عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-10-10, 10:49 PM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 716
كتاب تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية

تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية



تأليف
د/محمد سعد الشّويعر

سبب التأليف

الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين . و بعد،

كنت قد أخرجت كتاباً صغيراً باسم تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية يقع في 110 صفحات تقريباً و طبع للمرة الأولى بتطوان بالمغرب عام 1407 هـ و طبعته دار المعارف بالرياض الطبعة الثانية عام 1413 هـ , أوضحت فيه بأن خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و أعداء دين الله الحق , من أرباب المصالح الدنيوية ممن يريدون إطفاء نور الله و التصدي لمن يريد أن يحقق التوحيد الذي أمر به الله و أرسل به رسله من أولهم إلى آخرهم : دعوة و تطبيقاً و تنقية من مداخل الشرك .

فوجدوا دعوة خارجية أباضية في شمال إفريقيا نشأت في القرن الثاني الهجري باسم الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الأباضي , ووجدوا فتاوى من علماء المغرب و الأندلس ممن عاصرها أو جاء بعدها فأرادوا شيئاً عاجلاً يحقق الغرض و ينهض الهمم لإسكات الدعوة الجديدة خوفاً من توسع الدائرة الإسلامية حيث قامت الدولة السعودية الأولى مناصرة للدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب – فتصافحت يداً الإمامين : محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في عام 1157 هـ على القيام بهذه الدعوة نصرة لدين الله و أداء لأمانة التبليغ .

فوفق الله و لقيت الدعوة قبولاً و تأييداً حيث امتدت إلى العام الإسلامي كله و تأثر بها العلماء من الحجاج و بدأوا في نشرها في بلادهم ....

فخاف المنتفعون دنيوياً من آثارها ووجدوا الضالة في الوهابية الرستمية , المدفون خبرها في سجلات التاريخ فنبشوا في فتاوى العلماء حولها و كانت فرصة بإلباس الثوب القديم للدعوة الجديدة ووجدت الإشاعة صدى في النفوس لأن أرباب المنافع الدنيوية جهدوا في التمويه و التشويه و الناس عادة يتلقفون الكذب أكثر من اهتمامهم و تحريهم للصدق .

و لذ فإن للإشاعات دوراً كبيراً في تغيير المفاهيم ووضع تصورات تغاير الواقع ... بحسن نية أو سوء فهم . وفي حدود عام 1407 هـ كان نقاش علمي مع أحد علماء المغرب حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – حقق نتيجة مرضية و صحح مفهوماً تاريخياً سائداً و قد رغب إلى أكثر من أخ كريم ذكر سبب التأليف تلك الرسالة كتابياً حيث ذكرتها لهم شفوياً لأنه أمكن في البلاغ و يطلع عليها أكبر عدد ممكن حيث تبقى حية لمن يريدها و اســتجابة لذلك أقول :-

قد يكون من المناسب الاشتراك مع القارئ في السبب الذي من أجله كتبت : تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية , ولأن الله قد جعل لكل شئ سبباً فكان هذا الحوار الذي تولد عنه النقاش العلمي المقنع و الحوار الهادئ المثمر هو السبب المباشر لكتابة هذه الرسالة .

( ففي عام 1407 هـ، كنت في مهمة لموريتانيا ، ثم عرجّنا على السنغال ، وكان خط سير الطيران ملزماً لنا بالبقاء في المملكة المغربية ستة أيام .

وفي أحد الأيام كنت في ضيافة أحد الأساتذة بإحدى الجامعات هناك ، وأرمز له : بالدكتور عبد الله . وفي جلسة بمكتبته دارت أحاديث شتى ، ومن محبته للملكة وحضور مؤتمرات عديدة بها ، طرح عليّ هذا السؤال أمام الحاضرين ،وعددهم يقارب الاثني عشر شيخاً من فضلاء البلاد هناك .
قال إننا نحب المملكة ، ونفوس المسلمين وقلوبهم تهفوا إليها ، وبيننا وبينكم تقارب كبير وتفاهم بين القيادات ، وإعجاب بما يؤديه حكام وعلماء المملكة من جهود مخلصة للإسلام والمسلمين ، ولكن حبذا لو تركتم المذهب الوهابي الذي فرق بين المسلمين ؟! .
فأجبته : قد يكون علق بالذهن معلومات خاطئة ، مأخوذة من غير مصدرها السليم ، ولكن حتى تلتقي المفاهيم ، نحب أن نطرح الموضوع بحضور الإخوة للنقاش العلمي المقرون بالبراهين .. ثم قلت :-
ولما كان كل إنسان ترتاح نفسه ، ويطمئن قلبه ، لما ألفه علماء بلده ، فإنني في هذا الحوار لن أخرج عما في محتويات هذه المكتبة ، التي تضمنا جدرانها الأربعة ؛ لأنك كما تراني الآن لا أحمل كتاباً ، ولم يخطر ببالي مثل هذا النقاش .
ولذا وقبل أن نبدأ : أرجو أن يكون نقاشنا بعيداً عن التعصب والانفعال ، أو طرح الآراء بدون دليل مقنع يعول عليه ، لأن نشدان الحقيقة هو هدفنا ، والامتثال لأمر الله وأمر رسوله هو غايتنا ، ونصر الدين هو المؤمل من كل منّا .
قال : أوافقك على هذا ، وأصحاب الفضيلة المشايخ هم الحكم بيننا.
قلت : رضيت بذلك ، وبعد التوكل على الله أرجو أن تطرح أي مدخل للحوار .
قال : خذ مثلاً ما ذكره الونشريسي في كتابه ] المعيار [ الجزء 11 ، وهو قوله : سئل اللخمي : عن أهل بلد بنى عندهم الوهابيون مسجداً ، ما حكم الصلاة فيه ؟.1

وللمعلومية : فإن كتاب ]المعيار[ هذا هو كتاب يجمع الفتاوى في الفقه المالكي ، جمعه أحمد بن محمد الونشريسي ، وطبع في 13 مجلداً ، وقد طبعته الحكومة المغربية وتوزع منه نسخ عن طريق الإهداء .

بعد طرح السؤال ، و إحضار الكتاب المذكور الجزء 11 ، أجبته: بان الفتوى على هذا السؤال صحيحة ، ونوافق اللخمي على ما جاء في فتواه .
قال إذا اتفقنا على أن هذه الفرقة ، وخطأ ما تسير عليه ، خاصة وأن المفتي قال : هذه فرقة ، خارجية ضالة كافرة ، قطع الله دابرها من الأرض ، يجب هدم المسجد ، وإبعادهم عن ديار المسلمين .
قلت : لم نتفق بعد ولا زلنا في بداية الحوار .. ولعلمك : فإن هذه الفتوى لها نظائر كثيرة قبل اللخمي وبعده ، موجودة لدى علماء الأندلس ، وفقهاء شمال أفريقيا ، وهي مستمدة من حكم رسول الله في الخوارج ، الذين قاتلهم علي بن أبي طالب في النهروان .
وفي نقاشنا هذا ، سوف نصل بإذن الله إلى تصحيح المفهوم التاريخي بين ما تعنيه هذه الفرقة ، التي أفتى علماء الإسلام في الأندلس وشمال إفريقيا بشأنها ، وبين التسمية التي ألصقت وصفاً مستهجناً بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله التصحيحية . هذا التصحيح لن يكون مقنعاً إلا بقرائن وبراهين مرضيّة عندكم ، لأن رائدنا جميعاً الوصول إلى الحقيقة لذات الحقيقة .. والرأي الهادئ المقنع هو الذي تنجلي به الغشاوة وتصحح به المفاهيم .
رد مع اقتباس