عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-05-28, 06:52 PM
حامـ المسك ـل حامـ المسك ـل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-04
المكان: السعوديه حرسها الله
المشاركات: 1,620
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مما لا يخفى على طالب الحق أن كلّ وسيلة تُفضي إلى محذور فإنّها ممنوعة،

لأنّ الوسائل لها حكم الغايات، فالوسيلة إلى المحرّم تكون حراماً
وذلك وفق القاعدة الأصولية قاعدة سدّ الذرائع

قال الإمام بن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين :
((فصل في سد الذرائع

لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضى إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منا بحسب إفضائها الى غاياتها وارتباطاتها بها ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود لكنه مقصود قصد الغايات وهي مقصودة قصد الوسائل فإذا حرم الرب تعالى شيئا وله طرق ووسائل تفضي اليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له ومنعا أن يقرب حماه ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية اليه لكان ذلك نقضا للتحريم وإغراء للنفوس به وحكمته تعالى وعلمه يأبي ذلك كل الإباء بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح له الطرق والاسباب والذرائع الموصلة اليه لعد متناقضا ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده وكذلك الاطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه والا فسد عليهم ما يرومون اصلاحه فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية الى المحارم بأن حرمها ونهى عنها والذريعة ما كان وسيلة وطريقا الى الشيء )) إعلام الموقعين : 3/135,
بوب الإمام البخاري رحمه الله "باب من ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر الناس عن فهمه فيقعوا في أشد منه"
ساق فيه هذا الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
" يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم- قال ابن الزبير بكفر - لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين
باب يدخل الناس وباب يخرجون ففعله ابن الزبير" صحيح البخاري كتاب بدئ الوحي : 1/43,
قال الشنقيطي حفظه الله في شرح الترمذي :
((ومن هنا إذا خُشى من أمور أنها تفضي بالناس إلى فساد عقائدهم ، أو الوقوع في المحرمات ، والمنهيات ، فإنه ينبغي المنع منها والكف عنها ، ولذلك منع مالك وشدد من تقبيل يد العالم ، وقال إنها السجدة الصغرى ، وقد ثبتت الأحاديث بجواز التقبيل ، ولكنهم شددوا في ذلك وضيقوا فيه خشية الغلو والإفراط ولذلك كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يسدون الذرائع المفضية إلى الشرك والوقوع في العبادة المحذورة كل ذلك تعظيماً للأصل ، وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وكما ينبغي تحقيق الأسباب للوصول إلى فعل ما أمر الله ينبغي تحقيق الأسباب للانكفاف عن ما حرم الله عز وجل )) انتهى. شرح الترمذي كتاب الطهارة للشيخ محمد المختارالشنقطي : 21/18,
وقال الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله في شرح بلوغ المرام :
((ومن الحكمة النبوية الكريمة أنه صلوات الله وسلامه عليه كان يترك الأمر الذي يحبه ويتقرب بفعله لما يترتب عليه من مفاسد أخرى،
ومن ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعلى عنها عندما سألته أن يدخلها الكعبة لتصلي فيها، فأخذ بيدها وقال: " صلي في الحجر ؛ فإنه من البيت " )) شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم رحمه الله : 46/4,
وأما عن حديث إرضاع الكبير والخلاف فيه فقد جاء في كتاب شرح العقيدة السفارينية للشيخ محمد بن عثيمن رحمه الله مايلي :
((سئل الشيخ رحمه الله : عن حديث عائشة الذي في صحيح البخاري الذي فيه إرضاع سالم مولى حذيفة وهو كبير ؟
الجواب : هذا أشكل عليه في القاعدة التي ذكرنا أنه لا يوجد حكمٌ شرعي يختص بالشخص لعينه وإنما يختص به لوصفه ،
أورد علينا قصة سالم مولى أبي حذيفة لما تبناه ولما أبطل الله التبني بقي هذا المولى في البيت يدخل ويخرج فشق عليه دخوله وخروجه فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ،
وجه الإشكال أن هذا خاصٌ لسالم مولى أبي حذيفة ،
الجواب عن هذا الحديث :
أولاً : التسليم بأن رضاع الكبير مؤثر كرضاع الصغير وهذا مذهب الظاهرية ،
الظاهرية يقولون : إن إرضاع الكبير مؤثر كإرضاع الصغير ،
لعموم قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } ( النساء 23 ) .
ولحديث سالم مولى أبي حذيفة ،
ويرون أيضاً أن الرضعة الواحدة محرمة وعلى هذا أرادت امرأةٌ من شخص أن يتردد عليها أو لا يتردد أن يكون ولداً لها تعطيه فنجالاً من حليبها ويكون ولداً لها ،
وهذا يفرِّج عنا كثيراً في ضيق المحرم في السفر فإذا أرادت امرأةٌ أن تحج أو أن تسافر وليس لها محرم تختار واحد من الشارع تقول : تعال تفضل ، وإذا عندها دَ لَّةٌ من حليبٍ من ثديها تصب له فنجالاً واحداً وإذا شربه صار ولداً لها وقال : هيا نذهب نأخذ تذكرة لي ولكِ ،
على كل حال هذا رأيهم ،
واستدلوا بالعموم : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } .
واستدلوا أيضا بحديث سالم وهو من أصح الأحاديث ،
أما الجمهور فأجابوا عنه بأحد أجوبةٍ ثلاثة :
وأقول بالجمهور يعني باعتبار العموم لا باعتبار كل فردٍ منهم ،
منهم من قال : إن هذا منسوخ والمنسوخ يبطل حكمه ،
ومنهم من قال : إنه خاصٌ لسالم مولى أبي حذيفة
ومنهم من قال : إنه ليس بمنسوخ ولا خاص ،
وأنه إذا وُجدت حالٌ كحال سالم فإن إرضاع الكبير يُحِّرم
لكن ما هي الحال ؟ هل هي مطلق الحاجة أو الحاجة التي تنبني على التبني ؟
إذا قلنا بالثاني صار العمل بهذا القول مستحيلاً لماذا ؟
لأنه لا يمكن التبني الآن ،
فإذا قيل : إن ضرورة دخول الإنسان على هذا البيت وخروجه لا يمكن أن تكون مؤثرة إلا إذا كانت مبنيةً على تَبَنٍّ سابق ،
فهذا يعني أنه لا يمكن أن يُعمل بهذا الحديث ،
وشيخ الإسلام رحمه الله مرةً قال بهذا ، ومرةً قال بمطلق الحاجة،
ونحن نقول القول الأول :
أي قوله بهذا أن خاص بمن تُبُنِّيَ ثم احْتيجَ إلى دخوله هذا مقبول لأن هذا هو الذي ينطبق تماماً على القصة ،
وأما مطلق الحاجة ففيه نظر ،
ووجه النظر : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء ) وهذا تحذير قالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو - يعني قريب الزوج كأخيه وعمه وما أشبه ذلك - وهذا يتكرر دخوله خصوصاً الأخ يتكرر دخوله ، فقال : ( الحمو الموت ) يعني احذروا منه أكثر من غيره فِرُّوا منه كما تفرون من الموت لو كانت الحاجة مبيحةً للإرضاع المحرم لكانت هذه حاجة ولقال النبي عليه الصلاة والسلام : الحمو ترضعه فتحرم عليه كما قال لامرأة أبي حذيفة : ( أرضعيه تحرمي عليه ) ، فلما لم يعدل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هذا الحل عُلم أنه لا يؤثر يعني مطلق الحاجة لا يؤثر ،
فنحن مع الشيخ في التعليل الأول : أنه إذا وُجدت حاجة سببها التبني فحينئذٍ يجوز الإرضاع وإذا لم يوجد فإنه لا يجوز الإرضاع ،
وعلى هذا فيكون العمل بهذا الحديث الآن ليس ممكناً ،
ويكون الآن نقول : لا بد من أن يكون الإرضاع في وقته ،
وعلى هذا التقدير هل يكون هناك خصوصية شخصية ؟
لا ، لأنه لو وُجد أحد مثل سالم لقلنا : لا بأس ترضعه المرأة ويحرم عليه )). انتهى.
شرح العقيدة السفارينية للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : 1 /397,
وبهذا ندرك أن المسألة وإن كانت خلافية إلا أن تركها وعدم الفتيا بها أولى للحفاظ على ماهو أعظم منها
أضف إلى ذلك تجاهل الناس لها وعدم حكهم بالرأي المتساهل فيها منذ عدة قرون وهم في أمس الحاجة إليها
مما يزيد تأكيد تركها وعدم الخوض فيها بالإباحة لا تلميحا ولا تصريحا
وفق الله الجميع لمايحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رد مع اقتباس