عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-04-05, 10:39 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,738
افتراضي ( ١٣) من القربات إلى الله تعالى في شهر رمضان: [الصدقة]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
( ١٣) من القربات إلى الله تعالى في شهر رمضان: [الصدقة]
تُعتبرالصدقة قربةٌ عظيمة يتقرب بها المؤمنون لله جل جلاله، وقد ذكر الله الصدقة في القرآن الكريم في كثير من الآيات التي تحض عليها، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: ١٩٥]، وقال جل جلاله في نفس السورة أيضًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: ٢٥٤]، وفيها أيضًا: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: ٢٦٢/٢٦١]، وقال تعالى في سورة آل عمران: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: ١٣٤/١٣١، ]، وقال جل جلاله في سورة إبراهيم: ﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ ﴾ [إبراهيم:٣١]، وقال جل جلاله في سورة السجدة: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: ١٧/١٦]، وفي سورة الحديد: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: ٧]، وفي سورة المنافقون: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون:١١/١٠].

ولم تختلف السنة النبوية الشريفة عن القرآن الكريم في احتفائها بالصدقة:
ففي الحديث الشريف يقول النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "ليق أحدكم وجهه النار، ولو بشق تمرة"؛ رواه أحمد، وقال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته"؛ رواه الطبراني، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يقول: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس"، قال يزيد: فكان أبو الخير مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء، ولو بكعكة أو بصلة؛ رواه أحمد.

فإن كنت راغبًا في سعادة الدنيا والآخرة، فطريقها الصدقة بلا ريب:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر"؛ رواه الطبراني، وروي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيًا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف"؛ رواه الطبراني في الأوسط، وعن جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يقول لكعب بن عجرة: "يا كعب بن عجرة، الصلاة قربان، والصيام جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، يا كعب بن عجرة الناس غاديان، فبائع نفسه فموثق رقبته، ومبتاع نفسه في عتق رقبته"؛ رواه أبو يعلى بإسناد صحيح.

لا تقل: سوف تنقص الصدقة مالي وهو قليل، فالله يبارك في القليل ويجعله كثيرًا، قال تعالى في سورة سبأ: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: ٣٩]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل"؛ رواه مسلم والترمذي.

فتصدق ولو بالقليل، ولا تقل لا أجد ما أتصدق به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل"؛ رواه البخاري ومسلم.

فإن لم تجد ما تنفقه حقًّا، فانو أنك لو كان لك مال لتصدقت:
فأنت بخير ما نويت الخير، والله يثيبك على نيتك الصادقة، فعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يقول: "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء"؛ رواه الترمذي وابن ماجه، فليحذر إذًا صاحب العمل أن تكون نيته سبب هلاكه لا نجاته، فأول من تسعَّر بهم النار قارئ ومنفق ومجاهد كانت نيتهم أن يتحدث الناس عنهم، نسأل الله السلامة، ونسأله الإخلاص والقبول.

ووالله إن الصدقة تجلب البركة لحياتك:
وفوق البركة يأتيك العوض من حيث لا تحتسب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا"؛ رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) : "بينا رجل في فلاة من الأرض فسمع صوتًا في سحابة اسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لِمَ سألتني عن اسمي؟ قال: سمعت في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد ثلثه"؛ رواه مسلم. وفوق ذلك فإن الصدقة شفاء لأمراض الجسد والقلب: فعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) : "داووا مرضاكم بالصدقة"؛ رواه أبو داود، وكم من حالات شفيت من أمراض مستعصية كادت أن تهلكهم، فقط بالصدقة، وكم من حالات خرجت من مرض موت محقق بشفاء كامل بسبب الصدقة، فداووا مرضاكم بالصدقة.

وتذكر أنك إن لم تتصدق بخلًا، فأنت تبخل بما سوف تتركه لغيرك:

تتعب فيه ثم يستمتع به سواك وتُحرم أنت أجره، ولئن كنت تبخل على نفسك اليوم بالصدقة، فسوف يكون أولادك أبخل بها عنك بعد موتك، فلا تعمل لأجل غيرك، ولا تضع آخرتك بدنيا غيرك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) "يقول العبد مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث، ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، ما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس"؛ رواه مسلم.

واجعل للحيوان والطير من صدقتك نصيبًا:
فالله جل جلاله يمنح الأجر لمن تصدق ولو على حيوان أو طير، ففي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: "من حفر ماء لم تشرب منه كبد حرى من جن ولا إنس ولا طائر، إلا آجره الله يوم القيامة"؛ رواه البخاري، وفي الحديث الصحيح أيضًا عن عبد الله بن عمر ورضي الله عنهما أن رجلًا جاء إلى رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم )، فقال: "إني أنزع في حوضي حتى إذا ملأته لإبلي ورد عليَّ البعير لغيري فسقيته، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في كل ذات كبد أجرًا"؛ رواه أحمد.

وفي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ): "ما من مسلم يغرس غرسًا، إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد، إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة"، وفي رواية أخرى صحيحة: "فلا يغرس المسلم غرسًا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طيرٌ، إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة"، فانثر حبوبًا عند نافذتك للطيور، وضع طعامًا للقطط بجوار صندوق المهملات، فلو أنك نويت ببقايا الطعام التي ترميها صدقة للحيوانات، لكانت لك صدقة بإذن الله.

ولا تنسَ أن تقدِّم لنفسك صدقة جارية تنفعك بعد موتك:

ولو بادرت بها في رمضان لكان أفضل، حيث تضاعف الحسنات وتنزل البركات، ويُفتح باب القبول، والصدقة الجارية أبوابها كثيرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ): "سبع تجري للعبد بعد موته وهو في قبره من علم علمًا، أو كرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته"؛ رواه البزار، وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: "ليس صدقة أعظم أجرًا من ماء"؛ رواه البيهقي.
§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس