عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2011-01-06, 03:18 AM
ابو القعقاع ابو القعقاع غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-20
المشاركات: 171
افتراضي

بسم الله والحمد لله والسلام والصلاة على رسول الله
اولا اخ حمدوشي فتوة التترس صدرت في جهاد فرض الكفاية ولم تنقلب الفتوة على القاعدة بل ساقلب كلامك عليك بالدليل ومن نفس المجاهدين في العراق واليك كلامهم وكلام علمائهم مع العلم ان فتوة الجهاد لا تصح الا ممن هم بارض الجهاد وليس ممن يبيت على فراش لين من بعيد واليك قولهم وتابع بدقة
ولما عاين المجاهدون هذا التفاوت الهائل في العدة والعتاد بينهم وبين عدوهم رأوا لزاماً عليهم القيام بما يجبر هذا النقص ويسد هذا الفراغ؛ حتى لا تنطفئ جذوة الجهاد وتخبو ناره؛ فانطلقت كتائب الاستشهاديين يرومون رضى الرحمن، ويتسابقون إلى الجنان، فدكوا معاقل الكفر، وكسروا جحافل الصفر، وأعظموا في العدو النكاية، وأثخنوا فيه الجراح، وحطموا هيبته، وكسروا شوكته، وجرأوا عليه أبناء هذه الأمة، وبعثوا في النفوس الأمل من جديد، فلله الحمد والمنة

ولكن يأبى المنهزمون من أبناء جلدتنا إلا أن يجمعوا إلى قعودهم وتخلفهم عن نصرة هذا الدين الطعن في المجاهدين الصادقين، وأن يكونوا أعواناً للصليبيين من حيث يدرون أو لا يدرون؛ فصوبوا سهام نقدهم إلى نحور المجاهدين، وسلطوا ألسنتهم عليهم، وسخروا أقلامهم للنيل منهم، ورموهم بعظائم الأمور بحجة: أنه يحصل في بعض هذه العمليات قتل لمن يوصفون بالمدنيين والأبرياء.

ولعلمي أن المجاهدين؛ أحسبهم ولا أزكيهم على الله، لا يقدمون على مثل هذه العمليات إلا وضوابط الشرع وأوامره تحكمهم.

كيف لا؟ وهم إنما نفروا إلى ساحات الجهاد ابتغاء مرضات رب العباد، ونصرة لدينه، وإعلاءً لكلمته.

أحببت أن أذكر حكم الشرع في مثل هذه الحوادث، التي قد يقتل فيها المسلمين تبعاً لا قصدا، مستنيراً بأقوال الأئمة وعلماء الأمة، وليس غرضي بيان حكم العمليات الاستشهادية، فهذه قد قرر غير واحد من علمائنا جوازها فضلاً عن استحبابها، وأصل هذه الكلمة مستخلص من بحث لشيخنا المجاهد: أبي عبدالله المهاجر -حفظه الله ورعاه-، مع تصرف يسير مني، وإسقاط لهذه الأحكام على واقعنا الجهادي في العراق..

فأقول وبالله التوفيق؛

مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى أمرنا برمي الكفار، وقتلهم وقتالهم بكل وسيلة تحقق المقصود، فيشرع لعباد الله المجاهدين في سبيل إعلاء كلمته رمي الكفار الحربيين وقتلهم وقتالهم، بكل وسيلة تقطف نفوسهم وتنزع أرواحهم من أجسادهم، تطهيراً للأرض من رجسهم، ورفعاً لفتنتهم عن العباد أياً كانت هذه الوسيلة، وإن كانت هذه الوسيلة تعم المقصودين من الكفار الحربيين وغير المقصودين من النساء والصبيان، ومن في حكمهم من الكفار ممن لا يجوز قصدهم بالقتل.

وهو ما اصطلح الفقهاء على تسميتهم بـ(القتل بما يعم)

إن هذه المشروعية مقررة أيضاً، وإن أفضى ذلك إلى قتل عدد من المسلمين ممن يقدر وجودهم حال القتال لسبب أو لآخر، ضرورة عدم إمكان تجنبهم والتمييز بينهم وبين المقصودين من الكفار الحربيين.

ومع التسليم بأن قتل عدد من المسلمين معصومي الدم مفسدة كبيرة بلا شك؛ إلا أن الوقوع في هذه المفسدة جائز، بل متعين دفعاً لمفسدة أعظم، وهي: مفسدة تعطيل الجهاد.

إذ القول بعدم الجواز هنا، خاصة في الصورة المعاصرة للقتال، لا يعني غير تعطيل الجهاد وإيقافه، بل وأد الجهاد وسد بابه بالكلية، مما يعني بالضرورة:

إسلام البلاد والعباد للكفار الحاقدين على الإسلام وأهله كأعظم ما يكون الحقد ليفعلوا ماشاءوا من ضرب الذل والصغار على الإسلام وأهله، وسوط المسلمين، وقد غدوا لهم عبيداً مطاويع، سوقاً جماعياً نحو الذبح تارة، ونحو الكفر والمروق من الدين تارات، مع تحريف الإسلام وتبديله بصورة تامة، وقلب حقائقه وتغيير محكماته، وإعادة صياغته صياغة جديدة ليغدو ديناً آخر غير ما جاء به المبعوث بالسيف صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو هدفهم الأسمى الذي يسعون إليه، ويجدون عليه أعواناً من خبالة المنتسبين للإسلام، المنتسبين من علماء السحت وغيرهم، فأي المفسدتين أعظم في شرع الله ودينه؟؟
وقبل ذكر الأدلة الخاصة بالقول بالمشروعية؛ لابد من تقرير أصلين هامين، فنقول:
الأصل الأول: عصمة المسلمين وعظيم حرمة دمائهم؛
من المُسَلَمِ به القول بأن دماء المسلمين معصومة بعصام الإسلام، إلا بحقه، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"
فهم يقرون يحرمة دماء المسلمين وعدم تقصدهم كما يدعي البعض

وإذا كان قتل المسلم بغير حق من أعظم المحرمات التي حرمها سبحانه وتعالى والأدلة على ذلك كثيرة معلومة، قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ً} [النساء:93]
قال الشيخ السعدي رحمه الله: فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد بل ولا مثله. انتهى كلامه
وروى النسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: "قتل المؤمن أعظم عندالله من زوال الدنيا"، وروي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصحح الأئمة وقفه على عبدالله بن عمرو بن العاص.
وقد روى ابن ماجة بإسناد فيه ضعف عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أعظم حرمة عند الله منك ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيراً"
الأصل الثاني: حفظ الدين مقدم على حفظ النفس؛
قررت الشريعة أن الدين أعظم من النفس والعرض والمال، فهو أعظم الضروريات الخمس وأساسها، وحفظه مقدم على حفظها اتفاقاً مع استحضار أن هذه الضروريات لاحفظ لها إلا بإقامة الدين، والنصوص الكثيرة من الآيات والأحاديث الواردة بالأمر بالجهاد والحث عليه والترغيب فيه، والنهي عن القعود والترهيب منه كلها دالة على تقرير هذا الأصل وهو كون حفظ الدين مقدماً، قال تعالى:
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:191]
قال مجاهد -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:191]، قال: (ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من القتل).

وقال قتادة والربيع بن أنس والضحاك: (الشرك أشد من القتل).
وقال ابن زيد في بيان الفتنة المقصودة هنا: (فتنة الكفر).
ونص تعالى على أن الكفر والشرك أشد في شرعه ودينه من االقتل، وهذا نص في تقديم حفظ الدين على غيره من الضروريات الأربع وعلى رأسها النفس؛ فحفظ هذه الضروريات في مقابل ضياع الدين بخلاف أمر الله وشرعه هو الفتنة الحقيقية التي يُحذر منها المولى سبحانه.
قال ابن جرير الطبري: يعني تعالى ذكره بقوله {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:191]: (والشرك بالله أشد من القتل).
وقد بُـيـّن فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار، فتأويل الكلام: وابتلاء المرء في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركاً بالله من بعد إسلامه أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيماً على دينه مستمسكاً عليه محقاً فيه.
وقال القرطبي رحمه الله: (قوله تعالى والفتنة أشد من الكفر أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل). انتهى كلامه رحمه الله.

والمعنيان متجهان دالان أظهر دلالة على ما نحن فيه، ففتنة الكفر والشرك أعظم من مفسدة ما يزهق من نفوس المؤمنين تبعاً لا قصداً في سبيل القضاء عليه،ا وتطهير الكون منها، قال تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّه} [البقرة:217]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: (وتمام الورع أن يعرف الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات ويرى ذلك من الورع، أو يدع المعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله لما في فعل ذلك من أذى بعض الناس والانتقام منهم حتى يستولي الكفار والفجار على الصالحين الأبرار فلا ينظر المصلحة الراجحة في ذلك، وقد قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّه} [البقرة:217]، يقول سبحانه وإن كان قتل النفوس فيه شر فالفتنة الحاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك فيُـدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما) انتهى كلامه رحمه الله.
وقال أيضاً: (وذلك أن الله تعالى أباح من قتل لنفوس ما يُـحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:191] وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر) انتهى كلامه.
وقال الشاطبي –رحمه الله-: (واعتبار الدين مقدم على اعتبار النفس وغيرها في نظر الشرع).
وقال أيضاً: (إن النفوس محترمة محفوظة ومطلوبة الإحياء بحيث إذا دار الأمر بين إحيائها وإتلاف المال عليها، أو إتلافها وإحياء المال كان إحيائها أولى؛ فإن عارض إحيائها إماتة الدين كان إحياء الدين أولى، وإن أدى إلى إماتتها كما جاء في جهاد الكفار وقتل المرتد وغير ذلك) انتهى كلامه رحمه الله .
إذاً فحفظ الدين بالقضاء على حكم الطاغوت الذي يُـعبّد الناس له من دون رب العالمين ويسوقهم سوقاً جميعاً نحو الكفر والردة، فضلاً عما يشيعه في البلاد وبين العباد من الظلم والإفساد مقدم إجماعاً على حفظ غيره من الضروريات الأخرى، أياً كانت تلك الضروريات.
وقد نص الشاطبي -رحمه الله -على أن الأوامر في الشريعة لا تجري في التأكيد مجرىً واحدا وأنها لا تدخل تحت قصد واحد، فإن الأوامر المتعلقة بالأمور الضرورية ليست كالأوامر المتعلقة بالأمور الحاجية ولا التحسينية، ولا الأمور المكملة للضروريات كالضروريات أنفسها، بل بينهما تفاوت معلوم، بل الأمور الضرورية ليست في الطلب على وزان واحد كالطلب المتعلق بأصل الدين، ليس كالتأكيد في النفس، ولا النفس كالعقل إلى سائر أصناف الضروريات، انتهى كلامه رحمه الله
ورحم الله الشيخ سليمان بن سحمان عندما جلّى الأمر بدقة؛ فقال: (ولكن لما عاد الإسلام غريباً كما بدأ صار الجاهلون به يعتقدون ما هو سبب الرحمة سبب العذاب، وما هو سبب الإلفة والجماعة سبب الفرقة والاختلاف، وما يحقن الدماء سبباً لسفكها كالذين قال الله فيهم: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَه} [الأعراف:131]، وكالذين قالوا لأتباع الرسل: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُم} [يس:18].
فمن اعتقد أن تحكيم شريعة الإسلام يُـفضي إلى القتال والمخالفة وأنه لا يحصل الاجتماع أو الالفة إلا على حاكم الطاغوت فهو كافر، عدو لله، ولجميع الرسل؛ فإن هذا حقيقة ما عليه كفار قريش الذين يعتقدون أن الصواب ما عليه آباؤهم دون ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم).
وقال: (المقام الثاني إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر وقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل فقال: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:217] وقال: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:191] والفتنة هي الكفر، فلو اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بغير شريعة الإسلام التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم) انتهى كلامه رحمه الله.
فأعظم فتنة ترزأ بها الأرض هي الكفر والشرك بتعبيد العباد لغير المعبود الحق.
ورحم الله الإمام الشوكاني إذ يقول مصارخا: (فيا علماء الإسلام، ويا ملوك المسلمين أي رزئ للإسلام أشد من الكفر، وأي بلاء بهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله، وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك من البين الواضح) انتهى كلامه رحمه الله.
وقد تقرر في الأصول أن الضرر الخاص يُـتحمل لدفع الضرر العام، وأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، وأنه إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً، وأنه يُـختار أهون الشرين.
بعد تقرير الأصلين السابقين؛ نقول:
إن مشروعية رمي الكفار المحاربين بكل ما يمكن من السلاح وإن اختلط بهم من لا يجوز قتله من المسلمين تقررت بـ (أدلة خاصة، بالإضافة للقواعد العامة التي سبق تقريرها).
وهذه الأدلة؛ هي:
أولاً: ما قرره جماهير الفقهاء من رمي الكفار المحاربين حال تترسهم بالمسلمين؛
وهو ما يعرف بـ (مسألة الترس) والمراد بالتترس هنا أن يتخذ العدو طائفة من المسلمين بمثابة الترس – وهو الدرع – يدفع به عن نفسه استهداف المجاهدين له بالقتل، وقد ذهب جماهير العلماء إلى مشروعية رمي الكفار المحاربين في هذه الحالة وإن ترتب على ذلك قتل المُتترس بهم من المسلمين يقيناً لضرورة دفع عادية الكفار على المسلمين وعدم تكمن التوصل إلى قتل الكفار المحاربين إلا بذلك، كما ذهب الأحناف والمالكية بجواز ذلك وإن لم تدع ضرورة إليه.
ومن فقه الأحناف: جاء في متن البداية - أشهر متون الأحناف- (وإن تترسوا بصبيان المسلمين أو الأسارى لم يكفوا عن رميهم، ويقصدون بالرمي الكفار)
قال شارح البداية: (ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر؛ لأن في الرمي دفع الضرر العام بالذّب عن بيضة الإسلام وقتل الأسير والتاجر ضرر خاص، ولأنه قل ما يخلو حصن من مسلم فلو امتنع بإعتباره لانسد بابه، وإن تترسوا بصبيان المسلمين أو الأسارى لم يكفوا عن رميهم لما بينّا ويقصدون بالرمي الكفار؛ لأنه إن تعذر التمييز فعلاً فلقد أمكن قصداً والطاعة، بحسب الطاقة) انتهى كلامه رحمه الله.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: (ولا بأس برميهم بالنبال وإن علموا أن فيهم مسلمين من الأسارى أو التجار لما فيه من الضرورة إذ حصون الكفرة قلما تخلو من مسلم أسير أو تاجر فاعتباره يؤدي إلى انسداد الجهاد ولكن يقصدون بذلك الكفرة دون المسلمين؛ لأنه لا ضرورة في القصد إلى قتل مسلم بغير حق، وكذا إذا تترسوا باطفال المسلمين، فلا بأس بالرمي إليهم لضرورة إقامة الفرض لكنهم بقصدون الكفار دون الأطفال) انتهى كلامه رحمه الله.
ومن فقه المالكية؛ جاء في متن مختصر خليل: (وإن تترسوا بذرية تُـركوا إلا لخوف، ولمسلم لم يقصد الترس إن لم يُـخف على أكثر المسلمين).
قال في الشرح الكبير: (وإن تترسوا بمسلم قوتولوا ولم يُـقصد الترس بالرمي وإن خفنا على أنفسنا لأن دم المسلم لا يُباح بالخوف على النفس إن لم يُخف على أكثر المسلمين، فإن خيف سقطت حرمة الترس وجاز رميهم) انتهى كلامه رحمه الله.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (قد يجوز قتل الترس ولا يكون فيه اختلاف إن شاء الله وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية فمعنى كونها ضرورية أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس، ومعنى أنها كلية أنها قاطعة لكل الأمة حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين، فإن لم يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل الأمة، ومعنى كونها قطعية أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعاً)
قال علماؤنا: (وهذه المصلحة بهذه القيود لا ينبغي أن يُختلف باعتبارها لأن الفرض أن الترس مقتول قطعاً، فإما بأيدي العدو فتحصل المفسدة العظيمة التي هي استيلاء العدو على كل المسلمين، وإما بأيدي المسلمين فيهلك العدو و ينجوا المسلمون أجمعون.
ولا يتأتى لعاقل أن يقول: لا يُقتل الترس في هذه الصورة بوجه لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين، لكن لما كانت هذه المصلحة غير خالية من المفسدة نفرت منها نفس من لم يمعن النظر فيها؛ فإن تلك المفسدة بالنسبة على ما يحصل منها عدم أو كالعدم والله أعلم) انتهى كلامه رحمه الله.
ومن فقه الشافعية؛ قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين: (لو تترس الكفار بمسلمين من الأسارى وغيرهم نُظِرَ: إن لم تدع إلى رميهم واحتمل الإعراض عنهم لم يجز رميهم،
وإن دعت ضرورة إلى رميهم بأن تترسوا بهم في حال التحام القتال وكانوا بحيث لو كففنا عنهم ظفروا بنا وكثرت نكايتهم، فوجهان: أحدهما لا يجوز الرمي إذا لم يمكن ضرب الكفار إلا بضرب مسلم؛ لأن غايته أن نخاف على أنفسنا، ودم المسلم لا يُباح بالخوف بدليل صورة الإكراه). انتهى كلامه رحمه الله
لاحظ اخي ان كلامهم نفس كلامك في فرض الكفاية من الجهاد وانهم يتكلمون بعلم وسياتيك الكثير من التفصيل الان

فقياس هذه الحالة على صورة الإكراه غير متجه البتة لأن المكره على قتل غيره يهدف إلى دفع الضرر الخاص عن نفسه، وليست نفسه بأولى من نفس غيره، أما هنا فالهدف هو دفع الضرر العام عن الأمة جميعاً في دينها قبل دنياها، وليس للمجاهد الرامي حظ خاص من نفسه من قريب أو بعيد.
وقال النووي أيضاً: والثاني وهو الصحيح المنصوص – وبه قطع العراقيون – جواز الرمي على قصد قتال المشركين؛ (ويتوخى المسلمين بحسب الإمكان لأن مفسدة الإعراض اكثر من مفسدة الإقدام، ولا يبعد احتمال طائفة بالدفع عن بيضة الإسلام ومراعاة للأمور الكليات) انتهى كلامه رحمه الله.
ومن فقه الحنابلة؛ قال ابن قدامة رحمه الله في الكافي: (وإن تترسوا بأسارى المسلمين أو أهل الذمة لم يجز رميهم إلا في حال التحام الحرب والخوف على المسلمين لأنهم معصومون بأنفسهم فلم يبح التعرض بإتلافهم من غير ضرورة، وفي حال الضرورة يُباح رميهم لأن حفظ الجيش أهم) انتهى كلامه رحمه الله.
وقال ابن مفلح في المبدع: (وإن تترسوا بالمسلمين لم يجز رميهم كأن تكون الحرب غير قائمة، أو لإمكان القدرة عليهم بدونه أو من أمن من شرهم إلا أن يُـخاف على المسلمين مثل كون الحرب قائمة أو لم يُـقدر عليهم إلا بالرمي فيرميهم، نص عليه بالضرورة) انتهى كلامه رحمه الله.
يتحصل لنا من تلك النصوص السابقة؛ عن فقهاء وأئمة المذاهب المختلفة:
أولاً: أن الجميــع متفقون على جواز رمي الكفار المحاربين حال تترسهم بالمسلمين وإن تيقنّا قتل المُتترس بهم عند الخوف على المسلمين أن ينزل بهم ضرر من أعدائهم من نكاية أو هزيمة.
ثانياً: أن الأحناف والشافعية في الصحيح عندهم، والحنابلة في أحد القولين على جواز الرمي في تلك الحالة إذا كانت الحرب قائمة، أو لم يـُـقدر عليهم إلا بذلك وإن لم نخف على المسلمين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم يُقاتلوا فإنه يجوز أن نرميهم ونقصد الكفار، ولو لم نخف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضاً في أحد قولي العلماء، ومن قُتل لأجل الجهاد الذي أمر الله به ورسوله وهو في الباطل مظ.... كان شهيدا وبُعث على نيته ولم يكن قتله أعظم فساداً من قتل من يُقتل من المؤمنين المجاهدين) انتهى كلامه رحمه الله.
والكلام الأخير من شيخ الإسلام ظاهره ترجيح القول بجواز الرمي ولو لم نخف على المسلمين.
إذا تقرر كما سبق الجواز في تلك الصورة القديمة بالترس بشرطها؛ فإن الجواز يُقرر من باب أولى في الصورة المعاصرة للترس اليوم -وهو الذي يعمد فيها العدو إلى وضع أماكن تجمعاته ومنشآته المختلفة وسط المسلمين وأحيائهم السكنية ليحتمي بهم–؛ بوجوه عدة:
يتبع
__________________
(( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
. . . ))
رد مع اقتباس