عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2010-09-17, 01:04 PM
اكرم1969 اكرم1969 غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-02
المشاركات: 833
افتراضي

فتوحات عقبة بن نافع


نجح عقبة بن نافع رحمه الله في فتوحاته حيث جعل الجهاد

قضيته الكبرى في هذه الحياة . سار عقبة في جيش عظيم متجهاً

إلى مدينة باغية ، حيث واجه مقاومة عنيفة من البيزنطيين الذين

انهزموا أمامه ودخلوا مدينتهم وتحصنوا بها، فحاصرهم مدة ثم

سار إلى تلمسان وهي من أعظم مدائنهم فانضم إليها من حولها

من الروم والبربر فخرجوا إليه في جيش ضخم والتحم القتال،

وثبت الفريقان حتى ظن المسلمون أن في تلك المعركة فناءهم

ولكن منَّ عليهم بالصبر فكانوا في ذلك أشدَّ وأصبر من أعدائهم

فهاجموا الروم هجوماً عنيفاً حتى ألجئوهم إلى حصونهم فقاتلوهم

إلى أبوابها وأصابوا منهم غنائم كثيرة، ثم استمر غربا قاصداً

بلاد الزاب، فسأل عن أعظم مدنها فقيل له(( أَرَبَه)) وهي دار

ملكهم وكان حولها ثلاثمائة وستون قرية كلها عامرة، فامتنع بها

من كان هناك من الروم وأهل المدينة وهرب بعضهم إلى الجبال،

فاقتتل المسلمون مع أهل تلك المدينة فانهزم أهل تلك البلاد وقُتل

كثير من فرسانهم ورحل عقبة إلى(( تاهرت)) فاستغاث الروم



بالبربر فأجابوهم ونصروهم، وقام عقبة بن نافع في الناس خطبةً

فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه: أيها الناس إن أشرافكم وخياركم

الذين رضي الله تعالى عنهم وأنزل فيهم كتابه بايعوا رسول الله

بيعه الرضوان على من كذب بالله إلى يوم القيامة، وهم أشرافكم

والسابقون منكم إلى البيعة، باعوا أنفسهم من رب العالمين

بجنته بيعة رابحة، وأنتم اليوم في دار غربة وإنما بايعتم رب

العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلا

طلبا لرضاه وإعزازاً لدينه، فأبشرو فكلما كثر العدو كان أخزى

لهم وأذل إن شاء الله تعالى وربكم عز وجل لا يُسلمكم، فالقوهم

بقلوب صادقة، فإن الله عز وجل جعلكم بأسه الذي لا يرد عن

القوم المجرمين فقاتلوا عدوكم على بركة الله وعونه والله لا يرد

بأسه عن القوم المجرمين . وهذه خطبة عظيمة تدل على أن عقبة

بن نافع رضي الله عنه قد اعتمد في حروبه على السلاح الأعظم

الذي فيه سر انتصارات المسلمين الباهرة .. ألا وهو التوكل على

الله تعالى، واستحضار عظمته وجلاله، ومعيته لأوليائه المؤمنين

بالنصر والتأييد، فهو لا يبالي بجيوش الأعداء مهما كثرت، وإنما

الذي يهتم به أن يتأكد جيداً من أن هذا السلاح المعنوي الفعال قد

توفر في جيشه، وحينما يضمن ذلك فإنه يرحب باجتماع جيوش

الأعداء ليكون ذلك أسرع في هلاكهم وتمزيق جمعهم على يد

أولياء الله الصالحين وما أعظم شبه عقبة بخالد بن الوليد رضي

الله عنه، الذي كان يُسَرُّ ويداخله شعور بالقوة والتعاظم ـ من غير

غرور ولا استهانة ـ كلما تضخم جيش الأعداء وتعددت عناصره،

وكأن عقبة قد تأس به واتخذه له قدوة في القيادة والإقدام الذي لا

يعرف التردد والسآمة، وهو في إقدامه واندفاعه يدرك أن جنود

الإسلام الصادقين هم بأس الله تعالى المسلط على أعدائه الكفار،

والله تعالى لا يُردّ بأسه عن القوم المجرمين.

وقد التقى المسلمون بأعدائهم في مدينة ((تاهرت)) وقاتلوهم

قتالاً شديداً، فاشتد الأمر على المسلمين لكثرة عدوهم، ولكنهم




انتصروا أخيراً، وانهزم أعداؤهم من الروم والبربر، وقتل منهم

عدد كبير، وغنم منهم المسلمون أموالهم وسلاحهم ، ثم توجه

إلى جهات المغرب الأقصى فوصل إلى طنجة، حيث قابل بطريق

من الروم اسمه (( جوليان )) الذي: أهدى له هدية حسنة، ونزل

على حكمه ولما سأله عقبة عن بحر الأندلس قال عنه: لا إنه

محفوظ لا يرام ، ثم سأله عن البربر والروم بقوله: دلني على

رجال البربر والروم فقال: قد تركت الروم خلفك وليس أمامك إلا

البربر وفرسانهم في عدد لا يعلمهم إلا الله تعالى وهم أنجاد البربر

وفرسانهم، فقال عقبة: فأين موضعهم؟ قال: في السوس الأدنى،

وهم قوم ليس لهم دين .. استفاد عقبة من هذه المعلومات واتجه

إلى الجنوب الغربي، قاصداً بلاد السوس الأدنى حيث التقى



بجموع بربر أطلس الوسطى، فهزمهم وطاردهم نحو صحراء

وادي درعا، حيث بنى مسجداً في مدينة درعا ثم غادر صحاري

مراكش باتجاه الشمال الغربي إلى منطقة ((تافللت)) من أجل أن

يدور حول جبال أطلس العليا كي يدخل بلاد صنهاجة الذين






أطاعوه دون قتال، وكذلك فعلت قبائل هكسورة في مدينة


((اغمات))، بعدها اتجه عقبة نحو الغرب إلى مدينة تفيس ، حيث

حاصر بها جموعاً من البيزنطيين والبربر، فلم ينفعهم تحصنهم،

فدخل المدينة منتصراً وبذلك أتم تحرير بلاد السوس الأقصى

ودخل عاصمتها ((ايجلي)) التي بنى فيها مسجداً، ثم دعا القبائل

فيها هناك إلى الإسلام فأجابته قبائل جزولة، وبعد ذلك سار إلى

مدينة ((ماسة)) ومنها إلى رأس ((ايفران)) على البحر المحيط ،

وبوصول عقبة بن نافع إلى ساحل المحيط الأطلسي يكون قد أنجز

تحرير معظم بلاد المغرب، وتشير مصادرنا التاريخية أن عقبة

لما وصل إلى المحيط الأطلسي قال: يا رب لولا هذا البحر لمضيت

في البلاد مجاهداً في سبيلك. ثم قال: اللهم أشهد أني قد بلغت

الجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بالله




حتى لا يعبد أحد من دونك ثم وقف ساعة ثم قال لأصحابه: ارفعوا

أيديكم، ففعلوا، فقال: اللهم لم أخرج بطراً ولا أشراً وإنك لتعلم

أنما نطلب السبب الذي طلبه عبدك ذو القرنين وهو أن تُعبد ولا

يُشرك بك شيء، اللهم إنا معاندون لدين الكفر، ومدافعون عن

دين الإسلام، فكن لنا ولا تكن علينا يا ذا الجلال والإكرام، ثم

انصرف راجعاً. وندرك من قوله المذكور مدى حبه للجهاد

وشعوره بالمسئولية الكبرى التي حملها على عاتقه نحو تبليغ

الإسلام وتقوية دولته والقضاء على دول الكفر التي حجبت نور

الإسلام عن شعوبها، فهو يقف على البحر المحيط ويعلم آنذاك

أنه نهاية المعمور من الأرض من ناحية المغرب، ثم نجده يُشهد

الله تعالى على أنه قد بلغ المجهود الذي تحت مقدرته، وهذه

الشهادة تشعرنا بمدى ارتباط عقبة بالله تعالى، وأنه لم يكن يسير

خطوة إلا وهو يستلهم التوفيق منه جل وعلا ويطلب رضوانه،

وهذا الكلام يدل على وضوح الهدف من الجهاد عند عقبة حيث

بيّن أن الحد الذي يقف عنده الجهاد، أن يزول الشرك من الأرض،

وأن لا يعبد إلا الله وحده، ومادام الشرك قائماً فإن الجهاد لا بد أن

يكون موجوداً، فالجهاد أذن هو جهاد الدعوة إلى الله تعالى، وذلك

بإزالة الطغيان البشري وإخضاع دول العالم لحكم الإسلام لكي

يكون فهم الإسلام واعتناقه متيسراً لكل الناس

يتبع
__________________


<CENTER></CENTER>
رد مع اقتباس