عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2007-10-19, 10:26 PM
مجاهد مجاهد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 141
افتراضي

تاريخ الاستشراق وتطوره<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
<o:p></o:p>
إن المتمعن في تاريخ الاستشراق سيجدأنجذوره تمتد إلى الصدر الأول من الإسلام، متمثلاً باليهود والنصارى الذينلم يألوا جهدًا من أجل محاربة هذا الدين،وذلك بالطعن فيه والهمز واللمز في أحكامه وتشريعاته،واتهام الرسولr بالمجنون والساحر والشاعر،يقول الله تعالى: ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) [الأنبياء: 5]، ويقول جلّ ذكره عنهم أيضًا: ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا (4) وقالوا أساطير الأوليناكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلاً ) [الفرقان: 4-5]. وقوله: ( فقالوا إن هذا إلا سحر يؤثر ( 24) إن هذا إلا قول البشر ) [سورة المدثر: 24-25].<o:p></o:p>
وقد اتخذ هؤلاء المشركون سبلاً كثيرة للطعن في هذا الدين لإعراض الناس عنه، فتارة يحرفون آياته وتارة يكتمون الحق وهم يعلمون، وأخرى يشككون فيه بالطعن في الوحي نفسه، يقول الله تعالى: ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون )[البقرة: 75].
ويقول جل ذكره: ( وأمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتى ثمناً قليلاً وإياىفاتقون (41) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) [ البقرة: 41-42].<o:p></o:p>
وكثيرًا ما كان يتبع المشركون سبيل الدخول في الإسلام لفترة وجيزة ثم الارتداد عنه ليبين للناس أنهم جربوا هذا الدين؛ لأنه غير نافع وغير صحيح، لإخراجهم إلى ظلماتهم وضلالهم، يقول الله تعالى: ( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ) [ آل عمران: 72].<o:p></o:p>
هذه المواقف والأفعال لم تكن ذات أبعاد إنسانية أو إيجاد الخير للناس وإظهار الحق واتباعه، وإنما كانت جميعها منصبة ليردوا الناس عن دينهم ويتبعوا دياناتهم المنحرفة، يقول الله تعالى فيهم: ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من رحمة من ربكم ) [ البقرة: 105].<o:p></o:p>
ويقول أيضًا: ( يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) [آل عمران: 100].<o:p></o:p>
وكل هذه الوسائل وغيرها اتبعها المشركون للصد عن دين الله، ويتبعها المستشرقون المعاصرون في نشاطاتهم الفكرية والثقافية، وهذا يعني حقًا أنهم امتداد لذلك التيار المعارض والمحارب لدين الله تعالى في بداية بزوغه.<o:p></o:p>
إلا أن نشوء الاستشراق في القرون المتأخرة ليس له تاريخ محدد ومعلوم، وإنما بدأ تأسيسه عندما حاول بعض الرهبان الغربـيـين السفر إلى الأندلس ودرسوا القرآن والكتب العربية وترجموها إلى لغاتهم، وذلك بالاستعانة بالعلماء المسلمين في الطب والفلك والفلسفة والرياضيات وغيرها، ومن أوائل هؤلاء الغربـيـين الراهب الفرنسي "جربرت" الذي انتخب بابا لكنيسة روما عام 999م بعد تعلمه في معاهد الأندلس وعودته إلى بلاده، وكذلك "بطرس المحترم 1092-1156م" و"جيراردي كريمون 1114-1187م".<o:p></o:p>
وبعد عودة هؤلاء الرهبان إلى بلادهم نشروا هذه الثقافة التي ارتأوها من الأندلس في بلادهم واستفادوا منها قرابة ستة قرون تقريبًا، من حيث دراسة اللغة العربية وترجمات القرآن الكريم وأمهات الكتب والمراجع العربية العلمية، إلى أن جاء عهد الاستعمار في القرن الثامن عشر، على العالم الإسلامي، للاستيلاء على خيراته وثرواته المادية والثقافية، فقد ظهرت فئة من هؤلاء الغربـيـين الذين تفرغوا تمامًا بالتعاون مع الاستعمار لنهب ثروات العالم الإسلامي العلمية والفكرية، والمتمثلة بالدرجة الأولى في الكتب والمخطوطات القيمة بأبخس الأثمان، مستفيدين من الفوضى العارمة في العالم الإسلامي، حتى بلغ عدد هذه المخطوطات والوثائق العلمية في أوائل القرن التاسع عشر مائتين وخمسين ألف مجلد، والعدد يتزايد يومًا بعد يوم<SUP>(<SUP>[1]</SUP>)</SUP>. <o:p></o:p>
وقد عقد أول مؤتمر للمستشرقين في باريس عام 1873م،<SUP>(<SUP>[2]</SUP>)</SUP> وكان بداية لعشرات المؤتمرات التي بدأت تدرس أحوال العالم الإسلامي وطرائق الوصول إلى ثرواته، ودراسة نقاط الضعف والقوة فيه، مستعينة بالقوى الاستعمارية الكبرى، ولا تزال هذه المؤتمرات والندوات في أوجها حتى هذا العصر، والتي كانت من إحدى نتائجها الحرب الحالية على العالم الإسلامي، ومحاولة مسح الهوية الإسلامية من الوجود وذلك باتهام المسلمين ومصادر تشريعهم، ولكن أنّى لهم ذلك، وقد تكفل الله تعالى بحفظ كتابه ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر:9]. ويقول أيضًا: ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون ) [التوبة: 32].<o:p></o:p>
وهذه المحاولات الجادة لتشويه صورة الإسلام والنيل منه تحتم على المختصين من أبناء المسلمين اليقظة والوعي والدراسات الجادة للقيام بمهمتهم، والسعي لنشر دينهم والحفاظ على مصادر تشريعهم.<o:p></o:p>

<HR align=right width="33%" SIZE=1>([1]) الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم، مصطفى السباعي، ص17-18.<o:p></o:p>

([2]) المرجع السابق.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس