عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2019-03-20, 09:00 PM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,830
افتراضي ألا ان في الجسد مضغة

حين أنشأت مقالة " قانون القرون "(1) ارسل لي اخي " م ح " مقطعا من خطبة قديمة للعلامة الاديب الشيخ محمد سعيد رسلان ، و كانت الخطبة تحت عنوان " الى الشيخ المكرم " ، و عنون ذلك المقطع ب " إن القلب الذي أحمله لا يتسنى لغيري أن يحمله " (2) ، و قال لي ذلك الاخ الحبيب معلقا على المقطع : " وجدت كلامه مشابها لكلام الرافعى " ، و أنا قد كنت أدرت الكلام في تلك المقالة على كلام للرافعي _ رحمه الله _ .

وكان هذا الاخ الحبيب مصيبا في وجود مشابهة بين كلام الشيخ رسلان و كلام الرافعي ، و هذه الدقة في النظر ليست غريبة على أهل مصر من كتاب و أدباء ، و لذلك لا يذل عندهم قد الكاتب الحق ، و استغل هذه الفرصة لارسلة لهم التحية .

قال الشيخ في مطلع المقطع : " لان القوة العلمية سابقة عن القوة العلمية بمراحل ، و لا يصح لك قلب و لا ضمير و.. و لا تحوز سلامة العقل حتى تكون موازيا بين القوة العلمية و القوة العملية "
ثم قال الشيخ و هو يوصي طلابه و اخوانه ، وصية تكتب بماء العينين ، و هو يدعوهم و يبين لهم المرحلة التي يجب ان يصيروا اليها ، و الدرجة التي يجب أن يبلغوها و لو بشق الانفس : " قل لنفسك ان العلم الذي احمله يستطيع اي طالب علم ان يحمله ، و أما القلب الذي أحمله لا يتسنى لغيري أن يحمله " .

ان الامر كله مرده للقلوب و مداره عليها ، و مرة سالني أحد الاخوة ان اذكر له بعض الكتب في الادب ، فذكرت له بعضها فقال اعرفها ، و هو يظن ان كتب الأدب هي التي ستجعله أديبا المعيا و تخرج منه كاتبا فذا ذكيا ، بينما الذي يجعله أديبا هو قلبه و كيف تلقى ذلك القلب تلكم الكتب و كيف أحس بها ، و كيف استقرت في وجدانه و أخذت بخلجات صدره .

ان براعة الادب لن تتفق لاحد الا ان يكون لديه تلك " الملكة " ، و هي استعداد الذهني و النفسي ، و هذا الاستعداد الذهني، و الذي هو القدرة على الانتاج و اعادة الانتاج ، لا يحصل لك او لغيرك بالاطلاع على كتب الادب و حفظ اشعار العرب ، و انما تحصل لك حين تمتلك قلبا لا يتسنى لاحد ان يملكه او يحمله ، ذلك القلب العامل القادر على حمل العلم ، ليبدا العمل رحلته منه ، فيعمل القلب عمله ابتداء و تعمل الجوارح عملها انتهاء ، فيكون علم موازي متوازيا مع عملك .

قال أحد أئمة التابعينو هو ابو بكر بن عبد الله المزني : "ما فَضَلَ أبو بكر النَّاسَ بكثرة صلاةٍ ولا بكثرة صيامٍ، ولكن بشيءٍ وقر في قلبه" و ما هذا الشيء الا عمل قلبه من خوف و رجاء و خشوع .... ، ففضلهم به لما توازى عمل قلبه مع علمه .


ليس كل حامل علم يمكنه التسلط و عدم الخضوع لقانون الحياة و قانون القرون ، الا اذا كان له قلب يتسنى له حمل تلك العلوم و جعلها من ذات نفسه ، فهكذا يصبح هو التعبير الانساني لمعاني تلك العلوم فيكون علما يمشي و خلقا يتنفس و يشعر و يحيى.

****************
(1) http://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=103929
(2) رابط المقطع : https://www.youtube.com/watch?v=ZQRy...OU&app=desktop

كتب: الاربعاء 13 رجب 1440 ( 20/03/2019)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
رد مع اقتباس