[ايوب نصر]

2-1_ مقام الجواز
اختلف المسلمون الى القائل بجواز نسخ القران بالسنة و الى مانع له . فاما القائلون بجوازه و على راسهم الامام مالك فقد استدلوا على ذلك بانه مادام الاثنين _ القران و السنة _ وحي من الله فلا فارق بينهما و يمكن لاي واحد منهما ان ينسخ الاخر ، قال الزرقاني : (( القائلون بالجواز هم مالك و اصحاب أبي حنيفة و جمهور المتكلمين من الاشاعرة و المعتزلة ، و حجتهم ان نسخ القران بالسنة ليس مستحيلا لذاته و لا لغيره ، اما الاول فظاهر ، و اما الثاني فلان السنة وحي من الله تعالى كما ان القران كذلك لقوله تعالى : " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ " النجم 2_3 . و لا فارق بينهما الا ان ألفاظ القران من ترتيب الله و انشائه ، و ألفاظ السنة من ترتيب الرسول و انشائه )) 1
و نقل السيوطي ايضا في هذا الخصوص : (( و قيل : بل ينسخ القران بالسنة ، لانها ايضا من عند الله ، قال تعالى " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ " النجم 2_3 )2

و اما المانعون لذلك فقد اشار اليهم الزرقاني بقوله : (( أما المانعون و هم الشافعي و احمد في احدى الروايتين و اكثر اهل الظاهر فيستدلون على المنع بادلة خمسة ها هي مشفوعة بوجوه نقضها ))3
و قبل ان نورد الادلة التي قدمها المانعون مع نقض الزرقاني لها ، قبل ذلك وجب التنبيه الى ان الامام الشافعي _رحمه الله_ و حسب ما وصلت اليه فانه لم يقل بعد جواز نسخ القران بالسنة كما قال الزرقاني في ما سبق . فقد نقل السيوطي عن الشفعي قوله : (( حيث وقع نسخ القران بالسنة ،فمعها قران عاضد لها ، و حيث وقع نسخ السنة بالقران ، فمعه سنة عاضدة له ، ليتبين توافق القران و السنة ))4 .
و الظاهر من كلام الشافعي انه لم ينكر نسخ السنة للقران ، و سارجع لهذا في اخر البحث .
و ربما الزرقاني تكلم عن اخر للشافعي غير الذي نقله السيوطي ، و الله اعلم . و قد علق الزركشي على كلام الشافعي و بين المراد منه : (( و انما مراد الشافعي ان الكتاب و السنة لا يوجدان مختلفين الا و مع احدهما مثله ناسخ له ، و هذا تعظيم لقدر الوجهين و ابانه تعاضدهما و توافقهما و كل من تكلم في هذه المسالة لم يفهم مراده ))5.
و الظاهر ان كلام الشافعي هو على ما نقله السيوطي من كلام الشافعي ، و لكن قوله في الاخر (( و كل من تكلم في هذه المسالة لم يفهم مراده )) فهنا و ربما يكون قصده على كلام اخر للامام الشافعي غير الذي نقله السيوطي لان ما نقله السيوطي عن الشافعي واضح و لا يحتاج الى بيان ، و الله اعلم


_______________
1_ مناهل العرفان ص 196 ج2
2_الاتقان ص 339
3_ مناهل العرفان ص197 ج2
4_ الاتقان 339
5_ البرهان 32