عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2010-09-17, 12:59 PM
اكرم1969 اكرم1969 غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-02
المشاركات: 833
افتراضي

الحصار الثاني للقسطنطينية




استطاع معاوية رضي الله عنه أن يضيق الخناق على الدولة


البيزنطية بالحملات المستمرة والاستيلاء على جزر رودس


وأرواد اللتين سبقت الإشارة إليهما، وقد كان لجزيرة أرواد والتي


تسميها المصادر الأوربية كزيكوس أهمية خاصة لقربها من


القسطنطينية، حيث اتخذ منها الأسطول الإسلامي في حصاره


الثاني للمدينة أو حرب السنين السبع 54 ـ 60هـ قاعدة لعملياته


الحربية، وذلك أن معاوية أعد أسطولاً ضخماً، وأرسله ثانية



لحصار القسطنطينية، وظل مرابطاً أمام أسوارها من سنة 54هـ





إلى سنة 60هـ، فكانت الأساطيل تنقل الجنود من هذه الجزيرة إلى


البر لمحاصرة أسوار القسطنطينية على حين يكمل الأسطول


الحصار، واستمر الحصار البري والبحري للقسطنطينية من شهر


أبريل إلى سبتمبر، تتخلله مناوشات بين أساطيل المسلمين


وجنود البيزنطيين من الصباح إلى المساء، على حين تتراشق


القوات البرية الإسلامية مع الجند البيزنطي المرابط على أسوار


القسطنطينية بالقذائف والسهام، استمر هذا الوضع طيلة سبع


سنوات حتى أرهقت البيزنطيين، وأذاقتهم ألوان الضنك والخوف


وأنزلت بهم خسائر فادحة، وبالرغم من كل ذلك لم تستطع اقتحام


المدينة أو التغلب على حراسها المدافعين عن أسوارها، وكانت


العوامل التي ساعدت القسطنطينية على الصمود عديدة منها:
1 ـ استعمال البيزنطيين في هذه المعارك ناراً سموها النار


البحرية أو النار الأغريقية وهو عبارة عن مركب كيمائي مكون


من النفط والكبريت، القار، وكان هذا المركب يشعل بالنار وتقذف


به المراكب فيشعل فيه النار والعجيب أنه كان يزداد اشتعالاً إذا


لامس الماء ومخترع هذا المركب الكيميائي الفتاك، الذي فتك


بالعديد من سفن المسلمين وجنودهم هو مهندس سوري الأصل


اسمه كالينكوس، كان في أوائل الأمر في خدمة المسلمين ثم هرب







إلى القسطنطينية، ووضع خبرته في خدمة البيزنطيين وكان هذا


السلاح الجديد من أهم العوامل التي ساعدت البيزنطيين على


الصمود والاستمرار في الدفاع عن العاصمة وظل هذا السلاح سراً


خفياً، لا يعرفه إلا المتخصصون في صناعته، وكان الأباطرة


يمدون حلفاءهم بهذا السلاح دون أن يطلعوهم على سره،، ومرت


أربعة قرون، وهو سلاح غامض لم يعرف كنهه سوى مخترعه،


وفي القرن العاشر المسيحي، الرابع الهجري، عرف الباحثون سر


هذه النار، وبينوا العناصر التي تكونت منها، والوسائل التي


يمكن إخمادها بها، وتطور هذا السلاح حتى كان منه ما يشبه


المفرقعات، وكانت تلقى على الأعداء بواسطة المجانيق، أو


أنابيب نحاسية تقذف من السفن، وكان لها صوت مدو يصحبه


دخان كثيف مسبوق بلهب خاطف، وشغل هذا الاختراع عقول


العلماء المسلمين، فراحوا يبحثون ويفكرون، حتى عرفوا سره


في مطلع القرن الحادي عشر المسيحي، الخامس الهجري،


وأدخلوا عليه تعديلات جعلته أشد فتكاً، وأقوى أشراً من النار


الأغريقية واستخدم المسلمون هذا السلاح الفتاك في حروبهم مع


الصليبيين بأرض الشام، وكان وقعه شديداً على الصليبيين،


ونشر فيهم الرعب والفزع، ومن ذلك الحين عرفت هذه النار


((بالنار الإسلامية))، يقول الدكتور إبراهيم العدوي: لأن الأعداء


عجزوا عن معرفة هذا السلاح الجديد


الذي احتضنه المسلمون، وظل استخدام النار الإسلامية سائد


حتى القرن الرابع عشر المسيحي،الثامن الهجري حيث دخلت


عليها تطورات وتعديلات كثيرة، أدت أخيراً إلى صناعة البارود.


ومن ثم تعتبر النار الإسلامية أساس هذا الانقلاب الخطير في


أساليب الحرب التي عرفها العالم الحديث وبرهن المسلمون على


أنهم لا يقفون مكتوفي الأيدي أمام أي سلاح جديد يفاجئهم به


الأعداء، وأنهم قادرون على استغلاله فيما بعد لما فيه صالحهم


ونفعهم -ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لا يجاد حل للتفوق


العسكري الأمريكي والغربي عليهم.
2 ـ السلسلة الحديدية الضخمة، الحاجزة ما بين القرن الذهبي


ميناء القسطنطينية وبين الشاطئ الآسيوي، حيث كان يتم إقفالها


في حالات الحرب أو التهديد بالحصار


3 ـ الموقع الجغرافي في الفريد الذي وصفه المؤرخ بينز بأنه


((استقر على شبه الجزيرة البارز من أوروبة، والذي يكاد يلاقي


الشاطئ الآسيوي وفي وسط الطريق بين الحدود الشمالية


والشرقية في بقعة يحميها مدّ مرمرة العنيف من الهجمات البحرية.
4 ـ الأسوار الداخلية والخارجية الضخمة والمزوّدة بعدد كبير من أبراج المراقبة التي كان لها دور في كشف التحركات المعادية


وإبطال عنصر المفاجأة فيها .
5 ـ ضعف التجربة الأموية في حرب الحصار للمدن المتداخلة مع


مياه البحر، مثل القسطنطينية، حيث تطلب ذلك أسلحة متطورة


بأساليب جديدة في القتال، لم تكن في متناول القوات الأموية حتى ذلك الحين


6 ـ دبلوماسية الدولة البيزنطية والإسلامية: لقد تظاهرت عدة


عوامل ساهمت في منع سقوط القسطنطينية منها، مناعة المدينة


الطبيعية وقوة تحصيناتها، والنار الإغريقية، ورداءة الطقس


وقسوته، والتيارات المائية الشديدة الانحدار الآتية من البحر


الأسود لتحول دون استيلاء المسلمين على المدينة، رغم صبرهم


وبسالتهم وتحملهم المشاق وفي النهاية دعت الظروف الداخلية


في كل من الدولتين إلى إنهاء الحصار، فدخلوا في مفاوضات


انتهت بعقد صلح بينهما،عاد بمقتضاه الجيش الإسلامي


والأسطول إلى الشام.. ففيما يتعلق بالدولة الأموية أدرك معاوية


أن مدة الحصار قد طالت دون أن يتحقق الهدف، ولما كانت سنّه


قد كبرت، وأحس بدنو أجله، رأى من المصلحة أن يعود هذا


الجيش الكبير المرابط حول المدينة تحسباً لأي مشاكل قد تواجه


ابنه وخليفته يزيد بعد موته، فيكون وجود هذا الجيش عنده


ضرورياً لضبط الأمور داخلياً، كذلك كانت الدولة البيزنطية تواقة


إلى إنهاء هذا الحصار عن عاصمتها، فقد أرهقها وأنهك قواها،


ولذلك يقال: إنها أرسلت إلى دمشق رجلاً يدعى يوحنا من أشهر


رجالها الدبلوماسيين، وأكثرهم ذكاء وفطنة وحضر هذا الرجل


جلسات كثيرة تضم خيرة أبناء البيت الأموي وأبدى فيها من


الإجلال للدولة الإسلامية، ما أكسبه تقدير معاوية واحترامه


ونجحت مفاوضاته في عقد صلح بين الطرفين، وبعد إبرام


المعاهدة أخذت القوات الإسلامية المرابطة براً وبحراً أمام


القسطنطينية طريق العودة إلى الشام، وتركت عاصمة البيزنطيين


تئن من جراحها المثخنة


يتبع
__________________


<CENTER></CENTER>
رد مع اقتباس