عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2010-06-30, 10:49 AM
زينب من المغرب زينب من المغرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-14
المكان: tangier morocco
المشاركات: 1,013
افتراضي

كان الموضوع الذي فتحت في منتدى أنصار السنة بمثابة باب أكثر ما رغبت من خلاله هو أن يكون أرضية ليطرح فيها أستاذي تفسيراته لبعض الأمور أمام أخ فاضل نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.
لهذا بعثت له بالرابط وانتظرت منه أن يدخل في النقاش.
كتب لي معتذرا في رسالة طلب مني عدم نشرها وأيضا عدم نشر باقي رسائله.
رسالته الخاصة احترمت رغبته فيها بعدم نشرها، ولكن باقي رسائله التي تحمل غزوا لعقول طلبته وجدت نفسي غير قادرة على تجاهلها.
في رسالته للرد علي نعتنا بأننا نستعمل النقل وهو صاحب عقل ويميل إلى فكر المعتزلة، وهذه حقيقة كان عليه من الأمانة أن يشير إليها في رسائله حتى يتخذ البقية حيطتهم.
أستغرب كيف استطاع أستاذي الفاضل أن يقول أن كل كتب ومناظرات السابقين واللاحقين لم تشفي غليله بينما نجد أن موضوع المشيئة من المواضيع التي أثارها أناس في كل العصور وبكل الألوان لا بل وتمخضت عن سوء فهمها فرق ضالة.
ولعل القارىء في سير الملل والنحل، يجدها مقدمة موحدة لكل من أراد أن يصنع الفتن ابتداء بالملاحدة وانتهاء بالمبتدعة. فكيف يزعم أستاذ إلكترونيك اعترف أنه لم يستطع إتمام دراسته لأصول الدين بسبب ظروف العمل أن يخوض في هذا المعترك واضعا فيه الحل لا طارحا الشبهة التي تراوده. وكأنه بذلك يريد أن يفهمنا أن كل هذه الملل التي مرت لم يوجد من يرد شبهاتها أو لربما كل أولئك العلماء لم يستطيعوا الإقناع كما هو.
ولننظر إلى ما طرحه أستاذي إنه ليس حلا كما توهم إنه شبهة قديمة، مجرد قراءة أولية فيها جعلني أحس بإختلال ميزانها الشرعي.
وكرد على أستاذي في قوله أنه يميل إلى المعتزلة قلت له إنها فرقة اتضح ضلالها منذ القدم، وأضفته هل تستطيع تحمل وزر الذين سينتهجون أسلوبك في التطاول على القرآن بالتفاسير الشخصية لكن لم تصلني منه رسالة بعدها إلا أنه أكمل نشاطه في الرسائل الأسبوعية وقام بالرد الغير المباشر على رسالتي الخاصة الذي أنقله حرفيا فيما يلي:
اقتباس:
قبل أن أسترسل في حديثي عن موضوع القضاء والقدر أريد أن أوضح بعض النقط التي قرأتها في ردودكم، فقد سألني البعض : إلى أين تريد أن تصل ؟ و ما هدفك من وراء هذه الرسائل ؟ وأي نوع من الإيديولوجيات تروّج لها ؟

أقول : هذه الرسائل هي تأملاتي الشخصية في حياة المجتمع المغربي، وهي تعبر عن آرائي وقناعاتي الشخصية لا غير، أنا لا أخدم أي إيديولوجية أو طائفة أو مذهب، منهجي هو منهج العقل لأن العقل هو الأداة الوحيدة التي نمتلك للتمييز بين الحق و الباطل، و بين الحقيقة و الخرافة. وكم أحب هذه الآية الكريمة :

ـ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله، قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (البقرة 170)

هذه الآية حجة دامغة أمام أولئك الذين ركنوا إلى آراء الأولين وأبطلوا عقولهم عن التحليل والتفكير بدعوى أن الأولين قد وضحوا كل شيء فلا نحتاج لأن نزيد شيئا جديدا في فهمنا للحياة أو القرآن أو الدين. إنها آية عظيمة تدعو إلى استعمال العقل ونبذ الاتباع الأعمى وتمجيد الماضي. إنها تشير إلى أمر في غاية الأهمية : أنه بإمكانك أن تفهم أمورا جديدة لم يفهمها آباؤك وأجدادك، يمكنك أن تأتي أنت كذلك بالجديد، أليس استعمال العقل هو الآلية التي بفضلها تقدم الجنس البشري ؟

كما أن الاحتجاج بقول أو فعل الآباء لا ينفع كعذر يوم القيامة :

ـ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى شهدنا. أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم، أفتهلكنا بما فعل المبطلون (الأعراف 173)

ثم إن هناك من قال : لا يمكن لأي كان أن يفسر القرآن، عليك أن تكون متخصصا في علوم القرآن.

أقول : القرآن معجزة خالدة، لم يحدد الله أناسا معينين بأسمائهم لكي يفسروه بل ترك الباب مفتوحا أمام عامة المسلمين، حتى أن الرسول نفسه لم يكن مطالبا بتفسير القرآن، فقد خاطبه الله قائلا :

ـ لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه (القيامة 19)

فبيان القرآن وتفسيره تكفل به الله في الزمان والمكان المناسبين، وبواسطة الأشخاص المناسبين.

ثم هل كان للصحابة أو التابعين دبلومات جامعية، أو شهادات دكتوراه ؟؟ إنهم أناس قرؤوا القرآن، فتحوا عقولهم، وأبدوا آراءهم، منهم من أصاب ومنهم من أخطأ. الإمام مالك بنفسه كان ينهى تلاميذه عن الانقياد الأعمى لآرائه في مقولته الشهيرة : "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"

ثم إن ما راعني في بعض الردود هو التسرع في الحكم، وسرعة التصنيف ... فما أن تكلمت عن الحسين بن علي سبط الرسول (ص) و عن مصرعه الأليم حتى أخذ البعض يشك في أنني من الشيعة، كما لو أن الشيعة يمتلكون جميع حقوق الطبع والتوزيع الخاصة بالحسين وعلي وفاطمة رضي الله عنهم.

لقد قلت في رسالتي الأولى إن بعض آرائي قد تبدو مستفزة ومثيرة للجدل، لا بأس، ناقش الأفكار ولا تناقش الأشخاص، زيادة على أنني لا أحب أن أفرض كتاباتي على أحد، أنظر أسفل كل رسالة تجد رابطا لإلغاء تسجيلك وبهذا تريح عقلك و تعود إلى حياتك الطبيعية ... ولكن ربما قد تكون ضيعت فرصة لا تعوض للتغيير!

علق علي البعض كذلك لكوني تكلمت بطريقة قاسية عن الأمويين ... لقد كان أسلوبي متحاملا عليهم نوعا ما، لا أنكر ذلك. كما لا أنكر أنهم حققوا مكاسب هامة لدولة المسلمين، فالفضل يعود إليهم في دخول الإسلام إلى شمال افريقيا وإلى المغرب خاصة، كما أن لهم اليد في بناء حضارة الأندلس لاحقا، ولكن لهم هفواتهم كذلك ومآخذ تؤخذ عليهم ومنها ما ذكرت من انتشار وضع الحديث المكذوب عن الرسول (ص) في عهدهم وتثبيت فكرة "الجبرية".

أعود إلى مسألة القضاء والقدر التي قال بعض الإخوة في أحد المنتديات أنها مسألة حُسم فيها ولا مجال لمناقشتها. إذا اقتنعت أنها مسألة محسومة فلك ذلك، لقد كنت مثلك مقتنعا بأنها شيء لا جدال فيه، و لكن عقلي لم يستسغ فكرة "الجبر" التي بموجبها تكون مجبرا على فعل ما تفعل، و يكون كل شيء قد كتب منذ الأزل، ودورك في هذه الدنيا أن تنفذ البرنامج كآلة أو دمية لا حول لها ولا قوة.

فما فائدة هذه الحياة إذن ؟ وما معنى أن هذه الدنيا دار اختبار وابتلاء ؟

تخيل معي أنك في قاعة الامتحان، وأنك منهمك في الإجابة على الأسئلة، لقد أمضيت ليال طوال في المذاكرة والاستعداد، وفجأة، وقف الأستاذ وبيده ورقة وقال : "أترون هذا الاختبار الذي تجتازونه الآن ؟ لقد كتبت نتائجكم مسبقا على هذه الورقة !" ... بماذا ستحس عندما تسمع هذا الكلام ؟ هل ستبقى فيك ذرة من الحماس لتكمل الامتحان ؟ لقد حدد الأستاذ مسبقا الناجحين والراسبين، فما فائدة الكد والاجتهاد ؟ ثم على أي معيار حُددت النتائج قبل الامتحان ؟ ... الفكرة برمتها تبدو غير منطقية فكيف يقبل العقل أن هذا هو المبدأ الذي يتعامل به الله مع عباده ؟؟

النتيجة الحتمية لمفهوم "الجبرية" هو التكاسل والتواكل وجمود العقل والخمود التام لحركة المجتمع، وهذا ما حصل للمسلمين، فما فائدة العمل إذا كنت من أصحاب النار ؟ و ما فائدة العمل كذلك إذا كنت من أصحاب الجنة ؟ كل شيء قد كُتب ... رفعت الأقلام وجفت الصحف ... ليس بمقدورك تغيير أدنى شيء ... إنك ريشة في رياح القضاء والقدر ! ألا يدعوك هذا الفهم إذا آمنت به أن تعتزل المجتمع وتنفرد في صومعة لعبادة الله منتظرا ساعتك ؟ أليس هذا أحسن ما تقوم به بدل اللهث وراء الدنيا والمتاع والأموال والمناصب والسلطة ؟

لست الوحيد الذي لم يستسغ الفكرة بل تقريبا كل الناس الذي شرحت لهم هذا المفهوم وضربت لهم مثال الأستاذ والامتحان، كلهم علت وجوههم علامات الحيرة، ولكن الغريب أن الأغلبية ترد بعد برهة : "نحن عباد الله يفعل بنا ما يشاء، يهدي من يشاء ويضل من يشاء"، أترى كم تغلغل مفهوم الجبرية في المجتمع ؟ ثم عندما تصيب أحد الناس مصيبة، يقول كما لو أن الله أراد له الشر : "هذا ما كتب الله، هذا هو المكتوب، ماذا أفعل ؟ هذا ما أراده الله لي !" ... مفهوم الجبرية من جديد، مع أن الله يقول بكل وضوح في القرآن :

ـ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (الشورى 30)
ـ و ما أصابك من سيئة فمن نفسك (النساء 79)
ـ أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم (آل عمران 165)
ـ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون (الروم 41)

كما ترى فنفس المفهوم يتكرر في القرآن : المصيبة مصدرها نفس الإنسان وليس الله ! نعم أكررها ثانية : السبب في المصيبة هو أنت أيها الإنسان وليس الله كما يقول مفهوم الجبرية... مفاجأة غير متوقعة، أليس كذلك ؟ إذا كنت طوال حياتك تنسب مسؤولية مشاكلك إلى الله فأنت مخطئ بنص القرآن. من الآن يجب أن تتحمل مسؤولية ما يحصل لك في حياتك ...

أكثر الناس يصابون بصدمة عندما يواجهون بهذه الحقيقة لأننا تعودنا في مجتمعنا المغربي على إلقاء اللوم على الآخر : أنا لم تتأخر، إنه القطار الذي غادر باكرا، لست أنا من كسر الكأس، إنه الكأس الذي انكسر، لست أنا من رسب في الامتحان، إنه الامتحان الذي كان صعبا، لست أنا من تسبب في الديون، إنها الأزمة والحكومة وغلاء الأسعار، لست أنا السبب في فشلي في الجامعة، إنه أستاذ الرياضيات في قسم الثالث من الابتدائي الذي بسببه أصابتني عقدة نفسية من مادة الرياضيات، ... ثم عندما لا نجد أية شماعة نعلق عليها مسؤولية حياتنا، نلقي بالثقل كله على الله : هذا ما أراده الله، هكذا أحبني الله أن أكون، هذا هو "المكتاب"، ...

لقد آن الأوان لتتحمل مسؤولية حياتك وتتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين وعلى الله.
وقبل أن أبدأ في الرد على هذه الرسالة أود التنبيه أن هناك حديث عن الأمويين في رسائله السابقة سأدرجه بأوانه.
الله المستعان

رد مع اقتباس