمه الله _ قاله في مطلع بحث تحت عنوان " نحن و التراث " قدمه الى المجمع العربي ، قال فيه : "وهناك بالمقابل شعوب وأمم يظهر أنها أصيبت بتخمة التراث فجعلت تتخلص منه وتزهد فيه، وربما تنكرت له، واتخذت من تراث غيرها بديلا منه، وكثيرا ما يحدث ذلك من جهل بقيمة تراثها، أو بباعث الإعجاب بما هو أجنبي عنها مما يجعلها تستقى ماء أجاجا وعندها العذب والفرات... "، فقد اعرضنا عن منهجنا المتكامل، سواء من ناحية نقد الاخبار و تمحيصها وكشف زيفها من صحيحها ، او من ناحية البحث و طرقه ، و اقبلنا على مناهج غريبة علينا و على ثقافتنا و حضارتنا و تاريخنا ، و اردنا بها العزة ، و نسينا ان العزة لا تكون الا بما ارتضاه الله لنا من سنن ، و التاريخ خير شاهد .
لا تجد علما من العلوم ، و لا فنا من الفنون ، الا و علم المصطلح حاكم عليه ، فلا يمكن دراسة الحديث او التفسير او العقيدة او اللغة او غيرهم من العلوم و الفنون المرتبطة بالاسلام، من دون اعمال علم المصطلح ، فكل هذه العلوم هي احوج الى علم المصطلح ، بينما هو غني عنها ، فمنزلته من هذه العلوم كمنزلة الرياضيات من الفيزياء و الكيمياء و الهندسة ، فلا يمكن لطالب هذه العلوم ان يستغني عن الرياضيات ، غير ان علم المصطلح اكثر شمولية ، و في هذا كلام يطول لكن موضعه ليس ما نحن فيه .
و لم يكن الادب و الدراسات الادبية بدعا من تلك العلوم و الفنون التي يهيمن عليها علم المصطلح ، و لهذا تجد ان من عرضوا للدراسات الادبية ، بعيدا عن هذا العلم ، كانت كتاباتهم اما ضرب من التقرير و النسخ و اللصق ، و هذا لا يمكن اعتباره بحال دراسة ادبية و لا يمكن اعتبار صاحبه اديبا ، او كانت مملوءة بفحش الغلط و غاية الاساءة للاعلام و النصوص .
اذا كان مجال الادب ، هو اللفظ و المعنى ، فان مجال الدرسات الادبية يسير وفق خطين متوازيين ، الاول هو الدراسة التاريخية ، و الثاني يقوم على دراسة الاساليب و المعاني و ما يتصل بهما من الولوج الى اسرار و وجدان النفس البشرية ، و لا يمكن لمن يعرض و يتصدر للدراسات الادبية ان يغفل هذا الامر ، و الا ستكون ابحاثه اما ضرب من الخبل او ضرب من التقرير.
و لعلك تسألني ، يا صديقي ، ما علاقة ما تقوم عليه الدراسات الادبية بعلم مصطلح الحديث ؟؟ اقول لك : صبرا جميلا ، فجواب سؤالك هو ما سنخوض في بيانه الان و الكشف عنه و اعطاء الامثلة عليه ، عسى الله ان ينفعنا و اياك .

يتبع
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
رد مع اقتباس