عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2009-01-13, 03:17 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,398
قلم عندما تُغَيَبُ السُّنة.....!!‏


عندما تُغَيَّبُ السُّنة ..... !!‏

[LIST][*]الله سبحانه شرّع الإسلام ليكون واقعاً على الأرض والسنة هى السبيل الوحيد لتحقيق ذلك.[*]
الله سبحانه نفى وصف الإيمان عن الذين يرفضون حكم النبى .
[*]
التسليم للنبى – صلى الله عليه وسلم – فى كل ما يأمر به أو ينهى عنه من شروط الإيمان بالله.
[*]
القرآن دستور والسنة قانون يوضحه.
[*]
الصحابة ، وهم أعلم المسلمين قد جهلوا بعض أحكام القرآن فما بالنا نحن؟!
[*]
لولا السنة لتمرغ المسلمون تمرغ الحُمُر عند التيمم.
[*]
ولولا السنة لقطعنا (ذراع) السارق فى قرش.
[*]
ولولا السنة لطعنوا فى القرآن ، ولعجزنا عن الرد (!!!)
[*]
السنة هى الإسلام والإسلام هو السنة.
[/LIST]

الحمد لله الذي بعث رسولَه بالهدى ودينِ ‏الحقِّ ليُظهرَه على الدينِ كلِّه ولو كرهَ ‏الكافرون، وصلاةً وسلاماً على من أرسله ‏اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه الذين ‏بذلوا أرواحَهم وأموالَهم في نُصرةِ وتبليغِ ‏هذا الدين. وبعد:


إن الإسلامَ كِيانٌ، ولكلِّ كيِانٍ منهجٌ، ‏وكيِانُ الإسلامِ هو الجماعةُ، ومنهجُ الجماعةِ ‏هو السُنَّةُ، وهذا ما يُعبَّرُ عنه بتسمية: (‏أهلِ السنةِ والجماعة).‏

وعندما أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ شرْعَ ‏الإسلامِ فإنَّه أنزلَه ليكونَ واقعاً على الأرضِ، وليس مجردَ سطورٍ مخطوطة، أو فصولٍ ‏مجموعةٍ في كتاب. وهذا يقتضي أن يكونَ ‏هناك نُسخةٌ بشريةٌ (عمليةٌ) من هذا ‏التشريعِ النظريِّ المكتوب، فأمَّا التشريعُ ‏المكتوبُ فهو القرآنُ الكريم، وأمَّا التطبيقُ ‏العمليُّ للقرآنِ فهو سُنَّةُ النبي .‏

والسنةُ محورُ اهتمامِها هو النبيُّ بأقوالِه وأفعالِه وتقريراتِه ‏وصفاتِه وأخلاقِه.‏

والسنةُ النبويةُ وحيٌ من اللهِ كان يَنزلُ به ‏جبريلُ على النبي كما كان يَنزلُ ‏بالقرآنِ الكريم، يقول تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا ‏هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. ‏وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ ‏يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [‏النجم:1-5]، فتَأملْ كلمةَ يَنطق والتأكيدُ ‏بعدها بأنه وحي !‏

وأمرَنا ربُّنا سبحانه وتعالى أن نأتَمِرَ بأوامرِ ‏النبي وننتهيَ عما ‏نهى عنه فقال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ ‏فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ ‏اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7] ‏

وأزالَ وصفَ الإيمانِ عن الذين يرفضون ‏حُكمَ النبي فقال ‏تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ‏فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ‏حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ‏‏[النساء:65] .

فالتسليمُ للنبي في كل ما يأمرُ به أو ينهى عنه شرطٌ ‏من شروط الإيمانِ بالله، ولِمَ لا؟! أليس النبيُّ هو الذي أخبرنا ‏عن الله؟

ووصَفَ أن طاعةَ الرسولِ بأنها طاعةٌ لله فقال ‏تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ ‏تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [‏النساء:80] لاحِظْ استخدامَ الفعلِ المضارعِ في ‏قوله تعالى: يُطع الذي يفيدُ الاستمرار.‏

وهَددَ وتَوعدَ كلَّ من يخالفُ النبي بسوءِ المصيرِ في جهنم: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ‏الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا ‏تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]‏

وبيّنَ دَورَ السنةِ بأنها الـمُبَينةُ للقرآنِ ‏الكريمِ فقال: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ‏لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ‏‏ [النحل:44]‏

وكلُّ هذه الآياتِ الكريمةِ أدلةٌ قطعيةٌ على ‏حُجيةِ السنةِ النبويةِ في التشريعِ الإسلامي، ‏ولا يمكنُ أن تنفصلَ السنةُ عن القرآن، ‏فالسنةُ هي الـمُبيِّنةُ لما أجمََلهُ القرآن، ‏وهي المخصِّصةُ لما عمَّمهُ القرآن، وهي ‏المقيِّدةُ لما أطلقَه القرآن. والسنةُ النبويةُ هي ‏أفضلُ تفسيرٍ للقرآنِ الكريمِ بعد تفسيرِ ‏القرآنِ بالقرآن.

وبلُغةِ أهلِ القانونِ نستطيعُ ‏أن نصفَ السنةَ بأنها القانونُ الذي يوَضحُ ‏ويُفسرُ ويُفصلُ الدستورَ الذي هو عندنا‏‏ القرآنُ الكريم. فهل رأى أحدٌ دستوراً بلا ‏قانون؟! أو قانوناً بلا دستور؟!‏

ولا يُتصورُ عند أصحابِ العقولِ السليمةِ ‏أنْ ينفصلَ التطبيقُ العمليُّ عن الإطارِ ‏النظريِّ لأي منهجٍ من المناهج، ولا شك أنَّ ‏فصلَ التطبيقِ العمليِّ عن المنهجِ النظريِّ ‏ سيقعُ ضررُه على ذلكَ الإطارِ النظريِّ نفسِه، إذ سيكونُ عرضةً للتأويلاتِ الفاسدةِ، ‏والأهواءِ الساقطة.‏

وهنا سوف أُبينُ بعض المثالبِ والنقائصِ التي ‏لا بُد أننا سنقعُ فيها إذا ما نَحـَّّينا السنةَ ‏وأخَّرناها عن القرآنِ الكريم، وإذا ما ‏عطَّلناها وهمَّشناها وأزلنا عنها صفةَ الوحي.‏

فماذا سيحدثُ عندما تغيبُ السنة؟‏

أولاً: الجهلُ بمقاصدِ القرآنِ الكريم:‏

أخرج الإمامانِ البخاريُّ (‏‏4776) ومسلمٌ (124) في ‏صحيحَيهِما عن عبدِ الله بن مسعودٍ قال: لما نزلت: الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ ‏يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ ‏مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]، شقَّ ذلك على ‏أصحابِ رسول الله ، ‏وقالوا: أيُّنا لم يَلْبِس إيمانَه بظلم؟ فقال رسول ‏الله : "إنه ليس بذاك، ألا ‏تسمعْ إلى قولِ لقمانَ: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ ‏بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟.‏

الشاهدُ من هذا الحديثِ أن الصحابةَ وهم ‏أعلمُ المسلمينَ بعدَ النبي وهم أعلمُ الأُمةِ بلغةِ العربِ، لم يتبين لهم مَقْصدَ القرآنِ الكريمِ في الآية الأولى وظنوا – خطأً ‏‏– أنهم ليسوا من الآمنينَ وليسوا من المهتدين، بل نفوا أن يكون أحدٌ لم تَطَلهُ الآيةُ، وهنا لجأوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليُبينَ لهمُ المقصدَ الحقيقيَّ للقرآنِ من ‏كلمةِ ظُلم وأنه ليس الذي فهموه ولكن ‏المقصودَ به هنا هو ما فصَّله القرآنُ في موضعٍ ‏آخرَ ألا وهو الشركُ بالله.‏

لولا هذا الحديثُ الشريفُ، ولولا ربطُ النبيِّ هذه الآيةَ بآيةٍ ‏أخرى، لكانت الآيةُ الأولى نَصًّا صريحاً على ‏نفيِ الأمنِ والهدايةِ عن كل مسلمٍ على وجهِ ‏الأرض، فما من مسلمٍ إلا وقد لَبِسَ إيمانَه ‏بظلم ما. ومن هذا المثالِ الموجزِ المختصرِ يتبينُ ‏لنا أنه بدونِ السنةِ سوف نَضلُّ ونجهلُ ‏المقاصدَ الحقيقيةَ للقرآنِ الكريم.‏

ثانياً: الجهلُ بأحكامِ العباداتِ وصفاتِها ‏وهيئاتِها:‏

يزخرُ القرآنُ الكريمُ بالكثيرِ من الآياتِ التي ‏تأمرُ المسلمينَ بإقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ ‏وصومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ، ولم يُبَينْ القرآنُ ‏الكريمُ كيفيةَ أداءِ هذه العباداتِ على وجهِ ‏التفصيل، بل تركَ هذا للسنةِ النبويةِ لتُوضحَ ‏كلَّ هذا، ولِيقفَ النبيُّ بين يديْ أصحابِه ليشاهدوه، ‏وليقولَ وائلُ بنُ حجرٍ: "لأشهدنَّ صلاةَ ‏النبي " تنفيذاً ‏لقول النبي : "‏صَلوا كما رأيتموني أُصلي" فوصَفَ كيفيةَ ‏قيامِ وركوعِ وسجودِ وجلوسِ النبي ونقلَ للأُمةِ ما شاهدَ ‏ليقتدوا بالنبي في ‏أداءِ الصلاة.‏

عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبزى قال: كنا عند عمرَ ‏‏– يقصدُ ابنَ الخطابِ - فأتاه رجلٌ فقال: يا ‏أميرَ المؤمنين إنا نمكثُ الشهرَ والشهرينِ لا ‏نجدُ الماء. فقال عمرُ: أمَّا أنا فلمْ أكنْ ‏لأُصلي حتى أجدَ الماءَ فقال عمارٌ –هو ابنُ ‏ياسر -: يا أميرَ المؤمنين تذكرُ حيث كنا ‏بمكانِ كذا ونحن نرعى الإبلَ فتعلمْ أنّا أَجنبْنا؟ ‏قال: نعم، قال: فإني تمرّغتُ في الترابِ ‏فأتيتُ النبيَّ ‏فحدثتُه فضحك وقال: (كان الصعيدُ ‏الطيبُ كافيك)، وضربَ بكفيهِ الأرضَ ثم ‏نفخ فيهِما ثم مسحَ بهما وجهَه وبعضَ ‏ذراعيه.‏
قال – أي عمر -: اتقِ اللهَ يا عمار، قال: ‏يا أميرَ المؤمنينَ إن شئتَ لم أَذكرْهُ ما عشتُ ‏أو ما حييت، قال: كلا واللهِ ولكن نُوَليك ‏من ذلك ما تَوليتَ.‏

‏[أخرجه الإمامُ أحمد في مسنده (4/ 319) ‏وأبو يعلى في مسنده (3/ 181) وابن حبانَ ‏في صحيحه (4/ 132)]‏

الشاهدُ أن السنةَ النبويةَ هي التي بَينتْ ‏الحكمَ التعبديَّ الذي لم يعلمه صحابيانِ جليلانِ ‏يقرآن القرآنَ أكثرَ مما نقرأُه نحن ،ويفهمانِ ‏القرآنَ أفضلَ مما نفهمُه نحن. فقِسْ على هذا ‏الشاهدِ الكثيرَ والكثيرَ من أحكامِ القرآنِ ‏التي سوف تختلفُ فيها الأقوالُ لو لم تأتِ ‏السنةُ ببيانِها. فلولا السنةُ لقطعنا يدَ السارقِ ‏ولو سَرق قرشاً أو فلساً واحداً، ولاختلفنا ‏في موضعِ القطعِ أيَّما اختلاف. فالنبيُّ ‏صلى الله عليه وسلم يقول: (تُقطع ‏الأيدي في رُبعِ دينارٍ فصاعدا).‏

‏[ أخرجه البخاري عن عائشة (برقم ‏‏6789، 6790، 6791) ].‏

فتأملْ تحديدَ النبي صلى الله عليه وسلم ‏حدَّ القطعِ بأنه لا يكونُ إلا عندما يبلغُ قيمةُ ‏المسروقِ رُبعَ دينار، ولولا هذا لقَطعَ ‏المنكرونَ للسنةِ يدَ السارقِ الذي يسرقُ ‏قرشاً واحداً، وتأمل تحديدَ النبيِّ موضعَ القطعِ بأنه من الكفِّ، ولولاه لقَطعَ منكرو السنةِ يدَ ‏السارقِ من الكتف، ويكفي هذا المثالُ لتقرأَ ‏قولَ اللهِ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً ‏لِلْعَالَمِينَ [الحج:107] بفهمٍ جديدٍ في ‏إطارِ السنة.‏

ثالثاً: ادعاءُ التعارضِ في القرآنِ الكريم:‏

لا شكَّ أن ما أقولُه هنا عن خطرِ غيابِ ‏السنةِ سوف يُثيرُ حفيظةَ الكثيرين، ‏واستغرابَ الأكثرِ ولكن هذه هي الحقيقةُ فلا ‏أزعُمها، ولعل سؤالاتِ نافعِ بنِ الأزرقِ (‏توفي 65 هـ) للصحابي الجليلِ عبدِ الله بنِ ‏عباس – – خيرُ دليلٍ على ما ‏أقول.‏

ونافعُ بنُ الأزرقِ هذا هو أحدُ رؤوسِ الخوارجِ ‏ومؤسسٌ لفرقةِ الأزارقة، وكان – قبل أن ‏يَرفع رايةَ الخروجِ ويقعَ في الفتنة - قد وجَّه ‏العديدَ من الأسئلةِ لعبدِ الله بنِ عباسٍ لبعض ‏الأمورِ التي تختلفُ عليه في القرآنِ الكريم، ‏فعندما يقرأُ أحدٌ أسئلةَ نافعٍ قد يظن بُرهةً ‏أن هناك تناقضاتٍ عظيمةً وتعارضاتٍ في ‏القرآن الكريم، ولكن تأتي إجاباتُ حَبرِ ‏الأُمةِ وكأنها النورُ لتَجلِيَ عن الذهنِ ما ‏وقع فيه من لُبسٍ، ولتُبيِّنَ قيمةَ السنةِ في دفْعِ ‏الشبهاتِ عن القرآنِ الكريم.‏

وأترُككم مع هذا الحديثِ الذي رواه ‏البخاريُّ رحمه الله عند تفسيرِه لسورةِ ‏السجدةِ في صحيحِه: (وَقَالَ الْمِنْهَالُ ‏عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ – قال ‏ابن حجر أنه نافع ابن الأزرق - لابْنِ عَبَّاسٍ ‏إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قَالَ: ‏‏فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ، ‏وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ . وَلا ‏يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا ‏مُشْرِكِينَ فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ: ‏أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا إِلَى قَوْلِهِ : دَحَاهَا فَذَكَرَ ‏خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: ‏أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي ‏يَوْمَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ: طَائِعِينَ فَذَكَرَ فِي هَذِهِ ‏خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ. وَقَالَ: ‏وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا، عَزِيزًا حَكِيمًا، سَمِيعًا بَصِيرًا فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى؟

فَقَالَ – أي ابن عباس -: فَلا أَنْسَابَ ‏بَيْنَهُمْ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ‏‏فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ‏إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ‏ذَلِكَ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ ‏أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، وَلَا ‏يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ ‏الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا ‏نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ ‏فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لَا ‏يُكْتَمُ حَدِيثًا وَعِنْدَهُ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ‏الآيَةَ.‏

وَخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ ‏اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ ‏آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ ‏مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ ‏وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ ‏قَوْلُهُ: دَحَاهَا.‏

وَقَوْلُهُ : خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ، فَجُعِلَتْ ‏الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ‏وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ.‏

وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ ‏وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ ‏يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ فَلَا يَخْتَلِفْ ‏عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ). انتهى.

إن سؤالاتِ نافعِ بنِ الأزرقِ وإجابةَ ابنِ عباسٍ ‏عليها، لتفقأُ عيونَ منكري السنةِ الذين ‏يريدون أن يَفصلوا بين القرآنِ والسنة، ‏ونقولُ لهم انظروا إلى هذه الآياتِ – ‏المتعارضةِ ظاهرياً – التي ألقاها نافعٌ على حَبرِ ‏الأُمة، وماذا لو لم يكن هناك مثلُ ابنِ عباسٍ ‏يجيبُ بما تعلَّمه مِن النبيِّ ومِن أصحابِه فهل ‏كان لهم من مَخرجٍ في ردِّ هذا التعارضِ في ‏القرآنِ إلا بالسنة النبوية؟!‏

إن الذي أريدُ أن أَخلُصَ إليه في نهايةِ المقالِ هذا هو أن أَصِلَ إلى نهايةٍ محددةٍ ‏ونتيجةٍ واحدةٍ ألا وهي أنَّ في غيابِ السنةِ ‏غيابًا للمعنى الحقيقيِّ للقرآن.‏

وصدقَ أبو عبدِ الله البربهاريُّ عندما افتتح ‏كتابَه " شَرْحُ السنة" قائلاً: " السُنَّةُ هي ‏الإسلامُ والإسلامُ هو السُنَّة".
__________________
قـلــت :
[LIST][*]
من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
[*]
ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
[*]
ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
[*]
ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
[/LIST]
رد مع اقتباس