عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 2020-11-01, 02:42 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي رد: سلسلة من لطائف القرآن الكريم / الشيخ صالح التركي

سلسلة من لطائف القرآن الكريم

الشيخ صالح بن عبد الله التركي


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد

سورة التحريم / { لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ } ، { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }


قال الله تعالى في شأن الملائكة الكرام :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}
فما المعنى لهذه الآية ؟
هل نستطيع أن نقول أن قوله تعالى { لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ } هو نفسه { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } وهل يمكننا أن نكتفي بجملة عن الأخرى ، وتقوم مقامها دون الحاجة للثانية ، كل هذه التساؤلات وغيرها لا مكان لها في الخطاب الرباني الذي أعجز الله به أرباب البيان وصفوة من تكلم العربية قاطبة.
إذن فما هو التوجيه ؟
أقول إن أي أمر يُطلب فعله له ركنان:

الأول - أن ينفذ هذا الأمر دون أي تردد أو مساءلة من المنفذ ولا يتأخر في تنفيذه ، فالملائكة الكرام إذا طلب الله جل شأنه منهم أمرًا لا يترددون في تنفيذه أو يسألون الله تعالى لماذا أو متى أو كيف أو يصدر منهم أدنى اعتراض على الأمر الرباني ، فهم يمتثلون الأمر دون معصية كما أمرهم الله ، قال ابن كثير رحمه الله : أي أمر مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين ، وهذا معنى قوله في الآية الكريمة : { لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ }

الثاني - أن يتم هذا التنفيذ على أكمل وجه وأحسن وضع وأوفى صورة وبالوقت المناسب دون أدنى تأخر عنه ، فالملائكة الكرام ينفذون أمر الله تعالى ولا يخالفونه ويأتون به ويبادرونه على أكمل وجه دون نقص أو خلل أو تقصير أو عدم إتقان منهم وهذا معنى قوله تعالى : { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
فمثلاً : عندما يؤمر ملك الموت بقبض روح فلان ، فإن الملك لا يعترض على الأمر ولا يناقش ولا يتردد فيه ، وعلاوة على هذا ينفذ هذا الأمر الرباني ويفعله بأكمل وجه وأوفاه دون تأخر أو تأجيل في التنفيذ

من هنا يتبين أن لكل جملة من هاتين الجملتين في الآية لها معنى خاص بها مستقل عن غيرها لا يقوم المعنى إلا بها، وهذا لون من ألون التعبير القرآني الخلاب ،
والله أعلم بمراده وصلى الله على نبينا محمد
رد مع اقتباس