عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2007-09-07, 06:18 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,418
افتراضي


"الوحي الإقراري:

أما الوحى الإقراري فهو أن يجتهد - صلى الله عليه وسلم - فى الأمر فيسلك فيه مسلكاً ما ، فإن كان صواباً أقره الوحي ، وإن كان غير صواب نبهه الوحي ، وحينئذ يكون إعلامياً ، فالوحي التقريري هو ما أقر الله سبحانه وتعالى نبيه فيه على صواب فعله من تلقاء نفسه.

فما صدر منه - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو إقرار دائر بين حالين :

أ- حال الإيحاء ، بأن يوحى الله ‘ليه بالأمر ابتداءً فيمتثل ، أو يوحى إليه انتهاء ليعرفه سبحانه ما يتفق وشريعته ، وهذا قليل نادر ، ومثاله ما حدث فى أسرى بدر.

وهذا الحال الكثير الغالب ، فكثيراً ما ابتدأه الوحى ، وربما سئل عن الشئ فسكت حتى جاءه الوحى ، كما فى حديث الذى أحرم وعليه جبة وخلق وكما فى حديث المتلاعنين ، وسئل عن الروح فسكت حتى نزلت الآية ، وسئل عن توزيع التركة فسكت حتى نزلت آية الميراث ولما أخبر النساء عن فضل من مات له ثلاثة من الولد سألته إحداهن عمن مات له اثنان ، فسكت فأعادتها مرتين ، فلما أوحى إليه قال لها : واثنين واثنين واثنين."


"ب- حال عدم الإيحاء وذلك بتركه صلى الله عليه وسلم وشأنه فيتصرف صواباً فيقره الله سبحانه وتعالى على ذلك.

وهذه الحال من مستلزمات سلامة الدين ، فما كان الله عز وجل ليترك خطأ يصدر من رسوله المبلغ عنه ، مما يترتب عليه وقوع الأمة فيه تباعاً. وإذا كانت الحكمة من إرسال الرسل أن لا تكون للناس على الله حجة (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) فإن ذلك يتم بعصمة المرسل من الوقوع فى أى خطأ ، وإلا نبهه ، كما فى حديث أبى قتادة أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - أرأيت إن قتلت فى سبيل الله تكفر عنى خطاياى؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، إن قتلت فى سبيل الله ، وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : كيف قلت؟ قال : أرأيت إن قتلت فى سبيل الله أتكفر عنى خطاياى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل - عليه السلام - قال لى ذلك.

ولقد كان معلوماً لدى الصحابة أن إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - إقرار من الله سبحانه وتعالى ، وأنه لو حدث أمر يخالف الإسلام لجأ الوحى فأنكر عليهم ذلك ، لقد كانوا يعرفون أن الوحى قريب وكثير ، فلن يترك أمراً مخالفاً يمر ، فما أقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون وحى فإنما هو من الإسلام وإلا جاء الوحى.

يشهد لذلك ما روى عن جابر من قوله : (كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل) قال سفيان - أحد رجال إسناد هذا الحديث - موضحاً كلام جابر : لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. ويظهر لى من كلام جابر هذا أن جابراً استدل على شرعية العزل بتقرير الله سبحانه وتعالى. وعليه فجابر يرى أن الوحى لا يتقصر على مراقبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يراقب الأمة كلها. فأيما فعل فعلوه مخالفاً الإسلام نبه الوحى عليه ، وأيما فعل فعلوه زمن الوحى وأقرهم عليه الوحى فهو من الإسلام."


يتبع إن شاء الله ..........
رد مع اقتباس