عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-12-19, 10:36 PM
ريحانة الأقصى ريحانة الأقصى غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-19
المشاركات: 2
افتراضي صفات القائم بالاتصال

من إعداد الباحثة: فوزية أورالنادر
بسم الله الرحمن الرحيم
صفات القائم بالاتصال
الدعوة هي الطريق الذي نهجه أنبياء الله ورسله من أجل تبليغ رسالة الإسلام, والتي بها أُرشد الناس إلى السبيل المؤدية إلى ربهم, وقد بين لنا الله سبحانه أن طريق الهدى الذي جاء به أنبياؤه لهو الطريق الحق, ونجد المسلم يردد في كل يوم وفي الصلوات الخمس وذلك قوله تعالى: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين".
ومن هذا المنطلق سخر الله أنبياؤه ورسله لنشر الشريعة التي تؤدي إلى هذا الصراط, وهذا الهدي الذي جاء به نبينا محمد , وقد أمره ربنا عز وجل بالدعوة ونشر رسالة الإسلام قال تعالى:"لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم" (الحج 67), وقال: "فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير"(الشورى 15).
هذه الرسالة التي كلف بها المسلمون أيضا بنشرها ونشر تعاليمها إلى جانب نبييهم , ثم الذين من بعده ,فقد قال تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"(يوسف 108).
وعلى الداعية القائم بالاتصال المبلغ الرسالة الإسلامية إلى الناس أن ينتهج النهج النبوي في ذلك, لهذا كان عليه أن يتحلى بصفات الأنبياء والمرسلين, وحتى تنجح العملية الاتصالية بينه وبين الناس, وأن يكون هناك إقناع.وبالتالي يخرج الكافر من كفره ويرد العاصي لدينه ويشد بيد التائه.
صفات القائم بالاتصال(الداعية):
وجب إذا عليه أن يتحلى بمجموعة من الصفات وإن كانت هذه الصفات لا يتخلى عليها مسلم ,لأن المسلم ما إن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ,فقد دخل حيز الدعوة وأصبح داعية لقوله : "بلغوا عني ولو آية",إلا أن الذي اختص بالدعوة وأصبح داعية وشعر بعظم المسؤولية, ووجد نفسه لابد من ركوب هذا الطريق طريق الدعوة إلى الله,كان عليه أن يكون أحرص من أي إنسان آخر على التحلي بهذه الصفات التي نذكر أهمها فيما يأتي:
الإخلاص:
إذا لم يكن الداعية مخلصا فيما يقوله أو يفعله فإنه لا ينتظر التأثير فيمن يدعوهم,والإخلاص شرط من شروط نجاح الرسالة التي يحاول إقناع الآخرين بها, فقد قال تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء..."(البينة5), نعم والداعي إلى الله في عبادة ولابد عليه أن يبلغ الرسالة بإخلاص.
العلم بما يدعو إليه:
يجب على الداعية أن يكون على علم مستمد من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله  الصحيحة,لأن الدعوة من غير علم خلاف ما كان عليه النبي ,وقد قال تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" (يوسف108).
والدعوة على بصيرة في ثلاث أمور:
- على بصيرة فيما يدعو إليه,بأن يكون عالما بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه.
- على بصيرة في حال الدعوة.
- على بصيرة في كيفية الدعوة قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
الصدق:
فالداعي المسلم صادق في قوله وفعله,كما أنه لا ينظر إلى الصدق كخلق فاضل يجب التخلق به لا غير, بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك, يذهب إلى أن الصدق من متممات إيمانه, إذ أمر الله به وأثنى على المتصفين به كما أمر به رسوله وحث عليه ودعا إليه قال تعالى:"ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"(التوبة119).
والداعي المسلم صادق يظهر أثر الصدق في وجهه وصوته فكذلك كان النبي  يتحدث إلى من يعرفونه فيقولون:"والله ما هو بوجه كذاب ولا بصوت كذاب" فلا شك أن ظهور الصدق في وجه الداعي وصوته يؤثر في المخاطب. فيحدث التأثير على المدعو إيجابيا فهو حين يكون صادقا في قوله وعمله يكون لدعوته في ذلك أثر بليغ,إذا لابد أن الداعي إلى الله دائما يكون صادقا بدعوته إلى البر.
الحكمة:
فهي اتقان الأمور وإحكامها ,بأن تنزل الأمور منازلها وتوضع مواضعها.وقد كان النبي  حكيما في جميع المواقف التي كانت تحدث, فعلى الداعي إذا أن يعالج الأمور التي قد تحدث معه بحكمة وأن يعلم أن المدعوين غير متساوين فلا الجاهل مثل العالم والمعاند مثل المستسلم,فلكل مقام مقال ولكل منزلة حال.وله في سيرة المصطفى الكثير من النماذج ومن أشهرها حديث بول الأعرابي, وحديث معاوية بن الحكم عندما شمت أحد العاطسين في الصلاة, وغيرها من الأمثلة كثير.
حسن الخلق:
على الداعية القائم بالاتصال أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة بحيث يظهر عليه أثر العلم في معتقده,وفي عبادته,وفي هيئته,وفي جميع مسلكه حتى يمثل دور الداعية إلى الله,كما عليه أن يتصف بما يدعو إليه من عبادات ومعاملات أو أخلاق وسلوك حتى تكون دعوته مقبولة.
وحسن الخلق لأعظم شيء وصف به  إذ قال ربه:"وإنك لعلى خلق عظيم"(القلم 5), والداعية قدوته الرسول الحبيب , ومن ذلك لابد أن يجتهد في الرقي بأخلاقه إلى أحسنها.
الرحمة:
قال تعالى:"ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة,أولئك أصحاب الميمنة"البلد(17-18), وقوله : "إنما يرحم اللهُ من عباده الرحماءَ" , فصفة الرحمة لها أهمية في الدعوة وعلى الداعي إلى الله أن يكون رحيما ,فعن أبي قتادة عن النبي  قال: "إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه" , هي إذا الرحمة جعلت النبي  يقصر الصلاة بعدما أراد إطالتها ,وهو معلم البشر معاني الرحمة وهو الداعي الأول إلى الشريعة السمحاء,وعلى الداعي إلى الله أن يكون رحيما بمن يدعو رؤوفا بهم في سلوكه وقوله.
التواضع:
على الداعية أن يكون متواضعا إذ التواضع من صفته  وهو من أبلغ الصفات التي تحدث الإقناع عند المدعو ,والمتواضع محبوب عند الناس والمحبوب مقلّد,وقد قال تعالى لرسوله : "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين"( الشعراء215).
فعلى الداعية المتبع لرسول الله  المبلغ لرسالته أن يتخلق بهذا الخلق فقد قال تعالى: "تلك الدارة الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا" (القصص83).
الإحسان:
على الداعية أن يتصف بصفة الإحسان, فالإحسان من الدين وذلك لما جاء في حديث جبريل إذ قال رسول الله  في آخر الحديث" هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم" وقد عد الإحسان من الدين بعد الإسلام والإيمان, وقد قال تعالى: "وقولوا للناس حسنا", فعلى الداعية أن يحسن إلى الذين يدعوهم حتى يتمكن من إقناعهم بما يدعو إليه ,فقد فعل المشركون بالنبي ما فعلوا يوم أحد من قتل عمه والتمثيل به, ومن كسر رباعيته وشج وجهه,طلب إليه الأصحاب أن يدعو على المشركين الظالمين فقال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
الرفق:
كما عليه أن يتصف بالرفق فعن عائشة زوج النبي  قال:"يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق, ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف, وما لا يعطي على ما سواه".
فالداعية إذا أراد أن يكسب القلوب ويصل بهم إلى مصاف المسلمين المؤمنين عليه بالرفق, وإن أراد لغير المسلمين أن يسلموا عليه بالرفق ,فما خالط الرفق شيئا إلا زانه وما خالط العنف شيئا إلا شانه كما ورد في الحديث.
الصبر:
إن من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى الداعية بها صفة الصبر,إذ بالصبر يمكن له أن يبلغ دعوته فقد تواجهه عقبات تقف أمام دعوته وتبليغ الرسالة الربانية, وقد حث الله ورسوله المؤمنين بالصبر واتصف به هو  فقد أوذي كثيرا من مشركي مكة ثم من اليهود في المدينة إلا أنه واجه كل ذلك بصبر ونظرا لعظمة هذه الصفة قرنها الله بالصلاة بل جعلها أكثر من ذلك فبالصبر نستطيع تأدية الصلاة لقوله تعالى: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ..."(طه 132), وقد قال الله تعالى في الذين يرشدون الناس إلى الهدى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يقنون" (السجدة24), وعن صهيب قال: قال رسول الله : "عجبا لأمر المؤمن ,إن أمره كله خير,وليس ذاك لأحد إلا لمؤمن ,إن أصابته سراء شكر, فكان خيرا له,وإن أصابته ضراء صبر, فكان خيرا له" .
هذه جملة من الصفات التي يجب على الداعية الاتصاف بها وإن لم نذكرها كلها فهذه أهمها,فكل خلق نبيل أو صفة حسنة واجب عليه أن يجتهد للتحلي بها فنجد رسول الله  جاء ليتمم مكارم الأخلاق كما قال, وقد قال له ربه: "لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك", وقال :"وإنك لعلى خلق عظيم".
فعلى الداعية الذي يريد أن تصل رسالته لمختلف المدعوين أن يتحلى بهذه الصفات التي حددها لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة نبيه.
وصلى الله على النبي وأله وصحبه ومن تبعهم بإحسان والحمد لله رب العالمين.
قائمة المصادر والمراجع
1) القرآن الكريم.
2) صحيح البخاري.
3) صحيح مسلم.
4) أبوبكر جابر الجزائري,منهاج المسلم,مكتبة العلوم والحكم,ط1, 1423ه-2002م
5) عبد الكريم زيدان,أصول الدعوة,ط3, 1396ه-1976ه.
6) محمد بن صالح العثيمين,زاد الداعية إلى الله,دار الفجر,ط1, 1424ه-2003.
رد مع اقتباس