عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 2012-07-28, 08:57 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 302
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



الهجرة :(تابع)
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستجدُّ في الطلب ، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار هو المدينة فكان من ذكائه صلوات الله وسلامه عليه أن سلك طريقا آخر يضاده تماما وهو طريق اليمن مشى خمسة أميال في اتجاه اليمن ، والعقول كلها تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم سيهاجر إلى المدينة.
وهكذا كان النبي صلوات الله وسلامه عليه ولكنه أراد أن يعمي عليهم الأمر، فذهب إلى جهة اليمن ومكث في مكان يقال له جبل ثور فمكث فيه ثلاثة أيام صلوات الله وسلامه عليه ، وكان يمشي متجها إلى جبل ثور على أطراف قدميه ، وذلك أن الطريق كلن وعرا فحفيت قدماه صلوات الله وسلامه عليه ، وطفق يشتد به حتى انتهي به إلى غار في قمة الجبل، وهو ما يسمى الآن بغار ثور معروف في جهة مكة من جهة اليمن خلف منطقة العزيزية هناك.
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر‏:‏ والله لا تدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه(أي نظفه)، ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به(أي سد هذه الفتحة بإزاره)، وبقي منها اثنان(أي ثقبان آخران) فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حجر أبي بكر ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه(أي من شدة الألم) على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏ رسول الله له:‏ ‏"ما لك يا أبا بكر‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اللدغة فذهب ما يجده‏.‏
وهذا أيضا يبين لنا أمرين اثنين :
الأول : شدة محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه يلدغ فلا يتحرك حتى لا يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم .
الثاني :
هو بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف أنه مجرد أن تفل في جرحه أذهب الله جل وعلا عنه ما يجد.
وظلا في الغار ثلاث ليال ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد‏.‏ وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما‏.‏ قالت عائشة‏:‏ وهو غلام شاب ثَقِف لَقِن، فيُدْلِج من عندهما بسَحَرٍ(أي في آخر الليل)، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام،( يعني عبد الله بن أبي بكر الصديق كان يجلس مع النبي وأبي بكر إلى السحر يعني إلى قريب الفجر ثم يرجع إلى مكة حتى إذا أصبح أصبح مع الناس ، فيسمع كلام الناس ماذا يقولون --حيث أنهم لا يتكلمون إلا على خروج النبي صلى الله عليه وسلم -ثم إذا صار الليل ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واخبرهما الخبر وماذا يقوله الناس ). و ‏‏كان‏‏ يرعى عليهما عامر بن فُهَيْرَة مولى أبي بكر مِنْحَة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رِسْل ( يعني أن عامر بن فهيرة يأتيهما باللبن قبل أن يناما رضي الله عن أبي بكر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ) .وكان يفعل ذلك(أي عامر بن فهيرة) كل ليلة من تلك الليالى ، وكان عامر بن فهيرة ماذا يفعل؟ يأتي إلى أثر عبد الله بن أبي بكر وهو راجع فيمشي بالغنم على مكان الأثر حتى تذهب أثره .
وأما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أفلت قي صبيحة الليلة التي قد عزموا فيها على قتله صلوات الله وسلامه عليه ‏.‏ وحاولوا في علي رضي الله عنه وآذوه حتى يعلمهم بمكانه صلى الله عليه وسلم ، ولم يخبرهم بشيء حتى أيسوا منه. فذهب أبو جهل إلى بيت أبي بكر الصديق، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقال لها‏ أبو جهل:‏ أين أبوك‏؟‏ قالت‏:‏ لا أدرى والله أين أبي‏؟‏ فـرفع أبو جهل يـده فلطم خـدها لطمـة طـرح منها قرطها‏(أي ما يكون في الأذن مما تتزين به النساء).‏
وجعلت قربش مكافأة قدرها مائة ناقة لكل من يدلها على مكان النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان حيا أو ميتا.
وجدَّت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، لأن مائة ناقة شيء عظيم، وانتشروا في الجبال والوديان، يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن دون فائدة.
روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال‏:"‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسى فإذا أنا بأقدام القوم(الذين يبحثون عنهما)، فقلت‏:‏ يا نبي الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا‏.‏ فقال‏:‏ ‏"اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما‏"، وفي لفظ‏:‏ ‏
"ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما‏"
‏‏.‏
رد مع اقتباس