عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2015-04-14, 02:51 AM
فارووق فارووق غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2015-04-08
المشاركات: 116
افتراضي تنطع اللاقرآنيين كتنطع قوم موسى: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}

تنطع اللاقرآنيين كتنطع قوم موسى: {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}


عن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، قَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ"(اخرجه البخاري و مسلم و أحمد و اللفظ للبخاري)

نعم لقد أوذي نبي الله موسى عليه السلام أشد أذى، فكثير من قومه كانوا متنطعين، شكاكين، مكذبين له، كثيري السؤال و الجدال و التعنت، كثيري التحايل لعدم الاستجابة لأوامر الله و رسوله، .. قلما أمرهم نبي الله موسى فاستجابوا دون تلكؤ، ... و لعل من أجمل و أحكم ما ذكر لنا الله في كتابه عن تنطع قوم موسى قصة أمرهم بذبح بقرة {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ}(سورة البقرة)، ....

خلفية القصة حسب ما ذكر المفسرون أن رجلا فقيرا من بني إسرائيل قتل ابن عمه الذي كان غنيا طمعا في أن يرثه، ثم ألقى الجثة في قرية أخرى ليبعد عنه الشبهات، فكادت تنشب فتنة بين القريتين ثأرًا للقتيل، ... فعرض الناس على موسى عليه السلام القضية ليحكم بينهم إذ أهل القرية التي وجدت فيها الجثة أنكروا التهمة الموجهة اليهم، ... فأوحى الله إلى موسى أن يطلب منهم أن يذبحوا بقرة ، ... {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً}، الله سبحانه أمرهم بذبح بقرة لا غير، أَيِّ بقرة، و لو كانوا مؤمنين لذبحوا اي بقرة دون تلكؤ، ... لكن قوم موسى بدؤوا في التنطع و التعنت في السؤال، ... فأولا كذبوا موسى و استهزؤوا به {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا}، ... ثم صاروا يسألونه عن أدق صفات البقرة التي يجب عليهم ذبحها، فيذرهم الله في تعنتهم و تنطعهم يعمهون، ... سألوا موسى {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ}، ... فيجيبهم الله، ... و كلما ازداد تعنتهم في السؤال كلما وضع الله شروطا أصعب لصفات البقرة، ... {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}(سورة الأعراف)، .....

و إننا نرى اليوم قوما يشبهون قوم موسى في اللجاجة و التلكؤ في الاستجابة لأوامر الله و رسوله، فَقَلَّما صَدَّقوا حديثاً لرسول الله، ... كلما ذُكِرَ حديث نبوي خرجوا بسؤال مُتعنتٍ و شبهة واهية ليردوا الحديث، و كلما دحض أهل العلم شبهة، خرجوا بثانية ثم ثالثة ثم رابعة، و هكذا دواليك ، ... اشتركوا مع قوم موسى في سلاطة اللسان و الجرأة على تكذيب أحاديث رسول الله و الاستهزاء بها و قلة الايمان بالغيب. يتَّسِمون مثل قوم موسى بالخساسة و الشغب و الدجل و اللف والدوران، ...

قال منكروا السنة إن هناك احاديث مكذوبة و مندسة و أن هناك رواة مدلسون يكذبون على الرسول فكيف نصدق أحاديث لا نعرف مصداقية رواتها، فكان الرد عليهم أنه لهذا السبب تبلور علم العدل و التجريح لمعرفة عدالة الرجال قبل الأخذ برواياتهم للحديث،... فإذا بهم - اي منكروا السنة- يتخذون من علم الجرح والتعديل نفسه ذريعة للجرح في غالبية رواة الحديث و تضعيف و رَدِّ كل الأحاديث التي لا تتناسب و أهوائهم! ... فمما صاروا يقولونه: كيف نأخذ بأحاديث من رواة فلان جرحهم و فلان آخر وثقهم!! ....

قالوا إنكم تعتبرون صحابة رسول الله معصومين من الخطأ و تقدسونهم، فَرُدَّ عليهم أن الصحابة غير معصومين و غير مقدسين، .. فإذا بمنكري السنة يقولون إذن مادام الصحابة غير معصومين فكيف نقبل بكل الأحاديث التي يروونها عن الرسول، لعل بعضهم دلس أو كذب أو أو أو ....

قالوا أن الراوي يمكنه أن يخطأ في متن الحديث فيجتزء منه قسما أو يزيد عليه أو يتوهم لفظا الخ ...، فَرُدَّ عليهم أن هذا يعلمه أهل الحديث لذلك اشترطوا في صحة الحديث سلامة متنه من الشذوذ، فعلماء الحديث يجمعون كل طرق الحديث بألفاظه المختلفة فيقارنوها و ينظروا كذلك إذا كانت آيات قرآنية متعلقة به، و من ثم يتسنى لهم تحديد العلة أو الشذوذ في الحديث إذا خالف دلالة قطعية في القرآن أو خالف رواية و متنا أرجح، .... فإذا بمنكري السنة يأخذوا بشرط خلو الحديث من الشذوذ ليعرضوا كل الأحاديث على عقولهم و على قوانين الغرب و أفكاره فيعتبرون كل حديث خالف أهوائهم و أهواء الغرب شاذ و يرفضونه!...

و قال منكروا السنة ما قالوه من شبهات و لا زالوا، و كلما دُحِضَت شبهة جاؤوا بأخرى، شبهاتهم لا نهاية لها {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}(سورة الأعراف)، .....

فالتنطع و التعنت في الأسئلة في الدين مذمومة، تؤول بصاحبها الى الهلاك، ... قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ"(اخرجه مسلم).

....
رد مع اقتباس