عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2013-04-09, 09:34 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

== جهاده رضي الله عنه :



ومن شهرته كمجاهد موفق في البر والبحر منذ عهد أبي بكر

وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وكان له فتوحاته الكبرى في

الساحل الشمالي للشام، كما أن له الفضل ـ بعد الله ـ في تأسيس

البحرية الإسلامية وهزيمة الروم في البحر وانتزاع السيادة منهم

لأول مرة في تاريخ المسلمين، فالجهاد في سبيل الله أصل في

حياة المسلمين في عهد الدولة الأموية، ولم تكن الغنائم هي

الدافع للقيادة الإسلامية الرئيسي نحو الفتح والجهاد، وإن وجد

لدى بعض الأفراد وهؤلاء لا يخلو منهم جيش حتى على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم (( منكم من يريد الدنيا ... ))

وغيرها ولكن هذا بالطبع لا يمثل وجهة نظر المسلمين في

فتوحاتهم، ولا يمثل القيادة الفكرية التي كان يتبناها الخليفة

والقادة وينفذها الجند، كما أنه لا يمثل وجهة نظر الأمة ورأيها

العام، ومما يدل على ذلك مشاركة كبار الصحابة في ذلك

الوقت فيها وحثهم المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وحوادث

الجهاد وجهود الأمويين على جبهات القتال توضح ذلك: فجبهة

الروم مثلاً وهي التي كانت مثار الشجاعة ومرتع البطولة ما

كانت تدر الربح الكثير بل كان بيت المال يئن منها، لأن حملاتها

ما كانت تنتهي إلى تقدم، خاصة إذا ذكرنا الحملات الثلاثة

الكبرى التي توجهت إلى القسطنطينية وتكلفت نفقات باهظة

لقد أعطى المجاهدون المسلمون في العهد الأموي صوراً رائعة

للتضحية والبطولة والتجرد وإخلاص النية لله في جهادهم، سواء

كانوا من القادة أو الأمراء أو من عامة الجند، أو من جماعات

العلماء والزاهدين والربانيين الذين فهموا عبادة الجهاد،

ومارسوا ذلك على نحو مثير للإعجاب ودافع إلى التأسي، وقد

توزعت صور الإخلاص والتضحية هذه على جميع جبهات القتال،

وفي جميع مراحل الجهاديدل دلالة واضحة على عمق التوجه

الإسلامي للفتوحات في العهد الأموي، وينفي الغبش الذي يثيره

المنحرفون عن بني أمية على أنصع منجزاتهم وأحراها بالفخر

والإعزاز، ومما شك فيه إسلامية الفتوح في العهد الأموي، وقد

كانت الحصيلة النهائية والحصيلة التاريخية لحركة الفتوح لذلك

العصر، امتداد عالم الإسلام إلى آفاق بعيدة وكسب ـ عبر امتداده

هذا ـ الأرض والإنسان، كما أنه حمى وعزّز في الوقت نفسه

منجزات الموجة الأولى في حركة الفتح التي قادها وخطط لها

الخلفاء الراشدون، فالموجة الثانية لحركة الفتوح هي التي بدأت

في عهد معاوية نفسه واستمرت فيما بعد لكي تبلغ أقصى اتساعها في عهد الوليد.


حركة الجهاد ضد الدولة البيزنطية :


كان معاوية رضي الله عنه يرى أن الخطر الأكبر من وجهة نظره


الدولة البيزنطية، وإن كانت قد خسرت أهم أقاليمها في الشرق ـ

الشام ومصر ـ إلا أن جسم الدولة لا زال سليماً لم يمس،

فعاصمتها باقية، وممتلكاتها في آسيا الصغرى وأوربا وشمال

إفريقيا لا زالت شاسعة وإمكانياتها كبيرة، وقدرتها على المقاومة

هائلة، وهي لم تكف بعد عن مناوأة المسلمين، وباختصار فهي

العدو الرئيسي والخطر الأكبر الماثل أمام المسلمين، وكان

معاوية رجل المرحلة وقادراً على فهم وتقدير هذا الخطر، وعلى

مواجهته، أيضا، فقد كان موجوداً بالشام منذ مطلع الفتوحات في


عهد أبي بكر الصديق، وأصبح والياً عليه ولمدة عشرين سنة


تقريباً، وهو يشكل مع مصر خط المواجهة الرئيسي مع الدولة


البيزنطية، فطول إقامة معاوية رضي الله عنه بالشام، أكسبته


خبرة واسعة بأحوال البيزنطيين وسياستهم وأهدافهم مما أعانه


على أن يعرف كيف يتعامل معهم، لكل ذلك فليس غريباً أن نرى


معاوية يولي حدوده مع الدولة البيزنطية وعلاقاته معها جل


اهتمامه ويرسم لنفسه نحوها سياسة واضحة ثابتة سار عليها


هو وخلفاؤه من الأمويين إلى نهاية دولتهم، وقد كان من أهدافه


الرئيسة الاستيلاء على عاصمتهم القسطنطينية


فبعد أن قضى معاوية على حركات المردة أو الجراجمة الذين


أستخدمهم الروم وسيلة لرصد حركات الدولة الإسلامية ونقاط


ضعفها وإبلاغ الروم عنها متخذين من مرتفعات طوروس وجبل


اللكام مقراً لهم بدأ الخليفة نشاطه البحري بإرسال حملات


بحرية استطلاعية منها حملة فضالة بن عبيد الأنصاري،


للوقوف على تحركات الروم وجلب المعلومات الدقيقة عنهم


لمنعهم من استخدام جزر قبرص، وأرواد، ورودس ذوات


الخدمة التعبوية والعسكرية في عملياتهم ضد الأسطول الإسلامي


وقد باشر أعماله الاستطلاعية بإحدى الشواتي وهي شاتية بسر


بن أبي أرطأة في البحر عام 43هـ وأعقبها بشاتية مالك بن


عبد الله بأرض الروم سنة 46هـ وصائفة عبد الله بن قيس


الفزاري بحراً وحملة عقبة بن عامر الجهني بأهل مصر في البحر


سنة 48هـ، وصائفة بن عبد الله بن كرز البجلي، وحملة بن عبد


الله بن يزيد بن شجر الرهاوي، وشاتيته بأهل الشام في سنة 49


هـ، وكان نظام الشواتي والصوائف مستمراً. فقد وضع


معاوية أمامه هدفاً واضحاً وهو محاولة الضغط على الدولة


البيزنطية من خلال الضغط على عاصمتها القسطنطينية تمهيداً


للاستيلاء عليها، ولعل معاوية رضي الله عنه كان يرمي إلى


إسقاط الدولة البيزنطية ذاتها بالاستيلاء على عاصمتها فهو يعلم


أن هذه العاصمة العتيدة هي مركز أعصاب الدولة ومستقر الأموال


والرجال، وفيها العقول المفكرة، فإذا سقطت في يده فإن هذا سيؤدي إلى

شلل كامل في الدولة كلها، وأمامه تجربة المسلمين مع الفرس، فبعد سقوط

المدائن عاصمتهم في أيديهم أصابهم الارتباك ولاحقهم الفشل، ولم تقم لهم

قائمة وزالت دولتهم، فإذا استطاع إسقاط عاصمة البيزنطيين فسيكون ذلك

نذيراً بإسقاط الدولة، ويستريح من خصم عنيد وعدو رئيسي، لذلك واصل

ضغطه ومحاولاته لتحقيق هدفه، وليس من المبالغة القول إن الدولة

البيزنطية ظلت على قيد الحياة مدة تقرب من ثمانية قرون، وهي مدينة

ببقائها لعاصمتها القسطنطينية، فمناعة المدينة وصمودها أمام محولات

الأمويين المستمرة لفتحها، حال دون ذلك وبالتالي حال دون سقوط الدولة

والدليل على هذا أنه عندما استطاع السلطان العثماني محمد الفاتح فتح

القسطنطينية والاستيلاء عليها في سنة 857هـ التاسع والعشرين من مايو

سنة 1453م كان إيذاناً بسقوط الدولة البيزنطية وزوالها من الوجود

يتبع
رد مع اقتباس