عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2010-10-16, 12:33 AM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 716
افتراضي

الدولة العثمانية .... و الدعوة : -

إن تأثر بعض الأوروبيين و بعض الأتراك و جماعات من الأفارقة إلى جانب اهتمام مجموعة من المفكرين المسلمين بدعوة الشيخ في بلاد الشام و المغرب و حتى داخل تركيا و غيرها كل هذا أثار حفيظة الباب العالي و أرباب المصالح و المناصب الذين موهوا الحقيقة على العثمانيين و اغتنموا بعض التصرفات من الأعراب في الحج فلبسوا الشبه للتنفير ضد هذه الدعوة لإثارة الحفائظ على من قام بها و اختلاق أشياء لم يكن لها أساس من الصحة .

و في رسائل الشيخ محمد و إجابات تلاميذه نبين الجوانب الإيجابية و الحرص من بعض المسلمين استجلاء حقيقة الدعوة من الشيخ نفسه بإرسال رسائل له أجاب عليها مثل :

1- رسالة الشيخ محمد رحمه الله إلى الشيخ فاضل آل مزيد رئيس بادية الشام التي جاء فيها :
فالسبب في المكاتبة أن راشد ابن عربان ذكر لنا عنك كلاماً حسناً سر الخاطر وذكر عنك أنك طالب مني المكاتبة بسبب ما يجيك عنا من كلام العدوان من الكذب و البهتان و هذا هو الواجب من مثلك أنه لا يقبل كلاماً إلا إذا تحققه ثم بدأ يشرح له ما قيل و يوضح الحقيقة في ذلك وفق شرع الله وهدى رسوله الكريم تفنيداً و شرحاً (1) .

2- رسالة الشيخ محمد رحمه الله إلى عبد الرحمن السويدي علام من أهل العراق جاء فيها :
فقد وصل كتابك و سر الخاطر جعلك الله من أئمة المتقين و من الدعاة إلى دين سيد المرسلين و أخبرك أني و لله الحمد متبع و لست مبتدع عقيدتي و ديني الذي أدين لله به مذهب أهل السنة و الجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة و أتباعهم إلى يوم القيامة لكني بينت للناس إخلاص الدين لله و نهيتهم عن دعوة الأحياء و الأموات من الصالحين و غيرهم و عن اشتراكهم فيما يعبد الله من الذبح و النذور و التوكل و السجود وغير ذلك مما هو حق لله الذي لا يشرك فيه ملك مقرب و لا نبي مرسل و هو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم و هو الذي عليه أهل السنة و الجماعة (2) .

3- رسالة الشيخ محمد ين عبد الوهاب التي بعث إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام و يوضح لهم عن المعالم المهمة في دعوته و مما جاء فيها قوله :
جرى علينا من الفتنة ما بلغكم و بلغ غيركم و سببه هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين فلما كبر هذا على العامة لظنهم أنه تنقيص للصالحين و مع هذا نهيناهم عن دعواهم و أمرناهم بإخلاص الدعاء لله فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور كبر على العامة جداً و عاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب أخرى لا تخفى على مثلكم أعظمها اتباع هوى العوام مع أسباب أخرى فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين و أنا على غير جادة العلماء و رفعوا الأمر إلى المشرق و المغرب و ذكروا عنا أشياء يستحي العاقل من ذكرها و أنا أخبركم بما نحن عليه خبراً لا أستطيع أن أكذب بسبب أن مثلكم لا يروج عليه الكذب على أناس متظاهرين بمذهبهم عند الخاص و العام فنحن و لله الحمد متبعون غير مبتدعين على مذهب الإمام أحمد بن حنبل و حتى من البهتان الذي أشاع الأعداء أني أدعي الاجتهاد و لا أتبع الأئمة فإن بان لكم أن هدم البناء على القبور و الأمر بترك دعوة الصالحين لما أظهرناه يخالف مذهب سلف الأمة .
إلى أن قال : و أنا أشهد الله و ملائكته و أشهدكم على دين الله ورسولكم أني متبع لأهل العلم و ما غاب عني من الحق و أخطأت فيه فبينوا لي و أنا أشهد الله أني أقبل على الرأس و العين و الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل (3) .

4- و رسالته أيضاً إلى عالم من أهل المدينة و فيها يقول :
الخط وصل أوصلك الله إلى رضوانه و سر الخاطر حيث أخبر بطيبكم فإن سألت عنا فالحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات و إن سألت عن سبب الاختلاف الذي هو بيننا و بين الناس فما اختلفنا في شئ من شرائع الإسلام من صلاة وزكاة وصوم و حج و غير ذلك و لا في شئ من المحرمات الشيء الذي عندنا زين هو عند الناس زين (4) .

و غير ذلك من الرسائل حيث تخوفت منها الدولة العثمانية بقياداتها في العالم الإسلامي نتيجة الجهل و تعاونوا مع المستعمرين من اجل مصالحهم من جهة و من أجل ضرب المسلمين بعضهم ببعض لتحقيق المآرب بإضعاف قوة المسلمين و القضاء على دعوة الإصلاح التي تؤلف بين القلوب و تجمع الشمل و تقضي على أسباب الفرقة بإتباع ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه و ما ذلك إلا من جهل هذه القيادات بما تنص عليه تعاليم الإسلام و خوفهم على مراكزهم و مصالحهم التي قدموها على حكم الله و أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بإتباع الأهواء و الرغبات .

و بذلك يخرج العدو المستعمر هو الكاسب من جانب ومن جانب آخر فلأن المسلم لا يقبل ذلك المستعمر المخالف له في دينه أن يتدخل فيما يتعلق بعقدته و إلا انكشفت النوايا و عادت الحروب الصليبية من جديد .

و لذا فإن هؤلاء الغربيين و لا يستبعد أن يكون من بينهم يهود يهمهم ضرب الإسلام كما هي مخططاتهم و أعمالهم منذ حل رسول الله صلى اله عليه وسلم في المدينة مهاجراً و الدارس يلمس مثل هذا الشعور لدى عبد الله بن أبي رأس المنافقين في المدينة و عبد الله ابن سبأ اليهودي الذي دخل الإسلام ليفسده من داخله و ليشك ضعاف الفهم للإسلام في مكانته فكان أول من انشأ فرقة فيه عرفت باسم السبأية .

كما نلمس هذا في دراسات المستشرقين الذين حاولوا تشويه صورة الإسلام في العصر الحديث للتنفير منه و الدرس في فكره و تأريخه و غالبيتهم من اليهود .

فقد بدأ هؤلاء جميعاً يقبلون صفحات التاريخ و ينبشون الماضي علهم يجدون أشياء ترضى أصحاب الأهواء من أدعياء العلم الذين نصبهم المستعمر في مقامات إسلامية يستتر خلفهم و يزينون له ما يريد و أصحاب المصالح الذين باعوا أخراهم بعرض من الدنيا فهؤلاء جميعاً ينشدون غرضاً و يريدون تحقيق غاية .

فأوهموا العامة و أنصاف المتعلمين الذين لا يقرؤون و لا يتعمقون و هم الغالبية العظمى في المجتمع الإسلامي ذلك الوقت بأن هذه الدعوة الجديدة التي تحركت في الجزيرة العربية ما هي إلا امتداد لتلك السابقة التي كانت في المغرب : فرقة الخوارج الأباضية التي تخالفكم معاشر المسلمين في المذهب و المعتقد .

و لكي تنطلي الحجة و يمر التمويه لفقوا أقاويل على الشيخ محمد و اتباعه و أوضح رحمه الله كذبها في رسائله العديدة و عرف هذا علماء المغرب في حوارهم عام 1226 هـ عندما حج المولى أبو إسحاق إبراهيم بن السلطان المولى سليمان رحمه الله و معه مجموعة كبيرة من علماء المغرب لحوار الإمام سعود بن عبد العزيز و مناقشته فيما نسب إليهم و كان هذا بعد وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بزمن .

و قد سجلت تواريخ المغرب عن هذه الحادثة ما يثبت البراءة لهذه الدعوة السلفية من كل نسب إليها و قناعة علماء المغرب من سلامتها و صدقها حتى أن الإمام إبراهيم هذا اقتنع بها(5)

و قد وجد هذا القول – أعني القدح في هذه الدعوة – صدى في نفوس راغبي الزعامة و التسلط باسم العلم و المعرفة و لدى أصحاب الأهواء و المصالح الظاهرة أيضاً .

هذا من جانب و من جانب آخر انطلت النسبة إلى عبد الوهاب – والد الشيخ محمد و هي نسبة غير صحيحة لأنه لم يكن هو صاحب الدعوة و لأنهم لو نسبوها للشيخ محمد لصارت محمدية و لا يتحقق لهم ما أرادوا لأن الدين الإسلامي كله يسمي الرسالة المحمدية نسبة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي بلغها عن ربه .

و العامة لا تفرق بين هذا وذاك و لذا حرصوا أن يكون للاسم المراد إطلاقه صدى في نفوس الجماهير الذين هم قاعدتهم في التمويه و التلبيس و خلفية يموه بها على أنصاف المتعلمين .

ظهر مثل هذا القول في تقارير و خطابات إبراهيم باشا التي كان يبعث بها لمحمد على بمصر و في كتابات لبعض العثمانيين حيث بدأ إطلاق الألقاب التالية : الوهابية , الخوارج , المارقين من الدين (6) على دعوة الشيخ محمد و الدولة السعودية من ذلك التاريخ .

هؤلاء في مظهر عام اتفقوا جميعاً في اتجاه واحد للتلبيس على الناس في هذا الأمر و الناس بطبيعتهم يتخوفون من كل جديد و يستنكرون ما جاء لمخالفة ما ساروا عليه . و خير شاهد في هذا ما نجده موضحاً في القرآن الكريم و السيرة النبوية العطرة من أمور كثيرة في موقف المعاندين للإسلام عندما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه داعياً ومنقذاً .

كما نلمس شاهداً حياً في عصرنا الحاضر عندما بدأ الشباب الإسلامي يهتم بدينه و يرجع لتعاليم ربه فيما أطلق عليه : الصحوة الإسلامية فقد بدأت صحف الغرب و الشرق ووسائل إعلامه و جهود مفكريه تشوه الصورة و تنفر من الاتجاه و تصف هذا التحول الإسلامي بنعوت متعددة لكي يوجد حجاب يمنع المسيرة و يقضي على الحماسة .

و العامة في كل عصر و مكان وهم الجم الغفير يلجأون في مثل هذا الأمر إلى مصدر القوة لتوضيح لهم الأمر و تجلي الحقيقة لكن هذا المصدر في ذلك الوقت من علماء و أرباب مصالح أرادوا قلب الحقائق و تشويه أصوات المستجيبين العارفين و ذلك بإطلاق الشبهة و اختلاق الآراء التي تلقفها العامة بالنشر و الإذاعة من جانب و من جانب آخر بالاستجابة للنداء بالوقوف ضد هذا الاتجاه الذي سموه للناس انشقاقاً في الدين و خروجاً على جماعة المسلمين و بدعاً في الدين بينما واقع الأمر عكس ذلك .

و قد وجدت هذه الشبهة التي أطلقت صدى في نفوس أرباب المصالح و الجاه لدى الباب العالي العثماني خوفاً على سمعة و مكانة الدولة و نفوذها بعد أن أثاروا حفيظة والدة أحد سلاطينهم على الإمام عبد الله بن سعود بعد انتصاره على جيوشهم في وادي الصفراء بين المدينة و ينبع .

و في كثير من أقطار المسلمين بالتبعية حيث روجها أناس يأكلون أموال الناس بالباطل و يرضون بزعامات مؤقتة دينية و يتسلطون بها على الجهال الذين لا يدركون حقيقة دينهم و لا نوايا هؤلاء و ما هم عليه و هذا ما كان يخشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من زلة العالم و العلماء المضللين الذين يفتون بغير ما أنزل الله فيضلون و يضلون (7) .

و قد ضرب هؤلاء جميعاً على الوتر الحساس في حياة الناس و هو الدين الذي تحتاجه النفوس و تتشوق إليه الأفئدة و لكنها تجهله حقيقة و تجهل المصادر التي يجب أن يؤخذ منها فتتبع كل ما يقال لها فيه .

و من هذه الجذور بدأوا في التعاون لتشويه الدعوة التي كان من أهدافها توحيد كلمة المسلمين و نبذ الخرافات و تنوير الأذهان و توجيه النفوس إلى العلم باعتباره مصدر الحقيقة حيث بلغ الأمر بالناس في الدرعية كما ذكر ابن غنام و ابن بشر في تاريخها رغبة عارمة في النهل من العلم ثم العمل المتواصل لكسب المعيشة فكان تلاميذ الشيخ يوزعون أوقاتهم بين العلم و العمل .

من بعد صلاة الفجر حتى ارتفاع الشمس للعلم ثم يتجهون لأعمالهم و فلايحهم حتى الظهر ليرتاحوا العمل من العصر حتى المغرب إلى العشاء جلسات علم و اهتمام بالبحث عن المعرفة في الحلقات و النقاش .
شبهات الخصوم : -

و هذا مما دفع أيضاً بعض الأشخاص ممن تعارضت مصلحته الدنيوية مع دعوة الشيخ على مخالفة الشيخ و محاولة التشهير به كذباً و افتراء و أغلبهم من بني قومه فألصقوا بالشيخ و دعوته أشياء كثيرة طفق جاهاً في رسائله العديدة إلى التبرئ منها و الدفاع عن سلامة المعتقد الذي ينادي به و أنه لم يخرج عن الكتاب و السنة و سوف يكون لنا مع بعض أولئك وقفة خاطفة ترشد طالب الحقيقة إلى بعض مواطن الداء .

و إن من يقرأ ما كتبه خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عنها من افتراءات و أكاذيب فإنه لا شك سيلمس أن جميع ما أوردوه من شبهات و ما اختلقوه من مجادلات لا أصل لها في أي مصنف مما كتبه رحمه الله بل إن رسائله العديدة التي ملأت سفراً كاملاً و رسائل وردود أولاده و أحفاده و تلاميذه من بعده و هي كثيرة و عديدة كلها كانت تنفي تلك الأقاويل و تتبرأ منها بأيمان صادقة و مثل هذه الرسائل و الردود التي يجدها المتتبع لمسيرة هذه الدعوة و المنافحين عنها النافين للشبهات المطروحة من دون أصل ثابت منذ اقترانه بالعمل الجهادي السياسي و حتى اليوم .

إننا عندما نعود إلى أصل تلك الشبهات فإننا سنراها لا تخرج عن :

1- شبهات ذات جذور في الفرق السابقة ألصقوها بالشيخ محمد بن عبد الوهاب مع أن له رأياً فيها هو رأي أهل السنة و الجماعة حيث ينكر خروجها عن الصف الإسلامي كما أنكرها قبله شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في الشام و الإمام الشاطبي في المغرب و العز بن عبد السلام في مصر سنة 660 هـ .

2- و إما أشياء مختلقة لا أساس لها من الصحة و لم ترد في أصل مما نقل عن نصوص و مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب و لا في مؤلفات تلاميذه و أبنائه .
و المختلق لا حدود له و فيه تمويه على القارئ و السامع فقد أبانت رسائل الشيخ ضد هذا الشيء الكثير كما مر بنا في مقتطفات من أربع رسائل بعثها للآفاق (8) البراءة من كل ما نسب إليه و أنه محض افتراء لا أصل له عنده قولاً أو عقيدة خذ مثلاً قوله في إحدى رسائله لأهل القصيم و قد جاء فيها :

ثم لا يخفى عليكم أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم (9) قد وصلت إليكم و أنه قبلها و صدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم و الله يعلم أن الرجل افترى على أموراً لم أقلها و لم يأت أكثرها على بالي .

فمنها قوله : أني مبطل كتب المذاهب الأربعة و إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شئ و إني أدعي الاجتهاد و إني خارج عن التقليد و إني أقول إن اختلاف العلماء نقمه و إني أكفر من يتوسل بالصالحين و إني أكفر البوصيري لقوله : يا اكرم الخلق و و إني أقول لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها و لو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها و جعلت له ميزاباً من خشب و إني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلمو إني أنكر زيارة قبر الوالدين و غيرهما و إني أكفر من حلف بغير الله و إني أكفر ابن الفارض و ابن عربي و إني أحرق دلائل الخيرات و روض الرياحين و أسميته روض الشياطين جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم و قبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم و يسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب و قول الزور (10) .

3- و يدخل في هاتين الحالتين ظهور عجز من جادلوا أتباع الشيخ و أفحموهم و من باب الرغبة في تغطية هذا العجز بدأوا ينالون من الشيخ و دعوته و هذا من باب التلبيس على الناس ذلك أنهم لو قالوا الحقيقة التي دارت في النقاش لانتهت مكانتهم و مصالحهم و لذا لم يبق أمامهم إلا قلب الحقيقة و تمويه النتيجة لأن ما جرى لم ينشر على الملأ.

4- و إما كلام مبتور من أصل كلامه رحمه الله أو أقول مؤول على غير معناه مثل من يقرأ " ويل للمصلين " و يسكت عن إكمال الآية .

و يدخل في هذا قولهم : إن أتباع محمد بن عبد الوهاب ينكرون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم و ينكرون رسالته مما لا يصدقه عاقل متبصر .

و لا أستبعد أن يكون جميع من كتب متهجماً على الشيخ محمد و دعوته بأنه لم يقرأ واحداً من كتبه سواء في التوحيد و العقيدة أو الفقه و الأحكام أو التفسير و السيرة النبوية بل إنه لم يناقش رأياً مما قال و إنما حركتهم المصالح الدنيوية و أعماهم الهوى حيث وجدوها فرصة عاجله لأخذ عيوب الوهابية الرستمية , الخارجية الأباضية التي قال فيها علماء الإسلام ما قالوا و دار حولها في المغرب نقاش طويل و ردود و مجادلات و تناولها علماء المغرب و الأندلس في كتبهم بالردود و القدح كثيراً لإلصاق تلك العيوب بالدعوة الجديدة بادئ ذي بدء .

و قد استغل الخصوم قرابة في الاسم فطابقوا اللقب في الحالين و أطلقوا الأول على الثاني و أعطوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اصطلاحاً جديداً هو اسم لجذور عميقة في نفوس المسلمين في شمال أفريقيا بصفة خاصة و هو "الوهبية أو الوهابية " فوجدوا هذا ثوباً جاهزاً ألبسوه دعوة الشيخ محمد للتنفير منها حيث أبرزوا عيوب السابقة و الصقوها بدعوة الشيخ محمد .

و المغاربة ممن شهد لهم التاريخ بدور إيجابي في الوقوف ضد الدعوات المناهضة لأهل السنة : مع عبد الوهاب بن رستم هذا ثم مع الفاطميين العبيديين و غيرهم ثم بمناهضة المستعمر في بلادهم و الوقوف ضد مطامعه .

فألبس أعداء الإسلام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية ثوباً مستعاراً من باب التنفير خوفاً من عودة المسلمين إلى المنهج المحمدي و بساطته و استمالة لقلوب المسلمين الذين ملوا الفرقة و أضناهم الخلاف فيكون في ذلك سبب لاتفاق الكلمة و نبذ الخلافات التي ينفذ منها الأعداء .

لاسيما و أن صدوراً في العالم الإسلامي و خاصة في شمال أفريقيا قد انفتحت لهذه الدعوة و استجاب لها أصحابها لأنها بغية كل مسلم كما مر بنا نماذج من ذلك .

فأقض ذلك مضاجع أصحاب المصالح و أرباب الأهواء و البدع و تعاموا عن الحقيقة حيث بذلوا جهوداً مضنية لطمسها و إلهاء الناس عنها وعن تتبع مصادرها بحثاُ و استقصاء .
و يتضح مثل ذلك في كتابة الباحثين الغربيين و المستشرقين من فرنسيين و إيطاليين و إنجليز و ألمان عن الإسلام و المسلمين في شمال إفريقيا على وجه الخصوص و في كل مكان بوجه عام و خاصة عند تعرضهم لليقظة الفكرية الجديدة في تاريخ الإسلام التي ترتبط دائماً و من الدراسات المنصفة بقيام السيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته و امتدادها للعالم الإسلامي لأنها جاءت في وقت الظلمة و الجهل .

ففي الوقت الذي بدأ المسلمون يعون حقيقة الدعوة السلفية التي جددها الشيخ محمد بن عبد الوهاب و أعادت للمسلمين يقظة فكرية عقدية في المنهج الإسلامي الصحيح و العقيدة الصافية السليمة لأنها لم تخرج بالإسلام عن نقاوته الأولى حيث سلك في هذا الدرب منحى المصلحين في تاريخ الإسلام المجددين لمنهج السلف الصالح كلما اندثر كابن تيمية أحمد بن عبد الحليم المتوفى بالشام عام 728 هـ و ابن قيم الجوزية المتوفى بدمشق عام 751 هـ و الشاطبي المتوفى بغرناطة بالأندلس عام 790 هـ و العز بن عبد السلام المتوفى بمصر و غيرهم كثير من علماء السلف .
كما تحدث عن ذلك كثير من العارفين و المفكرين العرب و المسلمين و غيرهم . و قد أورد الأستاذ عبد الله بن سعد بن رويشد في كتابه الإمام محمد بن عبد الوهاب في التاريخ : حدود أربعين رأياً تشيد بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و دورها في تحريك اليقظة في نفوس المسلمين في كل مكان من المعمورة (11) .
عودة لإثارة الشبهات : -

دهمت العالم عامة والمسلمين بصفة خاصة المبادئ المنكرة من شيوعية و مأسونية و وجودية و علمانية و إلحادية و لم يجد المسلمون مخرجاً يضئ لهم الطريق و منفذاً يهربون منه إلى بر ألمان إلا بالإسلام الصافي النقي الخالص من الشوائب و الدخائل .

ذلك أن أبناء المسلمين قد جبلهم الله على حب الولاء و الاتجاه بالعقيدة إلى ما يوصل لله جل و علا و هذه فطرة الله التي فطر البشر عليها و إن جذور الإسلام تجذبهم و رابطته تجمع بينهم فتتجاذب القلوب لتتقارب النفوس إلا أن جهات ذات أهداف متباينة و أحقاد دفينة تأتي مع بعدها عن العاطفة مع المسلمين لتستغل ذوي العقول الضعيفة و المآرب الوقتية و البضاعة المزجاة من العلم و المعرفة فتتحدث باسم العلم و تتزعم باسم الغيرة و المعرفة وهذا ما كان يخشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته من العلماء المضللين الذين يلبسون الأمور على الناس .

ألمس هذا عندما بدأت كتب تطبع و توزع بالمجان مجدداً في إفريقيا و آسيا و أوروبا تعيد تلك الشبهات على المسلمين بعد أن كاد المسلمون ينسوا الماضي بأحقاده و يتآلفون من جديد على منهج كتاب الله و سنة نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم بعد أن عصفت بهم الفتن و أعمل الأعداء أيديهم في التخريب و الإفساد و ذلك من أجل تنقية الدين من الشوائب الدخيلة ذلك أن النصرانية الحاقدة و اليهودية الماكرة قد حركتا الأعوان لأنهما بدأتا تفلسان في ديار الغرب فضلاً عن ديار الإسلام بعد أن تمرد عليهم أبناؤهم و شعروا بخواء أفكار أرباب تلك الدعوات ثم عندما رأوا أبناء المسلمين يتجهون للإسلام الصحيح في نقاوته حسبما حدثني أحد الدعاة في أفريقيا عن حرص الناس هناك و في كل مكان على تتبع تعاليم الإسلام من مصادرها الصحيحة النقية .

و كان مما حدثني به هذا الداعية أن أحد علمائهم مال مع تلك الكتب التي تطبع في دولة إسلامية و توزع بعدة لغات و قد بدأ هذا الشيخ ينال من شخصية محمد بن عبد الوهاب و دعوته ويصفها بنعوت عديدة لتأثره بالكتب التي وصلته و ألصقت بالدعوة الإصلاحية التي انتهجها الشيخ و من جاء بعده سبهاً ة افتراءات .

فقال له الداعية :
هل قرأت للشيخ محمد بن عبد الوهاب شيئاً من كتبه ؟ قال : لا و يكفي ما قيل عنه . و كان الداعية ذكياً فأعطاه كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أن نزع عنه غلافه و قال : أحب أن تقرأ هذا الكتاب و تعطيني رأيك فيه غداً.

و في موعد اللقاء :
أثنى ذلك العالم على هذا الكتاب و ترحم على مؤلفه لما حوى من علم مستمد من كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واتجاه رصين يحتاج إليه المسلمون في تصحيح معتقداتهم .

فما كان منه إلا أعطاه نسخة أخرى منه و عليها الغلاف .
و قال له :
هذا هو الكتاب كاملاً و مؤلفه الشيخ محمد ين عبد الوهاب صاحب الدعوة الإصلاحية التجديدية السلفية كما ترى و بقية كتبه من هذا النوع .

فما كان من ذلك العالم إلا أن قال :
حسبنا الله و نعم الوكيل لقد أتهم الشيخ بما ليش فيه و ما نقرؤه عنه يخالف ما يقوله هو في مؤلفه هذا إن هذا هو التوحيد الخالص الذي جاء به محمد بن عبد الله عليه الصلاة السلام و دعانا إلى التمسك به .

و منذ عشرات السنين حصلت قصة مماثلة في الهند فقد هدى الله عالماً من علماء الهند بتوفيق من الله ثم بمناظرة مع شخص يسمى البكري في قضية مماثلة .

هذه نظرة عامة يحسن بالمسلمين عموماً الانتباه إليها و ألا يجعلوا الآخرين يفرضون عليهم رأياً بدون معرفة خفاياه فالرأي العلمي و الحقيقة التي تتعلق بالعقيدة و الدين يحسن بالمسلم العارف أن يبحث عنهما و ينقب بنفسه عن كل ما يؤصلهما و يتوثق و يدقق حتى لا تزل قدمه بعد ثبوتها و يترتب على ذلك خلاف في الصف الإسلامي لا يستفيد منه سوى العدو الذي يبذل الشيء الكثير من جهده و ماله و فكره و أعوانه لبث الفرقة و تشتيت الشمل بين أبناء المسلمين لأن مصالحه و منافعه في هذه الفرقة و سيطرته و نفوذه في بذر الخلافات .

و ندعوا الله أن يجمع كلمة المسلمين و أن يؤلف بين قلوبهم في آخر الزمان كما ألف بينهم في أوله عندما قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
{ و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعـاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } (سورة الأنفال آية 63)

و اليهود و النصارى لن يرضوا عن المسلمين حتى يفسدوا عليهم دينهم و يجعلوهم في خلاف مستمر و تشاحن و تباغض كما أبان الله عنهم ذلك الشعور في محكم التنزيل عندما قال
{ و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى } (سورة البقرة آية 120)

و لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها كما قال الإمام مالك رحمه الله و أولها لم يصلح إلا بعقيدة الإسلام الصافية النقية وآخرها لن يصلح إلا بذلك.
خصوم الدعوة من داخل المنطقة : -

جوبهت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أول ما جوبهت من داخل المنطقة التي انطلقت منها فوقف أمامها أناس ادعوا العلم و كانت لهم مصالح سوف تتأثر من معرفة الناس للحقيقة التي حرص الشيخ على إبانتها للناس مستمدة من كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

و الهوى دائماً يعمي و يصم كما أن للحسد دوراً في تلك المجابهة كما يقول الشاعر العربي :
حسدوا الفتى إذ لم يكونوا مثله فالقوم أعداء له و خصوم

لقد بلغ من هؤلاء القوم أن انبروا لدعوة الشيخ بالحرج و الكذب و الافتراء .... ثم لخوفهم الذي اقلق راحتهم بدأوا يبثون الرسائل يميناً و شمالاً من باب التنفير و الكيد كما حصل من ابن سحيم و ابن مويس و غيرهما ممن سوف نلم بذكرهم و الإشارة لانتشار رسائلهم التي كشفها الشيخ محمد نفسه في الرسائل التي يبعث بها للآفاق داعياً و موضحاً من جهة و مزيلاً لما علق بالأذان من أكاذيب و افتراءات من جهة أخرى .
و لن ندخل في تلك المنافحات و المراسلات و لكن يكفي أن نستشهد بالآية الكريمة
{ فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } (سورة الرعد آية 17)

لقد ذهب القوم جميعاً الناقد و المنقود و المفتري و المفترى عليه و أثبتت الأيام صدق إخلاص الشيخ محمد رحمه الله حيث بقي صدى الدعوة بل ازداد و حرص الناس في كل مكان على تتبع كتبه رحمه الله و دراستها كما عاد كثير من المناوئين إلى رشده بعدما استبان لهم سلامتها و صدق هدف الداعية لأن الحق أحق أن يتبع أما أولئك المناوئون فقد ماتت أسماؤهم و مات معها كل ما قالوه و لا يكاد الناس يعرفون عن أغلبهم إن لم نقل كلهم إلا من فحوى رسائل الشيخ محمد رحمه الله .

هذا في الدنيا و أما في الآخرة فالجزاء عند الله جلت قدرته لأنه هو الذي يعلم السرائر و ما تخفي الصدور .

و قد اعتبر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله - خصوم الشيخ ثلاثة أقسام : -
1- علماء مخرفون يرون الحق باطلاً و الباطل حقاً و يعتقدون أن البناء على القبور و اتخاذ المساجد عليها من دون الله و الاستغاثة بها و ما أشبه ذلك دين و هدى و يعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين و أبغض الأولياء و هو عدو يجب جهاده .
2- و قسم آخر من المنسوبين للعلم : جهلوا حقيقة هذا الرجل و لم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم و صدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين و ظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بعض الأولياء و الأنبياء و من معاداتهم و إنكار كراماتهم فذموا الشيخ و عابوا دعوته و نفروا عنه .
3- و قسم آخر خافوا على المناصب و المراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم و تستولي على بلادهم (12) .

و من أبرز خصوم الدعوة الذين صاروا يكاتبون الآفاق و يفترون على الشيخ أشياء لم يقلها ثم لما ضاق بهم المكان و عرف الناس حقيقة دعوة الشيخ محمد و اتبعوها لأنها دين الله الخالص , لم يسعهم إلا مغادرة الديار إلى أماكن أخرى ليوصلوا عملهم و يجدوا ميداناً أرحب يصولون و يجولون فيه فموهوا على كثير من المسلمين و اغتر بهم بعض العلماء هناك من دون روية أو تبصر .

و نذكر من أولئك بعض الأسماء باختصار :
1- سليمان بن محمد بن سحيم الذي جاء ذكره في كثير من رسائل الشيخ بأنه يكتب للأمصار في النيل من الشيخ و مهاجمة دعوته حيث يصور للناس برسائله أشياء لم تقع من الشيخ و ليس لها أصل , كان من علماء الرياض و بعد سقوط الرياض في يد الدولة السعودية الأولى غادر للأحساء ثم الزبير بالعراق و قد توفي هناك و فيها أولاده عام 1181 هـ (13) .

كما روى هذا العداء للدعوة من آل سحيم لعدة رجال وكلهم بيت علم ذلك الوقت في مدينة المجمعة و في الرياض و لعل السر في هذا من حسد العلماء و غيرتهم لأن الشيطان حريص بدخول المنافذ على الإنسان مهما كانت .

2- محمد بن عبد الله بن فيروز النجدي أصلاً الأحسائي مولوداً , كان من العلماء الأعلام و قد اهتم به والي البصرة العثماني عبد الله أغا لما انتقل إليها و سكنها و بقي بها حتى آخر حياته عام 1216 هـ , حيث دفن بالزبير و قد خرج من الأحساء عندما أوشكت جيوش آل سعود أن تدخلها لأنه ناوأ الدعوة منذ بدايتها فوجد عند الوالي ما يعينه على تحريض السلطان العثماني بالقضاء على الدعوة و قمعها (14) و قد أيده في هذا المسلك بعض تلاميذه ماعدا : محمد بن رشيد العفالقي الذي هاجر للمدينة فلما دخلها الإمام سعود بن عبد العزيز أكرمه كعادته في إكرام العلماء و جعله على قضاء المدينة فأحب الدعوة السلفية و كان من دعاتها و ظهرت جهوده في مصر بعد أن سكنها فأحبه الناس هناك و له دور كبير في تعريف الناس بالسلفية و توفي بالقاهرة سنة 1257 هـ (15) .

3- محمد بن عبد الرحمن بن عفالق له مكانة علمية في الأحساء يرتاده طلاب العلم و قد توفي بالأحساء سنة 1163 هـ و قد أدرك أول دعوة الشيخ محمد – رحمه الله – فعاداها و كتب إلى الشيخ رسالة يتحداه فيها بأن يبين له ما تحتوي عليه سورة العاديات من المجاز و الاستعارة و الكناية و غيرها من العلوم البلاغية , حيث صح في اعتقاده أن استحضار النكت البلاغية و الاصطلاحات البيانية هي الوسيلة الوحيدة على تحقيق ما يجب لله تعالى على عباده من معرفته و معرفة توحيده و إخلاص العبادة له كما قال الشيخ عبد الله بن بسام عند ترجمته لحياته (16)

4- عبد الله بن عيسى المويسي قاضي حرمة الذي جاء ذكره في رسائل الشيخ كثيراً فأخذ الشيخ محمد يحذر الناس منه و يبين أعماله و قد توفي ببلده عام 1175 هـ (17) و ذلك قيل انتشار الدعوة أو اتساع دائرتها في الجزيرة العربية.

5- عثمان بن عبد العزيز بن منصور الذي درس في العراق ومن أشهر مشايخه داود بن جرجيس , ومحمد بن سلوم الفرضي , وهما من أشد خصوم الدعوة و بين ابن جرجيس و علماء نجد ردود و منافرات حول هذه الدعوة قال ابن بسام في ترجمته : و المترجم له متردد في اتجاهه العقدي فمرة يوالي الدعوة السلفية و ينتسب إليها و أخرى يبتعد عنها و يوالي أعداءها و لذا فإنه لما وصل نجداً داود بن جرجيس الذي أخذ يقرر استحباب التوسل بالصالحين من الأموات و الاستعانة بهم و نحو ذلك مما يخالف صافي العقيدة ناصره و صار يثني عليه و يمدح طرقته و قرظ كتابه و أثنى على نهجه بقصيدة بلغت ستة و ثلاثين بيتاً و قد رد عليه بقصائد مماثلة بالوزن و القافية أكثر من سبعة علماء من نجد (18)

6- محمد بن عبد الله بن حميد المولود في عنيزة سنة 1232 هـ و مفتي الحنابلة في مكة إلى أن توفي بالطائف سنة 1295 هـ ذكر ابن بسام في ترجمته لحياته قائلاً : إن المترجم له بحكم وظيفته تبع الدولة العثمانية – مفتي الحنابلة بالحرم المكي – التي حابت العقيدة السلفية و بحكم وجود المترجم له بعد النكبة التي أصابت الدعوة السلفية في بلادها فقضت عليها و كثرت أعداءها و الموالين لأضدادها و بحكم قراءته خارج نجد على علماء نذروا أنفسهم لمحاربة هذه الدعوة فإن هذه المؤثرات طبعته بطابعها الخاص و جعلت منه خصماً لها و حليفاً لأعدائها (19)

7- مربد بن أحمد التميمي الذي ناوأ الدعوة ثم سافر على اليمن سنة 1170 هـ و بدأ يبث التشويه لسمعة الدعوة و دعاتها و القائمين عليها و بقي هناك حوالي عشرة أشهر و فارقهم إلى الحجاز مع الحجاج .

و قد قال عنه ابن بسام عند ترجمته : و القصد أن هذا الرجل و أمثاله ممن ناوأوا الدعوة الإصلاحية هم الذين شوهوا سمعتها و ألصقوا بها الأكاذيب و زوروا عليها الدعاية الباطلة حتى اغتر بهم من لا يعرف حقيقتها و لا يخبر حالها فرميت بالعداء عن قوس واحد إما من الحاسدين الحاقدين و إما من المغرورين المخدوعين و إما من أعداء الإصلاح و الدين حتى غزتها الجيوش العثمانية في عقر دارها فأوقفت سيرها و شلت نشاطها بالقضاء على دعاتها و إبادة القائمين عليها من ملوك الحكومة السعودية الأولى و رجال العلم من أبناء الشيخ محمد و أحفاده حتى شاء الله تعالى انبعاثها مرة أخرى هيأ الله لها البطل المغوار الإمام تركي بن عبد الله, الذي قاوم الجيوش التركية حتى طهر البلاد منها (20) و لا تزال بحمد الله في طريق آمن و ممهد و من أثرها الأمن الذي تنعم به البلاد في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة .

و قال في نهاية ترجمته إنه عاد من الحجاز إلى بلده حريملاء و لكن الإمام محمد بن سعود تغلب عليه فهرب منها فلما وصل بلدة رغبة أمسكه أميرها علي الجريسي و قتله و ذلك في عام 1171 هـ (21) .

8- و هناك علماء آخرون لم يعرف عنهم التحدي للدعوة لكنهم يميلون مع خصومها في البلاد التي انتقلوا إليها أمثال : محمد بن علي بن سلوم الفرضي الذي انتقل من سدير إلى الزبير بالعراق متعاطفاً مع شيخه محمد بن فيروز حيث توفي بالعراق هو و ابناه عبد الرازق و عبد اللطيف اللذان أصبحا من أعلام علماء سوق الشيوخ و البصرة في وقتها .

و إبراهيم بن يوسف الذي تعلم في دمشق م سكنها و كان له حلقة علم في الجامع الأموي و قتل في ظروف غامضة هناك عام 1187 هـ , و راشد بن خنين الذي انتقل من الخرج إلى الأحساء و مات هناك بغير عقب (22) .

و غيرهم ممن جاء ذكرهم في رسائل الشيخ كابن إسماعيل وابن ربيعة و ابن مطلق و ابن عبد اللطيف و صالح بن عبد الله و غيرهم و قد بلغ ماجمع من رسائله التي توضح دعوته رحمه الله و الرد على ما قيل نحوها من افتراءات واحد و خمسون رسالة , وطبعت في 323 صفحة ضمن مجلد واحد و هي ذات فائدة كبيرة لمن يريد التحقق عن كثب عن كنه الشيخ و دعوته و لا ريب أن كثيراً من ناوأها عندما اسـتبانت له الحقيقة رجع عن رأيه السابق لأن الحق أحق أن يتبع .
رد مع اقتباس