عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 2015-11-13, 11:30 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي كتاب صور من تأذي النبي في القرآن/د.عثمان قدري مكانسي

كتاب صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم

الدكتور عثمان قدري مكانسي


سورتا الفلق والناس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}(الفلق).

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6)}(الناس).

ثبت في الصحيحين قصة سحر اليهودي لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم. مفادها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء، ولا يفعله فكأن ملكين جلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند قدميه، فاخبراه عن سحر لبيد إياه، وأعلماه صلى الله عليه وسلم بمكان السحر (في بئر من آبار يهود المدينة)
فأرسل بعض أصحابه، فأتوا بقطعة الكتان وفيها بقايا شعرات وفرق ثوب وأسنان مشط، ووتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة، فنزلت عليه هاتان السورتان وهما إحدى عشرة آية وأمِرَ أن يتعوذ بهما فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ، وهكذا انحلت العُقد كلها فكأنما نشط من عقال وجعل جبريل يرقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر حاسد، وعين الله تشفيك..
فقالوا يا رسول الله أنقتل الخبيث
فقال: " أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على الناس شراً ".
ذكر القشيري في تفسيره أن غلاماً من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فدست إليه اليهود، ولم يزالوا به حتى
أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم (ما يسقط من رأسه عند التمشيط) وأخذ عدة من أسنان مشطه.. وسحره اليهودي.
روى أبو هريرة قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " من عقد عقدةً ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلّق شيئاً وكِّلَ إليه "، رواه النسائي.
والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء، ولكن يوهم الحواس والمشاعر بما يريده الساحر كما في سورة طه:
{ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ( 65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)}(طه) ،
فهي تبقى على حقيقتها، لكنَّه الوهم الذي زرعه الساحر في نفوس المسحورين، فأثر في مشاعرهم وفق إيحائه، فأخافهم وآذاهم ووجههم الوجهة التي يريدها، ولا نعرف غير ذلك من طبيعة السحر.
فنلجأ إلى الله نستعيذ به من الساحر وسحره. ولا أظن السحر يطعن في عصمة الرسول الكريم ،فلم يكن الرسول يفعل ما يشين الأنبياء وهو مسحور بل كان يشعر بعدم الارتياح، وأظن أن السحر الذي أصاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدل على أنه مثلنا يتأثر بما نتأثر به ويُحِسُّ الأذى الذي يصيب الدعاة إلى الله فلنا به قدوة حسنة..

والعودة إلى الله تعالى واللجوء إليه سبحانه كفيل أن يذهب سحر الساحرين ووسوسة الموسوسين، وإيذاء أعداء الله.
روى البخاري بإسناده عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما، وقرأ فيهما، قل هو الله أحد. وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.

فلم تكن الدعوة إلى الله سهلة هينة فقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإِيذاء الكثير الكثير..
نسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء ويكتب له المقام المحمود الذي وعده وأن يرزقنا الفردوس الأعلى إنه هو الكريم الوهاب.

انتهى ولله الحمد والمِنّة.
رد مع اقتباس