عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 2007-08-14, 12:25 AM
مجاهد مجاهد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 141
افتراضي

أما الخوارج فقد طعنوا في الصحابة - رضوان الله عليهم - بعد واقعة التحكيم الشهيرة أثناء الحرب بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - وبسبب واقعة التحكيم طعن الخوارج في عدالة الصحابة - رضي الله عنهم - فمن الخوارج مَنْ فَسَّقهم، وهم قلة لا تذكر، والأكثرون من طوائف الخوارج كفروا الصحابة - عياذاً بالله - بل منهم من جعلهم كالمشركين في الحرب والسبي وعدم قبول الجزية .. إلى آخر تلك الآراء التي تدل على انحراف حاد عن جادة الإسلام، وقد دفع بهم إنكار السنة والرغبة الملحة عندهم في مخالفة جماعة المسلمين إلى العدوة القصوى بعيداً عن الإسلام، فافتروا على الله ورسوله وجماعة المسلمين، وتباروا في تكفير الأمة بأنواع من الكفر ؛ فجمهرتهم يرون أن دار مخالفيهم دار حرب، يقتل فيها النساء والأطفال وأن جميع المسلمين كفار مثل كفار العرب، لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل.

أما في الأحكام فقد أنكروا الرجم في الزاني المحصن لأنه ليس في القرآن، وأقاموا حد السرقة ولم يلتزموا ما ورد في السنة وإجماع الأمة بالحرز في السرقة ونصابها وكذلك قطع اليد من الرسغ، كما استحلوا كفر الأمانة التي أمر الله – تعالى – بأدائها وزعموا أن المسلمين مشركون يحل أكل أماناتهم، وأجاز فريق منهم - الميمونية - نكاح بنت البنت، وبنت الابن، لأن القرآن لم يذكرهن ضمن المحرمات ... إلى غير ذلك من أنواع الضلال والزيغ الذي وقعوا فيه في أصول الدين، وفي أحكام الشريعة بسبب أنهم رفضوا السنة النبوية المطهرة، وزعموا أنهم يأخذون أحكامهم وقضايا دينهم عن القرآن، وما علموا أنهم نابذوا القرآن ونبذوه يوم نبذوا السنة واتخذوها ظهرياً.

يقول عبد القاهر البغدادي عن الخوارج إنهم : " أنكروا حجية الإجماع والسنن الشرعية، وأنه لا حجة في شيء من أحكام الشريعة إلا من القرآن، ولذلك أنكروا الرجم والمسح على الخفين لأنهما ليسا في القرآن، وقطعوا يد السارق في القليل والكثير لأن الأمر بالقطع في القرآن مطلق، ولم يقبلوا الرواية في نصاب القطع ولا الرواية في اعتبار الحرز فيه "( ).

فهؤلاء وأولئك - الخوارج والشيعة - رفضوا - سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعنهم في الصحابة - رضوان الله - تعالى - عليهم أجمعين - ومن المعلوم أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما وصلت إلينا من خلال الصحابة - رضوان الله عليهم - بل إن الدين كله وصل إلينا من خلالهم، فهم الطبقة المعاصرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمانا، المطلعة على أحواله قولاً وفعلاً، الحريصة على أن تحفظ عنه كل حركة وسكنة، وأن تنقل عنه كل لفظة وسكتة، الأمينة في وصف أحواله - صلى الله عليه وسلم - صغيرها وكبيرها، والصحابة - رضوان الله عليهم - هم الذين نقلوا إلينا أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – كافة لم يخرموا منها شيئاً، حتى صرنا بفضلهم - جزاهم الله عن الأمة خيرا- كأننا نعايشه في أحواله - صلى الله عليه وسلم – كافة، ونعاين هيئاته كافة، فهم -رضوان الله عليهم- هم الذين نقلوا إلينا الدين كاملاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي تلقاه عن ربه وحيا في القرآن أو في السنة.

فإذا جاء من الطوائف والفرق من يرفض الأخذ عنهم مستنداً إلى ما يزعمه من أنهم ليسوا عدولاً ؛ فعن من يأخذ دينه، وأنى له أن يعرف شرائع الإسلام ؟ ومن أين سيأخذ أحكام الدين في الصلاة وهيئاتها، والزكاة ومقاديرها، والصيام وأحكامه، والحج ومناسكه، ثم من أين له أن يعرف ما يحل وما يحرم، وما يأخذ أو يدع في شؤون الحياة جميعها، ثم أين نجد كل هذا في القرآن المجيد ؟ وأين يجده هؤلاء الذين يزعمون أنهم يكتفون بالقرآن وحده دون السنة النبوية المشرفة ؟

إن رفضهم السنة النبوية كان له الأثر الذي أشرنا إلى بعضه من خروجهم على الدين وابتداعهم فيه ما ليس منه، واعتناقهم عقائد، ومزاولتهم شرائع لا تمت إلى الإسلام، بل تناقض الإسلام وتعارضه، وقد انتهى بهم الأمر إلى أن نقضوا عرى الإسلام ، وكفروا الأمة المسلمة، وما كفرت الأمة ولكن الظالمين كفروا، يهدمون الدين بحجة الحرص عليه، ويكفرون بالقرآن وهم يزعمون الاستمساك به والاعتماد عليه.

فأين منهم آياته البينات التي تأمر بطاعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والأخذ عنه والائتمار بأمره والانتهاء بنهيه ؟ بل أين منهم آياته البينات التي تنص على أنه – صلى الله عليه وسلم – لا ينطق عن الهوى، وأن سنته وحي من عند الله – تعالى – وأين من هؤلاء الذين يخالفون عن أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوله تعالى – محذراً إياهم ومن على شاكلتهم : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) ( النور:64).
رد مع اقتباس