عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2007-07-24, 11:42 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,399
افتراضي

دلالات اختلاف ألفاظ الحديث:


جاء فى بعض طرق الحديث أن الأمة سوف تفترق إلى ثنتين وسبعين فرقة ، وجاء فى طرق أخرى أنها ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، وهناك من يظن أن هناك تعارض من أجل هذا ، بل إن البعض قد يرد بعض أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم – عن جهل أو بدعة – نظراً لمثل هذه الاختلافات فى بعض الفاظ الأحاديث. وهذا ناشئ عن قلة علم.


وبالنسبة لهذا الحديث فإنه لا ثمة تعارض بين اللفظين ، الذى يذكر الثنتين والسبعين فرقة وبين الذى يذكر الثلاث والسبعين وفرقة. فما ذكر فيه الثنتين والسبعين فإنه محمول على ذكر الفرق الضالة خاصة ، ثم يعرج النبى صلى الله عليه وسلم على ذكر الفرقة الناجية ، وما ذكر فيه الثلاث والسبعين فإن الحديث محمول على مجموع الأمة كلها بجميع فرقها. فلا تعارض إذن بين اللفظين.


وقد يظن البعض – عن جهل أيضاً – أن الحديث فيه دعوة إلى الفرقة أو الاختلاف ، وليس الحال كذلك أبداً ، وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أيما تحذير من الفرقة ، ولكن الحديث خرج مخرج الإخبار عن أمر غيبى سوف يحدث ، وقد ذم النبى صلى الله عليه وسلم هؤلاء المفترقين وتوعدهم بالنار.


مكمن الإعجاز الغيبى فى الحديث:


وبعيداً عن الناحية العقائدية والفقهية فى الحديث الشريف ، فإن مكمن الإعجاز الغيبى فيه يتمثل فى الآتى:


هناك العديد من أصحاب المذاهب والنظريات على مدار تاريخ البشرية ، صاغوا نظرياتهم ضمن علم الاجتماع مثل : جون لوك وجان جاك روسو وتوماس هوبز أو السياسة مثل ميكيافيللى أو الاقتصاد كالنظرية الشيوعية لكارل ماركس كل هؤلاء وغيرهم كثيرون وضعوا نظرياتهم بهدفهم فهم الواقع والتنبوء بالمستقبل على ضوء مقدماتهم التى ارتأوها ، ولكن أياً من هؤلاء لم ينجح فى أن يخبرنا ما مصير نظريته هذه ، أو مصير معتنقيها ، أو المراحل التى ستمر بها.بل كانت كل آراؤهم رجما بالغيب ، وتقوم على الظن ، يشوبها جهل الإنسان أكثر من علمه ، ولذا فقد جاءت توقعاتهم مخروقة متهرئة ولم يثبت منها شئ تفصيلى أو حتى إجمالى.


بل إذا نظرنا إلى إحدى هذه النظريات التى وضعها الإنسان وننظر إلى توقعاته فيها ثم ننظر إلى مصيرها ونرى مدى التناقض الرهيب الذى وقع فيه هؤلاء لعلمنا أن ما أخبرنا به النبى صلى الله عليه وسلم يعد من أعلام نبوته.


ولنأخذ مثالاً على هذا النظرية الشيوعية التى أسسها ماركس ،وهى تقوم على أساس اقتصادى يقول بأن المجتمعات تمر بثلاثة مراحل أساسية : الإقطاعية ثم يتحول المجتمع بعدها إلى الرأسمالية ثم ينتهى به المطاف إلى التحول إلى الشيوعية.


هذه هى الفكرة التى آمن بها أنبياء الشيوعية ، وحاولوا تصديرها وتفعيلها وتقديمها للبشرية على أنها ناموس الحياة وحركة المجتمع التى لا مناص ولا محيد عنها ، وأنها لا محالة واقعة.


ثم ننظر إلى ما حدث على أرض الواقع وبأيدى هؤلاء أنفسهم ، نجد أن ما حدث كان عكس ما أخبروا ، فقد قامت الثورة الشيوعية البلشفية أول أمرها فى روسيا القيصرية حيث النظام الاجتماعى والاقتصادى السائد آنذاك كان هو الإقطاع ، وإذا بهم يقلبون الأمر رأساً على عقب ويغيرون النظام هناك بالقوة المسلحة الجبرية إلى الشيوعية ، فأين إذن هى مرحلة الرأسمالية الوسط التى أخبرتهم عن ضرورة حدوثها قبل تحول المجتمع إلى الشيوعية!؟


هنا لن تسمع لأحد منهم ركزاً ولا همساً.


أما النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فإنه يخبرنا فى هذا الحديث الشريف بأن أمته سوف تفترق لأن الله سبحانه وتعالى أخبره بهذا (إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى) [سورة النجم] والله سبحانه وتعالى يعلم مسبقاً طبائع النفوس البشرية وميولها وخطراتها (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [سورة الملك] بل قد جاء فى بعض الأحاديث النبوية - ولكن فى أسانيدها مقال – أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر بظهور فرقة القدرية.
رد مع اقتباس