عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2015-12-21, 08:04 AM
اقبال اقبال غير متواجد حالياً
عضو مطرود من المنتدى
 
تاريخ التسجيل: 2015-11-23
المكان: مولنبيك
المشاركات: 49
افتراضي

ستقدّم العقل لاشك لأن العقل هذا هو الذي أقرّ بالمنقول ذاك، فالمنقول في هذه الحالة نتيجة حفظ (الذاكرة) وحكم. الحكم على الرجال إنما كان بالعقل في أول أمره، وبالنقل عند من لم يعرف الرجال عن قرب واكتفى بالسمع، وفي هذه الحالة أيضا إنك تحكم بالعقل على المنقول المتعلق بجرح وتعديل الراوي. والسؤال عديم الجدوى لأن مسألة التقديم والتأخير مسألة نسبية وفي التاريخ لم يطلق لا النقل ولا العقل؛ العقل مثلا: ماذا كان يوم الصراع حول المسألة بين الجماعة والمعتزلة؟ أرادوا به العقل اليوناني والمنهج. أما العقل اليوناني فبدوره نقل أي كان يعبر عن المنقول اليوناني الرومي بعد إجراء ما أصبح يسمى في الدراسات التاريخية بالتوفيق. وأما المنهج فهو توظيف للمنقول في قوالب ذهنية كانت منطلقات في التعامل مع الأطروحات الدينية الداخلية والخارجية. ثم أرادوا بالعقل والنقل العقل الصريح أو العقل الغريزي الفطري لا العقل المكتسب، هذا من حيث المبدأ، وفي التطبيقات حصل الخلط مرارا وتكرارا. والنقل أرادوا به النقل الصحيح، أي النقل الإسلامي الصحيح، لا النقل الآخر مع وجود بعض الإختلافات بين المفسرين في الموقف من المنقول الكتابي المسمى بالإسرائيليات، ولعل الذي إستقر في وعيهم الموحد رغم تفاوت المواقف هو تقديم العقل على المنقول الأجنبي.

وخلاصة القول: تقديم المعقول الصريح على المنقول الصحيح لا معنى له لأنهما وجهان لعملة واحدة، فتبقى قضية التخصص، فما هو مخصوص للعقل لا دخل فيه للنقل، وما هو من ميدان الغيب المكنون لا دخل فيه للعقل. التداخل هنا يأتي بمعنى التقديم لا بمعنى أن ليس للنقل شيء يقال في المعقولات، أو العكس.

ومن الناحية المنطقية النقل هو الأصل لأن الإنسان إنما يولد صفحة بيضاء لا يعلم شيئا. بعض العقلائيين من أهل الإسلام أراد التوفيق بين الآية (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا) و مفهوم مؤول للفطرة، فوقع في المحظور من حيث لم يعلم.
رد مع اقتباس