عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2015-12-10, 12:26 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,055
افتراضي لمحات من تاريخ الدولة العثمانية/عن كتاب للدكتور عثمان قدري مكانسي

لمحات من تاريخ الدولة العثمانية


مقتطعة من كتاب الشعر العربي في الفتوحات العثمانية من عهد السلطان سليم الأول إلى نهاية الدولة العثمانية للدكتور عثمان قدري مكانسي



السيرة الذاتية لخلفاء فترة الضعف:

1ــ سليم الثاني (974 - 982):

كان ضعيف الشخصية ، وصل إلى الحكم بعد أن دسَّت أمه (روكسلان) الروسية على أخويه عند أبيه فقتلهما (التاريخ الإسلامي ( العهد العثماني ) محمود شاكر ص / 125) ) وكان أبوه السلطان سليمان يحب زوجته ولا يرفض لها طلباً .
كانت حياة سليم الثاني تتشح بالموبقات ، أدمن الخمور حتى أطلق عليه لقب ( السكير ) وأسرف في ارتكاب الفواحش الجنسية ، وكان ينتمي إلى مجموعة من السلاطين المعروفين (بالتنابلة) وهو لقب أطلق على العديد من السلاطين الذين تركوا التصرف بشؤون الدولة لخدامهم بعد أن فرضوا إتاوات يتنعمون بها ، واتخذوا من السرايا المئات لملذاتهم . (من كتاب: الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها ج /1 ، ص /602/) .

إلا أن وزيره الصدر الأعظم ( محمد الصقلي ) الذي لم يفارقه كان قوياً ،واستطاع أن يوقف سقوط الدولة ويؤخر ظهور الضعف المباشر .
اقترح الصدر الأعظم على السلطان سليم الثاني إعادة فتح إسبانيا ، فلم يؤخذ برأيه على الرغم من المتاعب التي كانت تحيط بملك إسبانيا آنذاك ، لأن السلطان سليم أخذ برأي اليهودي البرتغالي ( جوزيف نانسي ) الذي اتخذه صفياً له ، وكان هذا اليهودي في مطلع حياته يسمى ( دون ميجيه ) وقد كان له دور بارز في سياسة الدولة العثمانية ، وتمتع بنفوذ كبير فيها ، وزين للسلطان فتح جزيرة ( تاكوس ) ،وحين تم ذلك وهبها السلطان سليم له ـ لليهودي ـ إقطاعـاً ، ولم تمض سنوات حتى تجرأ وأعلن نفسه دوقاً عليها ( بفضل الله ) . ولم تقف أطماعه عند هذا الحد ، بل زين للسلطان فتح جزيرة ( قبرص ) بحجة أن نبيذها لا يضارعه نبيذ!! وذلك على أمل أن يأخذها هو أيضاً ، وفي غيبة السكر والعربدة وعده بها . (الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها ج / 2 ، ص /923 ــ 924 / المتن والحاشية) .

وقد تم في عهد هذا السلطان ما يلي :

1 ــ عقد صلح مع النمسا سنة / 976 هـ / .

2 ــ عقد معاهدة مع فرنسا سنة / 977 هـ / مما خولها أن ترسل إرسالياتها إلى رعاياها في الدولة العثمانية ، وأن تربط النصارى العرب بها .

3 ــ قمع ثورة في اليمن قام بها ( المطهَّر بن شرف الدين ) حيث أرسلت الدولة العثمانيــة جيشاً كبيراً بقيادة عثمان باشا ودعمه (سنان باشا) والي مصر سنة / 976 هـ /

4 ــ فتح الصدر الأعظم جزيرة ( قبرص ) سنة / 978 هـ / ، مما أدى إلـــى تحالــــف النصارى بحراً فانتصروا على أسطول العثمانيـــين وغزوا جزيــــرة ( كريت ) ، لكــن حكومة ( البندقية ) عادت واعترفت بسلطة العثمانيين على( قبرص ) خوفاً منهم سنة /980هـ/ .
5 ــ احتلال الإسبان ( تونسَ ) وإعادة واليها ( حسن الحفصي ) إلى الحكم سنة / 980هـ وبعد ثمانية أشهر استرجعها منهم ( سنان باشا ) .

2ــ مراد الثالث (982 ــ 1003):

لم يكن كأبيه فسقا وفجوراً ، فقد أمر بمنع شرب الخمر لكنه اضطر إلى التراجع عن ذلك بسبب ثورة الإنكشاريين ضده ، وقد قتل إخوته الخمسة خوفاً من منازعته الملك . أما عن الأعمال التي تمت في عهده فيمكن إجمالها فيما يلي :

1ــ عقد معاهدة مع بولونيا أصبحت فيها تحت رعاية الدولة العثمانية سنة / 983هـ/ واعترفت النمسا بذلك سنة / 984 هـ / .

2ــ حدد امتيازات الدول الأجنبية في حماية رعاياها ضمن الدولة العثمانية .

3ــ قامت ثورة في مراكش سنة / 985هـ / استعان زعيمهم بالبرتغاليين ، لكن الجيش العثماني استطاع أن يخمدها .

4ــ توفي ( طهماسب ) شاه الصفويين وقتل ابنه ( حيدر ) في اليوم نفسه ، وتولى ابنه الثاني (خدا بنده) الحكم واستغل العثمانيون هذا الاضطراب فدخلوا ( تفليس ) إحدى المدن الكبرى للصفويين سنة / 985هـ / .

5ــ دخل الجيش العثماني أذربيجان الشمالية(شروان ) سنة /986هـ/ .

6ــ دخل العثمانيون بقيادة ( عثمان باشا ) داغستان سنة / 997 هـ / وتزوج من أهلها ، وأمر جنوده ففعل كثير منهم ذلك ، مما أدى إلى دخول كثير من الداغستانيين في الإسلام .

7ــ قتل خان الترك بالسم ، ( فعل ذلك أخوه واستلم مكانه ) فدخل العثمانيون عاصمتهم ( كافا ) سنة / 992هـ / .

8 ــ دخل القائد عثمان باشا ( تبريز ) عاصمة الصفويين ، فتنازل هؤلاء عن ( الكرج وشروان وجنوب أذربيجان ) سنة / 993 هـ / .

9ــ أما على الجبهة الأوروبية فقد خسر العثمانيون أول الأمر أمام النمسا والمجر بعد انضمام أمراء رومانيا وترانسلفانيا إليهما ، فسار إليهم (سنان باشا) الصدر الأعظم ودخل بوخارست فانسحب الأوروبيون إلى ما بعد نهر الدانوب .

ومن الملاحظ أن الصدور العظام في عهد هذا الخليفة بلغوا خمسة ( معجم الأنساب والأسر الحاكمة في التاريخ الإسلامي ( بنو عثمان ) للمستشرق زامباور ص /242/) كان أهمهم ( سنان باشا) الذي تولى المنصب ثلاث مرات ، مما يدل على أن أهم منصب بعد السلطان كان مضطرباً نتجت عن ذلك آثار سلبية داخلياً وخارجياً ، ولعل أسباب كثرة العزل والتولية تعود لما يلي :

أ ـ الصراع الخفي بين المتنفذين .
ب ـ المزاجية التي تحكم الخليفة .
جـ ـ الاضطراب الذي تعيشه الدولة .

3ــ محمد الثالث بن مراد الثالث ( 1003 ـــ 1012):

حين تولى الخلافة قتل إخوته التسعة عشر ودفنهم مع أبيه، فكانت بداية حكمه مجزرة رهيبة راح ضحيتها أقرب الناس إليه ، ولا أدري كيف جرؤ أهل الفتيا على ذلك وكيف زينوه لسلاطينهم .
( يزعم محمد جميل بيهم في كتابه ( فلسقة التاريخ العثماني ج 2 ، ص / 15 ـ 16 / ) أنه لم تمارس عمليات قتل الأخوة إلا منذ عهد السلطان محمد الفاتح الذي حكم من ( 1451 ــ 1481 ) ، وادعى أن هذا السلطان كان قد أصدر قانونـاً خوّل ــ بمقتضاه ــ أي سلطان جديد يتولى العرش أن يباشر بقتل إخوته تأمينـاً لسلامة الدولة وأمنها القومي ، وأنه جاء في هذا القانون الذي سـُمِيَ بقانون / نامة آل عثمان / مايلي : على أي واحد من أولادي تؤول إليه السلطة أن يقتل إخوته !! .. فهذا يناسب نظام العالم وإن معظم العلماء يسمحون بذلك ، ولذلك فعليهم أن يتصرفوا بمقتضاه . كما يردد ( إبراهيم محمد الفحام الفرية نفسها ، ويرد الأستاذ زياد أبو غنيمة في كتابيه / جوانب مضيئة في تاريخ العثمانيين ص 157 وما بعدها ، و السلطان محمد الفاتح ص 45 وما بعدها / على هذه الافتراءات ، ويبين أن الصراع على السلطة حدث في عهد العثمانيين كما حدث في التاريخ الإنساني عامة حيث ينتهي هذا الصراع بقتل أحد الأطراف المتصارعة ، ثم يتساءل : أليس من مقتضيات الأمانة العلمية والتاريخية أن يقدم المدعي بين يدي أي رواية تاريخية البينات التي تدعم صحة الخبر الذي يورده من تحديد الأسماء والأمكنة والأزمنة وسلسلة الرواة الذين تناقلوا هذا الخبر وأن لا يكتفى بالخبر المبهم ؟ . ثم يتساءل قائلاً : أين نص الفتوى الشرعية التي يزعم الزاعمون أنها تبيح للسلاطين العثمانيين قتل بني رحمهم من غير أي مسوغ شرعي ؟ وأين أسماء العلماء الذين أفتوا بهذه الفتوى ؟ ويقول ــ حفظه الله ــ إنه قرأ بضعـاً وعشرين مرجعاً عربيـاً وتركياً وانجليزياً تؤرخ للعثمانيين فما وجد مرجعاً واحداً يذكر نص الفتوى المزعومة ، أو يذكر اسم شيخ واحد تنسب إليه هذه الفتوى ، وأن هذه المراجع قد اكتفي بذكرها وكأنها يقين لا يرقى إليه الشك ولا يحتاج إلى توثيق ! وقد تضاربت هذه المراجع تضارباً فاضحاً في تحديد اسم السلطان الذي تزعم الفرية أنه كان وراء استصدار هذه الفتوى .. ويرجع الأستاذ أبو غنيمة تلك الفرية إلى دوافع نابعة من الحقد الأسود الذي تمتلئ به قلوب العديد من المؤرخين الصليبيين من أعداء الإسلام ، فوجهوا سهام افتراءاتهم ضد العثمانيين المسلمين وعلى رأسهم السلطان المسلم الذي مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدح جيشه قائلاً :
" لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش " .
فهل يمكن أن يكون ممدوح رسول الله ظالماً باغياً ؟ لا إنه والله حقد الحاقدين وافتئات الأعداء يردده الببغاوات دون أدلة ولا براهين ، ودون فهم أو تمحيص . وأعتقد الأمر مختلقاً.

أهم الأحداث التي جرت في عهده القصير نسبياً ( تسع سنوات ) :

1ــ تصرف الصدر الأعظم ( فرهاد ) أول الصدور العظام الاثني عشر في أثناء حكمه بمقاليد الحكم تصرفاً تاماً .

2ــ خسرت الدولة العثمانية يوغسلافيا ورومانيا وقتل الصدر الأعظم ( فرهاد ) .

3ــ هزيمة النمسا والمجر أمام الجيوش العثمانية بقيادة الخليفة نفسه في معركة ( كرزت سنة /1005 هـ / .

4ــ ثورة الأناضول بقيادة أحد الإنكشاريين الهاربين من معركة (كرزت) حيث تخاذل بعضهم فقتل الخليفةُ عدداً كبيراً منهم ، كما قضى على ثورة ( قره يازجي ) في عنتاب جنوبي تركيا ، إذ استسلم الثائر على أن يعطى ولاية ( أماسيا ) ، لكنه عاد إلى الثورة بمساعدة أخيه (دالي حسن ) والي بغداد ، فتصدى لهما الصدر الأعظم وقتل ( قره يازجي ) لكن ( دالي حسن ) سرعان ما ثأر لأخيه وقتل الصدر الأعظم ، ولما استفحل أمره أعطي ولاية البوسنة فانصرف لقتال الأوروبيين حتى فني وجنوده .

5ــ قامت خيالة ( السباه ) من حرس الخليفة بالثورة لما قلَّت إقطاعاتهم في الأناضول فقمعها الخليفة بالإنكشاريين .

أما الصدور العظام فهم كثر ، وتدل كثرتهم على :

ــ عدم أهليتهم في أكثر الأحيان .

ــ طمعهم وجشعهم ، فقد أعدِم بعضهم وعُزِل بعضهم الآخر لفسادهم .

ــ كبر سن بعض الصدور العظام حيث استلموا المنصب وهم على مشارف قبورهم ( معجم الأنساب للمستشرق زمباور ص / 242).

يتبع



رد مع اقتباس