عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2010-08-17, 02:54 PM
صقر قريش صقر قريش غير متواجد حالياً
فاضح الاباضيه
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-24
المشاركات: 169
افتراضي

ومن فضائل معاوية:
*
روى البخاري في صحيحه (6/102 رقم 2924 مع الفتح) عن أم حَرَام الأنصارية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أولُ جيشٍ من أُمَّتي يَغزون البحر قد أَوجَبوا". قالت أم حَرَام: قلت: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال: "أنتِ فيهم". ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أولُ جَيشٍ من أُمَّتي يَغزون مدينة قَيصرَ مغفورٌ لهم". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا".
ونقل ابنُ حجر والبدر العيني في شرحهما عن المُهلَّب بن أبي صُفْرَة الأندلسي (ت 435) أنه قال: "في هذا الحديث منقبةٌ لمعاوية، لأنه أول من غزا البحر، ومنقبةٌ لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينةَ قيصر".
قلت: أرسل معاويةُ ابنَه يَزيد أميراً على الجيش سنة ثنتين وخمسين[10]، حتى وصل أسوار القسطنطينية، ومعه عدد من الصحابة رضوان الله عليهم، منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، ومنهم أبوأيوب الأنصاري، وقد توفي هناك، ودُفن عند سورها كما أوصى يزيدَ بذلك.
قال ابنُ حجر وغيرُه: معنى أَوجَبوا: أي فعلوا فِعلاً وَجَبَتْ لهم به الجنّة.
*
وقال الفِريابي: وكان أول من غزا [يعني البحر] معاويةُ في زمن عثمان بن عفان. (الشريعة للآجري 5/2441 رقم 1922)
وعلى ذلك المؤرِّخون، وقال ابن عبد البر في التمهيد (1/242): "لم يختَلفْ أهلُ السِّـيَر فيما عَلمتُ أن غَزاةَ معاوية هذه المذكورةُ في حديثِ هذا الباب إذْ غَزَتْ معه أمُّ حَرَام كانت في خِلافة عُثمان".
وقال ابنُ حَجَر إنَّ أصحَّ الأقوال في غزوة معاوية أنها كانت سنة ثمان وعشرين. (فتح الباري 11/75-76)
*
فضيلة أخرى تتصل بسابقتها:
*
روى البخاري (6282 و6283) ومسلم (1912) عن أنس رضي الله عنه، عن أم حَرَام -وهي خالة أنس، قالت:
أتانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوما فَقَالَ عندَنا، فاستيقظَ وهو يَضحكُ، فقلت: ما يُضحككَ يا رسولَ الله؛ بأبي أنتَ وأمّي؟ قال: "أُريتُ قوما من أمّتي يَركبون ظهرَ البحر كالمُلوكِ على الأَسِرَّة". فقلت: ادعُ اللهَ أن يجعلَني منهم. قال: "فإنَّكِ منهم". قالت: ثمَّ نام، فاستيقظَ أيضاً وهو يَضحك، فسألتُه، فقال مثل مقالته، فقلتُ: ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال: "أنتِ من الأوّلين".
قال: فتزوّجَها عُبادَة بن الصامِت بعدُ، فغَزَا في البحر؛ فحَمَلَها مَعَه، فلمّا أن جاءت قَرَّبَت لها بغلة فركبَتها، فصَرَعَتْها؛ فانْدَقَّتْ عُنُقُها".
*
قال ابنُ حجر في الفتح (11/74): "قال ابنُ عبد البر [التمهيد 1/232]: أرادَ -واللهُ أعلم- أنَّه رأى الغُزاةَ في البحرِ مِن أُمَّته مُلوكا على الأَسِّرة في الجنّة، ورُؤياهُ وَحْيٌ، وقد قال الله تعالى في صِفةِ أهلِ الجنَّة: (على سُرُرٍ مُتقابِلين)، وقال: (على الأَرائِكِ مُتَّكِئون)، والأرائكُ: السُّرُرُ في الحِجال. [انتهى كلام ابن عبد البر]
وقال عِياض: هذا مُحتَمل، ويُحتَمَلُ أيضا أن يَكونَ خَبَرا عَن حَالِهم في الغَزْو مِن سَعَةِ أَحوالهم، وقوامِ أَمْرِهم، وكَثرةِ عَدَدهم، وجَودة عُددهم، فكأنهم الملوكُ على الأَسِرّة.
*قلت: وفي هذا الاحتمال بُعدٌ، والأولُ أَظهرُ، لكنّ الإتيانَ بالتمثيلِ في مُعظَمِ طُرُقِه يَدُلُّ على أنّهُ رأى ما يؤولُ إليه أمرُهم، لا أنهم نالوا ذلك في تِلكَ الحالة، أو موقعُ التشبيه أنهم فيما هم من النّعيم الذي أُثيبُوا به على جهادهم مثلُ ملوك الدنيا على أَسِرَّتهم، والتشبيهُ بالمحسوسات أبلَغُ في نفسِ السامع".
*
فإذا تبيَّن هذا الفضلُ العظيم، كان معاوية من أولى الناس به، إذ أنه أميرُ تلك الغزاة بالاتفاق؛ كما تقدَّم قريبا، وقد قال ابنُ عبد البر عن هذا الحديث في التمهيد (1/235): "وفيه فضلٌ لمعاوية رحمه الله، إذ جَعَلَ مَن غَزا تحتَ رايَتِه مِن الأوَّلين".
وعدّه الآجري (5/2441) واللالكائي (8/1438) وغيرهما من فضائل معاوية رضي الله عنه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

</I>
رد مع اقتباس