عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022-12-31, 05:24 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,065
افتراضي التابوت أم التابوه؟ / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي

التابوت أم التابوه؟

إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول




تتجسَّد عظمة القرآن ودقَّة نظمه في ما لا يمكن حصره من براهين ودلائل، حتى على مستوى الحرف الواحد وإلى ما هو أقلّ منه! وللتمثيل فقط سنضرب المثال الآتي: عندما عزم الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- على جمع الأمّة على مصحف واحد، أرسل إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- أن تبعث إليه بالمصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ثم أمر زيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوه في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن -أي في كتابته- فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أُنزل بلسانهم، فلم يختلفوا في شيء حتى جاؤوا إلى كلمة التابوت، فقال زيد بن ثابت: إنما هو "التابوه"، بالهاء، وقال الرهط القرشيون: إنما هو "التابوت"، بالتاء، فرجعوا إلى عثمان -رضي اللَّه عنهم أجمعين- فقال: اكتبوه بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم، فكتبوها "التابوت"، وهذا الحرف الأخير من هذه الكلمة هو موضع الخلاف الوحيد في القرآن كلّه بين زيد بن ثابت والقرشيين الثلاثة!
فتأمّل هذه الدقة والضبط المُحكم في كتابة المصحف الشريف!
وهذا أحد مناقب ذي النُّورين عثمان -رضي الله عنه- وما أكثرها.
نتأمّل الآن أين وردت كلمة التابوت في القرآن..
وهل يتأثر البناء الإحصائي للقرآن إذا تبدَّلت التاء هاءً.. فأصبحت "التابوه" بدلًا من "التابوت"؟
أم الأمر سيَّان ولا فرق بين "التابوت" و"التابوه"؟
وماذا ينتج إذا أخضعنا قول زيد بن ثابت وقول القرشيين الثلاثة إلى المسطرة الرقمية؟

دعوة..
إلى كل الذين لديهم أدنى شكّ في أن للحرف، وما دونه وزنًا في البناء الإحصائي للقرآن..
إلى كل الذين يتوهَّمون أن الحديث عن البناء الرقمي للقرآن لا فائدة منه..
إلى كل الذين يحاولون أن يحرموا العالم من رؤية أعجب وجوه القرآن على الإطلاق..
إليهم جميعًا هذه الدعوة لمرافقتنا في هذه الرحلة القصيرة..
لنختبر معًا قول زيد بن ثابت والقرشيين الثلاثة.. وأيُّهما كان على صواب!
لن نقوم بأي نوع من التحليل اللغوي أو التاريخي أو المنطقي.. فلسنا أهل الاختصاص في شيء من ذلك.
ولكننا سنقوم بإجراء تحليل رقمي مبسَّط يستوعبه الجميع.
لقد وردت كلمة { التَّابُوْت } في موضعين اثنين فقط في القرآن..

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)} [البقرة]

{ أَنِ اقْذِفِيْهِ فِي التَّابُوْتِ فَاقْذِفِيْهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)} [طه]

وردت كلمة { التَّابُوْت } في القرآن مرتين، حيث جاءت في المرّة الأولى في السورة التي ترتيبها رقم 2
كلمة { التَّابُوْت } في الآية الأولى ترتيبها رقم 9 من بداية الآية!
وكلمة { التَّابُوْت } في الآية الثانية جاءت قبل 18 كلمة من نهاية الآية أي 9 × 2
وسورة البقرة التي جاءت فيها الآية الأولى ترتيبها رقم 2
وسورة طه التي جاءت فيها الآية الثانية ترتيبها رقم 20
والفرق بين ترتيب السورتين يساوي 18 أي 9 × 2
ومن الآية 248 من سورة البقرة حتى الآية 39 من سورة طه هناك 2133 آية تحديدًا!
وهذا العدد هو 114 × 18 + 9 × 9 .. فتأمّل!
ومعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة!
إذا بدأت العدّ من بعد الآية 248 من سورة البقرة مباشرة حتى الآية 39 من سورة طه، فسوف تجد أن هناك 2132 آية، وهذا العدد هو 41 × 52
مع الانتباه إلى أن العدد 52 هو مجموع كلمات الآيتين (30 + 22)!
بل إنك إذا طرحت هذا العدد من مجموع آيات القرآن 6236 – 2132، فإن النتيجة هي 4104
وهذا العدد هو 114 × 18 × 2 .. فتأمّل!
من الآية رقم 248 من سورة البقرة، حتى نهاية السورة هناك 39 آية تحديدًا!
وهذا العدد هو رقم الآية التي وردت فيها كلمة { التَّابُوْت } في سورة طه!!
كلمة { التَّابُوْت } في الآية الأولى جاءت قبل 21 كلمة من نهاية الآية.
وكلمة { التَّابُوْت } في الآية الثانية جاءت قبل 18 كلمة من نهاية الآية.
ومجموع العددين يساوي 39 وهذا هو رقم الآية الثانية!!
كلمة { التَّابُوْت } في الآية الأولى جاءت بعد 29 حرفًا من بداية الآية.
وكلمة { التَّابُوْت } في الآية الثانية جاءت بعد 10 أحرف من بداية الآية.
ومجموع العددين يساوي 39، وهذا هو رقم الآية الثانية!!
كلمة { التَّابُوْت } في الآية الأولى جاءت قبل 78 حرفًا من نهاية الآية، وهذا العدد يساوي 39 + 39
لا تنقضي عجائبه!!

قبل أن أطرح عليك سؤالًا مهمًّا أودّ أن ألفت نظرك إلى أن 78 هو مجموع الحروف المقطَّعة في القرآن!
وهو أيضًا مجموع حروف أوّل ما نزل من القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلّم-!
ولكن لماذا العدد 39؟ ولماذا العدد 18؟
انظر إلى العلاقة الآتية:
39 + 39 + 18 + 18 يساوي 114، وهو عدد سور القرآن!
آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة عدد حروفها 114 حرفًا بعدد سور القرآن!
يمكنك أن تتأكّد الآن.. فتفضّل:

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)}

أوّل حروف كلمة { التَّابُوْت } في آية البقرة ترتيبه رقم 30 من بداية الآية بعدد كلمات الآية نفسها!
من كلمة { التَّابُوْت } في آية البقرة حتى نهاية الآية هناك 22 كلمة.
22 هو عدد كلمات آية { التَّابُوْت } في سورة طه!!
الآية الأولى وردت في سورة البقرة التي ترتيبها رقم 2
بينما وردت الآية الثانية في سورة طه التي ترتيبها رقم 20
مجموع الرقمين يساوي 22 وهو عدد كلمات آية { التَّابُوْت } في سورة طه!!
ليس هذا فحسب! بل إذا تأمّلت الآيتين جيّدًا تلاحظ أن { التَّابُوْت } في الحالتين مرتبط بموسى -عليه السلام-!
التابوت الأوّل فيه بعض آثار موسى -عليه السلام- بعد موته، والتابوت الآخر فيه موسى وهو طفل رضيع!
ولكن ما علاقة موسى -عليه السلام- بالعدد 22؟
لقد ورد ذكر اسم { مٌوْسَى } -عليه السلام- في القرآن 136 مرّة، وهذا العدد يساوي 114 + 22 .. فتأمّل!
والآن ننتقل إلى محطة خارجية قصيرة لنستعرض معًا أمرًا مهمًّا يتعلّق بموسى، ويتعلّق بالعدد 22.
إلى هناك..
الآية التالية من سورة الأنعام تتضمَّن التكرار رقم 22 لاسم { مُوسَى } من بداية المصحف:

{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوْرًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُوْنَهُ قَرَاطِيْسَ تُبْدُوْنَهَا وَتُخْفُوْنَ كَثِيْرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوْا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُوْنَ (91)}

أوّل ملاحظة يمكن أن تلفت انتباهك هي أن اسم { مُوسَى } جاء في ترتيب الكلمة رقم 22 من بداية الآية!
الآية نفسها عدد كلماتها 44 كلمة أي 22 + 22
بل إذا تأمّلت هذه الآية نفسها من بداية المصحف تجد أن ترتيبها هو 880
وهذا العدد يساوي 22 × 20 × 2
ولا تنسَ أن تنتبه إلى الآتي:
20 هو ترتيب سورة طه في المصحف!
2 هو ترتيب سورة البقرة في المصحف!
والأعجب من ذلك معنى الآية فتأمّل:

{ وَمَا قَدَرُوْا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوْا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّنْ شَيْءٍ }!!

لاحظ كيف ترد عليهم الأرقام!!
إذا كان التكرار رقم 22 لاسم { مُوسَى } في القرآن قد جاء في ترتيب الكلمة رقم 22 من بداية آية عدد كلماتها 44 كلمة، فهذا يعني أن اسم { مُوسَى } يأتي في ترتيب الكلمة رقم 23 من نهاية الآية نفسها.. أليس كذلك؟! 23 هو عدد أعوام الوحي التي أنزل اللَّه عزّ وجلّ خلالها هذا القرآن!!
بل إنك إذا أضفت هذا العدد إلى رقم الآية (23 + 91) يكون الناتج 114
قد يعتقد بعضهم أن العدد 114 الذي تجلَّى هنا يشير إلى عدد سور القرآن!
ولكن الأمر ليس كذلك، بل إنه يشير إلى حقيقة مهمّة تتعلّق بموسى -عليه السلام-!
إن اسم { مُوسَى } من بعد هذه الآية حتى نهاية المصحف سوف يتكرّر 114 مرّة!
أرأيت.. كل شيء محسوب بدقَّة وإتقان مُحكم!
عدد المرّات التي تتكرّر فيها الكلمة وترتيبها على مستوى القرآن كلّه والسورة والآية!

والآن.. نعود مرّة أخرى إلى آيتي { التَّابُوْت }:

{ أَنِ اقْذِفِيْهِ فِي التَّابُوْتِ فَاقْذِفِيْهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)} [طه]

هذه الآية التي أمامك عدد حروفها 93 حرفًا!
لاحظ هذا التعاكس الرقمي بين رقم الآية 39 وعدد حروفها 93
مجموع العددين هو 132، وهذا العدد = 22 × 6
لاحظ أن العدد 22 هو عدد كلمات الآية نفسها!
ولكن إلى ماذا يشير الرقم 6؟! انتظر لترى بعد قليل!
الفرق بين العددين 93 – 39 يساوي 54، وهذا العدد هو 18 × 3
والعدد 18 هو عدد الكلمات التي جاءت بعد كلمة { التَّابُوْت } في الآية!
نعود مرّة أخرى لنذكِّر بأن الخلاف بين زيد والقرشيين الثلاثة كان في الحرف الأخير من كلمة { التَّابُوْت } أهو تاء أم هاء؟ والآن نتدبّر آية سورة البقرة:

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)}

من عجائب التاء!
حرف التاء تكرّر في هذه الآية 6 مرّات، وحرف الهاء تكرّر مثله تمامًا 6 مرّات!
ولكن لماذا الرقم 6؟ إذا بدأت عدّ الحروف من بداية الآية، فسوف تجد أن الحرف الأخير في كلمة { التَّابُوْت } هو حرف التاء وترتيبه رقم 36 من بداية الآية، وهذا العدد = 6 × 6
ليس هذا فحسب بل هناك ما هو أعجب من ذلك بكثير!
حرف التاء ورد في الآية 6 مرّات، واتخذ مواقع محسوبة بدقّة، فتأمّل:

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)} [البقرة]

إذا بدأت عدّ الحروف من بداية الآية فسوف تجد أن حرف التاء اتخذ المواقع الستة الآتية:
26، 32، 36، 59، 76، 107
مجموع هذه المواقع الستة يساوي 336! فماذا يعني لك هذا العدد؟
العدد 336 إذا أضفنا إليه الرقم 6، وهو تكرار حرف التاء في الآية نفسها، يكون الناتج على النحو الآتي: 336 + 6 يساوي 342 وهذا العدد الأخير هو 114 × 3
ولا تنسَ أن العدد 114 هو عدد حروف الآية نفسها كما أنه عدد سور القرآن!
والرقم 3 هو ترتيب حرف التاء الأخيرة في كلمة { التَّابُوْت } بين التاءات الستة التي وردت في الآية!
التاء هو الحرف المختلف عليه ما بين زيد والقرشيين الثلاث!
بل إن حرف التاء هو الحرف رقم 3 في قائمة الحروف الهجائية أيضًا.. فتأمّل!

حرف الهاء
وماذا بشأن حرف الهاء الذي تكرّر هو الآخر 6 مرّات في الآية؟
قبل أن أجيب عن هذا السؤال أودّ أن أتوقَّف قليلًا لنتساءل:
هل كان النبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- يُحصي الحروف بهذه الدقَّة حتى يختار ألفاظ القرآن ومواقعها؟!
وكيف فعل ذلك والقرآن لم ينزل جملة واحدة، وإنما جاء متفرقًا على مدى 23 عامًا!
وكيف علم بالترتيب الهجائي للحروف العربية؟!
هذا الترتيب الذي لم تعرفه العرب إلا بعد عشرات السنين من وفاته -صلى الله عليه وسلّم-؟!
هذا الترتيب الذي تقوم عليه كل المعاجم والقواميس العربية اليوم!
سبحانك ربي! { أَمْ يَقُوْلُوْنَ افْتَرَاهُ }!!

نعود ونتابع..
إذا تتبّعت المواقع التي احتلها حرف الهاء من بداية الآية تجدها:
6، 11، 21، 39، 71، 80
مجموع هذه الأعداد الستة يساوي 228 أي 114 × 2
ولا ننسى أن العدد 114 هو عدد حروف الآية نفسها كما أنه عدد سور القرآن أيضًا!
وقبل أن نغادر هذا الموضع، أودّ أن ألفت نظرك إلى أن الاختلاف بين زيد والقرشيين حول الحرف الأخير في كلمة "التابوت" أهو تاء أم هاء؟ بالنسبة إلى حرف التاء ورد في الآية 6 مرّات وبالنسبة إلى حرف الهاء ورد مثله تمامًا 6 مرّات أيضًا، ولكن الأعجب من ذلك كلّه ومن بين الحروف الهجائية جميعها التي تضمّنتها الآية احتل حرف الهاء الترتيب رقم 6 بين حروف الآية، بينما احتل حرف التاء الأخير من كلمة { التَّابُوْت } الترتيب رقم 36 أي 6 × 6. أتظنّ أن كل هذا التوافق والتناسق العجيب في أدقَّ التفاصيل يأتي عشوائيًّا؟!
كلا.. إنه تدبير الحكيم البديع سبحانه!

نعود إلى المواقع الستة التي احتلها حرف التاء في الآية، فنجد أن الفرق بين آخر ترتيب لحرف التاء وأوّل ترتيب للحرف نفسه 107 - 26 يساوي 81، أي 9 × 9
والرقم 9 هو ترتيب كلمة { التَّابُوْت } من بداية الآية!
بالإضافة إلى حرفي التاء والهاء هناك حرف ثالث ورد في الآية 6 مرّات، وهو حرف الواو، وهو أيضًا الحرف السابق لحرف التاء المختلف عليه في كلمة { التَّابُوْت }، وبذلك يكون مجموع تكرار هذه الأحرف الثلاثة 18 مرّة في الآية أي 9 × 2
وماذا بشأن آية { التَّابُوْت } في سورة طه؟ نتأمّل معًا:

{ أَنِ اقْذِفِيْهِ فِي التَّابُوْتِ فَاقْذِفِيْهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِيْ وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)}

في هذه الآية هناك أيضًا 3 أحرف تكرّر كل منها 6 مرّات! العين .. الفاء.. الواو!
الترتيب الهجائي لهذه الأحرف الثلاثة هو على التوالي: 18، 20، 27، ومجموع هذه الأعداد يساوي 65
بالعودة إلى آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة نجد أن الأحرف الثلاثة التي تكرّر كل منها 6 مرّات في الآية، وهي التاء والهاء والواو، وترتيبها الهجائي على التوالي: 3، 26، 27 ومجموعها 56!
لاحظ الفرق بين مجموع الترتيب الهجائي للأحرف الثلاثة التي تكرّر كل منها 6 مرّات في آية { التَّابُوْت } في سورة طه، ومجموع الترتيب الهجائي للأحرف الثلاثة التي تكرّر كل منها 6 مرّات في آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة 65 – 56 يساوي 9.. إنه ترتيب كلمة { التَّابُوْت } في آية سورة البقرة!
لاحظ أيضًا التعاكس بين العددين 65 و56
قبل أن نغادر هذه المحطة أودّ أن أتوقَّف معك عند ملاحظة دقيقة جدًّا، قد لا ينتبه لها كثير من القرّاء، وهي حالة الأحرف السابقة لحرف التاء الأخير في كلمة { التَّابُوْت } المختلف عليه والتالية له.
ففي آية البقرة جاءت كلمة { فِيهِ } مباشرة بعد كلمة { التَّابُوْت }، أو بتعبير أدقّ، بعد حرف التاء المختلف عليه، أما في آية طه فجاءت كلمة { فَاقْذِفِيهِ } بعد كلمة { التَّابُوْت }، ولاحظ كيف جاءت الكلمة الأولى كاملة برسمها وعدد حروفها وحركاتها كجزء من بنية الكلمة الثانية { فِيهِ - فَاقْذِفِيهِ }! وبذلك نستنتج أن حرف الفاء جاء مباشرة بعد حرف كلمة { التَّابُوْت } الأخيرة في الآيتين. ومن خلال النظر في بنية كلمة { التَّابُوْت } نفسها يمكنك أن تلاحظ أن حرف الواو هو الحرف السابق لحرف التاء الأخيرة في الكلمة.

والآن تأمّل..
التاء وهو الحرف المختلف عليه، تكرّر في آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة 6 مرّات.
الهاء وهو الحرف المختلف عليه أيضًا، تكرّر في آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة 6 مرّات.
الواو وهو الحرف السابق لحرف التاء المختلف عليه، تكرّر في آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة 6 مرّات.
الواو وهو الحرف السابق لحرف التاء المختلف عليه في كلمة { التَّابُوْت }، تكرّر في آية سورة طه 6 مرّات.
الفاء وهو الحرف الذي يلي حرف التاء المختلف عليه في كلمة { التَّابُوْت }، تكرّر في آية سورة طه 6 مرّات.
حرف العين الذي لم يرد في آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة مطلقًا، تكرّر في آية التابوت في سورة طه 6 مرّات.
ولكن لماذا حرف العين تحديدًا؟ لأن الترتيب الهجائي لحرف العين هو 18 .. فتأمّل!
أتظن أن كل هذا التناسق المُحكم في تكرار الحروف ومواضعها داخل الآية يأتي عشوائيًّا؟!
إذا أحصيت تكرار حرف الهاء من بداية سورة طه، فستلاحظ أنه تكرّر 41 مرّة حتى نهاية كلمة { التَّابُوْت }!
وهذا العدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو الواحد، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 13
وإذا أحصيت تكرار حرف الهاء من بداية سورة البقرة، فستلاحظ أنه تكرّر 941 مرّة حتى نهاية كلمة { التَّابُوْت }! وهذا العدد أوّليّ أيضًا وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 160
تأمّل العددين 41 و 941 وتأمّل تجلّيات العدد 41 في الحالتين!
مجموع ترتيب العددين في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 173، وهذا العدد هو الآخر أوّليّ!
الفرق بين ترتيب العددين في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 147، وهذا العدد = 7 × 7 × 3
7 هو عدد أحرف كلمة (التابوت) و3 هو ترتيب حرف التاء في قائمة الحروف الهجائية!

الأعجب! أودّ أن أعرض عليك ما هو أعجب من ذلك كلّه!
ولكن دعني قبل ذلك أعرض عليك آية التابوت في سورة البقرة:

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)}

تأمّل هذه الآية جيّدًا.. إن عدد حروفها 114 حرفًا بعدد سور القرآن!
وإذا أحصيت عدد الكلمات التي تنتهي بحرف التاء من بداية المصحف فستجد أن كلمة { التَّابُوْت } في هذه الآية هي الكلمة رقم 114! هل تصدِّق ذلك؟!
هذا ليس افتراضًا نظريًّا نرفضه أو نقبله، وإنما هو حقيقة ثابتة ليس لأحد الحق في أن يجادل بشأنها!
وهذا يعني أنك إذا أبدلت الحرف الأخير من كلمة { التَّابُوْت } بحرف الهاء يختل هذا الميزان!
وإذا أحصيت تكرار حرف التاء من بداية المصحف فستجد أن حرف التاء الأخير في كلمة { التَّابُوْت } في هذه الآية هو التكرار رقم 792، وهذا العدد يساوي 9 × 22 × 4
ماذا تعني لك هذه الأرقام؟
9 هو ترتيب كلمة التابوت من بداية الآية!
22 هو ترتيب كلمة التابوت من نهاية الآية!
22 هو أيضًا عدد كلمات آية { التَّابُوْت } في سورة طه!
4 وهو ترتيب كلمة { التَّابُوْت } من بداية آية طه!
الآن تأمّل آية { التَّابُوْت } في سورة طه:

{ أَنِ اقْذِفِيْهِ فِي التَّابُوْتِ فَاقْذِفِيْهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)}

إذا أحصيت عدد الكلمات التي تنتهي بحرف التاء من بعد كلمة { التَّابُوْت } في سورة البقرة فستجد أن كلمة { التَّابُوْت } في سورة طه هي الكلمة رقم 897، وهذا العدد يساوي 39 × 23
العدد الأوّل هو رقم الآية، والثاني عدد أعوام الوحي!
وهذا يعني أنك إذا أبدلت الحرف الأخير من كلمة { التَّابُوْت } بحرف الهاء فلا بُدّ أن يختل هذا الميزان!

تأمّل..
في ترتيب كلمة { التَّابُوْت } في سورة البقرة تجلَّى لنا العدد 114، وهو عدد سور القرآن، وفي ترتيب كلمة { التَّابُوْت } في سورة طه تجلَّى لنا العدد 23، وهو عدد أعوام الوحي التي تنزَّل خلالها القرآن!
الآن ما رأيك؟ التابوت أم التابوه؟
أيهما كان على صواب: زيد بن ثابت أم القرشيون الثلاثة؟
لا تستعجل في استنتاج الإجابة استمر حتى نهاية المشهد!
إذا تأمّلت هوية الحروف التي بُنيت منها الآيتان تجد أن آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة تضمَّنت 27 حرفًا من الحروف غير المقطَّعة، وتضمَّنت آية { التَّابُوْت } في سورة طه 27 حرفًا من الحروف غير المقطَّعة أيضًا!
مثلها تمامًا! تأمّل هذا التطابق في أدقَّ التفاصيل، برغم الفرق الشاسع بين عدد الحروف بين الآيتين!
هذه المعطيات العجيبة ليست افتراضًا ولا اجتهادًا ولا تكلّفًا، وإنما هي حقيقة ماثلة بين يديك، ويمكنك بكل بساطة أن تحسب وتتأكد بنفسك، بل وتستنتج أنت بنفسك مزيدًا من الحقائق والعلاقات الرقمية المدهشة!
والآن ها هما الآيتان:

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوْتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْنَ (248)} [البقرة]

{ أَنِ اقْذِفِيْهِ فِي التَّابُوْتِ فَاقْذِفِيْهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)} [طه]

لقد تضمَّنت آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة 3 أحرف تكرّر كل منها 6 مرّات.. اثنان من هذه الأحرف (ت و) من الحروف غير المقطَّعة، وواحد من الحروف المقطَّعة (هـ)، ومثلها تمامًا آية التابوت في سورة طه، تضمَّنت 3 أحرف تكرّر كل منها 6 مرّات، منها اثنان (ف و) من الحروف غير المقطَّعة، وواحد من الحروف المقطَّعة (ع)! فتأمّل هذا التطابق العجيب!
في آية التابوت في سورة طه تكرّرت الحروف المقطَّعة 66 مرّة، وتكرّرت الحروف غير المقطَّعة 27 مرّة.. الفرق بينهما يساوي 39 وهذا هو رقم الآية نفسها.. فتأمّل!

إن الاستعراض السابق للآيات كان كلّه وفق قواعد الإملاء الحديثة، ولكن عليك أن تنتبه إلى أن النظام الإحصائي في القرآن عجيب بكل الأوجه، فإذا استعرضته من خلال قواعد الإملاء الحديثة يبهرك بروعة تناسقه، وإذا تأمّلت فيه من خلال الرسم العثماني الذي كُتب به تجد فيه العجب العجاب.
بل إذا تأمّلت البناء الإحصائي للقرآن من خلال الوجهين: قواعد الإملاء الحديثة والرسم العثماني تجد كلًا منهما يكمِّل الآخر في أدقّ التفاصيل، ولا يتعارض معه في شيء أبدًا.
لماذا نودّ الانتقال إلى الرسم العثماني هنا؟
قد يقول قائل: إن زيد بن ثابت والقرشيين الثلاثة عندما اختلفوا في حرف التاء الأخير في كلمة { التَّابُوْت } احتكموا إلى عثمان -رضي الله عنهم أجمعين- فأمرهم أن يكتبوها { التَّابُوْت }، فنسخوها وكتبوها في المصحف الإمام بالرسم العثماني كما أمرهم { التَّابُوْت }، ولذلك من الصواب أن تختبروا لنا أهي "التابوت" أم "التابوه" من خلال ذلك الرسم، وليس من خلال قواعد الإملاء الحديثة التي تطورت لاحقًا!
ونقول له: على الرحب والسعة..
نفعل ذلك ونترك قواعد الإملاء الحديثة عند هذه المرحلة.
الآن تأمّل معي آيتي { التَّابُوْت } بحسب الرسم العثماني:

{ وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ ءَايَةَ مُلكهٓ أَن يَأتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُم وَبَقِيَّةٞ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (248)} [البقرة]

{ أَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِى ٱلتَّابُوتِ فَٱقۡذِفِيهِ فِى ٱلۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِ ٱلۡيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوٌّ لِّى وَعَدُوٌّ لَّهُۥۚ وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّى وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِىٓ (39)} [طه]

لاحظ الاختلاف الذي طرأ على الآيتين خاصة رسم الكلمات.
لاحظ كيف جاءت كلمة {ءَايَةَ } بدلًا من { آية
وكلمة { ءَالُ } بدلًا من { آل
وكلمة { هَٰرُونَ } بدلًا من { هَارُونَ }
وكلمة { ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ } بدلًا من { الملائكة
وكلمة { فِى } بدلًا من { في
وكلمة { لِّى } بدلًا من { لي
وكلمة { مِّنِّى } بدلًا من { مِنِّيْ
وكلمة { عَينِىٓ } بدلًا من { عَيْنِيْ }.

لاحظ التطوُّر الكبير الذي طرأ على رسم الكلمة القرآنية منذ نزول الوحي حتى الآن!
لاحظ الرسم البدائي الذي نُسخ به المصحف في بادئ الأمر، وكيف هو مُعجز رسمًا ونظمًا!
لاحظ كيف تغيَّر عدد حروف آية { التَّابُوْت } في سورة البقرة من 114 حرفًا إلى 115 حرفًا.
ولكن برغم ذلك كلّه يحافظ النسيج الرقمي القرآني على روعته ورونقه في أدقّ التفاصيل!

يتبع القسم الثاني والأخير

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2023-01-18 الساعة 11:09 PM
رد مع اقتباس