عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 2010-09-17, 01:09 PM
اكرم1969 اكرم1969 غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-02
المشاركات: 833
افتراضي

عبد الملك بن مروان


هو عبد الملك بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو الوليد

الأموي وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية.



مولده ووصفه: كان مولده ومولد يزيد بن معاوية في سنة ستٍّ

وعشرين، وقد كان عبد الملك قبل الخلافة من العباد الزهاد

الفقهاء، الملازمين للمسجد، التالين للقرآن، وكان ربعة من

الرجال أقرب إلى القصر، وكانت أسنانه مشبكة بالذهب، وكان

أبيض ربعة ليس بالنحيف ولا البادن، مقرون الحاجبين، أشهل

كبير العينين، دقيق الأنف، مشرق الوجه، أبيض الرأس واللحية

حسن الوجه لم يخضب ويقال: إنه خضب بعد ذلك.




طلبه للعلم وعبادته قبل الإمارة وثناء الناس عليه


قال نافع: لقد رأيت المدينة ما فيها شاب أشدُّ تشميراً، ولا أفقه

ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان. وقال الأعمش عن

أبي الزناد: كان فقهاء المدينة أربعة، سعيد بن المسيِّب، وعروة،

وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك قبل أن يدخل الإمارة، وعن ابن

عمر أنه قال: ولد الناس أبناء وولد مروان أبا ـ يعني عبد الملك ـ

ويقصد ابن عمر أن عبد الملك كان يفوق سنه، ويعلو فوق

أقرانه، وعن يحي بن سعيد قال: أول من صلّى ما بين الظهر

والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه. فقال سعيد بن

المسيب: ليست العبادة بكثرة الصلاة والصيام، إنما العبادة

التفكر، في أمر الله، والورع عن محارم الله. وقد صدق رحمه الله.

وقال الشعبي: ما جالست أحداً إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد

الملك ابن مروان، فإنِّني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً

إلا زادني فيه.



تعظيمه لاسم الله تعالى: روى البيهقي: أن عبد الملك وقع منه

فلس في بئر قذرة، فاكترى عليه بثلاثة عشر ديناراً حتى أخرجه

منها، فقيل له في ذلك، فقال: إنه كان عليه اسم الله عز وجل.



التسبيح والتكبير في الأسفار: روى ابن أبي الدينا، أن عبد الملك

كان يقول لمن يسايره في سفره إذا رفعت له شجرة سبِّحوا بنا

حتى نأتي تلك الشجرة، وكبَّروا بنا حتى نأتي ذالك الحجر، ونحو

ذالك


هل يصح هجره للقرآن الكريم؟

قيل: إنه لمّا وضع المصحف من حجره قال: هذا آخر العهد منك.

وهذه رواية ضعفها ابن كثير ورواها بصيغة التمريض ،

أن عبد الملك قال لمؤدِّب أولاده وهو إسماعيل بن عبيد الله ابن

أبي المهاجر:ـ علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن.



وجنبهم السَّفِلَةَ فإنهم أسوأ الناس رِعة ، وأقلهم أدباً، وجنِّبهن

الحشم، فإنَّهم بهم مفسدة، وأحفِ شعورهم تغلظ رقابهم،

وأطعمهم اللحم يقْوَوا وعلمهم الشعر يمجُدُوا وينجُدُوا ومُرْهم أن

يستاكوا عَرْضاً ويمصوا الماء مصَّاً ولا يُعبُّوا عبّاً، وإذا احتجت

أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في سرٍّ لا يعلم بهم أحد من الحاشية

فيهونوا عليهم

روى ابن سعد ما يدل على أن عبد الملك كان محبوباً مرغوباً من

عمومته كبار بني أمية، فذكر أنه: كان معاوية بن أبي سفيان

جالساً يوماً ومعه عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فمر بهما

عبد الملك بن مروان فقال معاوية: ما آدب هذا الفتى وأحسن

مرؤته فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إن هذا الفتى

أخذ بخصال أربع وترك خصالاً ثلاثاً: أخذ بحسن الحديث إذا

حدّث، وحسن الاستماع إذا حُدِّث وبحسن البشر إذا لقي، وخفة

المؤونة إذا خولف، وترك من القول ما يعتذر عنه، وترك مخالطة

اللئام من الناس وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مروءته


أول حادث سياسي أثر في حياته


كان أول حادث سياسي أثر في حياته عندما كان عمره عشر

سنوات، فقد شهد مقتل عثمان رضي الله عنه، وكان لهذا الحادث

اثر في سياسته لما تولى الإمارة فقد خطب في إحدى خطبه: أيها

الناس أنا نحتمل لكم كل اللغوبة ما لم يكن رأيه أو وثوب على

منبر. وأول منصب إداري تولاه في الدولة في عهد معاوية بن أبي

سفيان، فقد كان عاملاً على هجر ثم تولى ديوان المدينة بعد وفاة

زيد بن ثابت، وشارك في الجهاد فقد خرج على رأس حملة إلى

أرض الروم ويشتي هناك في سنة 42هـ،كما يذكر أنه غزا إفريقية

مع معاوية بن حديج وكلفه بفتح جلولا في بلاد الشمال الإفريقي

وفي عهد يزيد كان يقول على ابن الزبير ما على الأرض اليوم

خيراً منه، كما أن علاقته بمصعب بن الزبير كانت حسنة، وأما

عن دوره السياسي في عهد مروان بن الحكم، فقد تولى فلسطين

وكان يبعث نائباً عنه روح بن زنباع، ويمكن أن يكون ذلك ليبقى

في دمشق قريباً من إدارة الدولة لمساعدة والده هناك لاسيما أن

الفترة التي تولى فيها والده الحكم كانت الدولة محاطة فيها

بالأعداء من الداخل والخارج، وتولى أمرة دمشق عند ذهاب والده

لفتح مصر، وهذه المهمة تدل على كفايته الإدارية وحزمه

بيعة العلماء

بايع بعض العلماء لعبد الملك بن مروان بالشام وقد ذكر من

هؤلاء العالم الجليل قبيصة بن ذؤيب ـ رحمه الله ـ فكان من

المبايعين لعبد الملك وأحد المقربين إليه، ومنهم يزيد بن الأسود

الجرشي ـ رحمه الله ـ فورد أنه كان مع عبد الملك في خروجه

لقتال مصعب بن الزبير وروي عنه أنه حين رأى الجيشين قد

التقيا قال: اللهم أحجز بين هذين الجبلين وول الأمر أحبهما إليك.



فكان الأمر لعبد الملك



توحيد الدولة والقضاء على الثورات الداخلية


استطاع عبد الملك أن يقض على كل الحركات الداخلية وقد ذكرت

أهم هذه الثورات، كثورة الأزارقة، والصفرية، وابن الأشعث،

وهناك حركات أخرى ذكرتها كتب التاريخ كحركة مطرف بن

المغيرة بن شعبة، وعبد الله بن الجارود، وحركة الأزد في عمان،

وفي نهاية المطاف تغلب عبد الملك عليها واحدة تلو الأخرى

ووضع الأساليب المناسبة لتحقيق الأهداف المخططة لذلك وقد

أثبتت الأحداث قدرة الخليفة عبد الملك بن مروان على معرفة

الأحداث معرفة جيدة، ثم السيطرة على هذه الأحداث والقدرة على

احتوائها، باستئصال خصومه حيناً، والتسامح معهم حيناً آخر،

ضمن خطة سياسية ومنهج قائم على أهداف واضحة، أدت إلى

النتائج المتوخاة، وهي إعادة الوحدة السياسية مرّة أخرى، مما

أدى إلى إيجاد علاقات جديدة مع الدولة البيزنطية، والقيام

بفتوحات جديدة في الشرق والغرب ثم القيام بالعديد من

الإصلاحات الجديدة، منحت سياسته الداخلية والخارجية قدرة

على التخطيط الشامل الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة

أهتم عبد الملك بن مروان اهتماماً خاصاً بإدارة شؤون الدولة

وسار على نهج معاوية في تطوير المؤسسات والاهتمام

بالإصلاحات، وقد قام بتطوير الجهاز الإداري وتنشيطه، وقام

بتعريب الإدارة والنقد وهو ما يعرف بحركة التعريب، كما استعان

بنخبة من أمهر رجال عصره في الإدارة والسياسة، فقد كرّس عبد

الملك كل وقته وجهده لتوطيد أركان الدولة وتنظيمها والسهر

على سلامتها، حتى تركها قوية غنية مرهوبة الجانب مرعية

السلطان

تعريب الدواوين


جاءت عملية تعريب الدواوين ضمن الخطة المرسومة لسياسة

الدولة الإصلاحية التي بدأها الخليفة عبد الملك بن مروان وأكملها

الخلفاء الذين جاءوا من بعده والتي تضمنت نقل الدواوين من

اللغات الأجنبية، الفارسية، واليونانية، والقبطية إلى اللغة

العربية لإزالة النفوذ الأجنبي من مؤسسات الدولة الإدارية

والمالية، وعملية التعريب التي ابتدأها عبد الملك تعتبر من

الأحداث العظيمة والجليلة التي قام بها عبد الملك وفق خطة

شاملة وكان لتعريب المؤسسات الإدارية (الدواوين) أسباب كثيرة

منها:

1 ـ إن دخول شعوب وأقوام مختلفة اللغات والديانات إلى الإسلام


يعني حاجة هؤلاء الماسة إلى التفقه بالدين وقراءة القرآن الكريم

مما شدد الصراع بين اللغة العربية واللغات الأخرى، ومن ثم إلى

شيوع اللحن لذلك اعتنى عبد الملك وواليه الحجّاج بن يوسف،

بضبط قراءة القرآن، عن طريق تمييز الحروف المتشابهة بوضع

النقط عليها لذلك كان التعريب ضرورة ملحة، وكان الحرص على

سلامة اللغة العربية من العوامل المهمة التي أدت تعريب

الدواوين في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان


2 ـ كان الخليفة عبد الملك يهدف وراء التعريب إلى تحقيق وحدة

الدولة وتماسكها، إذ أن اختلاف لغات الدواوين يكرّس اختلاف

النظم المالية والإدارية، ويعيق عملية تنظيم وتوحيد إدارة

الدولة، كما أن تعريب الدواوين يعني إنهاء التأثيرات الشعوبية



والعنصرية مما يؤكد سيادة الدولة سياسياً على البلاد المفتوحة.

3
ـ إن استعمال اللغات الأجنبية في الدواوين يعني بقاء هذه

اللغات حية وكأنها رسمية، فيتعلمها الناس لحاجة الدولة إليها

لكونها طريقاً لتولي الوظائف الكبيرة، وينتج عن ذلك استمرار

منافسة هذه اللغات اللغة العربية مما يضعف من شأنها، ويضعف

كيان الدولة الأموية، ولذلك كان التعريب جزءاً من سياسة عبد

الملك بن مروان الهادفة إلى إعادة تنظيم جهاز الدولة الإداري

وتحقيق شخصية الدولة واستقلالها عن النفوذ الأجنبي
.
4 ـ كان للعوامل الاقتصادية أثراً مهماً في تعريب الدواوين، فقد


كان متولي هذه الدواوين يحصلون على أموال طائلة من عملهم

هذا، لذلك كان تعريب دواوين الخراج خطوة أولى باتجاه إعادة

تنظيم طريقة جباية الضرائب في الأقاليم، وبذلك يمكن ضبط

أعمال تلك الدواوين والإشراف بدقة عليها، فيمنع الغش

والتزوير، أي أن تعريب الدواوين هو جزء من خطة الإصلاح

المالي الذي كانت الدولة بحاجة شديدة إليه إذ ذاك، ولاسيما في

العراق أهم أقاليم الدولة الأموية اقتصادياً، حيث حاول الحجّاج بن

يوسف الثقفي معالجة الأوضاع الاقتصادية وذلك بالسيطرة على

الشؤون الإدارية عن طريق السيطرة على سجلات الدواوين

المالية، هذه هي أهم الأسباب التي دعت عبد الملك يعرّب

الدواوين

نتائج تعريب الدواوين

حققت حركة تعريب الدواوين على يد الخليفة عبد الملك بن

مروان نتائج ذات آثار عظيمة في جميع الميادين السياسية

والإدارية والثقافية واللغوية ما زالت نتائجها شاخصة للعيان

حتى اليوم ويمكن تحديد نتائج حركة التعريب بما يأتي:

1 ـ تحقيق سيادة لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة


وتعزيز مكانتها، وانتصارها على اللغات الأجنبية في الدولة،

كالفارسية واليونانية، والقبطية، إذ أصبحت لغة الدين الإسلامي،

لغة السياسة والدين والعلم، وأصبحت مادة التفاهم اليومي في كل

أنحاء الدولة، فانتشرت الثقافة العربية التي طغت على الثقافات

الأخرى، وتفاعلت معها وأذابتها وحلت محلها، إذ اعتبر التعريب

من الأحداث الكبيرة والإنجازات الضخمة في المجال الثقافي

والسياسي وقد تمّ وفق خطة مدروسة.

2 ـ ظهور فئة مهمة من الكتاب العرب أو الموالي حلّوا محل


الكتّاب الفرس والروم في إدارة الدواوين، إذ كان لصالح بن عبد

الرحمن مهمة كبيرة في ذلك، حيث يقول عبد الحميد بن يحي

المعروف بعبد الحميد الكاتب للخليفة مروان بن محمد: لله در

صالح ما أعظم متنه على الكتّاب، وبذلك كان عامّة كتاب العراق

تلامذة صالح ومن هؤلاء قحذم بن أبي سليم وشيبة بن ايمن،

والمغيرة وسعيد ابنا عطية ومروان بن إياس.

3 ـ ظهور حركة الترجمة، من اللغات الأجنبية إلى العربية حيث

كانت حركة تعريب الدواوين أول عملية ترجمة منظمة أدت إلى

نقل الكثير من المصطلحات الأجنبية، وظهر من أهتم بالترجمة،

مثل خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان المتوفي 85هـ فهو

أول من أمر بنقل بعض كتب الكيمياء والطب من اليونانية إلى

العربية


5 ـ كان تعريب الدواوين سبيلاً إلى تعريب الأقاليم والجاليات غير

العربية، فكان هذا من أكبر العوامل في انتشار اللغة العربية، كما

أن أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي ما زالت إلى وقتنا الحاضر

عربية ثمرة لجهود عبد الملك، فاللغة العربية هي الأداة التي

جعلت مجتمع العرب يتسع رويداً رويداً حتى صارت حدوده تمتد

من الخليج العربي شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً

6 ـ تمكنت الدولة من تحقيق الإشراف التام على النواحي المالية

والإدارية وضبط أعمال الدواوين وسجلات الضرائب أي أسهم

ذلك في نجاح الدولة بخطه الإصلاحي.

7 ـ إتجه الموالي لتعليم اللغة العربية لكونها الطريق التي تؤدي

إلى الوظائف والمناصب العالية، كما أدى من جهة أخرى إلى

إشاعة اللحن في اللغة، مما دعا الحجّاج إلى معالجة ذلك، ثم

اندفع الموالي للتخلص من اللحن والخطأ وتعلم النحو ودراسته،

فحدثت نهضة لغوية واسعة، وهذا يفسر لنا ظهور علماء كبار

من الموالي في العصر الأموي ثم العصر العباسي.

8 ـ إيجاد نظام إداري موحد وشامل، وللدلالة على حسن هذا

النظام أن إتخذه العباسيون، فقد كانت الإدارة عندهم تطوراً

للإدارة عند الأمويين، هذه هي أهم نتائج حركة التعريب التي قام

بها عبد الملك بن مروان.
__________________


<CENTER></CENTER>
رد مع اقتباس