عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2019-09-29, 04:18 AM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,828
افتراضي هدم صنم السريانية (2)

صرحت لك في اكثر من مرة ، و اكثر من مناسبة ، انه اذا هناك اقوام تسوؤهم الشبهات و تضيق لها صدورهم و تتعب بها قلوبهم ، فاننا نسموا اذا نالتنا مخالبها و تلقفتنا انيابها ، و تعلوا ارواحنا بالرد عليها عن هذه الدنيا و شهواتها .

قد سبق و عرضنا لمناقشة مسالة السريانية ، و هدمنا صنمها من غير مشقة و لا عناء ، في معرض مناقشتنا لنظرية لوكسينبرغ و من شاكله من ابناء جلدته (1) ، و نقضنا ادعاءاتهم من اكثر من وجه و باكثر من حجة ، و بينا لضعاف الخلق من ابناء جلدتنا و الهائمين في حب اراء المستشرقين غباء القوم و جهلهم ، و كان في ردنا ذاك غناء عن الكتابة في هذا الموضوع مرة اخرى ، بل و اني اقولها ،غير مفتخر ، ان في ردنا السابق غناء عن الكتابة في اي شبهة ولدت من رحم ذلك المؤثمر ، و لكن حكم القلم .

و لعلك تسألني عن السبب الذي حملني على العودة الى الكتابة في هذا الامر ، بعدما قضيت وطري منه ؟؟ فاقول لك : ان الذي حملني اولا على الكتابة و حمل القلم هو الزيادة في الادلة لان تعدد اوجه الرد تقويه كما تقوي كثرة الطرق الحديث ، و اما ثانيا فهو الترف الفكري و اللذة العقلية .

رميت من طرف خفي موضوع الثقافة ، في المقالة الاولى ، ثم ارجأت الكلام عنه ، و انا الان ابدا منه لانتهي الى غيره من اوجه الادلة التي تسقط الادعاء القائل بان للقران خلفية سريانية
يقول غيرهارد بويرينغ : " يطلب لوكسينبرغ ان يثبت ان النص غير المنقط و غير مشكل في المصحف العثماني قرئ خطا من قبل الاجيال الباكرة من المسلمين الذي لم يعودوا واعين ان لغة القران متأثرة تأثرا عميقا بالسريانية " انتهى كلامه .
و الاساس الذي بنى عليه هذا الكلام هو ان القران لم يكن مكتوبا في السطور ، و انه لما كتب بعد حين كتب من غير شكل و لا تنقيط ، و قد عرضت لهذا الكلام بالتفصيل و ذهبت في الرد عليه كل مذهب ، فارجع للمقالة الاولى ان شئت ، و كما اخبرتك فاني اعرضه لك الان فقط للترف الفكري و اللذة العقلية و السمو الروحي الذي يصاحبني كلما حملت القلم للدفاع عن القران و السنة النبوية و اللغة العربية ، و الا فقد انتهينا منه و ممن صاحبه و بني عليه في المقالة الاولى

ان لكل ثقافة قوم خصائص تميزها ، و تنفرد بها ، و قد تميزت الثقافة العربية ، من قبل البعثة الى يوم الناس هذا ، بشيوع التراث الشفوي ، فالعرب في جاهليتهم لم يكونوا امة تهتم بالكتابة و القراءة ، و انما كانوا امة امية لا تقرا و لا تكتب ، و لذلك تميزوا بالرواية و الارث الشفوي ، و قد رافقتهم هذه الخصلة الى العصور المتاخرة ، فتجد الكثير من علومهم و ادبياتهم و فنونهم لم يتم تدوينها و انما حفظت في صدورهم ، حفظا متواترا منتقلا من جيل الى اخر ، و بين يديك ما يعرف ب ( الملحون ) و ( الاندلسي ) و ( العيطة ) ، و هي من فنون العرب و ادبهم ، و التي انتقلت الينا مشافهة من غير تشويه او تحريف ، سبب ذلك هو ثقافة الامة التي تقوم على الانتقال الشفوي ..
ان هناك امما كثيرة كانت تقرا و تكتب و تسجل و تدون و لكن لم تحفظ علومها و ادابها و فنونها ، و انما ضاعت مع مرور الازمنة و تعاقب العصور ، فاين هي علوم الاشورين و الفراعنة و غيرهم ممن كان قبلهم او جاء بعدهم ، كلها ضاعت ، و ما بقي منها لا يسمن و لا يغني من جوع ، و لهذا فلا توجد رابطة بين هذا و ذاك.

و دعني انقل لك الان كلاما اخر ، لمستشرق اخر ، جاء في السياق نفسه الذي نحن فيه ، ثم بعدها اكشف لك تباعا عن الغرض من ورائه و اسارع للرد عليه .
يقول روبيرت هوبلاند : " في الختام ، اود ان اتحدى الراي السائد القائل بان اللغة العربية ( و اقول : هو يقصد الابجدية المكتوبة ) نادرا ما استخدمت قبل الاسلام الا في الشعر المنقول شفاها "
ثم قال : " لان العدد الضئيل للنصوص العربية المعروفة الان ليس في الحقيقة سوى رؤوس ظاهرة لتراث جوهري للغة العربية مكتوبة و منطوقة "
و هذا لا دليل عليه و لا برهان ، و انما كلام متناثر في الفضاء متطاير بين الارض و السماء ، لا يسنده دليل و يقول عليه برهان ، بل هو دعوة ملفقة و تهمة كاذبة ، الهدف من ورائها ان يقال ان علوم العرب ، و بما فيها القران ، انما اخذوها من علوم النصارى ، و لعمر الله هل كان انذاك للنصارى علوم تصح ان تؤخذ عنهم ؟؟؟ ثم ان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين .
ثم ماذا ؟؟؟ ايصح في النظر المستقيم و الفهم السليم ان نقول ان العرب لم تكن امة امية لاننا وجدنا كتابة هنا و نقشا هناك ؟؟؟ ثم ماذا ؟؟ هل هناك عاقل ينسب الى العرب الكتابة و القراءة على افتراض قائل بان قبيلة او قبيلتان كان بينها و بين بعض الاعاجم بعض المراسلات ؟؟؟ ثم ماذا ؟؟؟ و ثم ماذا ؟؟؟ و ثم ماذا ؟؟
لو صح هذا لجاز لنا ان نقول ان الغرب كله اغبياء مادام وجدنا كتابات لمستشرقين تحمل كل هذا الغباء .
ان العتب ليس على هؤلاء، و ذلك انهم رجال يكتبون و يبحثون و ينقبون ، على جهلهم و ضلالهم و كذبهم و تزويرهم و تلفيقهم ، لعز دينهم و اوطانهم و قومهم ، و لكن العتب يا صاحبي على ابناء جلدتنا ، و الذين يقفون موقف الخنوع و التسليم امام هذه التراهات و الخرافات من القول .

هذا و اني اقف عند هذا الحد ، راجيا من اصحابنا المستشرقين ان يمسكوا عنا غبائهم و جهلهم ، و الا يدخلوا انفسهم في ما لا طاقة لهم به و لا قدرة لهم عليه ، نعم انا اعرف ان هذه الامور لا يكتبونها لنا و انما يكتبونها لاقوامهم و شعوبهم حتى يصدونهم عن الاسلام ، و لهذا علاقة بمسالة صناعة العقل الموحد ، و لكن لا يتسع المجال لبيان ذلك الان .

************
(1) هذا رابط المقالة الاولى
https://ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=100009

كتب: الاحد 29 محرم 1441 (29/09/2019)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين

آخر تعديل بواسطة ايوب نصر ، 2019-10-13 الساعة 02:07 AM
رد مع اقتباس