عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2007-07-24, 11:40 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,398
افتراضي



بين يدى الحديث الشريف:


أولاً من الناحية الإسنادية:


لهذا الحديث طرق كثيرة ليس هنا مقام حصرها. ولكن هنا عدة نقاط يجب التنويه عليها:


1- ليست كل طرق حديث الافتراق صحيحة ولكن هناك العديد من الطرق هى ضعيفة بمفردها وهى من قبيل الضعف المحتمل أى الذى يتقوى فى المتابعات والشواهد ولكن الحديث يتقوى بمجموع طرقه. وهذه قضايا يعالجها علم مصطلح الحديث وهو صاحب القرار الفصل فيها ، وعلماؤه هم المعول عليهم فى هذا الشأن.


2- هناك طرق صحيحة لذاته كحديث معاوية الذى فى مسند أحمد والدارمى (رقم 4 فيما أوردناه) وهناك أحاديث حسنة لذاتها أيضاً.


3- الحديث بمجموع طرقه صحيح سنداً ولا يجوز الطعن فيه بل إن طرقه بلغت من الكثرة حداً يمكن وصفها به بأن هذا الحديث هو من قبيل المتواتر معنوياً.


4- الطاعنون فى الحديث : هناك بعض العلماء ضعّف أحاديث الافتراق عن قلة علم منهم بشروط وقواعد وضوابط علم مصطلح الحديث فلا يلتفت إليهم فى هذا الشأن حيث المعول فى هذا الأمر على كلام علماء مصطلح الحديث كما سبق أن قلنا. وكثرة طرق الحديث والأمر الواقع يغنينا عن الرد على هؤلاء.


5- أصل الحديث فى كتاب الله: قال المروزي في كتابه السنة (1/23): عن أبي الصهباء البكري قال: سمعت علي بن أبي طالب، وقد دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى. فقال: إني سائلكم عن أمرٍ، وأنا أعلم به منكما، فلا تكتماني. يا رأس الجالوت، أنشدتك الله الذي أنزل التوراة على موسى، وأطعمكم المن والسلوى، وضرب لكم في البحر طريقاً، وأخرج لكم من الحجر اثنتي عشرة عيناً، لكل سبط من بني إسرائيل عين ، إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال له: ولا فرقة واحدة. فقال له –على ثلاث مرار–: كذبت. والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة. ثم دعا الأسقف فقال: أنشدك الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وجعل على رحله البركة، وأراكم العبرة، فأبرأ الأكمه، وأحيا الموتى، وصنع لكم من الطين طيوراً، وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم. فقال: دون هذا أصدقك يا أمير المؤمنين. فقال: على كم افترقت النصارى بعد عيسى من فرقة؟ فقال: لا والله ولا فرقة. فقال –ثلاث مرار–: كذبت. والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة. فأما أنت يا زفر فإن الله يقول (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) فهي التي تنجو. وأما أنت يا نصراني فإن الله يقول (منهم أمةٌ مقتصدةٌ وكثير منهم ساء ما يعملون) فهي التي تنجو. وأما نحن فيقول : (وممن خلقنا أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلون) وهي التي تنجو من هذه الأمة.


تنزيل حديث النبى صلى الله عليه وسلم على الواقع:


وإذا نظرنا إلى مفردات الواقع وجدنا أن ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم منذ ألف وأربعمائة عام قد تحقق حرفياً ولا يزال. فما إن توفى النبى صلى الله عليه وسلم وتوفى من بعده خليفتاه أبو بكر وعمر وفى عهد الخليفة الثالث عثمان إلا وبدأت الأمة فى الافتراق فكان أول هذه الفرق ظهوراً الخوارج (وأقصد بهم من خرج على عثمان فكل من خرج على ولى الأمر فهو خارجى وإن اختلف مكانه وزمانه). ثم خرج من خرج على علي رضى الله عنه ثم تشيع أقوام لعلى وغالوا فيه وفى آل البيت حتى بطروا الحق وأعلوا الباطل.


وتوالى ظهور الفرق فى أواخر عهد الصحابة فظهرت القدرية على يد معبد الجهنى (راجع حديث جبريل فى صحيح مسلم رقم 8) وتلاها المرجئة ثم أعلن الجهم بن صفوان التعطيل وعارضه مقاتل بن سليمان البلخى فقال بالتجسيم والتشبيه.


ثم جاء أقوام ضلوا فى كل باب من أبواب الاعتقاد فضل الصوفية فى باب الإيمان بالنبى الكريم صلى الله عليه وسلم وغالوا فيه وجعلوا منه قبة الكون وألقوا عليه من صفات الإلهية ما لا يجوز أن يوصف به إلا رب العالمين. وضل الفلاسفة فى باب الإيمان بالملائكة والوحى فكان إيمانهم أقرب للنفى منه للإثبات.


- معنى الافتراق وحقيقته : ولست فى معرض الحديث عن الفرق الإسلامية: نشأتها ومقولاتها ودعاتها. ولكنى أردت التدليل على حدوث أصل الافتراق ، وأن الافتراق ليس معناه المسميات التى نسمعها الآن كالشيعة والإباضية والخوارج ولكن الافتراق هو الدعاوى والمقولات كمن يعلن التعطيل أو التشبيه أو نفى القدر والقول بالإرجاء وهكذا.


كذلك أردت الإشارة إلى قضية أخرى ألا وهى أن الافتراق الأمة قد بدأ على نحو ما أشرنا منذ أواخر عهد الصحابة رضوان الله عليهم ، وليس معنى هذا أيضاً أن حركة الافتراق قد انتهت بل لعل الآتى أكثر من الفائت ، ولكن المحصلة الأخيرة هو أن تظهر ثنتان وسبعون فرقة فى هذه الأمة منذ وفاة النبى وحتى يوم القيامة ، هذا طبعاً بخلاف الثالثة والسبعين والتى تعد أصل جسد الأمة وكيانها وهم الجماعة. ولا أدل على هذا – أقصد استمرار حدوث الافتراق حتى الآن – من ظهور فرقة جديدة كفرقة منكرى السنة هذه الأيام ، وإن كانت أصول هؤلاء قديمة تمثلت فى رد المعتزلة لأغلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن هؤلاء –أقصد منكرى السنة- لم يتبلور منهجهم الفاسد على هذا النحو الذى يمكن وصفهم به على أنهم فرقة ، إلا حديثاً. شأنهم فى هذا شأن باقى البدع التى تبدأ رويداً داخل جسد الجماعة الأم ثم تنحرف شيئاً فشيئاً نحو المغالاة أو التفريط حتى تتشكل وتتبلور لها فرقة قائمة بذاتها منسلخة عن الجماعة.


آخر تعديل بواسطة أبو جهاد الأنصاري ، 2016-03-25 الساعة 10:07 PM
رد مع اقتباس