عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2009-01-25, 10:46 AM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,398
قلم رد: هل القرآن كلام الله



والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلىيوم الدين وبعد ،،
أهلاً وسهلاً ومرحباً بالعضو المحترم AZEL
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك إلى ما يحب ويرضى ، وأن نخلص النية فى السعى والبحث عن الحق ، وأن نبتعد - جميعاً - عن الجدال العقيم الذى لا ينفع ولا يجدى.
اعلم عزيزى أن القرآن كلام الله ، أنزله بواسطة أمين الوحى جبريل على قلب نبيه محمد المكتوب فى المصاحف ، المبدوء بسورة الفاتحة ، والمختوم بسورة الناس ، والمحفوظ من كل تحريف أو تبديل أو تغيير ، مصداق قول ربنا جلوعلا : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
وقد أعجز الإنس والجن أن يأـوا ولو بمثل سورة من سوره ، ولو أقصر سورة كسورة الكوثر التى تتكون من سطر واحد ، ثلاث آيات ، عشر كلمات. رغم أنه قد نزل فى أمة الفصاحة والبلاغة والبيان ، فما استطاعوا أن يستدركوا عليه ولو كلمة واحدة ، ولم يقفوا منه على لفظ مستوحش. هو الذى لما سمعته الجن قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدى إلى ارشد وهو الذى لما سمعه فصحاء العرب المشركين قالوا : " إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر وإن اسفله لمغدق ، وإنه يعلو ولا يعلى عليه ، وما هو بقول بشر ". والحق ما شهدت به الأعداء.
واعلم عزيزى أن القرآن لفظ ونظم ، ألفاظ تنتظم الحروف ، ونظم يجمع الألفاظ بترتيب ، ومن إعجاز القرآن أنه لو نُزعت منه لفظة واحدة ودارت عليه لغة العرب لتجد لفظاً آخر أفضل منه أو مثله لما وجدت ، وكذلك لو قمنا بتغيير شيئاً من نظمه نفياً أو إثباتاً ، أو تقديماً أو تأخيراً ، أو تذكيراً أو تأنيثاً ، أو جمعاً أو إفراداً ، لما وجدنا إلى ذلك سبيلاً ، وهذا وجه من وجوه الإعجاز فى القرآن ألا وهو الإعجاز البلاغى.
واعلم أن مستوى الفصاحة البشرى له حدود فمن الممكن أن نستخدم ألفاظ محل ألفاظ أخرى ، أو نحل ترتيب مكان تريب آخر ، ولا يختل شئ من المعنى المقصود ، ولكن عندما نستعرض البلاغة الربانية فهذا شئ لا حدود له وهوشئ تتوه فيه العقول كثيراً ، لا تستطيع إلا أن تقف عاجزة أمام هذا البيان الربانى المحكم البليغ.
فعندما بقول ربنا سبحانه وتعالى : الم (1) ذلك الكتاب ريب فيه هدى للمتقين (2) [ سورة البقرة ] فمعنى هذا أننا لا يمكن أن تقول مثلاً : ( هذا الكتاب لا ريب فيه ) ولا أن نقول مثلاً : ( ذلك الكتاب لا شك فيه ) ، فالله سبحانه وتعالى هو الذى أنزل القرآن وهو سبحانه : خالق كل شئ خلق الإنسان وخلق لغته ، والله سبحانه : قد أحاط بكل شئ علماً وهو يعلم أسرار اللغة ودخائل الحروف.
وعند البشر قد يستوى : ( ذلك الكتاب ) بـ : ( هذا الكتاب ) ولكن عند الله لا يستويان ، فالأولى كلام الله ، والأخرى كلام البشر ، وشتان بينهما.
واعلم - عزيزى هداك الله وغيانا إلى كل خير - أن تفسير القرآن كثيرة جداً ،ولا يوجد عالم أحاط بما فى القرآن من علوم ، بل كل منهم يدلى بدلوه حسب علمه ، وعادة ما يحيط المفسر بشئ ويجهل أشياء ،ولكن يتوجب علينا عند البحث والمناقشة أن نستطلع أكثر من تفسير ،ذلك أن لكل مفسر شرط يسير عليه ، أو مسلك يتبعه ، فهناك من يطيل ويحرر المسائل ،وهناك من يوجز ويقرب المعانى ، وهناك من يهتم بالقراءات ، وهناك من يهتم بالنحو واللغة ، وهناك من يهتم بالبلاغة وحكم الألفاظ ، وهناك من يهتم بالبحث عن أحكام الفقه أو الاعتقاد ، وهناك من يبحث عن تناسب السور والآيات ، وهناك من يفسر بالأثر وهناك من يفسر بالنظر وهكذا ، مصداق قول ربنا : ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء .

وأدعوك يا عزيزى إلى هذه الجولة فى رحاب بعض كتب التفسير لتتأمل الحكم البليغة وراء الإتيان بقوله تعالى : (: ذلك فى أول سورة البقرة ، لتعلم أفضليتها على ما عداها من ألفاظ ، ولتدرك كم هى المنح العظيمة التى كانت ستفوتنا بافتقاد تلك الكلمة ، ولنتعلم كيف أنه يجب علينا أن نعمل ، بل نقدح ، عقولنا فى القرآن لنخرج ما به من درر كمثل الغواص الذى يستوجب عليه أن يغامر ويخاطر ويجاهد نفسه فى الغوص من أجل الفوز بقطعة نفيسة من اللؤلؤ المدفون فى أعماق البحار البعيدة.
وهذا استجابة لدعوة ربنا سبحانه أفلا يتدبرون القرآن .

فانظر ماذا قال اللغوى الفصيح والنحوى القدير الزمخشرى فى تفسيره المعروف باسم الكشاف : (فإن قلت : لم صحت الإشارة بذلك إلى ما ليس ببعيد؟ قلت : وقعت الإشارة إلى الم بعد ما سبق التكلم به وتقضى ، والمقضى في حكم المتباعد ، وهذا في كل كلام . يحدّث الرجل بحديث ثم يقول : وذلك ما لا شك فيه . ويحسب الحاسب ثم يقول : فذلك كذا وكذا . وقال الله تعالى : { لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلك } [ البقرة : 68 ] . وقال : { ذلكما مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى } [ يوسف : 37 ] ، ولأنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه ، وقع في حد البعد ، كما تقول لصاحبك وقد أعطيته شيئاً : احتفظ بذلك . )

وهذا الفخر الرازى يحرر لنا العديد من المسائل كعادته فى التفسير الكبير فيقول : (قوله تعالى : { ذلك الكتاب } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : لقائل أن يقول : المشار إليه ههنا حاضر ، و «ذلك» اسم مبهم يشار به إلى البعيد ، والجواب عنه من وجهين : الأول : لا نسلم أن المشار إليه حاضر ، وبيانه من وجوه : أحدها : ما قاله الأصم : وهو أن الله تعالى أنزل الكتاب بعضه بعد بعض ، فنزل قبل سورة البقرة سور كثيرة ، وهي كل ما نزل بمكة مما فيه الدلالة على التوحيد وفساد الشرك وإثبات النبوة وإثبات المعاد ، فقوله : { ذلك } إشارة إلى تلك السور التي نزلت قبل هذه السورة ، وقد يسمى بعض القرآن قرآناً ، قال الله تعالى : { وَإِذَا قُرِىء القرءان فاستمعوا لَهُ } [ الأعراف : 204 ] وقال حاكياً عن الجن { إنا سمعنا قرآناً عجباً } [ الجن : 1 ] وقوله : { إِنَّا سَمِعْنَا كتابا أُنزِلَ مِن بَعْدِ موسى } [ الأحقاف : 30 ] وهم ما سمعوا إلا البعض ، وهو الذي كان قد نزل إلى ذلك الوقت ، وثانيها : أنه تعالى وعد رسوله عند مبعثه أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماحي ، وهو عليه السلام أخبر أمته بذلك وروت الأمة ذلك عنه ، ويؤيده قوله : { إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [ المزمل : 5 ] وهذا في سورة المزمل ، وهي إنما نزلت في ابتداء المبعث ، وثالثها : أنه تعالى خاطب بني إسرائيل ، لأن سورة البقرة مدنية ، وأكثرها احتجاج على بني إسرائيل ، وقد كانت بنو إسرائيل أخبرهم موسى وعيسى عليهما السلام أن الله يرسل محمداً صلى الله عليه وسلم وينزل عليه كتاباً فقال تعالى : { ذلك الكتاب } أي الكتاب الذي أخبر الأنبياء المتقدمون بأن الله تعالى سينزله على النبي المبعوث من ولد إسماعيل ، ورابعها : أنه تعالى لما أخبر عن القرآن بأنه في اللوح المحفوظ بقوله : { وَإِنَّهُ فِى أُمّ الكتاب لَدَيْنَا } [ الزخرف : 4 ] وقد كان عليه السلام أخبر أمته بذلك ، فغير ممتنع أن يقول تعالى : { ذلك الكتاب } ليعلم أن هذا المنزل هو ذلك الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ . وخامسها : أنه وقعت الإشارة بذلك إلى «ألم» بعد ما سبق التكلم به وانقضى ، والمنقضى في حكم المتباعد ، وسادسها : أنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه وقع في حد البعد ، كما تقول لصاحبك وقد أعطيته شيئاً احتفظ بذلك . وسابعها : أن القرآن لما اشتمل على حكم عظيمة وعلوم كثيرة يتعسر اطلاع القوة البشرية عليها بأسرها والقرآن وإن كان حاضراً نظراً إلى صورته لكنه غائب نظراً إلى أسراره وحقائقه فجاز أن يشار إليه كما يشار إلى البعيد الغائب .
«ذلك» يشار بها للقريب والبعيد :
المقام الثاني : سلمنا أن المشار إليه حاضر ، لكن لا نسلم أن لفظة «ذلك» لا يشار بها إلا إلى البعيد ، بيانه أن ذلك ، وهذا حرفاً إشارة ، وأصلهما «ذا»؛ لأنه حرف للإشارة )

وفى الجامع لأحكام القرآن للقرطبى :
(وَ " ذَلِكَ " قَدْ تُسْتَعْمَل فِي الْإِشَارَة إِلَى حَاضِر , وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى غَائِب ; كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْإِخْبَار عَنْ نَفْسه جَلَّ وَعَزَّ : " ذَلِكَ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْعَزِيز الرَّحِيم " [ السَّجْدَة : 6 ] ; وَمِنْهُ قَوْل خُفَاف بْن نُدْبَة :
أَقُول لَهُ وَالرُّمْح يَأْطِر مَتْنه ... تَأَمَّلْ خُفَافًا إِنَّنِي أَنَا ذَلِكَا
أَيْ أَنَا هَذَا .
فَـ " ذَلِكَ " إِشَارَة إِلَى الْقُرْآن , مَوْضُوع مَوْضِع هَذَا , تَلْخِيصه : الم هَذَا الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ .
وَهَذَا قَوْل أَبِي عُبَيْدَة وَعِكْرِمَة وَغَيْرهمَا ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " وَتِلْكَ حُجَّتنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيم " [ الْأَنْعَام : 83 ] " تِلْكَ آيَات اللَّه نَتْلُوهَا عَلَيْك بِالْحَقِّ " [ الْبَقَرَة : 252 ] أَيْ هَذِهِ ; لَكِنَّهَا لَمَّا اِنْقَضَتْ صَارَتْ كَأَنَّهَا بَعُدَتْ فَقِيلَ تِلْكَ .)

وفى لطائف الإشارات للقشيرى :
(قوله جلّ ذكره : { ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ } .
قيل ذلك الكتاب أي هذا الكتاب ، وقيل إشارة إلى ما تقدم إنزاله من الخطاب ، وقيل ذلك الكتاب الذي وعدْتُك إنزاله عليك يوم الميثاق .)

ويقول ابن عطية فى المحرر الوجيز :
(الاسم من { ذلك } الذال والألف ، وقيل الذال وحدها ، والألف تقوية ، واللام لبعد المشار إليه وللتأكيد )


وفى التفسير الوسيط لسيد طنطاوى :
( { ذَلِكَ } اسم إشارة واللام للبعد حقيقة في الحس ، مجازاً في الرتبة ، والكاف للخطاب )


وفى أيسر التفاسير لأبى بكر الجزائرى :
({ ذلك } : هذا ، وانما عُدل عن لفظ هذا إلى ذلك . لما تفيده الإِشارة بلام البعد من علو المنزلة وارتفاع القدر والشأن .)

وفى تفسير عز الدين بن عبد السلام :
({ ذّلِكَ الْكِتَابُ } : إشارة إلى ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة أو المدينة ، أو إلى قوله { إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [ المزمل : 5 ] أو ذلك بمعنى هذا إشارة إلى حاضر ، أو إشارة إلى التوراة والإنجيل ، خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم : أي : الكتاب الذي ذكرته لك التوراة والإنجيل هو الذي أنزلته عليك ، أو خوطب به اليهود والنصارى : أي الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب الذي أنزلته على محمد ، أو إلى قوله : { إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } ، أو قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : الكتاب الذي ذكرته في التوراة والأنجيل هو هذا الذي أنزلته عليك [ أو المراد ] بالكتاب : اللوح [ المحفوظ ])

وقال ابن عرفة فى تفسيره :
(أورد الزمخشري هنا سؤالا قال : الإشارة بذلك للبعيد وهو هنا قريب . وأجاب بأن المراد القرب المعنوي .
قال ابن عرفة : السؤال غير وارد لأنه أجاب في غير هذا الموضع في قوله تعالى { فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } وفي قوله تعالى : { عَوَانٌ بَيْنَ ذلك } لأن الإشارة بلفظ ( البعيد ) للقريب على سبيل التَّعظيم وهو معنى ( يذكره ) البيانيون .
قال : وعبر عنه باسم الإشارة دون ضمير الغيبة تنبيها على أنه كالمحسوس المشار إليه فهو دليل على عظمته في النفوس .)

وقال أبو السعود فى تفسيره الموسوم : إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الحكيم :
({ ذلك } ذا اسمُ إشارة واللاَّمُ كنايةٌ عما جيء به للدلالة على بُعد المشارُ إليه ، والكافُ للخطاب ، والمشارُ إليه هو المسمَّى ، فإنه منزَّلٌ منزلةَ المشاهَدِ بالحسِّ البَصَري ، وما فيه من معنى البعدِ ، مع قُرب العهدِ بالمُشار إليه ، للإيذان بعلو شأنه ، وكونِه في الغاية القاصيةِ من الفضل والشرف ، إثرَ تنويهِه بذكر اسمِه ، وما قيل من أنه باعتبار التقصّي أو باعتبار الوصولِ من المرسِل إلى المرسَل إليه في حكم المتباعِد ، وإن كان مصححاً لإيراده ، لكنه بمعزل من ترجيحه على إيراد ما وُضع للإشارة إلى القريب)

وقال الألوسى فى روح المعانى :
(والإشارة بذلك للتعظيم وتنزيل البعد الرتبي منزلة البعد الحقيقي كما في قوله تعالى : { فذلكن الذى لُمْتُنَّنِى فِيهِ } [ يوسف : 2 3 ] كما اختاره في «المفتاح» أو لأنه لما نزل عن حضرة الربوبية وصار بحضرتنا بعد ومن أعطى غيره شيئاً أو أوصله إليه أو لاحظ وصوله عبر عنه بذلك لأنه بانفصاله عنه بعيد أو في حكمه ، وقد قيل : كل ما ليس في يديك بعيد .
ولما لم يتأت هذا المعنى في قوله تعالى : { هذا كتابنا * أنزلناه } [ الأنعام : 2 9 ] لأنه إشارة إلى ما عنده سبحانه لم يأتِ بذلك)

وفى معالم التنزيل للبغوى :
(قوله تعالى: { ذَلِكَ الْكِتَابُ } أي هذا الكتاب وهو القرآن، وقيل: هذا فيه مضمر أي هذا ذلك الكتاب. قال الفراء: كان الله قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، فلما أنزل القرآن قال هذا { ذلك } )

وفى أنوار التنزيل للبيضاوى :
({ ذلك الكتاب } ذلك إشارة إلى { الم } إن أول بالمؤلف من هذه الحروف أو فسر بالسورة أو القرآن فإنه لما تكلم به وتقضى ، أو وصل من المرسل إلى المرسل إليه صار متباعداً أشير إليه بما يشار به إلى البعيد وتذكيره )

وقال الثعالبى فى الجواهر الحسان فى تفسير القرآن :
(قد يشار بذلك إلى حاضرٍ تعلَّق به بعضُ غَيْبَةٍ ،)

وفى لباب التأويل فى معانى التنزيل للخازن :
(قوله تعالى : { ذلك الكتاب } أي هذا الكتاب هو القرآن وقيل فيه إضمار ، والمعنى هذا الكتاب الذي وعدتك به وكان الله قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليه كتاباً لا يمحوه الماء ولا يخلق على كثرة الرد ، فلما أنزل القرآن قال هذا ذلك الكتاب الذي وعدتك به وقيل إن الله وعد بني إسرائيل أن ينزل كتاباً ويرسل رسولاً من ولد إسماعيل . فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبها من اليهود خلق كثيراً أنزل الله تعالى هذه الآية { الم ذلك الكتاب } أي هذا الكتاب الذي وعدت به على لسان موسى أن أنزله على النبي الذي هو من ولد إسماعيل)

وفى تفسير مقاتل :
({ ذَلِكَ الكتاب } ، وذلك أن كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، لما دعاهما النبى صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، قالا : ما أنزل الله كتاباً من بعد موسى ، تكذيباً به ، فأنزل الله عزوجل فى قولهما : { الم ذَلِكَ الكتاب } ، بمعنى هذا الكتاب الذى كفرت به اليهود ، { لاَ رَيْبَ فِيهِ } )

وقال إبراهيم القطان فى تيسير التفسير :
(ذلك : اسم اشارة للبعيد كنايةً عن الإجلال والرفعة ، ولذا لم يقل سبحانه « هذا هو الكتاب » . المعنى : هذا هو الكتاب الكامل ، القرآن ، الذي انزلناه على عبدنا ، لا يرتاب في ذلك عاقل منصف ، ولا في صدق ما اشتمل علهي من حقائق وأحكام . وقد جعلنا فيه الهداية الكاملة للَّذين يخافون الله ويعملون بطاعته ، قد سمت نفوسهم فاهتدت الى نور الحق والسعي في مرضاة الله )

وفى زاد المسير لابن الجوزى :
(فيه ثلاثة أقوال .
أحدها : أنه أراد به ما تقدم إنزاله عليه من القرآن .
والثاني : أنه أراد به ما وعده أن يوحيه إليه في قوله : { سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } [ المزمل : 5 ] .
والثالث : أنه أراد بذلك ما وعد به أهل الكتب السالفة ، لأنهم وعدوا بنبي وكتاب .)

وفى نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور للبقاعى :
(ولما كان معنى { الم } هذا كتاب من جنس حروفكم التي قد فقتم في التكلم بها سائر الخلق فما عجزتم عن الإتيان بسورة من مثله إلا لأنه كلام الله أنتج ذلك كماله ، فأشير إليه بأداة البعد ولام الكمال في قوله { ذلك الكتاب } لعلو مقدار بجلالة آثاره وبعد رتبته عن نيل المطرودين . ولما علم كماله أشار إلى تعظيمه بالتصريح بما ينتجه ويستلزمه ذلك التعظيم فقال { لا ريب فيه } )

هذه مقدمة وللموضوع بقية عن مسألة التجاوز عن تحريف التوراة والإنجيل ومسألة التغنى بالتوراة والإنجيل وعدم التغنى بالقرآن فهذه أؤجلها للحديث مساءً بحول الله وقوته.


__________________
قـلــت :
[LIST][*]
من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
[*]
ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
[*]
ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
[*]
ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
[/LIST]
رد مع اقتباس