عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 2007-11-01, 09:32 PM
مجاهد مجاهد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 141
افتراضي



<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>و – تأخر التدوين<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
يقول برنارد لويس أن "جمع الحديث وتدوينه لم يحدثا إلا بعد عدة أجيال من وفاة الرسول r وخلال هذه المدة فإن الغرض والدوافع لتزوير الحديث كانت غير محدودة، فأولاً لا يكفي مجرد مرور الزمن وعجز الذاكرة البشرية وحدهما لأن يلقيا ظلالاً من الشك على بيّنة تنقل مشافهة مدة تزيد على مائة عام"<SUP>(<SUP>[1]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
ويقول أيضًا: "ثمة دوافع للتحريف المتعمد لأن الفترة التي تلت وفاة الرسول r شهدت تطورًا شاملاً في حياة المجتمع الإسلامي فكان تأثر المسلمين بالشعوب المغلوبة بالإضافة إلى الصراعات بين الأسر والأفراد كل ذلك أدى إلى وضع الحديث"<SUP>(<SUP>[2]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
يقول الدكتور نورالدين عتر: "برز قرن الفتنة التي أدت إلى مقتل الإمام الشهيد عثمان بن عفان ثم مقتل الإمام الحسين رضي الله عنهما، وظهرت الفرق المنحرفة، وراح المبتدعة يبحثون عن مستندات من النصوص يعتمدون عليها في كسب أعوان لهم، فعمدوا إلى الوضع في الحديث، فاختلقوا على رسول الله r ما لم يقل، فكان مبدأ ظهور الوضع في الحديث منذ ذلك الوقت"<SUP>(<SUP>[3]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
فقبل كل شيء يجب معرفة ما كان عليه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مع رسولهم r، وكيف كانوا يأخذون منه الحديث ويتناقلونه فيما بينهم، وكيف كان حرصهم الشديد على صحة هذا الحديث أو ذاك، فقد صارت لديهم ما يشبه القوانين أو الضوابط التي يعتمدون عليها في أَخْذِ الأحاديث أو ردها، وما كان هذا الحرص وهذا الجهد إلا لسببين اثنين:<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
1 – حرصهم في الحفاظ على هذا الكنـز النبوي وخوفهم من ضياعه، والذي يعد من أهم صروح هذا الدين، فإن هوى هذا الصرح أو أصابه الضياع والنسيان فإن جزءًا كبيرًا من هذا الدين سيندثر معه، من أجل ذلك كانوا رضوان الله عليهم حريصين على نقل أحاديث الرسول صلى الله عليه بالدقة والتحري.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
2 – خيرية الصحابة وخوفهم الشديد من الكذب عامة، وفي حديث الرسول r خاصة، يقول الله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) [الإسراء:36]، وقوله جل وعلا: ( إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله أولئك هم الكاذبون ) [النحل: 105]وقـوله r في الحديث الصحيح: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"<SUP>(<SUP>[4]</SUP>)</SUP>. وقوله عليه الصلاة والسلام: "من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"<SUP>(<SUP>[5]</SUP>)</SUP>، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من يقل عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار"<SUP>(<SUP>[6]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
ومن أهم ما تميز به الصحابة في نقل حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام أنهم لم يكثروا من كتابة الحديث ونقله خشية أن يعتريه الخطأ والزيادات، أو يختلط بالقرآن، وتلتبس الأمور بعد ذلك عليهم وعلى الأمة من بعدهم.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
وكذلك حرص الصحابة على الدقة والتثبت من الأحاديث التي يرويها بعضهم عن الرسول r، والشاهد على هذا التدقيق والتشديد في ذلك حادثة الجدة حيث: "جاءت الجدة أم الأم وأم الأب إلى أبي بكر فقالت: إن ابن ابني أو ابن بنتي مات وقد أخبرت أن لي في كتاب الله حقا فقال أبو بكر ما أجد لك في الكتاب من حق وما سمعت رسول الله r قضى لك بشيء وسأسأل الناس قال: فسأل الناس فشهد المغيرة بن شعبة أن رسول الله r أعطاها السدس. قال: ومن سمع ذلك معك قال محمد بن مسلمة قال فأعطاها السدس ثم جاءت الجدة الأخرى التي تخالفها إلى عمر قال سفيان وزادني فيه معمر عن الزهري ولم أحفظه عن الزهري، ولكن حفظته من معمر أن عمر قال إن اجتمعتما فهو لكما، وأيتكما انفردت به فهو لها"<SUP>(<SUP>[7]</SUP>)</SUP>.<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
ويجدر بنا إلى بيان المنهج الذي اتبعه بعض الصحابة في أخذ الأحاديث وهو عرضها على النصوص القطعية والأصول الثابتة من الدين، فهذه عائشة رضي الله عنها سمعت حديث عمر وابنه عبدالله أن رسول الله r قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" فقالت: رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله r إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله r قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [الأنعام: 164]"<SUP>(<SUP>[8]</SUP>)</SUP>. <o:p></o:p>

<HR align=right width="33%" SIZE=1>([1]) الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي دراسات تطبيقية على كتابات برنارد لويس، ص157.<o:p></o:p>

([2]) المرجع السابق، ص157.<o:p></o:p>

([3]) منهج النقد، نورالدين عتر، ص55.<o:p></o:p>

([4]) صحيح البخاري برقم 107، وصحيح مسلم، برقم5، ص8.<o:p></o:p>

([5]) صحيح مسلم، برقم1، ص7.<o:p></o:p>

([6]) صحيح البخاري، برقم109، ص24.<o:p></o:p>

([7]) جامع الترمذي، برقم2100، ص482.<o:p></o:p>

([8]) صحيح البخاري، برقم 1288، ص206.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس