عرض مشاركة واحدة
  #81  
قديم 2017-01-29, 10:49 PM
أبو بلال المصرى أبو بلال المصرى غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-11-08
المشاركات: 1,528
افتراضي

قال الإمام ابن القيم فى مفتاح دار السعادة
وللقلب امراض اخر من الرياء والكبر والعجب والحسد والفخر والخيلاء وحب الرياسة والعلو في الارض وهذا مرض مركب من مرض الشبهة والشهوة فإنه لا بد فيه من تخيل فاسد وارادة باطلة كالعجب والفخر والخيلاء والكبر المركب من تخيل عظمته وفضله وإرادة تعظيم الخلق له ومحمدتهم فلا يخرج مرضه عن شهوة او شبهة او مركب منهما وهذه الامراض كلها متولدة عن الجهل ودواؤها العلم كما قال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث صاحب الشجة الذي افتوه بالغسل فمات قتلوه قتلهم الله الا سألوا اذ لم يعلموا انما شفاء العي السؤال فجعل العي وهو عي القلب عن العلم واللسان عن النطق به مرضا وشفاؤه سؤال العلماء فأمراض القلوب اصعب من امراض الابدان لان غاية مرض البدن ان يفضي بصاحبه الى الموت وأما مرض القلب فيفضي بصاحبه الى الشقاء الابدي ولا شفاء لهذا المرض الا بالعلم ولهذا سمى الله تعالى كتابه شفاء لامراض الصدور وقال تعالى يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم منه وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ولهذا السبب نسبة العلماء الى القلوب كنسبة الاطباء الى الابدان وما يقال للعلماء اطباء القلوب فهو لقدر ما جامع بينهما والا فالامر اعظم فان كثيرا من الامم يستغنون عن الاطباء ولا يوجد الاطباء الا في اليسير من البلاد وقد يعيش الرجل عمره او برهة منه لا يحتاج الى طبيب واما العلماء بالله وامره فهم حياة الموجود وروحه ولا يستغنى عنهم طرفة عين فحاجة القلب الى العلم ليست كالحاجة الى التنفس في الهواء بل اعظم وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك اذا فقده مات فنسبة العلم الى القلب كنسبة ضوء العين اليها وكنسبة سمع الاذن وكنسبة كلام اللسان اليه فإذا عدمه كان كالعين العمياء والاذن الصماء واللسان الاخرس ولهذا يصف سبحانه اهل الجهل بالعمى والصم والبكم وذلك صفة قلوبهم حيث فقدت العلم النافع فبقيت على عماها وصممها وبكمها قال تعالى ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا والمراد عمى القلب في الدنيا وقال تعالى ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم لانهم هكذا كانوا في الدنيا والعبد يبعث على ما مات عليه واختلف في هذا العمى في الاخرة فقيل هوعمى البصيرة بدليل اخباره تعالى عن رؤية الكفار ما في القيامة ورؤية الملائكة ورؤية النار وقيل هو عمي البصر ورجح هذا بان الاطلاق ينصرف اليه وبقوله قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا وهذا عمي العين فان الكافر لم يكن بصيرا بحجته واجاب هؤلاء عن رؤية الكفار .....
رد مع اقتباس